تعرضت مدينة الباب في ريف حلب الشرقي لانفجار عبوة ناسفة أسفر عن إصابة مدنيين اثنين أحدهما طفل، وفي شمالي إدلب تعرضت مدينة الدانا لتفجير أيضاً وقع في محلٍ لبيع الأسلحة وسط المدينة، أسفر عن إصابة طفلين وشخص ثالث بجروح
31 / تموز / يوليو / 2020
*مع العدالة | أحمد طلب الناصر
يبدو أن إحصائيات ضحايا السوريين في الآونة الأخيرة لم تعد تقتصر على القصف والبراميل واشتباكات أطراف النزاع على مناطق السيطرة. فخلال الأيام العشرة الأخيرة من شهر تموز/ يوليو الجاري، شهدت غالبية مدن وبلدات الشمال السوري سلسلة أحداث دامية ومؤلمة استهدفت المدنيين العزّل، وشكّل الأطفال النسبة العظمى من بين الضحايا.
فمنذ مساء التاسع عشر من يوليو وصولاً إلى ساعة كتابة التقرير، لم يمر يوم على الشمال السوري، الخارج عن سيطرة نظام الأسد وحلفائه، بدون سقوط قتلى وجرحى سواء بانفجار مفخخة أم عبوة ناسفة، أو قتلٍ بأساليب ووسائل أخرى مختلفة.
حوليّات الموت والخوف:
البداية كانت من مدينة عفرين شمالي حلب، في 19 تموز/ يوليو، حيث انفجرت عبوة ناسفة زرعت بسيارة في شارع المتحلق بالمدينة، ما تسبب في مقتل طفل وإصابة 12 من المدنيين، خمسة منهم إصاباتهم بليغة ومن بينهم أطفال، بالإضافة لأضرار مادية في محيط الانفجار وإثارة الهلع بين الأهالي.
تلا ذلك في اليوم نفسه انفجار شاحنة مفخخة عند دوار قرية سجو على الطريق الرئيسي للقرية الواصل إلى معبر باب السلامة الحدودي مع تركيا. وبحسب بيان أعلنه الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) فإن 8 مدنيين قضوا نحبهم، بينهم 4 أطفال، وأصيب 62 آخرون، إصابات 15 منهم خطيرة فتم إسعافهم إلى المشافي التركية.
وكانت المدينة قد تعرضت لانفجار قبل نحو 3 أسابيع فقط، شهده شارع المحمودية في عفرين أدّى لمقتل 4 مدنيين وإصابة 7 أخرين.
23 تموز: شهد هذا اليوم مقتل 3 أطفال وامرأة، جميعهم من عائلة واحدة، وإصابة 10 مدنيين، ثمانية منهم كانوا من الأطفال، نتيجة انفجار وقع في ساعة متأخرة من الليل واستهدف مستودعاً للذخيرة وسط مخيم للنازحين (العرموطة) عند أطراف قرية “شمارين” قرب مدينة اعزاز بريف حلب الشمالي.
وفي اليوم التالي، نشرت مديرية الدفاع المدني أسماء الضحايا الأربع وهم: أمينة يوسف سكران (30 عاماً)، الطفلة ميمونة محمد سكران (عامان)، الطفل قاسم محمد سكران (عامان)، علي محمد سكران (5 أعوام).
25 تموز: في هذه المرة وقع الانفجار في مدينة حارم بريف إدلب الغربي، وهي من المناطق الهادئة نسبياً بالمقارنة مع باقي مناطق إدلب كونها تقع في أقصى غرب إدلب وتحاذي الحدود التركية من جهة ولاية هاتاي (إسكندرونة)، ومصدر الانفجار كان عبوة ناسفة تم إلصاقها على سيارة رئيس المجلس المحلي في المدينة، وهو ذو سلطة مدنية. وأدّى انفجار العبوة لبتر الساق اليمنى لرئيس المجلس.
26 تموز: في هذا اليوم وقعت حادثة شديدة الإيلام والحزن، وهي حادثة الشنق التي أودت بحياة طفل لم يتجاوز العاشرة من عمره في أحد البيوت المدمّرة بحي جمعية الرشيد في مدينة الرقة.
