نشرت مجلة "لوبوان" الفرنسية تحقيقا مطولا حول الجهود الجارية لملاحقة مجرمي الحرب السوريين أمام المحاكم الأوروبية. وجاء في التحقيق، إن ما لا يقل عن 80 دعوى أقيمت حتى اليوم في العديد من الدول الأوروبية، بينها 11 محاكمة جارية حاليا، منها 4 في فرنسا و3 في ألمانيا وواحدة في كل من السويد والنمسا وهولندا والنرويج.
26 / كانون أول / ديسمبر / 2021
المصدر: موقع تلفزيون سوريا | بشير البكر
ملف مجرمي الحرب في سوريا بات مفتوحا، منذ أن انطلقت في نيسان 2020 محاكمة ضابط المخابرات السابق أنور رسلان، الذي انشق عن النظام في عام 2012 وغادر سوريا إلى الأردن فتركيا، وآل به المقام في ألمانيا، حيث تعرف إليه عدد من ضحاياه، ومنهم المحامي أنور البني مدير “المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية”، ورفع دعوى ضده أمام القضاء الألماني، الذي يقبل “الأهلية العالمية”، والتي تتيح له محاكمة أي شخص في العالم متهم بارتكاب جرائم. وينتظر أن يصدر الحكم بحق رسلان في 13 من كانون الثاني المقبل، علماً أن الادعاء طلب السجن مدى الحياة للمتهم، ووجه الادعاء العام الألماني 58 تهمة إليه، بينها ارتكاب جرائم ضد الإنسانية والتعذيب والاغتصاب. ويُتهم رسلان، الذي كان ضابطاً بارزاً في المخابرات السورية في “الفرع “251” أو فرع أمن الخطيب في دمشق، بتعذيب نحو 4 آلاف شخص قتل منهم 58 في الفترة الممتدة بين نيسان 2011 وأيلول 2012. بالإضافة لاتهامه بارتكاب حالتي عنف جنسي واغتصاب، بحسب لائحة الاتهامات الموجهة إليه.
ونشرت مجلة “لوبوان” الفرنسية تحقيقا مطولا حول الجهود الجارية لملاحقة مجرمي الحرب السوريين أمام المحاكم الأوروبية. وجاء في التحقيق، إن ما لا يقل عن 80 دعوى أقيمت حتى اليوم في العديد من الدول الأوروبية، بينها 11 محاكمة جارية حاليا، منها 4 في فرنسا و3 في ألمانيا وواحدة في كل من السويد والنمسا وهولندا والنرويج. وأضاف، إن ما تحقق حتى اليوم هو ثمرة جهود مبذولة منذ عدة سنوات، منها ما قام به “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” الذي يديره في باريس المعارض مازن درويش. و”الأرشيف السوري” المتخصص بتوثيق جرائم الحرب الذي أسسه هادي الخطيب في برلين بمساعدة ناشطين سوريين. ويقول الخطيب، إن هدف المركز هو “المحافظة على الأدلة التي توثق جرائم الحرب، وتشكيل الذاكرة الرقمية للأحداث”، التي جرت في سوريا منذ العام 2011.
وحسب البني فإن عدد مجرمي الحرب في سوريا الموجودين على الأراضي الأوروبية يقدر بألف. وبالتالي هناك عمل يحتاج إلى زمن طويل، في ظل الاختلافات بين القوانين الأوروبية، ولكن الأمر المهم هو أن القضية بدأت تأخذ مجراها على أساس مهني، ويتولى درويش والخطيب العمل على تجميع الأدلة وتحليلها وترتيبها في ملفات قانونية، استعدادا لمحاكمات أخرى. ويقول الخطيب للمجلة الفرنسية، إنه مع مجموعته استطاعوا جمع “ألف تسجيل فيديو تم تحليلها والتأكد من صحتها لمراكمة الأدلة على جرائم النظام والأطراف الأخرى الضالعة فيها”.
ويمكن لهذا العمل ألا يقتصر على رفع دعاوى ضد مجرمي الحرب السوريين الموجودين في أوروبا، بل أن يسير في اتجاهين، بحيث تشمل الدعاوى المجرمين في أوروبا وداخل سوريا بدءا من أعلى الهرم بشار الأسد وزوجته أسماء وشقيقه ماهر، وأقاربهم في الداخل والخارج ومثل ذلك عائلة زوجة الأسد التي تنشط في بريطانيا لصالح الأسد، ولديها لوبي قوي ومؤثر. ولا بد أن تشمل الدعوات كل من يحيط بالأسد من عسكريين وأمنيين ورجال مال وإعلام، شاركوا في الحرب ضد الشعب السوري. ومع أنه ليس هناك سلطة قادرة على أن تجبر هؤلاء للمثول أمام المحاكم الأوروبية، إلا أن مجرد الادعاء عليهم هو خطوة أولى في طريق إنصاف الضحايا.
إن قيام مؤسسات سورية بهدف ملاحقة مجرمي الحرب، خطوة مهمة لتوثيق الذاكرة السورية الخاصة بالجرائم التي ارتكبها النظام ضد السوريين، وسواء تم استخدام هذه الملفات في الوقت الحالي أو لاحقا، فإن هذه الوثائق تبقى الأساس القانوني الذي لا غنى عنه لإحقاق العدالة، طال الزمن أم قصر.