كان النظام قد شرع في استخدام ذلك السلاح الفتاك في أغسطس 2012 بمحافظة حمص، ثم ارتكب مجزرة في سلقين بإدلب نتيجة إلقاء طائرة مروحية براميل متفجرة على بنائين سكنيين راح ضحيتها أكثر من 32 قتيلاً، بينهم 7 أطفال، و7 نساء، في حين تفحمت 9 جثث بشكل تام
15 / نيسان / أبريل / 2019
*مع العدالة _ اللجنة القانونية
ألقت قوات النظام خلال السنوات السبع الماضية أكثر من مائة ألف برميل متفجر شديد الانفجار على المناطق الآهلة بالسكان في مختلف المحافظات والمدن والقرى والبلدات السورية، ما أدى إلى مقتل عشرات الآلاف من المدنيين، وخلّف دماراً هائلاً للأبنية السكنية والبنى التحتية والمستشفيات والمراكز الحيوية المدنية.
وقد جرّم القانون الدولي تلك الانتهاكات، وأكد على ضرورة حماية السكان المدنيين من آثار العمليات العدائية، حيث نص على أنه: “يحرم استخدام أسلحة وقذائف ومعدات وأساليب حربية في النزاعات المسلحة يكون من طبيعتها التسبب بأضرار مفرطة أو آلاماً لا داعي لها”.
وميّز القانون الإنساني الدولي بين المدنيين والمقاتلين في النزاعات، وحظرت المادتان (11 و12) الهجمات العشوائية: “التي لا توجه إلى هدف عسكري محدد، والتي تستخدم طريقة أو وسيلة قتال لا يمكن توجيهها إلى هدف عسكري محدد، والتي تستخدم طريقة أو وسيلة قتال لا يمكن تحديد آثارها على النحو الذي يقتضيه القانون الإنساني الدولي وبالتالي فإن من شأنها في كل حالة كهذه أن تصيب أهدافاً عسكرية ومدنيين أو أعياناً مدنية دون تمييز”.
كما حظر أو قيّد استخدام أنواع معينة من الأسلحة التقليدية بهدف حماية المدنيين من آثارها العشوائية وتجنيب المقاتلين إصابات مفرطة لا تخدم أي غرض عسكري، حيث حظرت المادة (71) استخدام الأسلحة العشوائية الطابع.
وتعد “اتفاقية الأسلحة التقليدية” لعام 1980 إحدى أهم الصكوك القانونية التي تتناول هذه المسألة، حيث حظرت استعمال الأسلحة ذات الأثر العشوائي أو التي تتسبب بطبيعتها في أضرار مفرطة أو آلام لا داعي لها. وحظر البروتوكول الأول من هذه الاتفاقية؛ استعمال الأسلحة التي تتسبب في إصابة بشظايا لا يمكن كشفها بالأشعة السينية، في حين نظم البروتوكول الثاني (المعدل عام 1996)، استخدام الألغام الأرضية والفخاخ المتفجرة وغيرها من الأجهزة القابلة للانفجار ضمن ذلك النوع من الأسلحة.
وفيما يتعلق باستخدام البراميل المتفجرة في سورية، لخص رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية باولو بينيرو رأيه بقوله: “حقيقة إنهم غالباً ما يسقطوا من على ارتفاع كبير، وغالباً على مناطق مأهولة بالسكان، الأمر الذي يجعل هناك صعوبة كبيرة جداً في توجيههم نحو هدف عسكري محدد عند استخدامهم بهذا الأسلوب، وعليه فهي طريقة أو أسلوب في القتال لا يمكن توجيهها إلى هدف عسكري محدد”.
وعلى الرغم من كافة القوانين والاتفاقيات والقواعد العرفية الدولية التي تحظر استخدام السلاح العشوائي والهجمات العشوائية ضد المدنيين؛ إلا أن النظام أمعن في إلقاء البراميل المتفجرة في غضون السنوات الماضية على المراكز الحيوية المدنية، وخلف أضراراً بليغة وثقتها تقارير “لجنة التحقيق المستقلة” و”الشبكة السورية لحقوق الإنسان” ومنظمة “هيومان رايتس ووتش”.
وكان النظام قد شرع في استخدام ذلك السلاح الفتاك في أغسطس 2012 بمحافظة حمص، ثم ارتكب مجزرة في سلقين بإدلب نتيجة إلقاء طائرة مروحية براميل متفجرة على بنائين سكنيين راح ضحيتها أكثر من 32 قتيلاً، بينهم 7 أطفال، و7 نساء، في حين تفحمت 9 جثث بشكل تام.
والبرميل المتفجر هو سلاح عشوائي روسي المنشأ، يتم حشوه البراميل بالمواد المتفجرة والمسامير والقطع المعدنية والرقاقات والقضبان وأحيانا بالمواد السامة أو الحارقة ويتم ذلك في معامل الدفاع والمطارات العسكرية والمدنية، وقد استخدمه النظام بكثافة لقلة تكلفته بالمقارنة مع الصواريخ والقذائف المتطورة، إذ إنه لا يحتوي في الغالب على أي جهاز توجيهي نحو الهدف، ويتم إلقاؤه من المروحيات من ارتفاع عالٍ جداً مما يضاعف من القوة التدميرية، ويزيد من حجم الإصابات ويقلل من دقة إصابة الهدف.
