#########

بيانات وتقارير

الميليشيات الطائفية: “مَفْرَخة” إيران في سورية


يعتبر سليماني المحرّك الأول والمسؤول الرئيس عن كافة الميليشيات الطائفية العاملة في سورية. بل والمسؤول أيضاً عن إرسال مئات المستشارين العسكريين من الحرس الثوري بمهمة تدريب قوات نظام الأسد ورسم الخطط له

10 / حزيران / يونيو / 2019


الميليشيات الطائفية: “مَفْرَخة” إيران في سورية

 

 

*أحمد طلب الناصر-مع العدالة

 

شاركت إيران نظام الأسد في قمع الثورة السورية وقتل الثوار، منذ الشهور الأولى لاندلاع الاحتجاجات وانتشار المظاهرات في عموم المدن والبلدات السورية. ولن نبالغ في القول إن الميليشيات الإيرانية (ونقصد بها هنا الميليشيات الطائفية المدعومة إيرانياً) سواء السورية والعراقية واللبنانية، كانت على أتمّ جهوزيتها منذ انتقال مدّ الربيع العربي من تونس ليغمر مصر وليبيا واليمن قبل وصوله إلى النظام السوري، حليف إيران الأهمّ والعمق الاستراتيجي الذي يربطها بالمتوسط ولبنان وحزب الله.

وترددت الأنباء حول تواجد عناصر إيرانية لأول مرة بالتزامن مع انتشار حالات قنص المتظاهرين الأوائل في مدينة دوما بالغوطة الشرقية منذ نهاية شهر مارس/ آذار 2011، إذ تناقل المتظاهرون أخباراً تتحدث عن تمركز قناصين إيرانيين فوق أبنية حكومية أطلقوا الرصاص الحي على مظاهرات يوم الجمعة.

 

 

اتسعت دائرة الاحتجاجات لتشمل معظم المحافظات السورية فاتسعت معها دائرة الاعتقالات والقتل الممنهج ما دفع لانشقاقات داخل صفوف جيش النظام وبدء تشكيل فصائل الجيش الحر. فبدأت مرحلة هزائم قوات النظام وانتزاع  أحياء ومناطق الاحتجاجات من قبضته.  

ومع انتهاء العام 2011 راحت قوات النظام تنتهج أسلوب اقتحام القرى وأحياء المدن الثائرة بصورة أكثر رعباً لترتكب بحق ساكنيها العزّل مجازر جماعية مستخدمة السلاح الأبيض في غالبيتها؛ مثال ما حدث في مجزرة كرم الزيتون ودير بعلبة  وبابا عمرو والحولة في حمص وريفها، وداريا والجديدة في ريف دمشق والبيضا في بانياس والجورة والقصور في دير الزور والنبك في القلمون؛ إضافة إلى عشرات المجازر المختلفة في باقي المناطق السورية.

ارتبطت غالبية تلك المجازر بوجود عناصر ومجموعات إيرانية طائفية شاركت في الذبح والتنكيل حسب شهادة معظم الناجين منها؛ إذ أكدوا سماع عبارات بلغة فارسية؛ إضافة إلى كتابات حملت شعارات ورموز طائفية خلّفها المرتكبون على أجساد الضحايا وجدران بيوتهم.

 

  • المؤشرات الأولية لتدخل الميليشيات الإيرانية في سورية:

وعلى الرغم من محاولة نظامي الأسد وإيران نفي وجود ميليشيات وتشكيلات عسكرية تتبع للأخير إلا أن تطورات الأحداث العسكرية على الأرض خلال السنوات اللاحقة راحت تكشف عن وجود عشرات الميليشيات الطائفية الإيرانية، البعض منها يتبع لتشكيلات الجيش النظامي في إيران، وتتوزع على جميع جهات الجغرافيا السورية وجبهاتها، وفي مراكز مدنها وبلداتها، وداخل مطاراتها العسكرية والمدنية ومقرات جيش النظام.

ولعل أولى المؤشرات والدلائل التي ساهمت في إدراك حجم التغلغل العسكري الإيراني المستفحل داخل مؤسسة النظام الأمنية والعسكرية والمدنية، تمثّلت أولاً في تدخّل حزب الله العلني والمباشر واحتلاله لمدينة القصير بريف حمص منتصف 2013، وتبعته ثانياً مجزرة النبك بريف دمشق الشمالي في نهاية العام نفسه، وراح ضحيتها ما يقرب من 250 مدنياً، ذبحاً وحرقاً، غالبيتهم من الأطفال والنساء؛ على يد ميليشيا لواء (ذي الفقار) العراقي وحزب الله اللبناني.

