#########

آراء

محيي الدين المنفوش.. من عراب حصار الغوطة إلى “مستثمر نظيف” في أوروبا


بلغ رأس مال الشركة المسجلة عشرة ملايين فورنت مجري (حوالي 33 ألف دولار أمريكي، بسعر صرف 11 من كانون الثاني 2020

15 / كانون الثاني / يناير / 2020


محيي الدين المنفوش.. من عراب حصار الغوطة إلى “مستثمر نظيف” في أوروبا

 

المصدر: عنب بلدي | أويس عقاد

 

يعود إلى الواجهة من جديد رجل الأعمال السوري محيي الدين المنفوش، المتهم باحتكار السوق في غوطة دمشق الشرقية، في أثناء حصارها من قبل قوات النظام السوري بين عامي 2013 و2018، من خلال شركة تعود ملكيتها له في تركيا فتحت الباب على نشاطات له تتبعتها عنب بلدي في أوروبا أيضًا.

 

المنفوش كان يعمل وسيطًا حصريًا لإدخال البضائع إلى الغوطة الشرقية في أثناء الحصار، وتحكم بعدة قطاعات اقتصادية وحياتية، لكنه ظهر مؤخرًا في الصحافة التركية كـ”مستثمر نظيف” سيجلب “الخير” للمنطقة.

وينحدر المنفوش، الملقب بـ”أبو أيمن”، من مسرابا في الغوطة الشرقية، وهو صاحب ترخيص شركة “المراعي الدمشقية” المتخصصة بإنتاج الأجبان والألبان، والتي أُسست عام 2003.

ورغم أن معامل شركة “المراعي الدمشقية” موجودة في الغوطة الشرقية، لم تتوقف منتجاتها عن الوصول إلى دمشق وبقية المحافظات، واستمرت بالتصدير إلى دول مجاورة، حتى خلال الحصار.

وشاركت مطلع أيار2017 في معرض “فود اكسبو” للصناعات الغذائية والتعبئة والتغليف في فندق داما روز بدمشق، وزار فرع الشركة وزير السياحة السوري السابق، بشر يازجي.

 

نشاط في تركيا خلال حصار الغوطة

رجل الأعمال أسس رسميًا شركة “المنفوش المحدودة لصناعة وتجارة منتجات الحليب” في ولاية سكاريا، القريبة من مدينة اسطنبول، في 11 من تموز 2016.

ويظهر السجل التجاري للشركة الذي راجعته عنب بلدي في الجريدة التركية الرسمية، أن ملاكها هم، محيي الدين وعماد الدين المنفوش ومنال التكلة.

وبني المشروع على مساحة 3714 مترًا مربعًا على أرض اشترتها الشركة، تبلغ مساحتها قرابة سبعة دونمات.

ويبلغ رأس مال الشركة 25 مليون ليرة تركية، بحسب إعلان رسمي نُشر في الجريدة الرسمية في 26 من تموز 2017، أوضح أن أسهم الشركة تتوزع إلى 60% لمحيي الدين المنفوش، و25% لمنال التكلة، و15% لعماد الدين المنفوش.

وزير الزراعة والغابات التركي، باكيرباك ديميرلي، المنتمي لحزب “العدالة والتنمية” الحاكم، زار مقر الشركة، في 5 من كانون الثاني 2019.

وشارك الوزير، عبر حسابه في “تويتر”، تغريدة قال فيها “زرنا مصنع منتجات الألبان الذي أنشأه المستثمر السوري محيي الدين المنفوش في سكاريا، أعتقد أنه عندما يدخل المصنع الخدمة، فإنه سيسهم بشكل كبير في اقتصاد تركيا والمنطقة”.


عرض الصورة على تويتر

 

ولم تفلح محاولات عنب بلدي بالتواصل مع إدارة شركة المنفوش في تركيا، للتحقق من بدء مزاولة الشركة العمل أم لا.

 قدم في تركيا وأخرى في أوروبا

في شباط 2016، سجل محيي الدين المنفوش مع عرفان اللحام شركة محدودة المسؤولية في سلوفاكيا، تعمل في الإنتاج وتجارة البضائع تحت اسم “GOLDEN INVEST“.

عنب بلدي استطاعت الحصول على العقد الرسمي للشركة بالتعاون مع مؤسسة مكافحة الجريمة المنظمة والفساد (OCCRP).

ويظهر في عقد الشركة الرسمي مقر الشركة في منطقة جيلينا، بينما سُجل عنوان محيي الدين المنفوش في سوريا بالبناء رقم 12 على أوتوستراد المزة، وهو بناء يبعد أمتارًا عن مقر شركة “المراعي الدمشقية” الكائنة في البناء رقم 27.

 

ودُفع خلال عملية تسجيل الشركة مبلغ خمسة آلاف يورو، مناصفة بين محيي الدين المنفوش وعرفان اللحام، ولم تستطع عنب بلدي التحقق من مزاولة الشركة أعمالها.

