#########

بيانات وتقارير

تهريب الآثار في سورية.. النظام السوري بين التهريب والتخريب 1/2


حتى اللحظة لا أحد يعرف مصير محتويات متحف تدمر وآثاره، بعض من الآثار دمرت بشكل كامل، وبعضها الآخر بشكل جزئي، والأهم أن عدداً منها قد اختفى، فإما أنها نقلت إلى أماكن سرّيةٍ يشرف عليها النظام، أو بيعت وهُرّبت إلى الخارج

08 / كانون الثاني / يناير / 2019


تهريب الآثار في سورية.. النظام السوري بين التهريب والتخريب 1/2

 

 

*لارا موسى

 

مقدمة:

شهد التاريخ السوري خلال سنوات طويلة انتهاكات بحقه، وحق كل من يحمل الجنسية السورية، التي باتت هويتها التاريخية عرضة لأفعال التهريب والتنقيب والتخريب، فمنذ زمن ليس بطويل، هتكت عائلات التجارة والتهريب، بدءًا من أيام رفعت الأسد، ومروراً بعصابات آل شاليش، وصولاً لعائلة مخلوف التي تربطها صلات قرابة مع نظام الأسد، ونهاية بجرائم الحرب التي تقترفها قوات النظام السوري، وقد بلغ حجم الخسائر والأضرار التي طالت الآثار في سوريا، حسب إحصائية المديرية العامة للآثار، حتى منتصف 2015 حوالي 750 مبنى وموقعًا، منها 140 مبنى تاريخيًا، إضافة إلى أكثر من ألف محل في سوق حلب القديم.

 

معالجة الآثار لتهريبها والطرق بسيطة:

يمكن نقل الآثار بطرق بسيطة، فالمهربة منها غالباً ما تكون قطع صغيرة يسهل استخراجها ونقلها، وأكثر ما يتم استخراجه هو الحصر الفسيفسائية لأن سعرها هو الأغلى، من خلال صب الصمغ فوقها بعد إفراغ كل التراب منها، وبعد ذلك توضع قطع قماشية كي تلتصق كل الأحجار بالقطعة، وتبقى في مكانها ولا تتغير الرسمة التي على الحصير، فإذا تغيرت فقدت قيمتها المادية، وبعد وضع القماش وجفاف الصمغ تنقل الحصيرة خارج الحفرة، ويتم طرقها بمطارق صغيرة كي تلتصق جيداً، ويتساقط ما تبقى من تراب من على الوجه الأخر له، ثم تدرج بكل بساطة، وتحمل أين ما تشاء، وبعدها تفرد من جديد.

 

 يسكن الصمغ حتى يذوب وتنزع القماش من عليها فتبقى الحصى مكانها، وتبقى الرسمة على حالها؛ فيما يستخرج آخرون تماثيل، ومجسمات وأواني منزلية من الذهب، والفخار، ولكن غالبها بأحجام صغيرة ليسهل نقلها.

 

 

النظام السوري يسطو على متاحف سوريا:

تمتلك سوريا 38 متحفاً مصنفة بين (متاحف أثرية، متاحف للتقاليد الشعبية، ومتاحف تخصصية)، تتوزع على غالبية المدن والمحافظات، وتضم في خزائنها مئات الآلاف من اللقى، والتحف الأثرية، والتراثية التي تعود لأزمنة مختلفة، كما تضم أيضا أعمالاً نحتية ولوحات لفنانين سوريين معاصرين.

 

متحف حمص الأثري:

نتيجة النزاع المسلح الطويل في حمص بين قوات النظام السوري، والمعارضة، والقصف المستمر على أحياء حمص دون الاكتراث بالمدنيين أو بمعالم المدينة التاريخية، تعرض متحف حمص الأثري لمجموعة من الانتهاكات، خاصة أن المتحف كان يشكل خط تماس بين قوات الجيش السوري الحر وقوات النظام السوري، وبعد سيطرة قوات النظام على المتحف حتى يومنا هذا، لا توجد أي معلومات جديدة عن حالة المتحف وحالة اللقى التي يحتويها.