 

 

ثالثاً وهو الأهم كان ظهور “قاسم سليماني” قائد فيلق القدس، الجناح العسكري الخارجي للحرس الثوري الإيراني، لا سيما خلال معارك حلب وما تلاها من سيطرة النظام والميليشيات عليها بعد تدميرها وانسحاب فصائل المعارضة منها. وتكفينا الجملة التي أطلقها سليماني منذ منتصف 2011 كي ندرك مكانة سوريا عند الإيرانيين واستماتتهم من أجل السيطرة عليها ولو كلّفهم إرسال نصف الشعب الإيراني للقتال فيها وحماية الأسد، إذ قال: “إذا خسرنا سوريا فلن نحكم طهران!”.

ويعتبر سليماني المحرّك الأول والمسؤول الرئيس عن كافة الميليشيات الطائفية العاملة في سورية. بل والمسؤول أيضاً عن إرسال مئات المستشارين العسكريين من الحرس الثوري بمهمة تدريب قوات نظام الأسد ورسم الخطط له.

 

  • الميليشيات الإيرانية وانتشارها:

أولاً-الانتشار والغاية: تنتشر غالبية ميليشيات إيران السورية واللبنانية والعراقية والأفغانية والباكستانية، في الجنوب السوري والسيدة زينب بدمشق وبريف حلب الجنوبي وريف حماة الشرقي، وحمص وريفها، وفي دير الزور.

وكما تشكّل قاعدة حميميم المنطقة الخضراء للقوات الروسية، كذلك يُعتبر مطار دمشق الدولي بالنسبة  للوجود الإيراني والميليشيات متعددة الجنسيات المنضوية تحت قيادة فيلق القدس، فمنه يوجه الخبراء الإيرانيون المسلحين القادمين من إيران أو العراق. ولضمان أمن المطار تصرّ إيران على فرض سيطرتها الكاملة على منطقتي جنوب دمشق والغوطة الشرقية بشكل كامل.

أما الغاية التي تسعى إيران لتحقيقها، استراتيجياً، فتتمثّل في تأمين الطريق البري الواصل بينها وبين العاصمة اللبنانية بيروت، وضمان وصول الإمدادات العسكرية إليها عن طريق معبر البوكمال على الحدود العراقية. أما طائفياً فيتمثل في تحقيق حلمها بتشكيل الهلال الشيعي الممتد من طهران إلى المتوسط. والنشاط المذهبي في نشر التشيّع داخل سورية يسير بالتوازي مع النشاط العسكري في كل بقعة تستولي عليها الميليشيات.

 

 
ثانياً- أبرز الميليشيات الطائفية الإيرانية:

يبلغ عدد الميليشيات الإيرانية في سورية نحو 50 تشكيلاً تضم ما يقرب من 100 ألف مسلّح، ويبقى هذا العدد غير دقيق نتيجة التعتيم المتعمّد من قبل الإيرانيين وقوات النظام على حد سواء.

 

  • الميليشيات العراقية: وأبرزها:
  • ميليشيا “أبو الفضل العباس” التي يقودها “أبو هاجر العراقي”، وتتخذ من السيدة زينب مقراً لها. نشأت الميليشيا من العراقيين الشيعة الموجودين في سورية منذ ما قبل الثورة، وغالبيتهم سكنوا السيدة زينب وجرمانا والتل بريف دمشق. بدأت نشاطها في قمع المتظاهرين ثم صارت تشتبك مع الثوار في مناطق حجيرة وعقربا والسيدة زينب. لاحقاً ازداد عدد عناصر الميليشيا ليصل اليوم إلى أكثر من 7500 مسلّح، وتتوزع مقراتها في السيدة زينب وقرب مقام السيدة رقية وحي “الجورة” الدمشقي القديم، وفي نبل والزهراء بريف حلب.

يتفرع عن أبي الفضل العباس: لواء “ذو الفقار” بقيادة حيدر الجبوري ولقبه “أبو شهد”. ويعد هذا اللواء الأكثر نشاطاً، حيث قاتل في غوطة دمشق الشرقية، ومحيط السيدة زينب، والقلمون، وإدلب، وحلب، وريف حلب الجنوبي، ونبل والزهراء، وهو مرتكب مجزرة النبك التي مررنا عليها. وكتيبة “قمر بني هاشم” عدد مسلحيها يقرب من 200. و”لواء اللطف” الذي لا يتجاوز عدد مسلحيه 150 شخصاً. وأيضاً “لواء المعصوم”.

