#########

العدالة والمساءلة

شاهد الدفاع في محكمة “كوبلنتز” ضابط طيار منشق: بعد عام 2011 أصبح التعذيب من أجل الانتقام فقط


طُلب هذا الشاهد بسبب معرفته بالمتهم ضمن نطاق عملهما سابقاً، ولقائه معه خلال رحلة اللجوء والتي قال المتهم في دفاعه أن الشاهد ساعد بها.

22 / تشرين ثاني / نوفمبر / 2021


شاهد الدفاع في محكمة “كوبلنتز” ضابط طيار منشق: بعد عام 2011 أصبح التعذيب من أجل الانتقام فقط

 

المصدر: لونا وطفة |  المركز السوري للدراسات و الابحاث القانونية

مع بداية جلسة يوم الثالث عشر من شهر تشرين الأول/أكتوبر أدلت هيئة القضاة بتصريح مفاده أنهم لن يقوموا بعرض الصور التي طالب بعرضها محامي الشاهد والمدعي بالحق المدني السيد فراس فياض لأن مضمون هذه الرسومات هو ذاته ما ورد في شهادة الشاهد، ولأن شهادته مثبتة أمام المحكمة ، وعليه فهي لا تمثل دليلاً على شيء إضافي لم يرد بها.

بعد ذلك دخل شاهدٌ كان قد طلبه فريق الدفاع في جلسة 30.09.2021، تواصلت هيئة القضاة مع الشاهد قَبِل الحضور إلى المحكمة قادماً من فرنسا.

طُلب هذا الشاهد بسبب معرفته بالمتهم ضمن نطاق عملهما سابقاً، ولقائه معه خلال رحلة اللجوء والتي قال المتهم في دفاعه أن الشاهد ساعد بها.

بدأ الشاهد بقوله أنه ضابط في سلاح الجو السوري سابقاً وانشق في الشهر الخامس من عام 2012، قال أنه عمله كان إنسانياً تماماً بُغية تخفيف معاناة الناس ولم يكن له علاقة بالسياسة ولا حتى بالصراع المسلح. قبل عام 2011 لم يكن للجيش علاقة بعمل المخابرات، ولكن بعد ذلك بدأت جميع الجهات حتى الجمارك بممارسة الاعتقال والتعذيب ولذلك انشق لأنه لم يكن راضياً عن سلوك النظام. توجَّه إلى الأردن في الشهر السابع من ذات العام، وحينها بدأ يسمع من أصدقاء أن أنور رسلان يرغب بالانشقاق، ولكن رسلان لم ينشق حتى شهر كانون الأول/ديسمبر عام 2012، وأكد الشاهد أنه لا يعلم الظروف التي جعلته يتأخر بانشقاقه، أي المتهم.

ثم أكد للقضاة بأن المرة الأولى التي التقيا فيها، المتهم وهو، كانت في الأردن بعد وصول رسلان إليها، وأضاف أنه لم يتحدث قبل ذلك التاريخ مع المتهم ولم يكن ثمَّة علاقة بينهما كما قال المتهم، وإنما فقط ما سمعه من صديق مشترك بينهما وهو من أخبره برغبة المتهم بالانشقاق وأنه ساعد معتقلين كثر من بينهم الصديق المشترك نفسه، أصبح صديقاً للمتهم فيما بعد على ما يبدو. من المهم الإشارة لما قاله المتهم في بيان دفاعه عن هذه النقطة والتي كانت سبباً لاستدعاء هذا الشاهد، إذ قال أن الشاهد زاره في برلين منذ عامين وأخبره بنفسه أنه هو وضابط آخر تواصلا مع الشخصين الذين أخرجاه من سوريا في رحلة لجوئه إلى الأردن أولاً، الأمر الذي نفاه الشاهد تماماً.

