بعد مرور أكثر من 12 عاماً على الحرب في سوريا، لا يزال أكثر من 130,000 سوري في عداد المفقودين أو محتجزين تعسفياً. ويعتقد أن الغالبية العظمى منهم محتجزون لدى النظام، ويخشى أن يكون العديد منهم قد لقوا حتفهم.
17 / نيسان / أبريل / 2023
*مع العدالة: المصدر: مؤتمر السوريين الأمريكيين للميثاق الوطني
ترجمات الميثاق: المصدر”Al-Monitor“
في حين تقوم فيه دول إقليمية، منها خليجية، بالتطيبع مع حكومة نظام الأسد في سوريا، التي لطالما تجنبتها بسبب وحشيتها، يقاضي مواطن سوري أمريكي اعتقل ويزعم أنه تعرض للتعذيب منذ أكثر من عقد من الزمان من قبل جهاز أمن تابع لنظام الأسد لمحاسبته.
في وقت اعتقاله في يناير/كانون الثاني 2012، كان عبادة مزيك طالباً جامعياً يبلغ من العمر 22 عاماً، وكان قد وصل لتوه من “ميشيغان“ لزيارة أقاربه، وإنهاء دراسته.
فر مزيك، الذي ولد في “أوهايو” ونشأ في سوريا، من البلاد قبل سبعة أشهر مع تصعيد نظام الأسد حملته على الانتفاضة السلمية ضده.
بعد هبوطه في مطار العاصمة السورية دمشق، اعتقل مزيك، وفقاً للدعوى المرفوعة في المحكمة الجزئية الأمريكية لمقاطعة “كولومبيا“. وقد أمضى معظم فترة احتجازه في الفرع المركزي سيئ السمعة لمديرية المخابرات الجوية في مطار المزة العسكري، الذي يضم طائرة الأسد الرئاسية.
يقاضي عبادة مزيك، (الصورة عام 2019)، حكومة نظام الأسد لاحتجازه وتعذيبه قبل عقد من الزمان عندما زار أقاربه في دمشق حيث كان طالباً جامعياً يبلغ من العمر 22 عاماً. ” الصورة من قبل عبادة مزيك – المونيتور”
تزعم الدعوى الفيدرالية أن مسؤولي السجن ضربوا مزيك وجلدوه وهددوه بالصعق بالكهرباء من أجل الحصول على اعتراف كاذب (قسري) ومعاقبته على أنشطته المناهضة للنظام. وجاء في الدعوى المؤلفة من 24 صفحة أن مزيك أجبر على مشاهدة تعذيب معتقلين آخرين، بمن فيهم أحد أقاربه.
دفعت عائلة عبادة مزيك رشاوى من خلال وسيط لتأمين إطلاق سراحه. وبعد اعتقاله لمدة ثلاثة أسابيع، أمضى شهراً يعالجه الأطباء في سوريا قبل أن يفر إلى الأردن، وفي نهاية المطاف إلى الولايات المتحدة.
وفي مقابلة هاتفية، قال مزيك لموقع المونيتور إنه يشعر بمسؤولية محاسبة نظام الأسد.
وقال: “من الضروري أن نتذكر أن هناك 100 ألف سوري أقل حظاً مني لا يزالون محتجزين”. “أشعر أنه يمكنني رفع هذه الدعوى نيابة عنهم.”
رفع مزيك دعوى قضائية ضد “الحكومة السورية” بموجب قانون الحصانات السيادية الأجنبية، وهو قانون اتحادي يسمح برفع دعاوى قضائية ضد الدول الراعية للإرهاب، بما في ذلك سوريا، بسبب تعذيب مواطنين أمريكيين. وتلقت حكومة الأسد الشكوى في فبراير/شباط، ومن غير المتوقع أن ترد، مما قد يؤدي إلى حكم غيابي لصالح مزيك.
ويركز جزء كبير من الدعوى على الدور الذي لعبته مديرية المخابرات الجوية في اعتقال مزيك وتعذيبه. ومثل باقي أفرع الأمن الرئيسية الأخرى في سوريا، تم استخدام المخابرات الجوية “لمراقبة واعتقال واختطاف واستجواب واحتجاز المتظاهرين والمعارضين السياسيين” كجزء من رد النظام المنسق على الاحتجاجات، كما تزعم الدعوى.
“كانت مديرية المخابرات الجوية، ولا تزال، جزءاً لا يتجزأ من السياسات القمعية للحكومة”، قال دانيال ماكلولين، المحامي في مركز العدالة والمساءلة، وهي منظمة حقوقية مقرها “سان فرانسيسكو” تمثل مزيك.
