وضعونا في المبنى الأبيض لنصف شهر تقريباً، ثم نقلونا إلى منفردات المبنى الأحمر. وبعد المنفردات حولونا إلى المهاجع، كل 3-5 أشخاص في مهجع. كانت أعداد المعتقلين لصالح قضايا تتعلق بالثورة قليلة وقتها، ربما كان عدد العسكريين ثلاثين والمدنيين ستين.
05 / آب / أغسطس / 2020
*المصدر: رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا
اسمي طه البكور. من مواليد 1982 في مدينة كفريتا التابعة لحماة. أحمل شهادة في الأدب الإنكليزي من جامعة دمشق. بدأت خدمتي العسكرية الإلزامية في حزيران 2010، فخضعت لدورة في مدرسة الشرطة العسكرية بالقابون بدمشق، ثم فرزت إلى فرع الشرطة العسكرية باللاذقية.
منذ أيام الثورة المصرية أخذت اللجنة الأمنية للاذقية تجتمع في مقر الشرطة العسكرية بالشيخ ضاهر، مقابل مبنى المحافظة الجديد الذي لم يكتمل. بدأت الثورة السورية وأخذت تمتد إلى المدن المختلفة، فخرجت أولى مظاهرات اللاذقية في 25 آذار 2011، ومنذ ذلك الوقت وضعونا في مواجهتها. كنا نستخدم سيارات حكومية مختلفة للتنقل، كسيارات مديرية الزراعة مثلاً، وبملابس مدنية.
في اليوم التالي، السبت 26 آذار، قام بعض المتظاهرين بالمرور أمام فرعنا وأخذوا يهتفون، فأطلق عناصر الفرع النار عليهم فقتلوا ستة وأصيب آخرون. كانت هناك أوامر شكلية بعدم إطلاق النار إلا بإذن، ولذلك جاءت لجنة من دمشق للتحقيق، ففبرك عناصر الفرع قصة بزرع عدة مقاذيف في جذوع شجر النخيل الموجود داخل سور الفرع مقابلاً للشارع، وزعموا أن المتظاهرين بدأوا بإطلاق هذه النيران مما اضطر العناصر للرد عليهم دفاعاً عن النفس، بالإضافة إلى شهادة كاذبة أدلى بها أحد العناصر عن عثوره على بعض الفوارغ في الكازية مقابل الفرع، حيث كان المتظاهرون.
بعد مدة أنشئ حاجز مشترك بين الشرطة العسكرية والقوات الخاصة في ساحة أوغاريت وسط اللاذقية. كنت أحد الذين يداومون في هذا الحاجز وأخذنا نتواصل مع صف ضباط من القوات الخاصة، وكان الحديث يدور عن الانتهاكات التي يقوم بها رجال الأمن والشبيحة في اللاذقية بشكل مستمر. بعد مدة اتفقنا على الامتناع عن إطلاق النار على المدنيين، وفي حال إجبارنا على ذلك كنا نفكر بعصيان الأوامر أو بالفرار. كشفت المخابرات مخططنا واعتقلوا جماعة القوات الخاصة ثم اعتُقلنا من فرعنا. كنا 11 صف ضابط بين مجندين ومتطوعين، 4 من القوات الخاصة والباقي من الشرطة العسكرية. 70% منا جامعيون.
اعتقلني فرع الأمن العسكري في اللاذقية في 31 أيار. تم التحقيق معنا ثم حولونا في 22 حزيران إلى الفرع 291 في دمشق، وفي 4 تموز إلى فرع التحقيق (248) الذي قضينا فيه خمسة عشر يوماً. في 19 تموز حولونا إلى سجن الشرطة العسكرية بالقابون لليلة، وفي اليوم التالي حولونا إلى سجن صيدنايا.
عندما وصلنا إلى صيدنايا تعرضنا لدولاب الاستقبال المعروف، ثم وضعونا في المبنى الأبيض لنصف شهر تقريباً، ثم نقلونا إلى منفردات المبنى الأحمر. وبعد المنفردات حولونا إلى المهاجع، كل 3-5 أشخاص في مهجع. كانت أعداد المعتقلين لصالح قضايا تتعلق بالثورة قليلة وقتها، ربما كان عدد العسكريين ثلاثين والمدنيين ستين. ولأن عددنا قليل كان باستطاعة سجان واحد أن يدخل علينا فيضرب جميع من في المهجع. في بعض الأيام كانوا يدخلون أربع مرات لضربنا. تستطيع أن تسجل ما شئت من أنواع التعذيب، فقد تعرضنا لها جميعاً، لكن أصعبها برأيي كان الحرمان من الطعام والشراب لفترات طويلة.