عندما وصل المتهم إلى الأردن، حققت معه المخابرات الأردنية، كجزء من عملهم الروتيني مع أي منشق، للتأكد من هويته كما وضح الشاهد للقضاة، ثم جاء إليه الشاهد ونقله بسيارته إلى عمَّان لضمان ألا يبقى هو وعائلته في مخيم اللجوء وهو ما استطاع الشاهد المساعدة به. أثناء طريقهم في السيارة أخبر المتهم الشاهد بأنه رغب بالانشقاق قبل ذلك ولكن لم تفلح محاولته، وبأنه لم يكن راضياً عما يفعله النظام وتعرض بسبب ذلك لضغط كبير وخاصة من توفيق يونس الذي وضعه تحت المراقبة حتى عند منزله كانت عناصر من المخابرات تراقبه.

وعن عمل المتهم، قال الشاهد بأنه أخبره في طريقهم بالسيارة أنه كان يعمل بفرع التحقيق بأمن الدولة. وأضاف الشاهد أن وظائف عمل المتهم هي التحقيق في قضايا أمنية، إلا أن الوضع اختلف أثناء الحرب كما قال. سأله القضاة عن ذلك الاختلاف وعن مصدر معرفته به، فأجابهم بأنه عمل مع الجيش منذ عام 1983 وينحدر من عائلة كلها عسكريين وهو يعلم بأن سوريا بلد ديكتاتوري وبالتالي كل الأجهزة مسخرة لخدمة الدكتاتور،ومن المفترض ألَّا يقوم الجهاز الأمني الذي عمل فيه رسلان باعتقال المواطنين ولكن كل أجهزة الدولة عملت على ذات المبدأ، ألا وهو حماية النظام، وهو يعلم هذا الشيء بحكم عمله السابق ولم يكن هناك من داعٍ أن يوضح له المتهم ذلك.

أكد الشاهد أن التعذيب في سوريا يحدث حتى قبل عام 2011 ولكن كان بغاية انتزاع الحقيقة من المتهمين، بعد عام 2011 أصبح التعذيب من أجل الانتقام فقط، ومن النادر أن يُقتل أحد تحت التعذيب قبل عام 2011، أما بعد عام 2011 فمن الممكن أن يُقتل 80% من المعتقلين تحت التعذيب. هذه المعلومات كان مواضيع تحدث فيها الشاهد والمتهم معاً، وأخبره الأخير عن سوء وضعه النفسي التي تسبب به عجزه عن فعل تغيير حقيقي في ظل التجاوزات الحاصلة.

وعن عدد المرات التي التقى فيها الشاهد بالمتهم، قال للقضاة أنه التقى به ثلاث مرات، أولها عندما أحضره بسيارته من الحدود الأردنية، وثانيها بعد عشرين يوماً من وصول المتهم إلى الأردن، إذ طلب منه الشاهد والمخابرات الأردنية مساعدتهم بوضع طريق أفضل للهاربين من سوريا بسبب ازدياد عمليات قتلهم وتصفيتهم من قبل النقاط والحواجز العسكرية، حيث بلغ عدد القتلى قبل تلك الخطة 40 حتى 50 شخص يومياً، وبما أن المتهم عسكري ويعلم تماماً أين تقع الحواجز العسكرية، سلك طريقاً صحراوياً خالياً منها، لذلك طُلب منه رسم طريقه من سوريا إلى الأردن، الأمر الذي فعله وأدت مساعدته تلك لتقليل عدد الضحايا بشكل ملحوظ. أكد الشاهد أن 280 شخص قتلوا في الأسبوع الذي سبق طلبهم من رسلان تحديد طريق لجوئه ولذلك كانت مساعدة مهمة. أما المرة الثالثة التي رأى فيها الشاهد المتهم فلم يحدد الشاهد وقتها الزمني وإنما قال أنه قابل المتهم وكان خائفاً جداً ومُتنكراً، فسأله الشاهد عن سبب تصرفه هذا فأجابه بأنه يخشى أن يغتالوه.

