الأسد يسيطر سيطرة مطلقة على كل شيء يحدث في النظام وهو مسؤول عن عمليات قتل أكثر من تنظيم الدولة
26 / أيلول / سبتمبر / 2018
المصدر: صاندي تايمز
مع اقتراب النظام السوري لبشار الأسد من إعادة السيطرة على سوريا يكشف تقرير من مليون وثيقة تؤشر لمسؤولية الرئيس السوري الكاملة عن عمليات تعذيب وقتل المعارضين له.
وتقول كريستيان لامب، مراسلة الشؤون الخارجية في صحيفة “صاندي تايمز” إن الأرشيف هو نتاج لمشروع جمع أدلة عن جرائم الحرب التي ارتكبها نظام الأسد، وهو من أفكار بيل وايلي، 54 عاماً، الجندي الكندي السابق والمحقق في جرائم الحرب والذي شعر بالإحباط من العمل مع محكمة الجنايات الدولية التي شعر أنها بطيئة في عملها ومكلفة.
الأرشيف يؤكد “مئة بالمئة سيطرة الأسد المطلقة على كل شيء يحدث في النظام وهو مسؤول عن عمليات قتل أكثر من تنظيم الدولة”. وقال “يا إلهي هناك أدلة دامغة ضده“. وتقول لامب: “يبدو كوم الصناديق الـ 265 المتشابهة على الرفوف الحديدية عادية. ولكنها محفوظة في خزنة تراقبها كاميرات المراقبة بموقع سري في أوروبا لأن ما فيها يثير القشعريرة”.
وقال وايلي إن الأرشيف يؤكد “مئة بالمئة سيطرة الأسد المطلقة على كل شيء يحدث في النظام وهو مسؤول عن عمليات قتل أكثر من تنظيم الدولة”. وقال “يا إلهي هناك أدلة دامغة ضده“. وتقول لامب: “يبدو كوم الصناديق الـ 265 المتشابهة على الرفوف الحديدية عادية. ولكنها محفوظة في خزنة تراقبها كاميرات المراقبة بموقع سري في أوروبا لأن ما فيها يثير القشعريرة”.
ففي داخلها مليون وثيقة منها تقارير مخابرات سرية تفصل التعذيب المنهجي والقتل للمعارضة. ومعظم الوثائق تحمل شعار الدولة السورية، النسر وبعضها يحمل توقيع الأسد نفسه. وتعتبر المجموعة الأكثر إدانة التي تم جمعها في الحرب المستمرة.
وتضيف لامب أن الحرب التي تقترب من نهايتها تطرح أسئلة عن إمكانية تقديم الرئيس وأركان حكمه للمحاكمة. وهي تكشف عن نظام قام برمي البراميل المتفجرة والغارات الجوية على المناطق السكنية والمستشفيات في الحرب التي قتلت ما يقرب عن نصف مليون شخص وشردت 5 ملايين آخرين.
ويقول وايلي إن الوثائق جمعها وهربها سوريون من داخل سوريا، حيث غامر بعضهم بحياته ولا يزال اثنان معتقلان في سجون النظام.
“باركود” على كل وثيقة
ولا توجد على باب مقر وايلي السري يافطة وليس هناك هاتف على المكتب حيث تم تصوير كل صفحة هربت من أجل بناء أرشيف رقمي وتم وضع شيفرة التعرفة (الباركود) على كل ورقة وترقيمها وتخزينها في الصناديق. ويعود المشروع إلى بداية الانتفاضة السورية عام 2011 حيث مولته الحكومة البريطانية. وقام وايلي الذي عمل مع الجيش السوري الحر بتدريب 60 متطوعاً. ويقول “أهم شيء كنا نريده منهم هو التركيز على التوثيق الصادر عن النظام لان كل ما أردناه هو الإدانة”.
