#########

بيانات وتقارير

أسواق لبيع المسروقات برعاية النظام السوري وشبيحته !


لم تقتصر سرقة أثاث المنازل على أملاك المدنيين في أحياء حلب الشرقية بعد تهجيرهم بل حصلت ذات الانتهاكات في كل من حمص وريف دمشق ودرعا ومناطق أخرى

25 / كانون الثاني / يناير / 2019


أسواق لبيع المسروقات برعاية النظام السوري وشبيحته !

 

 

 

*فراس العلي – مع العدالة

 

“على غرار “سوق السنّة” المعروف في حمص انتشرت عدة أسواق لبيع الأثاث المستعمل المسروق من منازل المهجرين والنازحين بمختلف أنحاء البلاد بمباركة من النظام وفروعه الأمنية”.
 

 

بدأت الحكاية منذ إطباق النظام حصاره على عدة مناطق محررة في حمص وريف دمشق ومناطق أخرى لتتفاقم معاناة المحاصرين مع مرور الوقت وتصبح الاحتياجات المعيشية البسيطة صعبة التأمين بل مستحيلة في غالب الأحيان ليضطروا إلى البحث عن بدائل لبعض الاحتياجات.

بقيت المعاناة مفروضة على حياة المحاصرين لسنوات إلى أن سيطرت المفاوضات والتفاهمات الأممية مع نظام الأسد على المشهد وبات التهجير مرسوماً في الأفق، ليضطر مئات آلاف السوريين من حلب وريف دمشق وحمص وريفها ودرعا ومناطق أخرى للقبول بما فرض عليهم ويتركوا منازلهم مجبرين.

مع كل منطقة يتم إخلاؤها من أهاليها كان عناصر النظام والشبيحة والميليشيات المساندة له يدخلون منازل المهجرين ويسرقون الأثاث لبيعه فيما بعد لتجار الأثاث المستعمل، من هنا بدأت تنتشر ظاهرة بيع وشراء الأثاث المستعمل ضمن أسواق عرفت بعضها باسم “أسواق السنّة”.

 

 

يمان الخطيب صحفي من حلب كان أحد المهجرين من أحياء حلب الشرقية يقول خلال حديثنا معه: “بعدما شهدت حلب حملة قصف عنيفة على الأحياء الشرقية اضطررنا للنزوح إلى حي سيف الدولة ومن ثم خرج بعض أفراد عائلتنا إلى إدلب عن طريق الراموسة وبقي قسم آخر في سيف الدولة”.

 

سرقات بالجملة

ويتابع، بعد تواصلنا مع سكان في الجوار، أخبرونا أن قوات النظام وعناصر الشبيحة وبالتحديد فرع الأمن السياسي استولوا على منزلي أنا يمان الخطيب ومنزل والدي أحمد الخطيب وسرقوا الأثاث الموجود فيه والمقدر قيمته بمئات آلاف الليرات وأغلقوا المنازل بالشمع الأحمر ومنع أي أحد من السكن فيها.

ويضيف، هذا التصرف كان متوقع من قبل النظام، لكننا لم نتمكن من حمل الأثاث إلى خارج حلب لأسباب كثيرة منها القصف والاشتباكات وانعدام المواصلات فخرجنا بثيابنا فقط، سمعنا بعد وقت أن منازلنا أغلقت بالشمع الأحمر ومنعنا حتى من بيعها أو تأجيرها”.

 

ويؤكد يمان، أن الحالة يمكن تعميمها على جميع المنازل الموجودة في الأحياء الشرقية من حلب، حيث تعرضت جميع المنازل للسرقة، حتى هناك منازل لمدنيين موالين للنظام هي الأخرى تعرضت للسرقة.

 

لم تقتصر سرقة أثاث المنازل على أملاك المدنيين في أحياء حلب الشرقية بعد تهجيرهم بل حصلت ذات الانتهاكات في كل من حمص وريف دمشق ودرعا ومناطق أخرى.

أحمد أبو خليل أحد السوريين من ريف دمشق كان شاهداً على لحظات التهجير، العام الماضي، يقول: “بعد حوالي شهر من تاريخ تهجيرنا من منازلنا بدوما نحو إدلب، بقيت على تواصل مع أحد الأصدقاء في الحي الذي كنت أقطن به، ليصدمني بأن منزلي قد نهب ولم يبق فيه أية أغراض”.

ويتابع، إن شبيحة النظام دخلوا المنازل الموجودة في الحي وسرقوا كميات كبيرة من الأثاث المتواجد فيها أما نحن أصحاب هذه المنازل فلا حول ولا قوة لدينا.

وعقب تهجير أهالي دوما في نيسان الماضي، أكد مركز الغوطة الإعلامي وفق مصادر خاصة به، أن الشرطة الروسية المتواجدة في المنطقة اعتقلت عدداً من قوات النظام بعد اشتباكات خفيفة دارت بين الطرفين على أطراف المدينة بسبب عمليات النهب والسرقة لممتلكات المدنيين المهجرين.

وتكرر المشهد ذاته في عدة مناطق بسوريا أبرزها حمص عام 2014 عند تهجير أهالي أحياء المدينة القديمة المحاصرة بإشراف أممي وتهجير عائلات من درعا، حيث تؤكد تقارير صحفية، أن سعر سيارات مسروقة من المهجرين وصلت إلى 1000 دولار وأحياناً أقل من ذلك.