 

متحف التقاليد الشعبية (قصر الزهراوي) في حمص:

استخدم المتحف من قبل قوات النظام كثكنة عسكرية، حيث تمركزت وحدات مقاتلة في المتحف، وأقيمت متاريس من أكياس الرمل يتمركز خلفها القناصة، مما أدى إلى تعرّض القسم الأكبر من القطع المعروضة في المتحف للتلف والكسر، كما قام مجهولون بتخريب المدافن الموجودة في قبو المتحف، وقد وقعت عدة معارك على المتحف، ومنها بتاريخ 26 شباط/ فبراير 2012، حيث اشتبكت قوات النظام مع فصائل الجيش السوري الحر، وقد أدت سيطرة الأخيرة على المبنى إلى تعرضه للقصف من قبل قوات النظام بتاريخ 17 أيلول/ سبتمبر 2012، ما تسبب بتهدم جزء من واجهة الطابق الأول.

 

متحف تدمر الأثري:

حتى اللحظة لا أحد يعرف مصير محتويات متحف تدمر وآثاره، بعض من الآثار دمرت بشكل كامل، وبعضها الآخر بشكل جزئي، والأهم أن عدداً منها قد اختفى، فإما أنها نقلت إلى أماكن سرّيةٍ يشرف عليها النظام، أو بيعت وهُرّبت إلى الخارج. وكان ذلك قبل دخول تنظيم الدولة الإسلامية إليها.

 

 

متحف حماه الأثري:

أهم الانتهاكات التي تعرض لها هذا المتحف هو اختفاء تمثال لإله آرامي مصنوع من البرونز، ومطلٍ بالذهب، يعود للقرن الثامن قبل الميلاد، وقد سجل الاختفاء في شهر أب/ أغسطس عام 2011، وبحسب الوثائق المتوفرة فإن عملية الاختفاء تمت إما بتسهيل من عامل في مديرية أثار حماه، أو من قبل أحد العاملين، والسبب أن العملية تمت دون أي اقتحام أو خلع لأبواب أو لخزائن المتحف والتي بقيت سليمة بينما اختفى التمثال الذهبي فيما اتهم البعض مخابرات النظام السوري بالسرقة والتعتيم.

 

متحف معرة النعمان:

استخدم المتحف القديم الذي يعرف باسم خان القشلة، والذي يقع بجانب المتحف الحالي، كثكنة عسكرية لقوات النظام حتى منتصف أب/ أغسطس 2011، وبعد ذلك تم اقتحامه من قبل مقاتلي الجيش السوري الحر، وأصبح المتحف الحالي، ومبنى المتحف القديم مقراً لمقاتلي كتيبة “شهداء معرة النعمان” التي تقوم بحراسته. وبحسب مصادر فإن بعض من القطع المعروضة سرقها عناصر تابعون لـقوات النظام السوري، وقد أدى ذلك إلى فقدان مجموعة من القطع النقدية التي تعود إلى بداية العصر الإسلامي من إحدى واجهات العرض.

فيما بعد تعرض المتحف والذي يضم أكبر مجموعة للموزاييك في الشرق الأوسط، لخطر التدمير نتيجة القصف الجوي اليومي الذي كان يصيب المدينة، وفي بداية تشرين الأول/ أكتوبر 2012 سقطت قذيفة أطلقتها إحدى مقاتلات الميغ التابعة للنظام السوري على بعد أمتار من المتحف، ما تسبب بتهدم عدد من الأبنية السكنية، وتناثرت قطع زجاج النوافذ وأعالي الأبواب الخشبية في المتحف نتيجة تلك القذيفة.

كما تساقطت المعروضات التي لا تقدر بثمن من على بعض الرفوف، وتحولت قطع خزفية تعود إلى نحو ألفي عام لقطع متناثرة، وتحطمت عدة لقى حجرية كانت معروضة في حديقة المتحف، وتضررت لوحتان من الفسيفساء، حيث اخترقت عدة رصاصات لوحات الموزاييك.

