#########

آراء

تمرير قانون قيصر في الكونغرس الأمريكي يعيد شيئا من التفاؤل


إن إقرار مشروع قانون قيصر سيعطي أملاً متجدداً لشعب مضطهَد ومضطرب، لأن ثورتنا وعدالة ضحايانا لم تمت

25 / كانون الثاني / يناير / 2019


تمرير قانون قيصر في الكونغرس الأمريكي يعيد شيئا من التفاؤل

 

 

*كامل أبو فريد – مع العدالة

 

 

يوم الثلاثاء الماضي، وافق مجلس النواب بالإجماع على تشريع لفرض عقوبات جديدة على حكومة بشار الأسد وحلفائه، وأولئك الذين يتعاملون معهم. وتأتي هذه الخطوة بعد شهر من إعلان الرئيس دونالد ترامب سحب القوات من سوريا، ومع قيام بعض الحكومات العربية بجس النبض لإعادة علاقاتها مع حكومة الأسد في دمشق، الذي حقّق تقدماً عسكرياً على الأرض في حربه ضدّ السوريين والتي يشاركه فيها حلفاؤه الروس والإيرانيون والميليشيات الطائفية.

سياسة إدارة ترامب في سوريا هي كارثة. بعد أن أعلن الرئيس ترامب الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية من خلال تغريدة في كانون الأول/ديسمبر، وقد أدى ذلك على استقالة وزير الدفاع وكذلك المسؤول عن التحالف المناهض للدولة الإسلامية، الذي قال إن ترامب كان يعطي المجموعة الإرهابية “حياة جديدة”.

لذلك فإن تحرك الكونغرس جاء ليبث نوعاً من الأمل في الملف السوري. لقد تم تمرير هذا الإجراء من قبل مجلس النواب مرتين في الدورات السابقة، ولا يزال القانون مشروعاً بانتظار التصديق في مجلس الشيوخ.  قانون مرافقة لا تزال معلقة في مجلس الشيوخ.

 

وتمت تسمية القانون باسم قيصر للحماية المدنية على اسم المنشق السوري الذي هزّ العالم بصوره التي وثّق فيها مقتل نحو أحد عشر ألفاً من المدنيين السوريين تحت التعذيب في معتقلات الأسد.

 

تفرض النسخة الحالية من مشروع القانون عقوبات على أي شخص ينخرط في “دعم مالي أو مادي أو تكنولوجي كبير، أو ينخرط في صفقة مهمة مع الحكومة السورية أو حكومتي روسيا وإيران في سوريا”، ولكنه يعطي استثناءات للمنظمات غير الحكومية العاملة في سوريا، وهو يوجه الرئيس الأمريكي لكي يضع خطة فيما يتعلق بتسليم المساعدات الإنسانية للسوريين المحتاجين.

وكانت الحكومة السورية تحاول استمالة المستثمرين للمساعدة في إعادة بناء أجزاء من البلاد التي دمرتها حرب النظام ضد السوريين في السنوات الثماني الماضية. وركزت خطط إعادة الإعمار بشكل كبير على المناطق التي دمرتها القنابل السورية والروسية، مثل أجزاء من دمشق وحمص، ولكنها أهملت مدناً مثل الرقة التي قام التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة باستعادتها من تنظيم الدولة الإسلامية. وقالت الحكومات الغربية إنها لن تساهم في جهود إعادة البناء إلى أن يتم إحراز تقدم نحو تسوية سلمية للحرب. وتأكيداً على ذلك، فرض الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع جولة جديدة من العقوبات على رجال الأعمال والكيانات الذين يتعاملون مع نظام الأسد.

