في كافة الأحوال يتمتع الصحفيون وغيرهم من الإعلاميين بالضمانات الأساسية التي تكلفها لهم المادة (75) من البروتوكول الإضافي الأول، كحد أدنى، والتي تحظر بشكل خاص ممارسة العنف إزاء حياة وصحة الأشخاص الذين يقعون في قبضة أحد أطراف النزاع
23 / كانون أول / ديسمبر / 2018
*مع العدالة – اللجنة القانونية
يزداد تعرض العاملين في مجال الإعلام لخطر الإصابة أو الموت أو الاحتجاز أو الاختطاف أثناء نقل الأخبار في حالات النزاع المسلح.
ولما كانت التقارير الإعلامية الدقيقة التي ترد من مناطق النزاع في سورية تحظى باهتمام كبير من جانب الجمهور، وتؤثر الصور والأخبار بشكل حاسم في نتاج النزاعات المسلحة؛ فقد تبنى النظام سياسات عرقلة الإعلاميين المدنيين عن أداء مهامهم الإعلامية ومنعهم من نقل الحقائق، ما أدى إلى اتساع نطاق استهداف الإعلاميين واعتقالهم تعسفياً وتغييبهم قسراً وتوجيه الهجمات المباشرة ضدهم بهدف قتلهم دون اعتبار للحماية التي يخولها القانون الدولي الإنساني لتلك الفئة بصفتهم مدنيين غير مشاركين في القتال.
فقد منح القانون الإنساني الدولي حماية كاملة للإعلاميين المدنيين وحتى المراسلين الحربيين بشرط عدم مشاركتهم في الأعمال القتالية، وتشكل أية مخالفة لهذه القاعدة انتهاكاً خطيراً لاتفاقيات جنيف وبروتوكولها الإضافي الأول، وخاصة ما نصت عليه المادة (4/أ) من اتفاقية جنيف الثالثة، والمادة (79) من البروتوكول المعدل الأول والتي نصت على أن يتمتع الصحفيون: “بجميع الحقوق والحماية الممنوحة للمدنيين في النزاعات الدولية”، وعلى أن يكون الصحفيون مشمولين -بصفتهم مدنيين- بالحماية في أوقات النزاع المسلح غير الدولي عملاً بالمادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكول الإضافي الثاني والقانون الدولي العرفي.
وكذلك بالقاعدة (34) في دراسة اللجنة الدولية للقانون الدولي الإنساني العرفي، والتي نصت على أن: “يتمتع الصحفيون بحكم وضعهم كمدنيين بحماية القانون الدولي الإنساني من الهجمات المباشرة شريطة ألا يشاركوا مباشرة في الأعمال العدائية. وتشكل أية مخالفة لهذه القاعدة انتهاكاً خطيراً لاتفاقيات جنيف وبروتوكولها الإضافي الأول”
فضلاً عن أن التعمد في توجيه هجوم مباشر ضد شخص مدني يرقى إلى جريمة حرب بمقتضى نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وفق الفقرة “ب/1” من المادة (8).
وبالإضافة إلى ذلك فإن الإعلاميين يتمتعون بحماية قانونية واسعة النطاق في حال وقعوا في قبضة أحد الأطراف المتحاربة، خاصة إذا لم يكونوا من رعايا البلد الذي يقع القبض عليهم فيه، حيث يتيح لهم القانون الاستفادة من جميع أشكال الحماية المناسبة الممنوحة لهم بموجب اتفاقية جنيف الرابعة.
وفي كافة الأحوال يتمتع الصحفيون وغيرهم من الإعلاميين بالضمانات الأساسية التي تكلفها لهم المادة (75) من البروتوكول الإضافي الأول، كحد أدنى، والتي تحظر بشكل خاص ممارسة العنف إزاء حياة وصحة الأشخاص الذين يقعون في قبضة أحد أطراف النزاع، ويُحظر ممارسة التعذيب ضدهم بشتى أشكاله وانتهاك كرامتهم الشخصية وأخذهم كرهائن.
