خفض المساعدات وتسليط الضوء على الحرب في أوكرانيا يعني تدهور الأوضاع باستمرار للاجئين السوريين البالغ عددهم 6.6 مليون لاجئ.
04 / أيار / مايو / 2022
ضحايا | ترجمة: مع العدالة
اللاجئون السوريون معرضون لخطر النسيان. فتحت الحكومات الغربية، في معظمها، ذراعيها لـ 5.3 مليون لاجئ فروا من أوكرانيا، وقدمت لهم المنازل والدعم خلال الصراع الجاري.
ورغم ذلك، فرّ الكثير من الحرب السورية قبل عقد من الزمن، لكن معظم الحكومات الأجنبية كانت أقل ترحيباً. وبدلاً من ذلك، يواجه العديد من اللاجئين السوريين حياةً مظلمة: مهمشون في مجتمعاتهم المضيفة ولكنهم ما زالوا خائفين من العودة إلى سوريا. ومع خفض الحكومات الغربية الدعم المالي، قد تصبح آفاق معيشتهم أكثر صعوبة قريباً.
أعداد اللاجئين السوريين صارخة-كثيرة. من بين سكان ما قبل الحرب البالغ عددهم حوالي 23 مليون نسمة، اضطر أكثر من نصفهم إلى الفرار من منازلهم. فر أكثر من ستة ملايين ونصف المليون من سوريا بالكامل، وأغلبهم، 5.6 مليون، يقيمون في بلدان قريبة من سوريا.
أكبر عدد، 3.6 مليون، في تركيا، في حين أن 1.5 مليون في لبنان (زيادة عدد السكان بنحو 40 في المئة) و 660.000 في الأردن.
على عكس الشائعات المتداولة، يعيش واحد فقط من كل 20 شخصاً في مخيم للاجئين، لكن العديد منهم يكافحون من أجل تأمين المال. وتقدر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن أكثر من مليون شخص لديهم موارد مالية ضئيلة أو معدومة، بينما يعيش تسعة من كل 10 أشخاص في لبنان في فقر مدقع.
الخوف من الانتقام
هناك احتمال ضئيل لعودة هؤلاء اللاجئين إلى ديارهم قريباً. فر معظمهم من نظام بشار الأسد الدموي، الذي استعاد السيطرة الآن على معظم سوريا، ويخشون الانتقام إذا عادوا. حتى لو كان الوضع أكثر ملاءمة، تظهر الأبحاث أن عودة اللاجئين تستغرق سنوات، والكثير منهم لا يفعلون ذلك أبداً.
لكن الوضع في المجتمعات المضيفة يزداد سوءاً. في لبنان، لا يسمح للاجئين بالوصول الرسمي إلى الاقتصاد، في حين أن الوظائف في الأردن مقيدة بالمثل. كانت تركيا الدولة المضيفة الأكثر استيعاباً، حيث تمكن اللاجئون من الحصول على الوظائف والتعليم، لكن هذا أدى إلى رد فعل اجتماعي عنيف، وزاد العداء تجاه اللاجئين.
أطفال سوريون نازحون يحملون وجبات طعام وزعتها جمعية خيرية محلية، قبل الإفطار خلال شهر رمضان، في مخيم للنازحين بمحافظة إدلب، 3 نيسان 2022 (أ ف ب)
لكن الحكومات الغربية قطعت دعمها. كانت المملكة المتحدة واحدة من أسوأ الداعمين. وكجزء من تعهد المستشار “ريشي سوناك” بخفض المساعدات الدولية من 0.7% إلى 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي، تم تخفيض ميزانية مكتب الشؤون الخارجية و”الكومنولث“ والتنمية في سوريا بنسبة 67%.
وفي حين تمكن الاتحاد الأوروبي العام الماضي من حشد المانحين الدوليين لسد أي نقص في التمويل، فإن هناك مخاوف من أن يؤدي التركيز على أوكرانيا والتعب العام تجاه سوريا واللاجئين إلى انخفاض دائم في الدعم.
هناك حجج أخلاقية ضد هذا الإهمال، خاصة وأن العديد من الحكومات التي سحبت أموالها، مثل المملكة المتحدة، كانت لاعباً نشطاً في الحرب السورية.