وسبّب انتشار صورة جسد الطفل المدلّى على الحبل صدمة واسعة لدى المتابعين واستهجاناً واسعاً على صفحات التواصل الاجتماعي، لا سيما وإن الجهات المسيطرة على المدينة لم تنشر أية معلومة حول الحادثة ولم تحقق بالموضوع، بحسب ما نشرته صفحة “الرقة تذبح بصمت” التي أشارت أيضاً إلى تزايد عمليات خطف الأطفال في المدينة.
وتحدثت الصفحة عن حالة اختطاف لطفل يدعى خليل عبد الرزاق خليل يبلغ من العمر أربع سنوات من أمام منزله في مدينة الرقة، في شهر أيار/ مايو الماضي، وبعد بحث استغرق 10 أيام تم العثور عليه مقتولاً داخل أحد الأبنية المهجورة بعد تعرضه لعدة طعنات من آلة حادة.
وبالنسبة لما يتعلّق بالتفجيرات في هذا اليوم، فقد وقعت 3 انفجارات، الحصة الأكثر وحشية ودموية كانت من نصيب مدينة رأس العين، التي تعرضت أيضاً خلال الأيام الثلاثة اللاحقة لعمليات تفجير أخرى أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات من المدنيين، نصفهم من الأطفال.
انفجار السادس والعشرين في رأس العين نتج عن عبوة ناسفة طالت سوقاً شعبياً في المدينة الواقعة بريف محافظة الحسكة، والتي تسيطر عليها فصائل “الجيش الوطني السوري” بعد انتزاعها من سيطرة قوات “قسد” خلال عملية “نبع السلام” في أكتوبر 2019.
العبوة تم زرعها في إحدى عربات الخضار وسط السوق، وأسفر انفجارها عن مقتل ثمانية مدنيين وجرح أكثر من 20 آخرين بينهم نساء وأطفال. وقد أدانت الولايات المتحدة الأميركية التفجير ووصفته بالعمل الإرهابي.
وبعد ساعات قليلة، انفجرت عبوة ناسفة كانت مزروعة في كيس قمامة، بحسب الدفاع المدني، في شارع جنديرس بوسط مدينة عفرين. وأدى الانفجار لمقتل طفل وإصابة 10 آخرين بينهم نساء وأطفال.
وبالتزامن أيضاً مع التفجيرين، وقع تفجير ثالث نتج عن تفخيخ دراجة هوائية كانت مركونة في شارع الجلاء بمدينة إدلب، مخلفاً 11 إصابة في صفوف المدنيين بينهم امرأة وطفلين.
28 تموز: ساحته مدينة رأس العين أيضاً، حيث انفجرت مساء ذلك اليوم دراجة نارية مفخخة عند مفرق رأس العين- الحسكة، أسفرت عن مقتل طفل وإصابة مدنيَّين آخرَين
كما تعرضت مدينة الباب في ريف حلب الشرقي لانفجار عبوة ناسفة أسفر عن إصابة مدنيين اثنين أحدهما طفل، وفي شمالي إدلب تعرضت مدينة الدانا لتفجير أيضاً وقع في محلٍ لبيع الأسلحة وسط المدينة، أسفر عن إصابة طفلين وشخص ثالث بجروح.
ما الهدف ومن المستفيد؟
تنتهج بعض الأطراف سلوك تفجير المفخخات والعبوات الناسفة، سواء داخل المناطق المدنية أو النقاط العسكرية، لإثارة البلبلة والهلع داخل صفوف الأطراف المعادية والمواطنين المقيمين في مناطق سيطرتها.
وغالباً ما تلجأ الجماعات المتطرفة أيديولوجياً ودينياً وقومياً لاتباع أسلوب المفخخات، بغية إسقاط أكبر عدد من الضحايا والتسبب بأضرار مادية جسيمة وتخريب البنى التحتية.
والهدف الرئيس من كل تلك التفجيرات يكمن في زعزعة سلطة القوى المسيطرة على الأرض ونزع الثقة عنها من قبل المدنيين نتيجة انفلات الحالة الأمنية الممهّدة لحدوث تلك الخروقات وسقوط الضحايا.
وبصرف النظر عن الأطراف المنفّذة لتلك التفجيرات، يبقى نظام الأسد أكبر المستفيدين مما يحدث في مناطق الشمال السوري عموماً نتيجة تأجيج حالة الصراع بين القوى المسيطرة على كلّ من الشمال الشرقي والشمال الغربي، وسط دفع المدنيين الثمن الأكبر والأقسى في هذا الصراع.