ولم يكن هناك نقص في المواد، فالنظام السوري مثل النظام النازي يقوم بتوثيق دقيق لكل ما يقوم بها. ويختم المسؤولون كل وثيقة توضع على مكاتبهم بأختام تحمل أسماءهم. ويعلق وايلي إن هذه هي المرة الأولى التي جمعت فيها وثائق تصور التسلسل القيادي “وتذهب إلى القمة” و”لدينا الآن صورة واضحة حول الكيفية التي يعمل من خلالها النظام”. وتكشف الوثائق أن الأسد أنشأ في بداية الانتفاضة خلية مركزية لإدارة الأزمة والتي كانت بمثابة وزارة للحرب. وكانت تلتقي هذه كل ليلة تقريباً في مكتب أرضي في مقر قيادة حزب البعث القطرية في دمشق حيث ناقش المجتمعون سبل قمع الانتفاضة.
ولأن الخلية كانت بحاجة لمعلومات عن كل التظاهرات في البلاد فقد طلبت تقارير عن كل تظاهرة تدور في البلاد أعدتها اللجان الأمنية وأجهزة المخابرات. وتكشف الوثائق عن تبادل المعلومات بين اللجنة والمسؤولين الأمنية والتقارير التي كتبوها عن نجاح الأساليب التي اقترحتها خلية الأزمة. وتساءل وايلي قائلاً: “السؤال عمن كان يدير الخلية المركزية لإدارة الأزمة والجواب بشكل قاطع هو الأسد”. و “حتى ولم يكن يجلس الأسد في اللقاءات فنحن نعرف أنه تلقى تقارير ووقع على التوصيات”.
وخلافاً للتقارير التي تحدثت عن شقيقه ماهر الأسد الذي اعتبرته المسؤول الحقيقي عن إدارة شؤون البلاد فإن الوثائق تكشف عن أن “الأسد ليس مجرد رمز بل لديه سلطة فعلية وقانونية يقوم بممارستها”. ويقول وايلي: “الجميع يتحدثون عن ماهر ولكننا لم نعثر على شيء بشأنه وبالمقارنة لدينا الكثير عن الأسد، إنه مثل إدانة سلوبودان (ميلوسوفيتش) الذي كان من الصعب السيطرة عليه”.
أكثر من أدلة نورمبيرغ
وقال أحد زملاء وايلي إن لديهم أدلة أكثر من تلك التي تم جمعها لمحاكمات نورمبيرغ. ويعرف وايلي وثائق المحكمة التي قام بدراستها كجزء من رسالته للدكتوراه في القانون الجنائي الدولي بجامعة يورك في تورنتو الكندية والتي بدأ من خلالها مسيرته العملية. ويعلق قائلاً: “كان لدى نورمبيرغ وثائق أكثر لأن الدولة (الألمانية) انهارت ولكن التكنولوجيا الحديثة تساعدنا على بناء قاعدة معلومات أحسن” و”لم أشاهد حالة توثيق قوية في حياتي العملية” مثل الوثائق السورية.
التثبت من الوثائق هذه عبر 55.000 صورة هربها المصور في الشرطة العسكرية المعروف باسم قيصر. وقام هو وفريقه بتصوير جثث المعتقلين والتي حولتها المخابرات العسكرية إلى المستشفيات العسكرية. وحملت كل جثة علامة أربعة على الجبهة. وحملت جثثهم آثار التعذيب والتشويه، الحرق والرصاص وفي بعض الحالات التذويب.
تم التثبت من الوثائق هذه عبر 55.000 صورة هربها المصور في الشرطة العسكرية المعروف باسم قيصر. وقام هو وفريقه بتصوير جثث المعتقلين والتي حولتها المخابرات العسكرية إلى المستشفيات العسكرية. وحملت كل جثة علامة أربعة على الجبهة. وحملت جثثهم آثار التعذيب والتشويه، الحرق والرصاص وفي بعض الحالات التذويب.
