النظام يحاول التأثير على معنويّات المدنيّين في محافظة إدلب وإرهابهم من خلال الدعاية التي يروّجها عبر القصّاصات الورقيّة التي يلقيها طيرانه المروحيّ ومن خلال القصف المكثّف الجويّ والبريّ الذي يستهدف المدن والبلدات المدنيّة
24 / كانون الثاني / يناير / 2020
المصدر: المونيتور
ريف حلب الشماليّ – سوريا: هاجمت المعارضة المسلّحة مواقع قوّات النظام وحلفائها من المليشيات المدعومة من روسيا في قرية أبو دفنه بالريف الشرقيّ لمحافظة إدلب، في 19 كانون الثاني/يناير من عام 2020، وتمكّنت من إيقاع خسائر في صفوف قوّات النظام أثناء المعارك والقصف المتبادل بين الطرفين، وتصدّت المعارضة لهجمات بريّة شنّتها هذه القوّات في ريف إدلب. وكانت قوات النظام قد كثفت من قصفها البري والجوي على مناطق سيطرة المعارضة في ريف محافظة ادلب وريف حلب الغربي، ما تسبب في نزوح آلاف المدنيين من المناطق المستهدفة خلال الأيام القليلة الماضية.
التقى “المونيتور” الناشط الإعلاميّ محمّد رشيد، وهو في ريف إدلب، فقال: “إنّ هجوم المعارضة على قرية أبو دفنه شرقيّ إدلب جاء بعد أن رصدت حشوداً عسكريّة كبيرة من آليّات وعناصر لقوّات النظام في القرية كانت تنوي تنفيذ هجوم بريّ، فاستبقتها المعارضة بهجوم معاكس بهدف إفشال مخطّطاتها، فنجح الهجوم، وانسحبت المعارضة من القرية بعد أن نفّذت مهمّة تشتيت حشود العدو وإفشال مخطّطاته الهجوميّة”.
وكانت قوّات النظام افتتحت 3 معابر في محيط محافظة إدلب – شمال غربيّ سوريا، بـ13 كانون الثاني/يناير من عام 2020، وتواجدت القوّات الخاصّة الروسيّة والشرطة العسكريّة في المعابر الـ3 من جانب سيطرة قوّات النظام لتأمين المدنيّين الراغبين في الخروج من مناطق سيطرة المعارضة في محافظة إدلب باتّجاه مناطق سيطرة النظام، فيما لم تشهد هذه المعابر أيّ عمليّة عبور للمدنيّين إلى مناطق النظام، وهذا بخلاف ما ادّعته وسائل إعلام موالية للنظام السوريّ وروسيا.
ونقلت وكالة “روسيا اليوم” عن مدير مركز المصالحة الروسيّ في قاعدة حميميم العسكريّة باللاذقيّة ليوري بورينكوف، في 11 كانون الثاني/يناير، قوله: إنّ افتتاح هذه المعابر هو تلبية لمناشدات المدنيّين في إدلب الذين يرغبون في العودة إلى بلداتهم التي سيطرت عليها قوّات النظام أخيراً في ريفيّ إدلب الجنوبيّ والشرقيّ، مشيراً إلى “أنّ تنظيم خروج المدنيّين إلى الأراضي الخاضعة لسيطرة النظام سيبدأ، الساعة 12:00 في 13 كانون الثاني/يناير، وذلك من 3 معابر، هي: أبو الظهور، الهبيط بريف إدلب الجنوبيّ الشرقيّ، والحاضر جنوبيّ حلب”.
كذلك، التقى “المونيتور” الناشط الإعلاميّ فوّاز جويد، وهو يقيم في ريف حلب الجنوبيّ، وقال: “إنّ معبر الحاضر/العيس في ريف حلب الجنوبي، الذي ادّعت قوّات النظام وروسيا افتتاحه لعبور المدنيّين من إدلب، هو معبر تجاريّ لا يدخله المدنيّون على الإطلاق، ولم يشهد أيّ حركة مرور للمدنيّين”.
وأكّد القائد العسكريّ في الجبهة الوطنيّة للتحرير التابعة للجيش الحرّ محمّد أسود، وهو يتواجد في المنطقة القريبة من معبر أبو الظهور في ريف إدلب الشرقيّ، خلال حديث لـ”المونيتور”، أنّ المدنيّين لم يعبروا إلى مناطق النظام، والمعبر مغلق منذ أكثر من عام، ولم تسجّل أيّ حالة عبور للمدنيّين منه، وقال: “إنّ افتتاح المعابر من جانب قوّات النظام وروسيا هو خدعة ومحاولة يائسة لتحسين صورة هذه القوّات، التي كانت بالأصل سبباً في نزوح هؤلاء المدنيّين من مناطقهم خلال الأشهر القليلة الماضية”.
وكانت الطائرات المروحيّة التابعة للنظام ألقت، في 12 كانون الثاني/ يناير، قصّاصات ورقيّة على مدينة الأتارب في ريف حلب الغربيّ وأرياف إدلب الجنوبيّة، داعية من خلال الكتابات التي كتبت عليها، المدنيّين إلى الخروج من المنطقة، وهدّدتهم بأنّ المنطقة ستصبح تحت سيطرة قوّات النظام في الفترة المقبلة.
