#########

بيانات وتقارير

“فورين بوليسي-Foreign Policy”: الأسد هو الآن أفضل سيناريو في سوريا


إن الديكتاتور السوري ارتكب جرائم حرب لا حصر لها، وللأسف يمثل الخيار الأقل سوءاً المتبقي في بلده

18 / تشرين أول / أكتوبر / 2019


“فورين بوليسي-Foreign Policy”: الأسد هو الآن أفضل سيناريو في سوريا

 

*ترجمة: مع العدالة

 

نشرت مجلة “”فورين بوليسي-Foreign Policy” الأمريكية تقريراً حول إمكانية بقاء نظام الأسد في الحكم بعد التطورات الجارية في الشمال السوري واستعادة قواته بدعم روسي مناطق عديدة كانت تحت سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية”، ويذكر كاتب التقرير أنه من المؤسف أن يحكم “بشار الأسد” في دمشق، بدلاً من محاكمته في “لاهاي” كمجرم حرب، ومرتكب جرائم ضد الإنسانية بحق شعبه. ويضيف التقرير أن الرئيس “دونالد ترامب” يتلقى انتقادات كثيرة لقراره المتهور بسحب القوات الأمريكية من شمال سوريا؛ وجاء أيضاً أن “ترامب” يستحق ذلك، لأنه من الصعب تصوّر استجابة غير مناسبة أو ليست مدروسة للوضع المعقد الذي ورّثه هناك. 

 

وبحسب التقرير أن على العالم عدم تجاهل الصورة الواضحة لسياسة الولايات المتحدة الفاشلة لسنوات تجاه سوريا؛ فالاستراتيجية الأمريكية كانت مليئة بالتناقضات ومن غير المرجح أن تسفر عن نتيجة أفضل بكثير مهما طال بقاء الولايات المتحدة في سوريا.

ويضيف كاتب التقرير: ” من المحبط أن نكتب هذه الجملة، لكن أفضل مسار للعمل اليوم هو أن يستعيد نظام بشار الأسد سيطرته على شمال سوريا. نعم، الأسد هو مجرم حرب، وقد قتلت قواته أكثر من نصف مليون من مواطنيه، وكانت سبباً بإنتاج ملايين من اللاجئين. أما وفي عالم مثالي، سيحاكم “الأسد” في “لاهاي” بدلاً من الحكم في دمشق. ولكننا لا نعيش في عالم مثالي، والسؤال الذي نواجهه اليوم هو كيفية الاستفادة القصوى لتحقيق أفضل وضع ضمن الأحداث المروعة.

 

 

وعن العلاقة المشتركة بين الأمريكان والقوات الكردية جاء في التقرير، قد نعترف بأن التزام الولايات الأمريكية تجاه الميليشيات الكردية- المعروفة أيضاً باسم قوات سوريا الديمقراطية -لم يكن أبداً مطلقاً أو مفتوحاً؛ لقد كانت الالتزامات تكتيكية ومشروطة، استناداً إلى المعارضة المشتركة لتنظيم (الدولة الإسلامية). فالأكراد لم يحاربوا (الدولة الإسلامية) كخدمة للولايات المتحدة؛ فعندما كان تنظيم “داعش” تحت السيطرة (إن لم يتم القضاء عليه بالكامل)، كانت الشراكة بين أمريكا و”قوات سوريا الديمقراطية” في الوقت المحدّد. 

أما عن هدف الأكراد الاستراتيجي فيقول كاتب التقرير:” لماذا كان الأكراد في هذا الموقف الذي لا يحسد عليه؟ لأنه لا توجد دولة كردية مستقلة، ولا يوجد احتمال لقيامها في أي وقت قريب. فلم تدعم الحكومة الأمريكية هذا الهدف أبداً لأنها أدركت أن محاولة استقلال “كردستان” عن المناطق الكردية في سوريا والعراق وإيران وتركيا ستشعل حرباً إقليمية كبيرة. ولكن مع عدم وجود دولة كردية في المستقبل القريب، كان لا بد أن تعيش قوات سوريا الديمقراطية تحت سلطة إحدى القوى الإقليمية القائمة.