ووصف الناجون من سجون النظام هذه الممارسات من قبل ولكن لم يتم تتبع أثرها للمسؤولين السوريين وتوقيع الأسد. وقامت منظمة وايلي “المفوضية الدولية للعدالة والمحاسبة” بتوسيع تحقيقاتها في عام 2014 إلى تنظيم الدولة الذي توسع من العراق إلى سوريا. ووافقت الحكومة العراقية على السماح له بفحص كل الوثائق التي تم الحصول عليها من التنظيم في العراق وهو يقوم بعملية بناء قاعدة بيانات رقمية لها. ويقول وايلي إن “الاهتمام تركز في الغرب على تنظيم الدولة لأنه أعلن عن جرائمه وطرقه الجديدة في قتل ودفن وإحراق الناس أحياء والطريقة التي أثار فيها الرعب في الغرب”، “مع أن كل الجرائم التي ارتكبت في سوريا كانت في غالبها على يد نظام الأسد لا تنظيم الدولة”.
توثيق يومي
ويقول وايلي إن توثيق جرائم النظام يوماً بعد يوم ليست سهلة. وعمل في السابق كمحقق في راوندا والكونغو ويوغسلافيا الماضية. وكان ضمن فريق الدفاع عن صدام حسين. وكلف مشروعه حتى الآن 23 مليون يورو وهو مبلغ صغير مقارنة مع ميزانية محكمة الجنايات الدولية. ولكن الإحباط الكبير بالنسبة له أن عمل منظمته قد لا يؤدي لتقديم الأسد إلى المحاكمة. وقامت منظمته بإعداد ملف قضائي من 499 صفحة عن سجل التعذيب المدعوم من الدولة والذي لا يوازيه أي سجل في الوحشية.
وعلى خلاف الإبادة في راوندا والبوسنة فلا توجد محاكم جرائم حرب خاصة بسوريا وليس من المتوقع إنشاء واحدة في المدى القريب. فمجلس الأمن الدولي المخول بإنشاء محاكم كهذه عاجز بسبب الفيتو الروسي. ويقول وايلي “هذا أمر محبط وقد انتظرنا طويلاً”، إذ “عندما بدأنا كنا نعتقد أن الأسد سيطاح به وسيقدم لمحكمة الجنايات الدولية”.
وتكشف الوثائق التي جمعها وايلي أن الأسد كان على حافة الانهيار، في عام 2013 حيث أنقذه الإيرانيون وحزب الله، ثانياً عام 2015 عندما تدخل الروس لإنقاذه. وبدلاً من محاكمة الأسد فالمواد التي تم جمعها ستستخدم في كل أنحاء أوروبا لمحاكمة مسؤولين النظام الصغار وناشطي تنظيم الدولة الذين فروا إلى أوروبا. وتلقى وايلي خلال العام الماضي 60 طلباً في قضايا تتعلق بـ 550 مشتبهاً به في محاكم قادمة.
وحدة دعم
ولدى المفوضية وحدة دعم تقوم بتحديد عدد من “الجناة الخطرين” من قوات الأمن والذين هربوا إلى أوروبا. و”سنرى عدداً من الجناة يحاكمون في أوروبا ولكنهم من الصف الثالث -حكام المحافظات” و”التناقض هنا أننا سنحاكم مسؤولين في صف الوسط في أوروبا فيما يظل الكبار أحراراً في دمشق”.
ويعترف وايلي أنه من الصعوبة بمكان الحصول على وثائق من النظام وآخر ما وصل يعود إلى عام 2016. وفي نهاية العام سينخفض مستوى التحقيق في سوريا حيث سيتحرك فريقه للتحقيق في بورما وجرائم بوكو حرام في نيجيريا. ويعترف وايلي في النهاية أن عمل فريقه لم يكن مضيعة للوقت خاصة ان الروس سيكتشفون في النهاية أن الاسد يعد عائقاً وسيقايضونه بالتقارب مع الغرب وتخفيق العقوبات الاقتصادية. و “لا أعرف إن احتجنا عامين أو خمسة أعوام ولكن ليس عشرة أعوام والعدالة ستنال من الأسد”.
.
.