#########

العدالة والمساءلة

وفاة رجل الأعمال السوري “نادر قلعي”.. تصفية أم “فيروس كورونا”؟


منذ بداية العام 2019، أصدرت وزارة المالية التابعة للنظام 538 قراراً بالحجز الاحتياطي على أموال 10,315 شخصاً، من بينهم مخلوف والقلعي، وسجلت قيمة الأموال التي تمت المطالبة بها عبر هذه القرارات 1.8 مليار ليرة.

05 / شباط / فبراير / 2021


وفاة رجل الأعمال السوري “نادر قلعي”.. تصفية أم “فيروس كورونا”؟

مع العدالة | شمس الحسيني


توفي رجل الأعمال “نادر محمد قلعي” عن عمر يناهز 56 عاماً، والذي يوصف بأنه “شريك رامي مخلوف” قبل أن تنهار إمبراطوريته بالطبع، إلا أن الوصف التصق بقلعي، فحتى بعد وفاته نعته جميع الصفحات ووسائل الإعلام على أنه شريك مخلوف لا أكثر.

فهذه الطريقة التي اتبعها آل الأسد في ترتيب البيت الداخلي للنظام، رجلٌ واحدٌ في الواجهة وأتباع وذيول كُثر، يظهرون وقت الحاجة فقط.

بالعودة إلى وفاة قلعي المنحدر من دمشق، ويمتلك إقامة دائمة في كندا، ادعت صفحات موالية بأنه قد توفي إثر إصابته بفيروس “كورونا“، في مستشفى الجامعة الأمريكية ببيروت. بالطبع فهذه الجائحة ذات عباءة فضفاضة تحتمل إخفاء الكثيرين تحتها، إلا أن مشككين كُثُر، ممن يعرفون تماماً آلية عمل العقل المدبر في النظام، اقترحوا أن سبب الوفاة قد يكون غير ذلك، وهذا واردٌ تبعاً لما عايشناه وعايشه من كان قبلنا خلال تاريخ عائلة الأسد وطغاتها، تاريخٌ مليء بحالات الانتقام والقصاص والتصفيات، وذلك بعد أن تنتهي الدمية من لعب دورها.



عُرف القلعي على أنه أحد أبرز شركاء رامي مخلوف، رجل الاقتصاد الأول، سابقاً، وابن خال رأس النظام، بشار الأسد. وقد طالت العقوبات الأمريكية القلعي بموجب “قانون قيصر“، وشملت شركاته التي يُعرف منها شركة “كاستل هولدينغ“، و”قلعي للصناعات” في الكسوة، و”تيليفوكس كونسلتنتس“، و”زبيدي وقلعي المحدودة المسؤولية” وغيرها.

ومنذ عام 2000 الذي كان المحطة الأبرز لصعود اسمه، شغل القلعي عدة مناصب كان أبرزها “المدير التنفيذي لشركة “سيرياتيل” التي يملكها مخلوف، إلى جانب عضويته في مجلس إدارة بنك “بيبلوس سوريا“.


كما كان شريكاً مؤسساً لشركة “صروح“، وشريك مؤسس في الشركة السورية لخدمات الاتصالات، إلى جانب عمله كشريك مؤسس في شركة “بنا” للتطوير العقاري، وشركة “كاسل انفست” القابضة.

وورد اسم القلعي في سلسلة وثائق “بارادايز” في عام 2017 والتي كشفت عن عمليات التهرب الضريبي لشخصيات رفيعة المستوى حول العالم.



وفضحت الوثائق في ذلك الوقت قيام القلعي بتأسيس 3 شركات في لبنان “الأوف شور”، ودعمه النظام السوري من خلالها، جراء قيامه بدور الوساطة في التعاملات التجارية، وذلك للتحايل على العقوبات الغربية.

ومنذ بداية العام 2019، أصدرت وزارة المالية التابعة للنظام 538 قراراً بالحجز الاحتياطي على أموال 10,315 شخصاً، من بينهم مخلوف والقلعي، وسجلت قيمة الأموال التي تمت المطالبة بها عبر هذه القرارات 1.8 مليار ليرة.

وفي القانون المتبع داخل سوريا يعتبر الحجز الاحتياطي إجراءً احترازياً يفرض عندما يوجد شك بوقوع فساد في مكان معين أو لدى أشخاص محددين، وتتوفر مستندات أولية بذلك، وتكون مدته 8 أيام، حيث ترفع الدعوى خلال هذه المدة، وبعدها تقرر المحكمة التمديد أو إلغاء الحجز.



ووضع النظام يده على شركات رامي مخلوف وأشهرها “راماك” التي صادقت وزارة التجارة الداخلية على تأسيسها في شهر شباط 2019، تحت اسم “راماك للمشاريع التنموية والإنسانية” المساهمة المغفلة القابضة الخاصة برأسمال 1.03 مليار ليرة، ويملك مخلوف 99.996% من رأسمالها، بينما يملك كل من صندوق المشرق الاستثماري ومجموعة راماك الاستثمارية 0.002% من رأسمالها، وكانت تعمل في المجال العقاري، وتلتزم مشاريع كبرى بمناقصات وهمية.

كما استحوذ النظام على شركة شام القابضة، المختصة في الاستثمار السياحي، ولاحق استثمارات مخلوف في قطاع الإسمنت، و بنك المشرق الاستثماري، وشركة الكورنيش السياحية لإقامة المشاريع التجارية والخدمية.


وكانت ردة الفعل التي أبداها رامي مخلوف على كل أفعال النظام تجاهه، سطحية وباردة، ومفاجئة أحياناً.. حيث ادعى في الأشرطة المصورة الأولى التي ظهر من خلالها، الطيبة والتسامح، ووجّه نداءً لقريبه وصديق طفولته بشار الأسد، إلا أن الأمر تطور أكثر، فما عاد يستغيث بالأسد بل بات يهدده “بالغضب الإلهي” وفي ما تلاها من تسجيلات مصورة صار يقرأ أدعية، وكأنه رجل دين مخضرم، ويكتب عباراتٍ على صفحاته، يُنذر فيها من انهيار البلاد ويطالب جمهوره بالدعاء لرفع البلاء!!.


وأثار ذلك موجةً من السخرية بين متابعين وسائل التواصل الاجتماعي، فمن أين لك هذا التدين بعد أن نهبت ثروات بلادٍ بأكملها؟ تساءل البعض، إضافةً إلى أن السوريين جميعاً يعلمون حقيقة ما حدث بين مخلوف والأسد، وزوجته أسماء الأخرس، التي كانت المحرض الأول على إقصاء مخلوف من الساحة الاقتصادية وإبراز أفراد من عائلتها بدلاً منه.

فالمسألة برمتها تتعلق بالمال لا أكثر، وبعد المال وفي المرتبة الثانية تتعلق بالسلطة أيضاً، ورغم أن مخلوف لمح إلى الوجوه الجديدة في الساحة الاقتصادية السورية، وأعطاهم صفة “تجار الحرب” لكنه ظهر ضعيف الحجة في تسجيلاته تلك، لأنه أحد تجار الحرب أولئك الذين تحدث عنهم.


  

 


المزيد للكاتبة