وقال القائد العسكريّ في الجبهة الوطنيّة للتحرير التابعة للجيش الحرّ الملازم أوّل أبو يعرب لـ”المونيتور”: “إنّ سيناريو افتتاح المعابر في محيط إدلب بات مكرّراً من قبل قوّات النظام، فهو ادعاءات إنسانيّة كاذبة، تحاول من خلالها الظهور بمظهر الخائف على حياة المدنيّين والمهتمّ بعودتهم إلى ديارهم. لن يعبر الناس من هذه المعابر، وسوف تتذرّع روسيا وقوّات النظام، كما جرت العادة، بأنّ المعارضة منعت الناس من العبور”.
وقال الناطق الرسميّ في الجبهة الوطنيّة للتحرير التابعة للجيش الحرّ النقيب ناجي مصطفى (ناجي أبو حذيفة) لــ”المونيتور”: “إنّ النظام يحاول التأثير على معنويّات المدنيّين في محافظة إدلب وإرهابهم من خلال الدعاية التي يروّجها عبر القصّاصات الورقيّة التي يلقيها طيرانه المروحيّ ومن خلال القصف المكثّف الجويّ والبريّ الذي يستهدف المدن والبلدات المدنيّة، هذا الضغط النفسيّ والقصف يضعان الناس أمام خيارين: إمّا الموت بقصف قوّات النظام، وإمّا التوجّه إلى المعابر”.
أضاف: “يدّعي النظام أنّه افتتح معابر إنسانيّة للحفاظ على سلامة المدنيّين، بينما هو يقصف ويقصف ويحوّل منازلهم إلى أنقاض”.
وأشار إلى أنّ المدنيّين يعرفون أنّ العودة إلى مناطق سيطرة النظام ستعرّضهم للمخاطر، أبرزها: الاعتقال والتصفية في السجون.
وقالت وكالة “سانا” التابعة للنظام السوريّ، في 18 كانون الثاني/يناير: “بعد ستّة أيّام متتالية على افتتاح الممرّات الإنسانيّة في أبو الضهور والهبيط بريف إدلب والحاضر بريف حلب الجنوبيّ، واصل الإرهابيّون بكلّ الوسائل الإجراميّة منع الأهالي الراغبين في الخروج من مناطق سيطرتهم والوصول إلى المناطق الآمنة التي حرّرها الجيش العربيّ السوريّ من الإرهاب”.
من جهته، نفى مدير “منسّقو الاستجابة” في سوريا هي منظمة غير حكومية، موجودة في محافظة ادلب، وتركز اهتمامها على النازحين والمهجرين وتقدم المساعدة في هذا الإطار، محمّد الحلاج خلال حديث لـ”المونيتور”، عبور أيّ مدنيّ باتّجاه مناطق سيطرة النظام، وقال: “يخشى الناس العودة إلى مناطق النظام لأسباب عدّة منها: الخوف من الاعتقال والتجنيد. ولذلك، لم تشهد المعابر أيّ حركة مرور”.
وظهر الناشط الإعلاميّ محمّد الحسين في مقطع مصوّر نفى فيه عبور أيّ مدنيّ من معبر العيس/الحاضر جنوبيّ حلب، وقال لـ”المونيتور”: “إنّ النظام يروّج لعودة المدنيّين إلى مناطقه، بشكل طوعيّ بحثاً عن الأمن، لكنّ المعبر لم يسجّل أيّ حالة عبور للمدنيّين حتّى الآن”.
وقال القائد في الجبهة الوطنيّة التابعة للجيش الحرّ النقيب مصطفى معراتي لـ”المونيتور”: إنّ إدلب تحتضن سوريّين رفضوا الخضوع للنظام السوريّ من مختلف المحافظات السورية، وهؤلاء يفضّلون الموت على العودة إلى مناطق النظام، فلم تمنع الفصائل التابعة للجيش الحرّ أيّ مدنيّ يرغب في الخروج من المعابر، فالناس لا يريدون ذلك”.
من جهته، أشار الناشط الإنسانيّ عبيدة دندوش خلال حديث لـ”المونيتور” إلى أنّ “المدنيّين ثاروا ضدّ النظام ولا يرغبون في العودة إلى مناطقه، فهم تهجّروا من مختلف المحافظات ولم يرغبوا في الرضوخ له، وإدلب الملاذ الوحيد لهم”.
ويقول حلاج أن العدد الإجمالي للسكان في محافظة ادلب يبلغ 4 مليون شخص تقريباً، ادلب أصبحت خلال الأعوام القليلة الماضية الوجهة الوحيدة للمعارضة بعد أن سيطرت قوات النظام على كامل المساحات التي كانت تسيطر عليها المعارضة في الجنوب السوري والغوطة الشرقية وريف حمص وغيرها من المناطق.
موضحاً أنّ ادعاءات النظام في خصوص منع الفصائل العسكريّة المدنيّين من العبور إلى مناطق النظام السوريّ غير صحيحة.