 

  • ميليشيا “كتائب الإمام علي” التابعة للحشد الشعبي في العراق، وتضم نحو 1000 مسلح يقاتلون في البادية الشامية.
  • كتائب “حزب الله النجباء”، وكتائب “سيد الشهداء” و”حركة الأبدال”. ويتراوح عدد مسلحي كل منها ما بين 1500- 1700 عنصر ينشطون بشكل خاص في البادية.
  • “حزب الله العراقي”.
  • عصائب أهل الحق العراقية.
  • لواء “أسد الله الغالب” ويقوده أبو فاطمة الموسوي.
  • لواء الإمام الحسين، ويتزعمه “أبو كرار أمجد البهادلي”.
  • “قوات التدخل السريع” أو “أفواج كفيل زينب” ويقودها أحمد الحجي الساعدي.

 

 

ويبلغ عدد مسلحي لواء الإمام الحسين حوالي 1150 مسلحاً يتخذون من مدينة حلب مركزاً لهم، وعناصره من العراق وإيران وأفغانستان وباكستان.

  • ألوية “الحمد” و”الحسن المجتبى” و”عمار بن ياسر”. ويقدر عدد مقاتليها بنحو 1500 مقاتل.
  • لواء “حيدر الكرار”، نحو 1000 مسلح.
  • “لواء اليوم الموعود”.
  • “فيلق الوعد الصادق”، ويضم اللواء مسلحين من جنسيات متعددة، إضافة إلى مسلحين سوريين من شيعة إدلب ومعرة مصرين والفوعة وكفريا. ويقدر عدد مقاتليها بنحو 1100 مقاتل.
  • “قوات الشهيد محمد باقر الصدر” وتنتشر في أحياء مدينة دمشق مع قوات حفظ النظام، وجميع عناصر الميليشيا يرتدون لباس قوى الأمن الداخلي السوري، ويأتمرون بقيادة ضباط وزارة الداخلية، ويقدر عددهم بنحو 900 عنصر.
  • “سرايا طلائع الخراساني” وهم مزيج من مسلحين عراقيين وإيرانيين مهمتهم حماية مطار دمشق الدولي.
  • “لواء بقية الله”، عراقيون وأفغان عددهم نحو 400 مسلح، ومهمتهم دعم حماية أسوار مطار دمشق.

 

  • ميليشيات لبنانية:
  • “حزب الله” اللبناني وقوامه نحو 10 آلاف مقاتل، ينضوي لإمرته لواء “السيدة رقية” و”القوة 313″ ويتراوح عددهما بين 150-200 مسلح لكل ميليشيا منهما ويتركزان في البادية الشامية.
  • “سرايا التوحيد” اللبنانية، وعددها نحو 500 مسلح.

 

  • ميليشيات غير عربية:

تتبع القوات الإيرانية الجيش الإيراني والحرس الثوري (الباسدران) وكذلك قوات التعبئة (الباسيج)، وبالرغم من القوة العددية الكبيرة للجيش الإيراني، إلا أن طهران سلكت منذ العام 2012 خيار دعم وإرسال الميليشيات إلى سورية، في حين اكتفت بإرسال خبراء عسكريين من الحرس الثوري الإيراني لقيادة المعارك.
ويرجع اعتماد طهران على أسلوب تشكيل ودعم المليشيات بالمناطق العربية إلى عوامل عدة، تاريخية وجغرافية وأمنية وأيديولوجية. وهي استمرار للسياسة التي بدأتها منذ ثلاثة عقود، في لبنان والعراق واليمن وبعض دول الخليج العربي، بهدف توسيع نفوذها في المنطقة.

أما الميليشيات الأجنبية فهما اثنتان، الأولى ميليشيا “فاطميون” وعناصرها من الشيعة الأفغان اللاجئين في إيران، ويبلغ عددهم نحو 1000 مسلّح، وقاتلوا في درعا وتدمر وحلب. وغالباً ما يشكلون رأس حربة في المعارك، ويرسلون لتنفيذ الاقتحامات والاشتباكات القريبة مع فصائل المعارضة.

أما الثانية فهي ميليشيا “زينبيون” ومقاتلوها من باكستان، وهم أقل أهمية وعدداً من ميليشيا (فاطميون).