 

ثانياً، تعتبر تركيا أن “قوات سوريا الديمقراطية” تهديد خطير للغاية.. وقد يبالغ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الخطر الفعلي الذي تشكله هذه الجماعة، لكن هذه مسألة خط أحمر بالنسبة لتركيا. طالما كان الأكراد يتمتعون بحكم ذاتي فعلي في شمال سوريا، فإن تركيا كانت ستحاول إتاحة الفرصة للقضاء على هذا المشروع؛ وإن إبقاء القوات الأمريكية هناك قد أخّر يوم تصفية الحساب، لكن وجودهم لم يقدم حلاً طويل الأجل لهذه المشكلة.

 

ثالثاً، لقد كان من الواضح لبعض الوقت أن نظام الأسد فاز في الحرب على السوريين، وهذه النتيجة مرعبة أخلاقياً، لكن الفضيحة الأخلاقية ليست سياسة. طالما كان نظامه ضعيفاً وقد احتلت القوات المدعومة من الولايات المتحدة الأراضي السورية، إلا أن (الأسد) لم يتمكن من تعزيز موقفه وظل يعتمد على الدعم الروسي والإيراني.

 

وعن إعادة تعويم نظام الأسد ومنحه الضوء الأخضر من قبل روسيا وأمريكا وبعض الدول الأوروبية والإقليمية للسيطرة الكاملة على سوريا، يضيف التقرير:” عند هذه النقطة، فإن السماح للأسد باستعادة السيطرة على سوريا كلها سيؤدي إلى حل عدد من المشاكل الشائكة؛ فإنه يعالج مخاوف تركيا من الحكم الذاتي الكردي.. وحالما يستعيد الأسد السيطرة الكاملة، يصبح تنظيم (الدولة الإسلامية) مشكلته، وليس الولايات المتحدة. ومن المؤكد أنه سيتعامل مع هذه الجماعة بلا رحمة، لأن (الدولة الإسلامية) هي حركة راديكالية تنظر إلى العلويين السوريين كمرتدين. علاوة على ذلك، كلما أصبح الأسد أكثر أمناً، كلما كان بحاجة إلى دعم روسي أو إيراني. فلقد كان دعمه مكلفاً بالنسبة لكل من موسكو وطهران، ومن المرجح أن يتراجع وجودهما ونفوذهما بمجرد أن تكون دمشق قادرة على ممارسة نفوذ موثوق به على سوريا. بعض الدول الأخرى، مثل (إسرائيل)، ستكون سعيدة أن تشهد تراجعاً لوجود إيران في سوريا. وإذا بقيت روسيا وإيران في سوريا، فسوف يقومان ببساطة بضخ موارد إضافية إلى دولة ذات أهمية استراتيجية ضئيلة.

يؤكد الوضع الحالي على مدى ضياع سياسة الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة. بمجرد أن يكون واضحاً أن الأسد سيفوز، كان ينبغي على الولايات المتحدة أن تدفع باتجاه تسوية دبلوماسية، في حين أنها كانت لا تزال على الأرض ومستمرة في اللعبة. لكن الجهود الدبلوماسية الأمريكية كانت متقلبة وتعثرت منذ البداية. في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، رفضت الولايات المتحدة السماح لإيران بالمشاركة في محادثات جنيف الأولية (مما يضمن أنها لن تذهب إلى أي مكان)، ولا تشارك واشنطن حتى في المفاوضات الحالية بين روسيا وتركيا وإيران في “كازاخستان”. في الواقع، الولايات المتحدة ما زالت تأمل في تغيير النظام في سوريا، حيث تعمل القوات الأمريكية هناك “ورقة مساومة لتأمين ليس فقط هزيمة (الدولة الإسلامية) ولكن أيضاً التغيير السياسي في سوريا”.

 

وبحسب التقرير أنه يتطلب بذل جهد دبلوماسي جادّ من الولايات المتحدة، ويجب عليها أن تعمل مع كل طرف من الأطراف المعنية الأخرى، وواشنطن تفكر بشدة في ذلك. فهي لا تعمل مع روسيا لأنها غاضبة حول قضية أوكرانيا؛ ولن تتحدث مع الأسد لأنه مجرم حرب؛ ولن تتعامل مع إيران لأنها لا تزال تأمل أن يؤدي “الضغط الأقصى” إلى انهيار النظام الكهنوتي؛ في غضون ذلك، يتعين عليها إرسال المزيد من القوات إلى المملكة العربية السعودية لأن حملة الضغوطات القصوى التي قام بها ترامب زادت من خطر الحرب، مما يبطل تعهد الرئيس بتخفيض الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة.

 

المادة من المصدر