يخشى رجال الإنقاذ والمسعفون في المحافظة السورية التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة من أن تؤدي الغارات الجوية المتزايدة إلى الحدّ من عملهم
09 / أيار / مايو / 2019
*مع العدالة
نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية اليوم تقريراً حول القصف المكثّف على مدينة إدلب وقراها في شمال غرب سورية من قبل طائرات النظام السوري التي تدعمها روسيا، في محاولة شرسة للسيطرة على آخر معاقل المعارضة المسلحة في سورية.
ويذكر التقرير أن “عاصم اليحيى” وهو متطوع في منظمة الخوذ البيضاء، كان على اتصال عندما بدأ قصف “محمبل”، مسقط رأسه، يوم الأحد.
قال يحيى: “سألنا شخصاً عن مكان القصف وقال:” منزل أبو عاصم “. “لقد بدأت بالصراخ: “أسرع بالقيادة! أطفالي تحت الأنقاض!”
اعتاد “يحيى” على سحب أطفال الآباء الآخرين من تحت الأنقاض، لم يتخيل مُطلقاً أنه سيتعين عليه في يوم ما إنقاذ أطفاله.
عند وصوله إلى مكان الحادث، بحث يائساً عن أولاده الثلاثة وزوجته، وهي حامل في شهرها الخامس.
ويضيف يحيى بحسب التقرير”عندما بدأنا الحفر، فكرت في نفسي:” كيف سأستمر في حياتي بدونهم؟ “كنت أبحث عن ما قد يكون وداعنا الأخير”.
لن يكون وداعاً. استمع يحيى وأول المستجيبين الآخرين إلى صراخ أطفاله المذعورين، المحاصرين، وفي غضون ساعتين، استطاعوا إخراجهم من ما تبقى من منزلهم.
وقد تحدّث أيضاً من مستشفى دركوش حيث يتم علاج أسرته من جروحهم قائلاً: إنه يخشى أن يكون الأسوأ وراءهم. وقال “نحن في أمان في الوقت الحالي، لكننا لا نعرف ما إذا كان القصف سيزداد سوءاً”.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره “بريطانيا” أن أعمال العنف المندلعة في محافظة إدلب وحماه المجاورة خلّفت عشرات القتلى وأجبرت عشرات الآلاف على الفرار من منازلهم. حيث قتلت طائرات روسية وأخرى تابعة للنظام السوري أكثر من 100 مدني في المنطقة منذ 20 أبريل/ نيسان الماضي.
ويذكر التقرير أن الهجوم السوري الروسي المشترك على إدلب هو الأخطر منذ سبتمبر/أيلول، عندما أقامت تركيا- التي تدعم المعارضة- وروسيا منطقة عازلة تهدف إلى تجنب هجوم واسع النطاق للنظام. وبموجب الاتفاق، قامت القوات التركية والروسية بمراقبة مناطق نزع السلاح التي شملت أجزاء من اللاذقية وحلب وحماه.
قصفت طائرات روسية مراكز عديدة للرعاية الصحية خلال الأسبوعين الماضيين مع اشتداد القتال في محافظة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة في سورية.
وبحسب وكالة الأنباء الرسمية للنظام السوري “سانا” يوم الاثنين أن الجيش السوري “قام بتوسيع نطاق الانتقام” رداً على هجمات المعارضة. وأثارت الزيادة في الهجمات الجوية مخاوف من حدوث حمام دم كامل في الجيب الذي تسيطر عليه المعارضة.
وقال الدكتور محمد أبرش، الجراح في إدلب: “إذا استمر القصف، أخشى أننا لن نتمكن من مواصلة عملنا”.
وقد دمرت الغارات الجوية بالفعل 12 مستشفى وعيادة في المنطقة، وفقاً لمجموعات المراقبة. في حاس، أخلى موظفو المستشفى منشأة تحت الأرض، التي كانت تخدم مساحة 200000 شخص، قبل أن يتم قصفها يوم الأحد.
وعن الحالات والإصابات الوافدة للمستشفى يقول الأبرش: إن المستشفى وضعت إجراءات روتينية، وإنهم يعطون الأولوية لعشرات المرضى المصابين. ويضيف، أن أشدّ الحالات خطورة يتم إرسالها إلى تركيا المجاورة.
في يوم الخميس الماضي بحسب “الغارديان”، تجنب محمد سلهب، وهو صحفي محلي، إصابة في بلدة إحسم. في المنزل مع والديه وزوجته وابنه الرضيع. سمع سلهب تقارير تفيد بأن طائرات النظام كانت تستهدف المنطقة بالبراميل. وتتألف هذه الأسلحة التي تسقطها طائرات الهليكوبتر من حاويات مليئة بالمتفجرات والشظايا المعدنية. إنهم يقتلون عشوائياً.
حالما سمع سلهب هدير شفرات المروحية، كان يعلم أن أصوات برميل متفجر ستتبعها. وقال سلهب عن البراميل “اعتقدت أنني أصبحت أصمّاً”. “لكنني أدركت بعد ذلك أنني أسمع صوت والدتي تصرخ”.
الأول، بحسب سلهب، هبط على بعد حوالي 200 متر من منزله. والثاني كان قريباً جداً حيث يمكنه تذوق الغبار في فمه.
ويكمل: “فكرت: يا إلهي، كيف نجوت من هذا؟”
في السنوات الأخيرة، أصبحت إدلب ملجأ أخيراً للسوريين الذين فروا من هجمات النظام في أماكن أخرى من البلاد. من بين 3 ملايين شخص يعيشون هناك، نصفهم من النازحين داخلياً.
ووفقاً للناشطين الذين وصلت إليهم “الغارديان”، فإن العديد من المدنيين يشعرون بالإحباط بشكل متزايد من جراء أعمال حكومة الإنقاذ، باعتبارها الذراع الإداري لهيئة تحرير الشام . وقد نشرت صورة على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر مسؤولي “هتش – هيئة تحرير الشام” يستمتعون بوجبة فخمة وسط إراقة الدماء.
وأشار أحد سكان إدلب، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إلى أن “هتش” لم تفتح مبانيها الحكومية الفسيحة للعائلات النازحة التي تحتاج إلى مأوى.
وفي ختام التقرير تذكر “الغارديان” أنه في الأسبوع الماضي وحده، فرّ أكثر من 150،000 شخص بسبب القتال، وفقاً لاتحاد منظمات الرعاية الطبية والإغاثة، التي تدعم المستشفيات في المنطقة.
من بينهم عمار حمود، الذي كان في المنزل مع عائلته في منطقة جبل الزاوية بإدلب عندما بدأ القصف. وقال يوم الجمعة من بلدة أريحا القريبة حيث تعيش عائلته الآن: “تحلق الطائرات الحربية في السماء وأنا أتحدث معك”. “أنا منهك جداً. أنا لا أعرف ماذا أقول.”
يقول حمود إن جميع الأشخاص الذين يعيشون في قريته، باستثناء قلّة قليلة منهم، فروا عندما بدأت الغارات الجوية الأسبوع الماضي.
قال حمود: “قريتي فارغة تماماً “. “إنها إبادة جماعية”.