 

متحف قلعة جعبر:

تعرض متحف قلعة جعبر في الرقة للسرقة حيث تم نهب 17 دمية أثرية تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد، اكتشفت خلال حملات الإنقاذ لموقعي إيمار وتل السلنكحية قبل بناء سد الفرات عام 1973، وقد اختفت جميع الصور أو الأسماء لتلك اللقى الأثرية.

 

متحف دير الزور الأثري:

تمركزت قوات النظام السوري في مبنى متحف دير الزور الأثري والحديقة المحيطة به منذ بدء الحملة العسكرية الشرسة التي شنها النظام على المدينة؛ مما جعله عرضة لعدة هجمات من قبل الجيش السوري الحر حيث أشار تقرير مقتضب للمديرية العامة للأثار والمتاحف إلى تعرض المتحف لبعض الأضرار المادية نتيجة “الضغط الذي سببه تفجير وقع في كنيسة تبعد 500 متراً عن المتحف، إذ تهدم السقف المستعار في بهو صالات العرض وتهشمت معظم النوافذ والأبواب الزجاجية”، ويجدر الذكر أن المتحف يضم أكثر من 24 ألف قطعة أثرية.

 

متحف موقع دورا أروبوس (صالحية الفرات) :

قامت مجموعة من اللصوص بحفريات سرية في الموقع، وكذلك بتكسير خزائن العرض والنسخ الحديثة للقى التي تم عرضها في متحف دورا أروبوس (البيت الروماني)، كما قاموا بسرقة عدة نماذج مخصصة للعرض، وخلع الأبواب والنوافذ، وتم العبث بمحتويات بيت البعثة الأثرية الفرنسية، وسرقة قسم كبير من محتوياته، وقد تعرض مبنى متحف البيت الروماني لعملية نهب، حيث قام اللصوص بسرقة الأعمدة الخشبية التي تحمل سقفه.

 

 

آثار حلب والقلمون نهب روسي_ إيراني برعاية حكومية:                                                                                                  

قبل اندلاع الثورة كانت هناك حالة تسابقٍ بين ضباط الأمن وآل الأسد ومخلوف وشاليش للسيطرة على المنطقة ومقدّراتها، على سبيل المثال، العقيد محسن سعيد حسين، الملقب بـ”خضور” أو “أسد الصحراء”، والذي قُتل (تشرين الثاني/نوفمبر 2014)، كان رئيساً لفرع مخابرات البادية قبل اندلاع الثورة السورية، ثم قائداً لقوّات “صقور الصحراء”، ويعد أحد أمراء المنطقة واللاعبين الكبار في آثارها، وله جماعته المختصّة والمتفرّغة للتنقيب عن الآثار.

وقد كانت تنقل الآثار المهرّبة ليلاً إلى منطقتي تلكلخ والقصير، ثم تستلمها هناك مجموعات مقرّبة من حزب الله اللبنانيّ، وتهرّب من لبنان إلى جميع أنحاء العالم، وخصوصاً عبر البحر.

يحمّل بعض المنقبين والباحثين النظام المسؤولية فيما لو سرقت الآثار إن كانت محتويات المتحف قد سرقت فإن فرع مخابرات البادية، بالتعاون مع الأمن العسكريّ والمخابرات الجوّية بحمص، هم من سرقوها، بحسب ما ذكرت تقارير صحفية عديدة.

قصفت قوّات النظام الجامع الأموي، أكثر من مرة، بقذائف الهاون، حتى هدم بشكل شبه كامل، فيما اتخذت من قلعة حلب الأثرية ثكنة عسكرية لها، الأمر الذي جعلها هدفاً مركزياً لقذائف الهاون، من قبل قوّات المعارضة، إضافة إلى تمركز قناصة للنظام داخلها، فضلاً عن تجنيد النظام السوري لتجار في المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار، بغية التنقيب عن الأثار، وتسليمها للنظام مقابل مبالغ مغرية ومن الجدير  ذكره أن تعرض مبنى البيمارستان الأرغوني (بني في عهد السلطان المملوكي الملك الناصر محمد بن قلاوون سنة 1354م)، ومتحف التقاليد الشعبية في حلب لأضرار نتيجة المعارك التي حصلت بين الجيشين النظامي والحر.