 

أسواق لبيع المسروقات

راجت خلال السنوات الماضية مظاهر سرقة ونهب ممتلكات المدنيين الذين اضطروا جبراً لترك منازلهم والهجرة إلى خارج سوريا أو نقلهم إلى مناطق خاضعة للمعارضة شمال البلاد.

ونشأت أسواق كثيرة باتت مصدراً لتصريف الأثاث المسروق من منازل المدنيين بواسطة تجار يعملون بمجال بيع وشراء هذا الأثاث، حيث يحصلون عليه بأسعار بخسة من قبل عصابات السرقة ويعرضونه للبيع في الأسواق.

في تقرير نشرته صحيفة تشرين المقربة من النظام جاء بعنوان “مواطنون وجدوا أثاث منازلهم وملابسهم المسروقة معروضة على الأرصفة للبيع! بضائع مستعملة مجهولة المصدر في سوق الحرامية”.

ويأتي التقرير أن هذه الأسواق موجودة عند “سوق الهال” القديم في وسط العاصمة دمشق، حيث يتم بيع كافة أنواع الأدوات الكهربائية والصحية والمنزلية والهواتف والمزهريات واللوحات وما إلى ذلك من أثاث منزلي بأسعار بخسة تدل على أنها مسروقة.

 

 

وانتشرت الكثير من الأسواق الصغيرة والمتوسطة التي تنتشر فيها البضائع المسروقة والمعروضة للبيع، لكن أقدمها وأبرزها ما بات يعرف بـ “سوق السنة” المتواجد في حي الزهراء بمدينة حمص.

كما يوجد سوق الجمعة المعروف عند حي الريجي في اللاذقية، الذي يكتظ بالمسروقات التي باتت تباع بأسعار زهيدة جداً قد تصل إلى 500 ليرة سورية أي دولار واحد لسعر قطعة كهربائية.

وفي حلب لم تخلُ من وجود أسواق بيعت فيها المسروقات التي جمعت من منازل المهجرين من أحياء حلب الشرقية، ففي حي الفيض يوجد سوق ازدهر بالسنتين الماضيتين نتيجة عرض المسروقات بأسعار رخيصة وبات يسمى بـ “سوق التعفيش”.

وهناك أسواق أخرى ذاع صيتها في السنوات القليلة الماضية نتيجة بيع مسروقات المدنيين فيها، وفي العديد من القصص حصل أن يشاهد أحد المدنيين أثاث منزله معروضاً للبيع أمام أعينه دون أن يستطيع فعل أي شيء.

 

من المسؤول؟

رغم أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ينص في المادة السابعة عشرة على عدم جواز سرقة ممتلكات أي إنسان تعسفاً، حيث جاء بالفقرة الثانية: “لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفاً” لكن ما حصل في سوريا من ملايين السرقات لممتلكات المدنيين لم نجد حوله أي تعليق أممي.

وفيما يخص المسؤولين عن الانتهاكات، هناك حلقة طويلة من المسؤولين عن تداول البضائع المسروقة من المدنيين في سوريا، تبدأ بعناصر النظام وشبيحته الذين يجمعون ما يمكن من الأثاث بعد كل حملة تهجير لسكان إحدى المدن السورية التي تعرضت للحصار، وتنتقل للضباط الذين يتصرفون بالبضائع ويبيعونها إلى التجار الذي هم بدورهم يعرضونها للبيع.

وإن كان لابد من محاسبة المسؤولين عن عمليات السرقة هذه، فالسلسلة طويلة قد تصل إلى شخصيات أمنية تحمل رتباً رفيعة لدى النظام، خاصة أن آلاف عمليات السرقة التي حصلت لم تتم مجابتها من قبل فروع الأمن لدى نظام الأسد.

لكن ما يصعب ردّه وتوثيقه هو حجم المسروقات التي تم نهبها من منازل المهجرين بالإضافة لتقدير قيمتها ومعرفة ما هو التعويض المناسب للمتضررين من ذلك إضافة لمحاسبة المسؤولين عن انتهاكات سلب ونهب ممتلكات المدنيين بشكل قسري.

 

أثناء البحث عن تقارير حقوقية تتحدث عن حجم الانتهاكات الذي تم توثيقه ضمن هذا الموضوع، لا يوجد أي تقرير يوضح ذلك وهذا الأمر طبيعي خاصة أن الملف أشبه بالمستحيل توثيقه لتفاصيله الدقيقة وصعوبة الوصول إلى المناطق التي حصلت فيها السرقات وتوثيق ما تم نهبه بالإضافة لتحديد هوية المسؤولين عن هذه السرقات.

ويستحيل في غالب الأحيان تتبع عمليات السرقة في حال حصلت بين عدد من الأطراف وانتقلت المسروقات بين الأيادي لتكون العملية عبارة عن التحقيق والتوثيق ضمن دوامة كبيرة من الانتهاكات، هذا عدا أولوية ملفات أخرى عن هذا الموضوع مثل ملف المعتقلين وتهجير المدنيين وملفات أخرى تحمل في طياتها مجلدات من التوثيقات التي تثبت حصول انتهاكات بالجملة ضد الإنسانية.

 

”فيديو يظهر عناصر النظام السوري وشبيحته أثناء عمليات السرقة “التعفيش” بعد تدمير مناطق جنوب دمشق وتهجير قاطنيها“
 

                                                               

 

 

المزيد للكاتب 

     ⇓

    هنا