ولكن إذا كان هذا لا يقنع صناع السياسة لتغيير المسار، فربما حجة أمنية سوف تفعل ذلك. تظهر الأبحاث أن اللاجئين غير المندمجين في مجتمعاتهم المضيفة، كما هو الحال بالنسبة للسوريين في لبنان والأردن، وإلى حد ما في تركيا، هم أكثر عرضة للعسكرة وزعزعة استقرار بلدهم المضيف.
يعطي تاريخ الشرق الأوسط الحديث للأسف عدة أمثلة على ذلك. انضم اللاجئون الفلسطينيون المهمشون إلى “حركة فتح” وغيرها من الجماعات المسلحة التي ساهمت في حرب أيلول الأسود في الأردن عام 1970.
وبالمثل، انضم الفلسطينيون المستبعدون في لبنان، الذين كانوا أكثر تقييداً، إلى مجموعات الميليشيات للقتال في الحرب الأهلية اللبنانية من 1975 إلى 1990. في أماكن أخرى، جندت طالبان بكثافة من اللاجئين الأفغان الساخطين الذين يعيشون في باكستان لتمكين انتصارهم العسكري في عام 1996.
تهديد أمني
هذا لا يعني أن أي لاجئ سوري يفكر حالياً في حمل السلاح ضد الحكومة المضيفة له، أو أن هذه الحكومات يجب أن تنظر إليه على أنه تهديد أمني محتمل. ومع ذلك، فقد أظهر التاريخ أن ترك اللاجئين بدون دعم لفترة زمنية طويلة من المرجح أن يدفع البعض إلى العسكرة.
في الحالة السورية، هناك تهديد إضافي من الجهادية “الراديكالية“، التي قد تجد مجندين متحمسين بين جيل نشأ في المنفى المنكوب بالفقر.
لاجئون سوريون ينتظرون ركوب حافلة في اسطنبول، على استعداد للتوجه إلى الحدود التركية، 28 شباط 2020 (أ ف ب)
ولمنع ذلك، من الناحية المثالية، ستبذل الحكومات مزيداً من الجهد لحل الأزمة السورية وإيجاد طريقة للاجئين للعودة إلى ديارهم بأمان. ومع ذلك، فقد أظهر العقد الماضي أن لا أحد على استعداد لتخصيص الموارد الاقتصادية أو العسكرية اللازمة.
وبدلاً من ذلك، ربما ينبغي الاعتراف بأن العديد من اللاجئين السوريين لن يعودوا إلى ديارهم في أي وقت قريب وأن الحكومات التي تستضيفهم تحتاج إلى مزيد من الدعم.
وعلى أقل تقدير، ينبغي أن ينطوي ذلك على عكس التخفيضات الأخيرة في المساعدات وضمان ألا تصرف أوكرانيا انتباهها عن أزمة اللاجئين السوريين المستمرة. ولكن سيكون من الحكمة أيضاً أن تبذل الحكومات الأجنبية جهوداً جادة لمساعدة الحكومات المضيفة على إدماج سكانها اللاجئين بشكل صحيح. وينطبق هذا بشكل خاص على لبنان والأردن، حيث يكافح البلدان اقتصادياً وبالكاد يستطيعان دعم سكانهما.
خالد وزوجته وأطفاله يشقون طريقهم من خلال البرد والمطر على حدود مقدونيا مع صربيا في شباط 2016. في ذلك الوقت، كان الآلاف من الناس يومياً-من سوريا وغيرها من الأماكن التي دمرتها الحرب-يمرون إلى صربياً، حيث كان لديهم 72 ساعة لعبور البلاد. الصورة Oxfam America Inc بابلو توسكو.
على الرغم من أن الحكومات الغربية لديها الموارد اللازمة للقيام بذلك، إلا أنه من غير المرجح للأسف أن تفعل ذلك نظراً لأولويات المساعدات الأخيرة وتركيزها على أوكرانيا.
وبدلاً من ذلك، من الأفضل للحكومات الإقليمية الغنية، ولا سيما “المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة”، إعادة النظر في مشاركتها مع اللاجئين وتعزيزها.
قد تفتقر إلى بريق مشاريعها الأخرى في السياسة الخارجية، لكنها قد تتجنب تهديداً أمنياً في المستقبل مع ضمان قدر أكبر من الاستقرار الإقليمي.
المصدر: Middle East Eye