وفي العام 2017 ذكرت تقارير إعلامية أن الميليشيات الإيرانية والعراقية انتهكت آثار حلب ومخطوطاتها، بعد استيلاء قوات النظام السوري عليها، ونقلتها إلى طهران، فيما تبيع قسماً منها لتجار الآثار في بيروت، في حين بيّن تقرير آخر نشره الأمن العام اللبناني أنه “ضبط أربعة آلاف قطعة أثرية مُهرّبة من سورية إلى لبنان، وكانت قيدَ البيع”.

وبحسب مصادر فإن أكبر حملات التنقيب التي تعرضت لها مدينة يبرود، تمت عبر خبراء آثار روس، ولمدة ثلاثة أشهر متواصلة، حيث باشروا الحفر تحت حراسة أمنية من قبل قوات النظام في مناطق لا يسمح الاقتراب منها”.

 فقد قاموا بعدة زيارات إلى الكنيسة القديمة، وجبل مار مارون الأثري، الذي شهد أولى أعمال التنقيب التي أفضت إلى الكشف عن كنيس يهودي قديم (معبد مار مارون)، هو الأضخم من نوعه على مستوى العالم، ويعود تأسيسه إلى فترة ما قبل الميلاد”.

ووفق تقارير إعلامية فإن جميع المكتشفات الأثرية من التماثيل والكنوز داخل الكنيس نقلت مباشرة إلى روسيا، بالتعاون والتنسيق مع بعض الشخصيات المقربة من النظام وعلى رأسهم أبو سليم دعبول، وجورج الحسواني.

 

آثار الجنوب من درعا إلى الأردن:

شهدت الأردن كغيرها من دول الجوار حالات فوضى حدودية جراء الحرب المشتعلة في سوريا، فأمست الحدود السورية – الأردنية إحدى الطرق التي تسلكها عصابات الآثار قدوماً من درعا ووصولاً إليها.

أفادت وسائل إعلام النظام أن “دائرة الآثار، قد عثرت على قطع أثرية يعود تاريخها للعهد الروماني ببلدة الجيزة شرق مدينة درعا”، مشيرة إلى أن “مجموعاتٍ إرهابية، كانت قد سرقتها من متحف بصرى الأثري لتهريبها إلى الخارج”.

في المقابل، أكدت مصادر مطلعة أن “القطع الأثرية التي أعلن النظام العثور عليها في درعا مقلدة على الأغلب”.

وأضافت أن “النظام استبدل قبل سنوات، العديد القطع الأثرية الحقيقية في المتاحف والمنشآت السياحية، بأخرى مزيفة، بينما تم نقل القطع الحقيقية إلى أماكن مجهّولة”.

ونقلت صحيفة “الغد الأردني” عن مدير عام دائرة الآثار العامة في الأردن، منذر الجمحاوي، أن غالبية القطع الأثرية التي عثرت السلطات عليها هُرّبت إلى الأردن عبر الحدود السورية، وأضاف أن دائرة الآثار العامة استحدثت مركزًا خاصًا للآثار المهربة من سوريا، وأنها نظمت قوائم بهذه الآثار تضمنت وصف القطعة ورقمها ومكان وجودها، وعملت على تخزينها بطرق علمية للحفاظ عليها من العوامل الطبيعية أو غير الطبيعية، ولم يتحدث المسؤول الأردني عن إجراءات رد القطع الأثرية إلى الأراضي السورية.

