#########

بيانات وتقارير

سوريا: مخاوف حيال المدنيين الفارين من “داعش”


صف الشهود الظروف المؤلمة في الأشهر الأخيرة مع نقص الغذاء والمساعدات، إذ اضطروا إلى أكل العشب والحشائش للنجاة، حتى مع تحركهم المستمر هربا من الهجمات المتواصلة

27 / شباط / فبراير / 2019


سوريا: مخاوف حيال المدنيين الفارين من “داعش”
صور الأقمار الصناعية تكشف عن تدمير واسع النطاق للمباني

 

*المصدر: هيومن رايتس ووتش –  Human Rights Watch

(نيويورك) – قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم، استنادا إلى أبحاث أجريت في شمال سوريا وتحليل صور الأقمار الصناعية، إن حماية المدنيين يجب أن تكون أولوية رئيسية للتحالف بقيادة الولايات المتحدة و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، بينما يتمسك تنظيم “الدولة الإسلامية” (المعروف أيضا بـ “داعش”) بمعقله الأخير في سوريا. تظهر مقاطع الفيديو الملتقطة عبر الأقمار الصناعية صباح يوم 20 فبراير/شباط 2019 سير المئات على طول طريق زراعي صغير في بلدة الباغوز قرب نهر الفرات.

كان المفوضة الأممية السامية لحقوق الإنسان قد حذرت في 19 فبراير/شباط من أن حوالي 200 أسرة ما زالت عالقة في البلدة مطالبة بالمرور الآمن لهم. في 20 فبراير/شباط، شاهد صحفيون بعض الأسر تغادر البلدة، لكن قال المتحدث باسم قسد، المدعومة من الولايات المتحدة، إن بعض المدنيين لا يزالون في جيب أرضي.

قال نديم حوري، مدير برنامج الإرهاب ومكافحة الإرهاب في هيومن رايتس ووتش: “مغادرة المدنيين الباغوز تبعث على الارتياح، لكن لا ينبغي أن يحجب ذلك حقيقة أن هذه المعركة شُنّت دون اعتبار كافٍ لسلامتهم. مجرد احتمال كونهم عائلات أعضاء داعش أو متعاطفين معهم لا يعني حرمانهم من الحماية التي يستحقونها”.

قابلت هيومن رايتس ووتش أكثر من 20 شخصا فروا من منطقة خاضعة لداعش في الأسابيع الأخيرة. ذكروا تعرض منطقة الباغوز للقصف المتكرر وغارات جوية تسببت في دمار المدينة. كشف تحليل لصور الأقمار الصناعية دمار غالبية المباني في الباغوز على مدار شهر بين 19 يناير/كانون الثاني و20 فبراير/شباط، وهي الفترة التي لا يزال خلالها عدد كبير من المدنيين هناك. حدّدت هيومن رايتس ووتش أكثر من 600 موقعا رئيسيا متضررا في الباغوز خلال هذه الفترة، بشكل يتفق مع تفجير ذخائر كبيرة ملقاة جوا.

لا يزال عدد المدنيين القتلى بسبب المعارك غير معروف. قال الكثيرون ممن هربوا إنهم دفنوا القتلى أينما كان. أظهرت صور الأقمار الصناعية الملتقطة بين 26 يناير/كانون الثاني و9 فبراير/شباط عمليات دفن جماعي متواصلة في قطعة أرض خالية قرب الطريق الرئيسي وسط الباغوز. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تحديد عدد المدنيين المدفونين.

قال صحفيون متمركزون قرب خطوط الجبهة في الباغوز لـ هيومن رايتس ووتش إنهم لاحظوا انخفاضا في عدد الغارات الجوية منذ 14 فبراير/شباط، ولكن استمر القصف على هذا الجيب.

بالإضافة إلى مئات الغارات الجوية لقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة على المنطقة، ذكر الهاربون ضربات مدفعية قادمة من أراضي سيطرة الحكومة السورية، وقوات قسد المدعومة أمريكيا، وحتى من الحدود العراقية، حيث تتمركز المدفعية العراقية والفرنسية والأمريكية. تتموضع المدفعية الفرنسية في قاعدة عمليات أمامية على هضبة جبل الباغوز في محافظة الأنبار غربي العراق مقابل منطقة دير الزور في سوريا، 10.5 كيلومتر شرق الباغوز. صرح رئيس تلك الوحدة لوكالة “فرانس برس” في وقت سابق من فبراير/شباط بأن قواته أطلقت 3,500 قذيفة على الجبهة السورية، بما في ذلك الباغوز.

