#########

الضحايا

“زكريا مشّو”: قذائف الدبابات تطارده في أحلامه! (معاناة شاب سوري من مصابي الحرب)


قررتُ أن أخذل الموت، وأكافح وأتقبّل وضعي الحالي؛ وبالإصرار والإرادة، ودعم الذين من حولي، استطعت التأقلم وتجاوزت مراحل كثيرة ورميتُ الماضي خلفي

28 / آب / أغسطس / 2019


“زكريا مشّو”: قذائف الدبابات تطارده في أحلامه! (معاناة شاب سوري من مصابي الحرب)

 

 

*مع العدالة

“انقطع النخاع الشوكي في جسمي!، نعم… لكن الحرية هي عمودي الفقري، بها أكمل حياتي حتى تتحقق العدالة والمساواة لجميع السوريين”.

  • هكذا يقول “زكريا مشو”24 عاماً – الذي يدرس في معهد هندسة الديكور -وأصيب بشظايا قذيفة دبابة في تاريخ 26/6/2013 داخل حيّ الصاخور في مدينته حلب.

ويضيف: بحسب ما علمت لاحقاً، أن هناك قذيفتين قد سقطتا حيث مكان تواجدي. الأولى في بيت عربي أدت إلى مقتل أربعة أشخاص، والثانية، هي التي سرقت مني كل الطرقات والنزهات الجميلة، وخطواتي التي أصبحت أحلم بها راكضاً في أزقة حلب.

كنت أمشي في الشارع، ولم أدرِ أن هذا اليوم سوف يكون آخر عهد لي بالسير على الأرض.

 

  • نعم… بلحظة واحدة، يأمر قاتلٌ في الجانب الآخر بإطلاق النار على المدنيين وهو يدخن سيجارته، أو يبتسم، ويخطف أرواح الأبرياء ويحوّل حياة شاب مثل “زكريا” في مقتبل العمر إلى جحيم!

 

يكمل “مشّو” حديثه عن المأساة التي ألمّت به: “أسعفوني إلى مشفى ميداني مع باقي الجرحى، وهو مشفى بمعدات بسيطة، ومن ثم بعد ذلك، تم إسعافي إلى تركيا بسبب حالتي الحرجة، وكان طيران النظام السوري يقصف القرى الحدودية مع تركيا، ونحن نسير بسرعة في السيارة”.

وصلنا إلى مدينة “كلس” الحدودية، ومن ثم إلى ولاية غازي عنتاب كي يقوموا بإجراء عملية جراحية طارئة لي في مشفى “الشهيد كامل”.

أبلغ الطبيب والدي الذي يرافقني أن النخاع الشوكي لدي مقطوع، فالشظايا مستقرة بين الفقرة السابعة والثامنة، وقد أصبت بشلل نصفي. في أثناء ذلك، فقد والدي الوعي، ودخل في حالة إغماء لهول الخبر.

 

  • رجع “زكريا” إلى حلب بعد شهر من إجراء العملية الجراحية، واستمر لمدة ستة أشهر يتلقى العلاج الفيزيائي في المنزل. وقد دخل في حالة اكتئاب شديدة. إلى أن عاد إلى تركيا كي يكمل علاجه، عن طريق التهريب، بسبب رفض المسؤولين عن المعبر التركي دخوله إلى الأراضي التركية بشكل رسمي، رغم أن لديه إثبات وهي ورقة عودة للعلاج. وكانت رحلة شقاء وعذاب بحسب وصفه، جراء وضعه الصحي.

 

يذكر “زكريا” بعد ذلك بعض تفاصيل العلاج في تركيا:” قمتُ بإجراء عمليتين جراحيتين، واحدة منهما قريبة إلى القلب، بسبب فتق جديد حدث جرّاء الإصابة، والنوم السريري. وبقيت شهراً كاملاً مستلقى على وجهي، لا أستطيع الحراك حتى يلتئم الجرح.

 

“لقد فكرتُ كثيراً بوضع حدّ لحياتي”. يقول زكريا.

 لدرجة أن” فكرة الانتحار كانت تراودني كل حين؛ وكنت أتخيّل الطريقة – أقطع أوردتي بالسكين ليلاً وأهلي نيام، لأتخلص من هذا العذاب، والواقع المرير الذي ألمَّ بي وبأسرتي”.

لكنني قررتُ أن أخذل الموت، وأكافح وأتقبّل وضعي الحالي؛ وبالإصرار والإرادة، ودعم الذين من حولي، استطعت التأقلم وتجاوزت مراحل كثيرة ورميتُ الماضي خلفي.

 

  • “زكريا مشو” يعمل الآن ضمن منظمة “سند لذوي الاحتياجات الخاصّة” في ولاية غازي عنتاب التركية، ويقوم بحملات مناصرة ودعم نفسي مع زملائه لكل من يحتاج لذلك من مصابي الحرب السوريين.

يطلب “مشو” باسمه وباسم منظمة “سند لذوي الاحتياجات الخاصة” من المسؤولين في المجتمع الدولي والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان الاهتمام بشكل أكثر بملف مصابي الحرب السوريين، وملف المعتقلين، الذين يعتبرون قتلى على قائمة الانتظار. ويتمنى منهم أن يعملوا بجهد لإيقاف الحملات العسكرية ضد المدنيين، والسعي بشكل جاد إلى رفع ملف المجرمين ومنتهكي حقوق الإنسان ومرتكبي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سورية إلى المحاكم الجنائية الدولية لتحقيق العدالة.  

 

زكريا مشو