هناك سابقة لقضية مزيك. وحملت محكمة فيدرالية في عام 2019 الحكومة السورية مسؤولية مقتل المراسلة الحربية الأمريكية ماري كولفين، التي اتهمت عائلتها النظام بتعمد استهدافها بالمدفعية في مدينة حمص المحاصرة عام 2012.
مراسلة الحرب الأمريكية “ماري كولفين” / Marie Colvin” التي قتلت أثناء تغطيتها أحداث الثورة السورية داخل حي “بابا عمرو” في مدينة حمص المحاصرة خلال شهر شباط سنة 2012 من قبل قوات النظام.
رفع “كيفن دوز”، وهو مصور أمريكي مستقل احتجز في سجن سوري لأكثر من ثلاث سنوات، دعوى قضائية ضد الحكومة السورية في محكمة اتحادية بتهمة التعذيب العام الماضي.
أطلق سراح كيفن باتريك دوز، الذي شوهد مع صبي ليبي صغير في هذه الصورة عام 2011، بعد أن اعتقلته أجهزة نظام الأسد المخابراتية لمدة أربع سنوات. (كيفن دوز / عبر يوتيوب).
بعد مرور أكثر من 12 عاماً على الحرب في سوريا، لا يزال أكثر من 130,000 سوري في عداد المفقودين أو محتجزين تعسفياً. ويعتقد أن الغالبية العظمى منهم محتجزون لدى النظام، ويخشى أن يكون العديد منهم قد لقوا حتفهم. وقال محققو الأمم المتحدة إن مركز الاعتقال في المزة التي احتجز فيه مزيك لديه واحد من أعلى معدلات الوفيات في جميع مراكز الاعتقال السورية.
الطبيب النفسي “مجد كم الماز” والصحفي المستقل “أوستن تايس” هما من بين ما يقرب من ستة أمريكيين يعتقد أنهم اعتقلوا من قبل نظام لأسد أو القوات التابعة له خلال الصراع والذين لا يعرف مكان وجودهم. ويعتقد أن “ليلى شويكاني“، وهي عاملة إغاثة مزدوجة الجنسية من “شيكاغو“، توفيت في سجن صيدنايا العسكري.
بالنسبة لضحايا نظام الأسد، فإن سبل تحقيق العدالة محدودة. الحكومة السورية ليست دولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية، مما يعني أن المحكمة الجنائية الدولية ليس لها اختصاص قضائي. ويمكن للمحكمة أن تحصل على الاختصاص من خلال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لكن روسيا والصين الداعمتين للأسد استخدمتا حق النقض (الفيتو) ضد مثل هذه المحاولات.
ونظراً لعدم قدرتهم على تحقيق العدالة في المحكمة الجنائية الدولية أو داخل المحاكم المحلية السورية، لجأ بعض الضحايا إلى بلدان ثالثة مثل ألمانيا وفرنسا، حيث تسمح قوانين الولاية القضائية العالمية الشاملة بمحاكمة الجرائم الخطيرة المرتكبة في بلد آخر. وفي وقت سابق من هذا الشهر، أصدرت فرنسا مذكرات توقيف بحق ثلاثة مسؤولين سوريين كبار متهمين بالتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية.
واجتمع مسؤولون من مجلس التعاون الخليجي والعراق والأردن ومصر يوم الجمعة في السعودية لمناقشة احتمال إعادة قبول سوريا في الجامعة العربية التي علقت عضويتها في 2011. أصبحت المملكة العربية السعودية يوم الأربعاء أحدث دولة إقليمية تستضيف وزير الخارجية السوري فيصل المقداد حيث يتحرك البلدان نحو إعادة فتح سفارتيهما.
ووصف معاذ مصطفى، المدير التنفيذي لمنظمة فريق الطوارئ الأميركية السورية، وهي منظمة غير ربحية في واشنطن تعارض تطبيع الأسد، دعوى مزيك بأنها “وسيلة قوية لتذكير العالم” بضرورة محاسبة الدكتاتور السوري.
- قال مصطفى: “في الوقت الذي تعطي فيه إدارة بايدن الضوء الأخضر، أو في أحسن الأحوال راضية عن تطبيع نظام الأسد من قبل الدول العربية وغيرها، من المهم الآن أكثر من أي وقت مضى تسليط الضوء على أهمية المساءلة”.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة لا تنوي استئناف العلاقات مع سوريا ولا تشجع دولاً أخرى على القيام بذلك.
وقال متحدث باسم “المونيتور” الأسبوع الماضي إن “الخطوات الحقيقية لتحسين وضع الناس في سوريا يجب أن تكون في المقدمة” في تعامل أي بلد مع النظام. وأشار المتحدث إلى توسيع نطاق وصول المساعدات الإنسانية والمساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان وإطلاق سراح المعتقلين كخطوات ممكنة.