قال رجل عراقي عمره 42 تمكن من الفرار، “كان القصف الجزء الأكثر رعبا. كان من جميع الجهات، بما فيها الجانب العراقي. امتلأ الحقل بجثث الناس، وكنا جميعا ننبطح لساعات بلا حركة مع تطاير القذائف من حولنا”. حددت هيومن رايتس ووتش في صور الأقمار الصناعية مئات الحفر الناتجة عن طلقات مدفعية ثقيلة داخل الباغوز بين 19 يناير/كانون الثاني و19 فبراير/شباط، بما يتفق مع شهادته وشهادة آخرين.

وصف الشهود الظروف المؤلمة في الأشهر الأخيرة مع نقص الغذاء والمساعدات، إذ اضطروا إلى أكل العشب والحشائش للنجاة، حتى مع تحركهم المستمر هربا من الهجمات المتواصلة. ومع تقدم القوات المدعومة من الولايات المتحدة إلى المنطقة، انسحبت أعداد كبيرة من المدنيين مع داعش على طول نهر الفرات إلى الباغوز، حيث حوصروا بالكامل بين جبال الباغوز شرقا والنهر جنوبا.

تظهر صور الأقمار الصناعية الملتقطة بين 26 يناير/كانون الثاني و20 فبراير/شباط حركة آلاف الأشخاص تجاه النهر حيث أصابت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة مناطق الأبنية في الباغوز بقصف جوي ومدفعي. قال أشخاص فروا في وقت لاحق من المنطقة لـ هيومن رايتس ووتش إنه كان معهم عديدون من أقارب أعضاء داعش، لكن البقية كانوا قد نزحوا مرات عدة في العراق وسوريا وبقوا في مناطق سيطرة داعش لعدم وجود مكان آخر يلجؤون إليه.

قال معظم الشهود إن محاولة الهرب من المناطق الخاضعة لسيطرة داعش كانت خطرة جدا لأن التنظيم عاقب من حاولوا الفرار وفخخ الطرقات. قالوا إن المهربين كانوا يطالبون بما يقارب 400 دولار أمريكي لتهريب الشخص، وهو مبلغ لم يعد يملكه كثيرون.

كانت العائلات تبات في العراء لعدة أيام، في درجات حرارة منخفضة جدا ليلا، وتحفر خنادق صغيرة في الأرض لحماية نفسها من القصف والضربات الجوية.

وتثير روايات الشهود عن الضربات الجوية والمدفعية، والتحليل القائم على الصور لضرر الغارات الجوية في الباغوز، مخاوف من عدم اتخاذ قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة التي تقاتل داعش الاحتياطات الكافية لتقليل الخسائر بين المدنيين.

على التحالف اتخاذ جميع الاحتياطات المستطاعة في اختيار السبل ووسائل القتال من أجل تقليص الخسائر العارضة في أرواح المدنيين وإصابتهم والإضرار بالأعيان المدنية، بما يشمل اختيار الأسلحة المستخدمة في المناطق كثيفة السكان. قالت هيومن رايتس ووتش إن على التحالف إجراء تحقيق شامل وسريع ومحايد في الضربات والقيام بكل ما يمكن لتفادي ضربات مماثلة، وتقديم التعويض أو العزاء للمتضررين من عمليات التحالف.

قالت هيومن رايتس ووتش إن على جميع أطراف النزاع تسهيل وصول مجموعات الإغاثة إلى المحتاجين، وعلى المجتمع الدولي مضاعفة جهوده لمساعدة المحتاجين.

قال حوري: “في الجو، نرى التحالف الدولي يسخّر موارد هائلة لهزيمة داعش، لكن على الأرض، لم يبذل سوى القليل لحماية الأطفال وغيرهم من المدنيين المحاصرين في هجماته”.

المادة من المصدر