 

شهادات باحثين سوريين:

يقول شيخموس علي وهو دكتور في آثار الشرق القديم من جامعة ستراسبورغ، ورئيس جمعية حماية الآثار السورية: “إن القصف هو أحد أهم الأسباب التي أدت إلى تحطم الآثار في سورية”، موضحاً أنه جرى “تحويل المواقع الأثرية إلى ثكنات عسكرية مثل قلعة حلب وموقع تدمر مما أدى إلى تعرض بعضها للقصف مثل قلعة الحصن وتحويل عدد آخر من المواقع إلى ساحات حرب مثل حلب القديمة، يضاف إلى ذلك تعرض بعض المتاحف للقصف مثل متحف الرقة ومعرة النعمان وعدم تأمين وسائل الأمان الكافية لعدد من المتاحف الأثرية التي تعرضت للسرقة مثل متحف معرة النعمان أيضاً ومتحف أفاميا الذي حتى هذا التاريخ تقفل أبوابه بأقفال عادية، يسهل كسرها وسرقة كل ما يوجد في المتحف، كما تم فتح أبواب وكسر أجزاء من جدران متحف حمص الأثري لتسهيل حركة جنود الجيش النظامي، وبالتالي كانت اللقى الأثرية معرضة للسرقة، ولا ندري إن فُقدت أعداد منها”.

أما الصحفي والباحث في الآثار عمر البنية أكد أن النظام السوري استخدم “الآثار السورية كسلعة للمتاجرة، وتأمين المزيد من المصادر المالية عن طريق كبار مسؤوليه الأمنيين الذين يحترفون تجارة وتهريب الآثار”، وأوضح أن النظام قام بتخريب وتزوير التاريخ السوري خدمة لبعض الأجندات التي تعمل على تغير تاريخ المنطقة، ومسح وجهها الحضاري لحساب مصالح سياسية معينة، حيث يتم محو الوجه الحضاري الآرامي السوري وتدمير العديد من المراكز الحضارية الأثرية البالغة الأهمية.

وقال البنية: “شاهدنا هذا الشيء بشكل واضح عندما أصدر مدير عام آثار النظام مأمون عبد الكريم كتاباً تحت اسم «الآثار السورية في الأزمة» حيث شطب تسمية الساحل الفينيقي الكنعاني، وأسماه الساحل المتوسطي مسقطاً فترة حضارية عظيمة أنارت العالم بالكتابة والأبجدية”.

وتابع البنية: “لا يحق للنظام التصرف بالآثار السورية فهي ملك للشعب السوري، والدولة السورية والتراث العالمي، والذي من المفترض أن يكون مصاناً ومحمياً حسب المواثيق الدولية”، مشيراً إلى أن “هناك قرار صدر من مجلس الأمن بشأن التراث السوري والعراقي، لكن للأسف لم ينفذ أي شيء لأن إحالة هذا الملف إلى محكمة الجنايات الدولية يحتاج إلى إجماع في مجلس الأمن ودائماً نشاهد الفيتو الروسي حاضراً لأجل حماية النظام”.

وفيما يتعلق بمدينة تدمر قال البنية: “النظام فتح المجال للتنظيمات الإرهابية مثل تنظيم الدولة للدخول إلى المدينة بعد قيام ضباطه بسرقة وتفريغ المتحف قبل عملية التسليم”، مستذكراً أفعال فروع الأمن ومديريات الآثار قبل العام 2011 حيث كانت تسرق المتاحف بالمفتاح وتسلم المواقع الأثرية للتجار وتستباح المواقع، ويبنى فوقها مشاريع المتنفذين كما حدث في مشروع “شيراتون حلب”.

من جهته يؤكد الباحث في مركز أثار إدلب الحرة أحمد الخنوس أن الأثار السورية في ظل حكم نظام الأسد تم تهريبها وسرقة معظمها لخارج البلد، وما يتم عرضه في المتاحف معظمه مقلداً، مشدداً على أن العالم جميعه متفق على تدمير الحضارة السورية لأنه صمت عن اندثار حضارات عريقة.

وعبر الخنوس عن حزنه لتدمير المتاحف والمواقع الأثرية، وأفاد أن أقدم موقع بالتاريخ تم تدميره، وهو موقع “إيبلا 3500 ق.م” نتيجة القصف بالطيران.