ولكن ثمة مجموعات أمريكية تدافع عن الأنظمة القمعية كنظام الأسد في سوريا ونظام مادورو في فنزويلا، بما في ذلك لجنة الأصدقاء المعنية بالتشريع الوطني والسياسة الخارجية العادلة، التي تعارض مشروع قانون قيصر، معتبرة أنه يعطّل خطط إدارة ترامب لسحب القوات الأمريكية من سوريا. وقالت الجماعة في بيان قبل تصويت مجلس النواب إنها عارضت “المشروع الأصلي لقانون حماية المدنيين في قيصر سوريا [مشروع قانون عقوبات روبيو-إنجل بين سوريا وإيران وروسيا] في عام 2017. منذ ذلك الوقت، تم إدخال تغييرات مهمة على التشريع، لكن مخاوفنا الأساسية تبقى كما هي. في ضوء القرار الذي اتخذه الرئيس ترامب مؤخراً بالبدء بسحب القوات الأمريكية من سوريا، فإن تأييد هذا القانون يفسر على نطاق واسع على أنه نداء لمواصلة التدخل العسكري”.

يا للعار! كيف يمكن لأي كان أن يقف في وجه قرار يعاقب قاتلاً فاشياً دمّر بلاده وقتل رجالها ونساءها وأطفالها، وهو ما وثقه قيصر بالصور، فقط لكيلا يؤثر على قرار ترامب سحب قواته من سوريا، وهو بالأساس قرار معيب وغير أخلاقي.

ولكن معظم السوريين في أمريكا يؤيدون قرار الكونغرس. ومن بين هؤلاء السوريين المجلس السوري الأمريكي، الذي قدّم المشورة لأعضاء الكونغرس في جميع مراحل صياغة مشروع القانون. ويرفض المجلس انتقادات لجنة الأصدقاء المعنية بالتشريع الوطني والسياسة الخارجية العادلة ويقول إن العقوبات لا تؤيد أي نوع من العمل العسكري ولا ترتبط بأي شكل من الأشكال بمحاولات إبقاء القوات الأمريكية في البلد الذي مزقته الحرب.

وقالت منسقة العلاقات الحكومية في المجلس إن “هذا لا يستهدف الشعب السوري، فهو لا يستهدف المساعدات الإنسانية. وإذا نظرت تحديدًا إلى القسم 3، على وجه الدقة، نجد أن اللغة تقدم استثناءات لضمان عدم معاقبة المنظمات غير الحكومية فيما يتعلق بتوزيع المساعدات في مناطق النظام”.

وبالإضافة إلى المجلس السوري الأمريكي، احتفلت فرقة العمل السورية للطوارئ، وهي منظمة مقرها واشنطن ومناهضة للأسد، بمشروع القانون في مجلس النواب. وفي اليوم التالي، أيدت مجموعات سورية مناهضة للأسد تتخذ من إسطنبول وبرلين وباريس مقراً لها.

وأصدر البيت الأبيض بياناً تأييداً لمشروع القانون في تشرين الثاني الماضي. “سيساعد مشروع القانون هذا على توفير المزيد من النفوذ لتحقيق أهداف حكومة الولايات المتحدة لتهدئة النزاع العسكري ودعم عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة والانتقال إلى حكومة في سوريا تحترم إرادة الشعب السوري وتحترم سيادة القانون وحقوق الإنسان وتتعايش بسلام مع جيرانه في المنطقة”.

مشروع قانون قيصر يسمح بتعليق العقوبات في ظل عدد من الشروط، بما في ذلك إذا ما توقفت الحكومة السورية وحلفاؤها عن قصف المراكز المدنية أو إطلاق سراح السجناء السياسيين. كما يمكن تعليق العقوبات إذا اتخذت الحكومة السورية “خطوات يمكن التحقق منها لإقامة مساءلة ذات معنى لمرتكبي جرائم الحرب في سوريا والعدالة لضحايا جرائم الحرب التي ارتكبها نظام الأسد، بما في ذلك المشاركة في عملية مصالحة ومصالحة مستقلة وذات مصداقية”.

وكما قال قيصر نفسه لكاتب رأي في جريدة الواشنطن بوست قبل يومين: “إن إقرار مشروع قانون قيصر سيعطي أملاً متجدداً لشعب مضطهَد ومضطرب، لأن ثورتنا وعدالة ضحايانا لم تمت”. “إن توقنا للحرية سيستمر ما دام هناك رجال ونساء أحرار في العالم مثل الشعب الأمريكي والكونغرس”. وهذا هو القول الحق.

 

مواد شبيهة:

من تأهيل الأسد إلى استجدائه

.

.