كما تقدم المادة نفسها ضمانات لتوفير محاكمة عادلة للشخص المدان بارتكاب جريمة، ويشمل ذلك الإعلاميين المحتجزين، سواء وقع الاحتجاز عليهم لأسباب تتعلق بنزاع مسلح دولي أو غير دولي. ويكون الصحفيون، بصفتهم مدنيين، مشمولين بالحماية في أوقات النزاع المسلح غير الدولي، عملاً بالمادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكول الإضافي الثاني والقانون الدولي العرفي.
وعلى الرغم من تلك القوانين الدولية التي توفر الحماية اللازمة للإعلاميين في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، إلا أن النظام قد دأب على انتهاك تلك القوانين، وارتكاب جرائم ممنهجة بحق الإعلاميين خلال السنوات السبع الماضية، حيث أقدمت قوات النظام في العام الأول من الثورة على قتل نحو 112 إعلامياً محترفاً، بينهم 4 نساء، وذلك في المحافظات التالية:
- حمص 48 إعلامياً
- حلب 12 إعلامياً
- ريف دمشق 9 إعلاميين
- درعا 7 إعلاميين
- دير الزور 7 إعلاميين
كما بلغ عدد المعتقلين منهم ما يقارب 600 ناشطاً إعلامياً، يعتبر أغلبهم في عداد المختفين قسراً حتى نهاية عام 2012.
وتفيد المصادر الموثقة بتعرض الإعلاميين لشتى أنواع التعذيب في معتقلات النظام، وبتركيز أجهزة استخباراته على استهداف العناصر الإعلامية في الفترة التالية، حيث ارتفعت حصيلة القتلى من الإعلاميين في نهاية شهر 4 من عام 2013 إلى 162 إعلامياً قضوا من خلال القصف الممنهج أو القنص عمداً، بالإضافة إلى مقتل 7 إعلاميين في الاعتقال منهم 3 سيدات، وبلغ عدد المعتقلين من الإعلاميين ما يقارب 1400 ناشط إعلامي في ذلك العام.
ويمكن استعراض تنامي الخسائر في صفوف الإعلاميين نتيجة استهدافهم من قبل النظام فيما يلي:
- بتاريخ 30/11/2013 ارتفعت حصيلة الضحايا من الإعلاميين على يد النظام إلى نحو 261 إعلامياً قتلوا سواء بالقصف أو القنص عمداً من بينهم 2 قضوا تحت التعذيب.
- بتاريخ 30/4/2014 ارتفعت حصيلة الضحايا من الإعلاميين على يد النظام إلى نحو 328 إعلامياً، بينهم 12 إعلامياً أجنبياً، وقضى ثلاثة منهم نحبهم تحت التعذيب.
- بتاريخ 2/11/2018 بلغت حصيلة الضحايا من الإعلاميين على يد النظام نحو 543 إعلامياً، بينهم أكثر من 40 إعلامياً قتلوا تحت التعذيب، وبلغ عدد المعتقلين الموثقين من الإعلاميين في الاعتقال نحو 833 معتقلاً.
ومن خلال استعراض تلك الانتهاكات، يمكن القول إن النظام قد استهدف الإعلاميين بصورة ممنهجة منذ عام 2011، وذلك من خلال قتلهم عمداً، واعتقالهم وإخضاعهم لأقسى أنواع التعذيب، وذلك بهدف ثنيهم عن الاستمرار في مهمتهم الإنسانية النبيلة في نقل أخبار الانتهاكات التي يرتكبها النظام.
وتصنف تلك الانتهاكات بحق الإعلاميين على أنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وانتهاك للقانون الإنساني الدولي ولقواعد حماية الصحفيين الواردة فيه، وخاصة منها المادتان (7 و8) من نظام روما الأساسي، عبر قتل الإعلاميين عمداً واعتقالهم تعسفاً، وإخفائهم قسراً، وتعذيبهم بوحشية أثناء الاعتقال، الأمر الذي يستوجب جلب بشار الأسد وغيره من الجناة لمحاكمات عادلة لنيل الجزاء الذي يستحقونه جراء تلك الانتهاكات الفظيعة التي تم توثيقها من: قبل لجان التحقيق الدولية، ومجلس حقوق الإنسان، والمنظمات الحقوقية، وعلى رأسها “منظمة العدل الدولية” و”الشبكة السورية لحقوق الإنسان” وغيرهم من المنظمات العاملة في المجال الحقوقي .