وأوضح الخنوس على أن جميع الأثار المكتشفة قبل الثورة مسجلة، وبحسب الاتفاقيات الدولية يمكن إعادتها، لكن بعد عام 2011 فإن عمليات الحفر واستخراج وتهريب العديد من القطع، يصعب استعادتها لأنها غير مسجلة وغير موثقة إلا القليل الذي تم تصويره وتوثيقه عن طريق الناشطين والأثريين.

وطالب بالعمل الدائم على نشر التوعية بهدف الحفاظ التراث السوري وفضح جرائم النظام، مشدداً على ضرورة تحريك الرأي العام الدولي تجاه ملاحقة النظام وصون التاريخ السوري العريق.

 

 

القانون الدولي والقانون السوري فيما يخص حماية الآثار:

يكتسب جانب القانون الدولي أهمية خاصة في قضية حماية الآثار، والموروث الحضاري، والتراث في كل من العراق وسوريا. ولتبيان هذه الأهمية ولتوضيح قضية ارتباط حماية الآثار بجرائم تحاسب عليها القوانين الدولية، كان من الواجب اعتبار عدد من العوامل، وننبه بانها لا تمثل قائمة حصرية لكل العوامل ذات العلاقة، وهذه العوامل هي:

“إن تهريب الآثار مرتبط بمجاميع جريمة منظمة، عابرة للحدود الوطنية.” تتباين هذه المجاميع وحسب أهدافها، فمنها مجاميع إرهابية ذات أهداف سياسية، وتستخدم المردود العائد من بيع وتهريب الآثار، لتمويل أنشطتها، وأخرى تمارس التهريب لأغراض تجارية بحتة، ولغرض تحقيق الربح غير المشروع. ما يجمع بين كل هذه المجاميع هو أنها وفي ممارسة أعمالها الإجرامية، تحتاج لأن تعبر الحدود الوطنية، باحثة عن أسواق آمنة لبيع المسروقات، فتقع مواجهتها في إطار القانون الدولي، فمكافحة مثل هذه الجرائم يحتاج إلى تعاون دولي وتنسيق عالي المستوى.

وقد حضّت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) في إحدى ندواتها التي عقدت في العاصمة الفنلندية هلسنكي تحت عنوان “تدمير سوريا، والحفاظ الرقمي على العمارة من تدمر إلى حلب” المنظمات الدولية على حماية ما تبقى من الآثار السورية والإرث الثقافي السوري، لا سيّما أن هناك الكثير من المواقع السورية تدخل ضمن لائحة التراث العالمي، وتعدّ شاهداً على تطور البشرية، وتمّثل تاريخاً لا يمكن أن يتكرر.

وينص القانون السوري في حماية الآثار على تشديد العقوبة لكل من يهرب أو يعبث بالآثار، بالاعتقال المؤقت من 15 إلى 25 سنة وبالغرامة من 500 ألف إلى مليون ليرة سورية، ويعاقب بالعقوبة نفسها كل من سرق الآثار أو تاجر بها أو عبث بها أو قام بتخريبها.

 

خاتمة:

يستمر النظام السوري بانتهاك المقدسات التاريخية. غير عابئ بتاريخ أجدادنا وحضارتنا الممتدة منذ ملايين السنين، فما زالت قواته تعمد إلى الاشتراك بكل ما يؤذي البلاد، ويسلبها تاريخها، فبعد أن دمرت الإنسان، اتجهت نحو أثره التاريخي السوري، وعاثت به سلباً ونهباً، ودمرت ما تبقى، لتماثل بأفعالها أفعال مافيات التهريب الرخيصة، غير مكترثة ببلد لا يعنيها منه سوى ما يملك،

وهنا لا يسعنا إلا أن نتساءل: لماذا عمدت قوات النظام السوري إلى جعل غالبية ثكناتها العسكرية في مقرات المتاحف والأماكن الأثرية؟

لعلها قامت بذلك بهدف التعتيم على السرقات، وصفقات التهريب، التي كانت تتم في كواليس الحرب.

 

المزيد للكاتبة ⇐ هنا 

.

.