أدت العقوبات والجفاف والحرب والأزمات الاقتصادية إلى عدم قدرة سوريا على شراء المواد الغذائية الأساسية والوقود، وانخفضت إلى الاعتماد على الواردات من حلفائها الرئيسيين إيران وروسيا.
11 / نيسان / أبريل / 2022
*مع العدالة | الجرائم- ترجمات
واحدة من أكثر المؤامرات الفرعية إثارة للأسف في الحرب السورية (التي دخلت عامها ال 12 الشهر الماضي) كانت ميل اليسار المناهض للإمبريالية لتبرير تدخل روسيا في الحرب إلى جانب بشار الأسد وتبرير جرائم الحرب التي لا تعد ولا تحصى التي تورطت فيها موسكو أو حرضت عليها، مثل قصف المستشفيات والمدنيين. تنفيذ حصار التجويع أو حماية نظام استخدم أسلحة كيميائية على شعبه.
المبدأ المركزي للحجة هو مبدأ سيادي-وهو أن الدولة السورية دعت وأيدت تدخل روسيا. لكن الجزء الذي تتجاهله الحجة (إلى جانب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان) هو أن روسيا نفسها تعمل كقوة إمبريالية في سوريا، حيث تخضع علاقتها مع “عميلها- حليفها” إلى حد كبير لنفس القواعد التي تحدد العلاقة بين الإمبراطوريات والدول التابعة.
كان هذا بالطبع واضحاً دائماً في الإهانات المتعمدة التي أخضعت لها روسيا حمايتها على مر السنين، مثل تسويق أنظمة الأسلحة التي تم اختبارها في المعارك للدول العميلة المحتملة التي تم استخدامها لقتل السوريين في جميع أنحاء البلاد، أو كلما زار فلاديمير بوتين سوريا لتفقد قواعده العسكرية. وهناك أيضاً، يُظهر أحد مقاطع الفيديو الشهيرة بوتين وهو يسير إلى جانب الأسد قبل أن يمسك ضابط عسكري بذراع الأخير لإيفافه حتى يتمكن المستبد الروسي من الترحيب بالعسكريين المجتمعين.
- يضيف التحقيق الذي نشرته مجلة “نيو لاينز–New Lines” الأمريكية هذا الأسبوع مزيداً من الأدلة على ميل روسيا نحو الإمبريالية والاستغلال.
يظهر المقال الحصري، الذي كتبه “مايكل فايس”، مدير الأخبار لدى المجلة، استناداً إلى وثائق مسربة، كيف سعت موسكو إلى التهرب من العقوبات من خلال خطط القروض السورية بطريقة تهدف إلى إثراء بعض أقوى حلفاء بوتين.
وجاء القرضان، اللذان بلغ مجموعهما 1 مليار دولار لسوريا، بشرط استخدام الأموال حصرياً للدفع لشركات روسية محددة خلال فترة ستة أشهر. وشملت الشركات في الاتفاقية تلك التي تنتمي إلى “الأوليغارشية-حكم الأقلية” “جينادي تيمشينكو” و”يفغيني بريغوزين“، المعروف باسم ” طاه بوتين.”لقد تم معاقبة الرجلين من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لدورهما في تسهيل الحرب في أوكرانيا. كما تورط جيش مرتزقة بريغوزين، “مجموعة فاغنر“، في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وجرائم ضد الإنسانية في سوريا، بما في ذلك تعذيب وتشويه أحد الفارين من جيش نظام الأسد.
ويقتبس فايس من العقيد “جويل رايبورن“، نائب المبعوث الأمريكي السابق إلى سوريا: “بدأ الروس منذ فترة طويلة في التعامل مع سوريا كمسرح لاستخراج الإيرادات، وليس إنفاقها. وتتماشى هذه القروض غير المواتية تماماً مع هذا النهج. وتعتمد وزارة الدفاع الروسية نفس الطريقة، حيث يحصل الجنرالات الروس على الممتلكات والأموال النقدية في كل مرة يتناوبون فيها على سوريا في مهمة. ولا يوجد شيء يمكن للأسد أن يفعله حيال ذلك، فالضعف العسكري لنظامه يجعله يعتمد كلياً على الدعم الروسي“.
أدت العقوبات والجفاف والحرب والأزمات الاقتصادية إلى عدم قدرة سوريا على شراء المواد الغذائية الأساسية والوقود، وانخفضت إلى الاعتماد على الواردات من حلفائها الرئيسيين إيران وروسيا. من بين أهم السلع الأساسية بموجب اتفاقية القرض القمح والبنزين ووقود التدفئة “المازوت”.
وهنا يبرز الجنون الحقيقي لطموحات روسيا الإمبريالية. حتى مع وصول السوريين إلى حافة المجاعة، لم يتم تسليم القمح الروسي كما كان محدداً، أو في الوقت المناسب. المواد الغذائية هي دون المستوى مقارنة مع المعايير الدولية. وقامت موسكو مراراً بالتلاعب في الأسعار، مما أجبر سوريا على دفع ثمن القمح وغيره من الضروريات أكثر من السعر في الأسواق الدولية. في نيسان 2021، عرضت شركة القمح الروسية “أوزك” القمح على سوريا بسعر 355 دولاراً للطن، أي ما يقرب من 100 دولار أكثر من سعره في السوق الدولية.
والدليل واضح: روسيا، في سعيها لتحقيق الأهمية العالمية، تستغل إن لم تكن تستعمر موارد الدول التي مزقتها الحرب حيث ساهمت في التدمير والتي يتضور مواطنوها جوعاً حتى الموت.