 

 

  • ميليشيات سورية محلية:

وهم عبارة عن عشرات من الميليشيات المحلية، تقاتل بأوامر إيرانية، وأبرزها:

  • “الغالبون – سرايا المقاومة الإسلامية في سوريا” وهم من منطقة الساحل، عددهم نحو 1000 مسلح.
  • “كتيبة الزهراء” من أبناء قرية الزهرا، يقدر عدد مسلحيها بنحو 350 مسلحاً.
  • “كتيبة شهيد المحراب” من أبناء مدينة نبّل، وعدد مسلحيها نحو 500 مسلح.
  • “كتيبة العباس” في الفوعة، نحو 200 مسلح.
  • “كتائب الفوعة” يقدر تعداد مجموعاتها بنحو 800 مسلح.
  • “الإمام الرضا” وهي ميليشيات من علويين سوريين ولبنانيين تنتشر في ريف حمص الشرقي، وعددهم نحو 2000 مسلح.
  • “فوج الإمام الحجة” ويتألف من 600 مسلح شيعي من سورية ولبنان في حلب.
  • “لواء الباقر” من أفراد عشيرة برّي الحلبية الذين شيعتهم إيران، وعددهم نحو 500 مسلح. وكذلك من قبيلة “البكارة” التابعين للشيخ المعارض السابق نواف راغب البشير، وتعدادهم نحو 1700.
  • “لواء الإمام زين العابدين” من بلدة الجفرة الشيعية في ريف دير الزور، وعددهم 500 مسلح.
  • “حشد الجزيرة والفرات” من عشائر محافظة الحسكة.
  • “لواء المختار الثقفي” من شيعة اللاذقية وحماة.
  • “لبيك يا سلمان”، و”سريا التوحيد”، “جيش التوحيد”، و”لواء الجبل”، و”قوات الفهد”، و”لبوات الجبل” من حوالي 3000 مسلح درزي من مدينة السويداء، يقاتلون في جبهات جنوب سورية، وأكبر ميليشيا فيها هي “كتائب حماة الديار”.
  • ميليشيا “فهود حمص” و”قوات الغضب” وهم من سكان بلدتي محردة والسقليبية المسيحيتين بريف حماة، ويبلغ عدد مسلحي هذه الميليشيا 500 شخص. و”لواء أسود وادي النصارى” في حمص وتعدادهم نحو 700 مسلح مسيحي، وجميع تلك الميليشيات تأتمر بأمر الإيرانيين.
  • “صقور الصحراء” وهي مشكلة من العلويين ويدعمها محمد وأيمن جابر التاجران العلويان، وتعتبر من أكثر التنظيمات قرباً إلى إيران في سورية، ويتلقى أفراد هذا التشكيل التدريب من قبل مدربين عراقيين، ويقاتلون في أرياف حمص وحلب
  • “فوج مغاوير البحر” وهو أيضاً من علويي حمص واللاذقية، ويبلغ تعداد مقاتليه نحو 1000 مسلح.
  • “قوات درع القلمون” و”قوات درع الأمن العسكري”. ووظيفتهما استقطاب الجنود الفارين من جيش النظام وتجنيدهم لصالح ميليشيات عراقية وإيرانية.

ونشير إلى أن 2400 مسلح من الميليشيات الإيرانية على الأقل قتلوا في سورية منذ تدخل إيران وميليشياتها لدعم نظام الأسد عسكرياً ومالياً عقب اندلاع الثورة السورية.

 

 

  • أبرز المجازر المرتكبة من قبل الميليشيات الطائفية:

تسببت ميليشيات إيران الطائفية بمقتل ما لا يقل عن 1450 مواطناً سورياً. وتمّ حصر ما لا يقل عن 10 مجازر ارتكبتها الميليشيات الشيعية، قتل فيها ما لا يقل عن 1005 أشخاص يتوزعون على: 962 مدنياً، بينهم 172 طفلاً، و143 سيدة. وذلك بحسب تقرير أصدرته الشبكة السورية لحقوق الإنسان يوثق المجازر والجرائم التي ارتكبتها الميليشيات الطائفية بحق المدنيين.

أما أبرز المجازر المسجلة فكانت: مجزرة دير بعلبة في حمص 2012، وقرية المالكية في ريف حلب 2013، وقرية تل شغيب في ريف حلب الشرقي، وقرية العدنانية في ريف حلب وأم العمور ورسم النفيل والمزرعة في ريف حلب 2013، وكذلك مجزرة الذيابية والنبك في ريف دمشق.

لكنها تبقى أقل بكثير من المجازر المخفية وغير المسجلة، والمجازر التي سترتكب ولن يتم الكشف عنها في ظل إفلات الأسد وشريكته إيران من العقاب.

إلا أن التساؤل الذي سيظل يحيّر السوريين: ما مصير كل تلك الميليشيات، وهل مِن احتمالٍ لتفكيكها؟

 

المزيد للكاتب