ولم يكتفِ النظام باستخدام البراميل المتفجرة كسلاح عشوائي لضرب المناطق الآهلة بالسكان فحسب، بل عمد منذ شهر أبريل 2017 إلى تصنيع واستخدام سلاح عشوائي جديد، وهو الخراطيم المتفجرة المحشوة بالمواد المتفجرة والمسامير وغيرها من الخردوات، والتي يصل طول الواحدة منها إلى نحو 80 متراً يتم إلقاؤها على الأحياء السكنية لقتل أكبر عدد ممكن من المدنيين لطول تلك الخراطيم وشدّة انفجارها.
وفي 22/12/2013؛ استهدفت طائرات النظام حي مساكن هنانو وحي الحيدرية وشارع الفيلات في حي الصاخور بحلب بثمان براميل متفجرة، ما أسفر عن مقتل أكثر من 84 مدنياً، بينهم 8 أطفال و3 سيدات.
وبحلول آذار /مارس 2014؛ كانت مروحيات النظام قد أسقطت أكثر من 5375 برميلاً متفجراً في مختلف المحافظات السورية، ما أسفر عن مقتل أكثر من 6493 مدنياً، وتدمير أكثر من 5840 مبنى بينهم مدارس ومستشفيات ومساجد وكنائس. كان نصيب داريا بريف دمشق وحدها أكثر من 330 برميلاً متفجراً سقط عليها من طائرات “بشار” الإرهابي.
وارتفع العدد في فبراير 2016 إلى نحو 19947 برميلاً متفجراً راح ضحيتها أكثر من 8136 مدنياً، بينهم 2274 طفلاً و2036 امرأة في مختلف المحافظات السورية، وتجاوز عدد البراميل المتفجرة في ديسمبر 2017؛ سبعين ألف برميل متفجر تم إلقاؤها على المحافظات التالية:
- دمشق وريفها: 22149 برميلاً
- حلب: 13436 برميلاً
- درعا: 9901 برميل
- حماه: 8482 برميلاً
- إدلب: 7682 برميلاً
- حمص: 3598 برميلاً
- اللاذقية: 2017 برميلاً
- دير الزور: 355 برميلاً
- القنيطرة: 323 برميلاً
- الرقة: 258 برميلاً
- الحسكة: 81 برميلاً
- السويداء: 52 برميلاً.
كما تم إلقاء 87 برميلاً متفجراً يحملون غازات سامة ومواد حارقة، في 6 هجمات على مناطق مدنية هي:
- إدلب: 42 هجمة ببراميل تحوي مواد سامة
- حماه: 21 هجمة ببراميل تحوي مواد سامة
- حلب: 18 هجمة ببراميل تحوي مواد سامة
- درعا: 3 هجمات ببراميل تحوي مواد سامة وهجمة مواد حارقة
- ريف دمشق: هجمة بمواد سامة و3 هجمات بمواد حارقة
- حمص: هجمتان ببراميل مواد سامة؟
وبحلول ديسمبر 2017؛ كانت تلك الهجمات قد دمرت في مجملها أكثر من 565 مركزاً حيوياً مدنياً، منها 140 مدرسة، و76 مركزاً طبياً، و50 سوقاً تجارياً، و160 مسجداً.
وحتى شهر أيلول؛ بلغ عدد البراميل التي ألقاها النظام عام 2018 3503 برميل متفجر على مختلف المحافظات السورية، سقط ضحيتها مئات القتلى من المدنيين، وأسفرت عن تدمير 32 مركزاً حيوياً مدنياً، منها؛ 9 مساجد، ومدرسة ومعهد تعليمي، و16 منشأة طبية، ومركزين للدفاع المدني، و2 من الأفران، ومنشأة صناعية واحدة.
وبمطابقة الجرائم التي ارتكبها النظام بالبراميل المتفجرة خلال السنوات الماضية،؛ يمكن القول إنها تمثل جرائم حرب، وتعتبر مخالفة للمواد القانونية والاتفاقات الدولية والقواعد العرفية، كما تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي وللقواعد العرفية ولاتفاقية حظر أو تقييد استعمال أنواع من الأسلحة التقليدية وخاصة الأسلحة العشوائية، فضلاً عن انتهاك نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الذي تعتبر المادة (8/ب/20) منه أن: “استخدام أسلحة أو قذائف أو مواد أو أساليب حربية تسبب بطبيعتها أضراراً زائدة أو آلاماً لا لزوم لها أو تكون عشوائية بطبيعتها بالمخالفة للقانون الدولي للمنازعات المسلحة” هو جريمة حرب.
وقد صدرت العديد من الإدانات الدولية والقرارات الأممية ضد استخدام النظام للبراميل المتفجرة، منها على سبيل المثال: القرار (2139/2014) الذي نص على “التوقف الفوري عن كافة الهجمات على المدنيين ووضع حد للاستخدام العشوائي عديم التمييز للأسلحة في المناطق المأهولة، بما في ذلك القصف المدفعي والجوي، مثل استخدام القنابل البرميلية”، والفقرة 13 من القرار (2254/2015) والتي نصت على: “توقف جميع الأطراف فوراً أي هجمات موجهة ضد المدنيين والأهداف المدنية في حد ذاتها، بما في ذلك الهجمات ضد المرافق الطبية والعاملين في المجال الطبي، وأي استخدام عشوائي للأسلحة “
وعلى الرغم من ذلك إلا أن بشار الأسد قد ضرب بتلك القرارات عرض الحائط وكثّف من تصنيع تلك الأسلحة العشوائية واستخدامها ضد المناطق الآهلة بالسكان، ما أدى إلى مقتل الآلاف من المدنيين السوريين، الأمر الذي يستوجب تطبيق العدالة والقانون بحقه ومحاسبته مع شركائه عن كافة الجرائم التي ارتكبوها بحق السوريين.