قال الشاهد أن المتهم حمل معه وثائق مهمة من سوريا ولكنه لم يسأله عنها ولم يرغب بمعرفة محتواها، أخذها المتهم معه إلى لقائهم مع المخابرات الأردنية لتحديد طريق أفضل للنازحين لأنه لم يعلم سبب لقاءه معهم في البداية ولكن عندما أخبره الشاهد عن سبب اللقاء، ترك المتهم تلك الوثائق في السيارة ولم يأخذها معه، ولم يكن لدى الشاهد الرغبة بمعرفة محتواها كما أخبر القضاة. وعما إذا كان قد ساعد المعارضة بهذه المعلومات، قال الشاهد أنه لا يعلم عن ذلك شيء لأنه ليس جزءاً منهم ولم يعمل معهم شخصياً ولم يتواصل مع المتهم أثناء عمله مع المعارضة، وأضاف بأن ضابطاً في المخابرات الأردنية قال له في الشهر الأول من عام 2013 بأن رسلان قدم لهم معلومات مهمة ولكنه لم يسأل عن الموضوع لأنه لم يكن مهتماً.

سُئل الشاهد من جهة الدفاع عن المتهم عن وضع السنة والعلوية في نظام الأسد ومن له الكلمة العُليا من بينهم، فأجاب بأنه حتى لو كان المتهم علوياً فليس من المسموح له أن يتبع توجهاً آخر، الطائفية موجودة في المخابرات ولكن جوهر النظام البوليسي، كما قال، لا علاقة له بالأديان، بمعنى إن كان الشخص معارضاً فلا يهم إن كان علوياً أو سُنياً أو مسيحياً لأنه سيتعرض للسحق بسبب مخالفته للنظام، وهذا بالنسبة للقيادات العليا، أما على مستوى أجهزة الأمن فالعلويون لديهم القدرة والقوة أكثر.

في نهاية الجلسة تقدم الدفاع بطلب استدعاء شاهد جديد من فرنسا تتعلق شهادته بالشاهد عامر مطر الذي حضر سابقاً إلى المحكمة. بعد ذلك قدَّمت هيئة القضاة إشعاراً قانونياً منهم للمتهم يتعلق بزيادة عدد القتلى تحت التعذيب في الفترة التي كان فيها هو رئيس قسم التحقيق في فرع الخطيب، وجاءت هذه المعلومة بناء على شهادات شهود سابقين.

بعد الإشعار القانوني، قرأت هيئة القضاة قرارها برفض طلبٍ قدمه كُلَّا من المحاميين كروكر وشارمر بتاريخ 08.09 مفاده إضافة الإخفاء القسري كتهمة مدرجة في لائحة الاتهام ضد المتهم واستدعاء كُلَّاً من المدير التنفيذي للشبكة السورية لحقوق الإنسان السيد فضل عبد الغني الذي يستطيع تقديم تقارير الشبكة السورية التي تؤكد منهجية النظام بالإخفاء القسري، وأيضاً رئيسة منظمة عائلات قيصر السيدة مريم الحلاق التي فقدت ابنها الطبيب أيهم غزول في أقبية النظام وتعرَّفت على جثته في صور قيصر، إلا أن الهيئة رفضت الطلب بالكامل.

رفضت الهيئة أيضاً بعض طلبات جهة الدفاع لاستدعاء بعض الشهود الموجودين خارج الاتحاد الأوروبي، لأنه وبحسب تعليلهم للرفض لن يكون من السهل المضي بإجراءات استدعائهم التي ستأخذ وقتاً طويلاً جداً، وليس من المؤكد أنهم سيقدمون إضافة مهمة للجرائم المنظورة أمامها. من الجدير بالذكر أن الدفاع تقدَّم ولا زال يتقدم بالكثير من الطلبات لاستدعاء شهود لصالح المتهم أو للوقوف مرة أخرى على شهادات سبق وتقدم بها شهود أو مدعين بالحق المدني.