إلى هنغاريا، حيث أسس المنفوش في 25 من حزيران 2015، شركة تجارية تحت اسم “United Golden Group” المحدودة، بالشراكة مع عرفان اللحام أيضًا، وهي مختصة في تقديم الخدمات الفندقية، وخدمات أخرى كبيع العطور والملابس والأحذية بالجملة، وبيع المواد الغذائية بالتجزئة ومنتجات التبغ.

وبلغ رأس مال الشركة المسجلة عشرة ملايين فورنت مجري (حوالي 33 ألف دولار أمريكي، بسعر صرف 11 من كانون الثاني 2020).

 

كيف ظهر المنفوش في سوريا؟

مع بدء حصار الغوطة الشرقية منتصف عام 2013، ازدهر نشاط المنفوش التجاري نظرًا لعلاقاته مع مسؤولي النظام السوري، وفي حين لم تستطع إلا فئة قليلة من التجار إدخال البضائع إلى المنطقة المحاصرة، استطاع التحرر من القيود وإدخال البضائع والتحكم في أسعارها.

وكانت عنب بلدي وثقت في تحقيق استقصائي، نشر في 9 من تموز 2017، طبيعة العلاقة بين المنفوش والتجار داخل الغوطة التي كانت تسيطر عليها فصائل معارضة.

وكان آنذاك يدخل قافلات غذائية من معبر الوافدين، الذي اكتسب اسمه من مخيم الوافدين قرب دوما، بمعدّل قافلتين يوميًا، ما لم يغلق المعبر نهائيًا، وذلك باتفاق مع حواجز النظام السوري وضباطه.

وكانت الأسعار ترتفع بعد الشحن والدخول إلى دوما وتسليم البضاعة إلى التجار “الصغار” عدة أضعاف، قد تزيد على 20 ضعفًا أحيانًا، بعدما تتقاضى الحواجز إتاوات بموجب عقد ثابت عن كل كيلوغرام، تتراوح بين 300 و500 ليرة سورية (الدولار كان يعادل نحو 500 ليرة)، وذلك حسبما أفاد تجار تسلموا البضائع وسائقون عملوا على إدخال القافلات، تحدثوا إلى عنب بلدي متحفظين على نشر أسمائهم.

وكان آخر العقود التي وقعها خلال الحصار، في تشرين الثاني 2017، بقيمة 20 مليون دولار، لإدخال خمسة آلاف طن من المواد الغذائية، مقسمة على 160 طنًا يوميًا، مقابل إتاوة 2000 ليرة سورية عن كل كيلوغرام، بحسب ما أكدته مصادر متقاطعة لعنب بلدي آنذاك.

ولمزيد من المعلومات تواصلت عنب بلدي مع ناشطين إغاثيين من الغوطة الشرقية كانا على تماس مباشر مع شركة المنفوش، وأوضحا أنه إلى جانب القطاع الغذائي الذي كان يتحكم فيه المنفوش، كان له نصيب في قطاعات أخرى داخل الغوطة، من أبرزها صرافة القطع الأجنبي، مستفيدًا من تمويل المنظمات المدنية والتنموية والإغاثية الذي كان يصل إلى المنطقة.

شاحنات المنفوش كانت تغادر الغوطة محملة بمنتجات الحليب وتعود بالشعير والقمح والعلف والوقود، ولتحقيق مصلحته كان رجل الأعمال يستثمر احتكاره بفرض قواعده في السوق، فعلى سبيل المثال كان يتعامل مع الفلاحين بمبادرة كيلو حليب مقابل كيلو علف، ليسمح لهم بالحصول على العلف مقابل احتكار إنتاج الحليب في المنطقة.

لكن المصدرين الإغاثيين أشارا إلى أن سياسة المنفوش هذه، دون النظر إلى أخلاقيتها، كانت تشكل متنفسًا للسكان المحاصرين الذين كان يقدر عددهم بـ300 ألف شخص، والحل الوحيد “الصعب”.

في تقرير لمنظمة “العفو الدولية”، أكد أن “القوات الحكومية” استمرت في محاصرة الغوطة الشرقية، حتى نيسان 2018، عندما استسلمت جماعات المعارضة المسلحة عقب قصف المناطق المدنية بلا هوادة، وبعد التوصل إلى ثلاث اتفاقيات محلية أدت إلى إجلاء المقاتلين ونزوح بعض المدنيين.

وأكدت المنظمة أنه في أثناء الحصار منعت “القوات الحكومية” نحو 250 ألف شخص من سكان الغوطة الشرقية من الحصول على الرعاية الطبية، وغيرها من السلع والخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية، ولم يتمكن الأطباء والعاملون الطبيون من توفير الرعاية الطبية المناسبة للجرحى الذين أُصيبوا من جراء الضربات الجوية والقصف المدفعي وغيرها من الهجمات، أو للمرضى بسبب الافتقار إلى المعدات الجراحية والتجهيزات الطبية والأدوية، ولا سيما تلك الخاصة بمعالجة الأمراض المزمنة، كالسرطان ومشكلات القلب والسكري.

وأدى عدم الحصول على الغذاء والمساعدات الإنسانية وغيرها من الضرورات المنقذة للحياة إلى ارتفاع معدلات سوء التغذية الحاد.

 

 

المادة من المصدر