#########

العدالة والمساءلة

الاتحاد الأوروبي – سورية: آن الأوان لوضع الأمور في نصابها


بالنسبة للاتحاد الأوروبي، فالتطبيع غير وارد ما لم يوقف النظام حملات القمع ويفرج عن المعتقلين ويتعامل مع جميع الأطراف وفقًا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.

05 / تموز / يوليو / 2021


الاتحاد الأوروبي – سورية: آن الأوان لوضع الأمور في نصابها

*المصدر: بعثة الاتحاد الأوروبي إلى سورية


في محاولة لكسب الرأي العام وحشد الناخبين خلال الانتخابات السورية الشهر الماضي،  يصرّح كثيرون من ممثلي النظام السوري وحلفائه بمعلومات مضللة وباطلة  بشأن الاتحاد الأوروبي  و”الغرب”. وهدفهم الأساسي طمس عواقب أفعالهم وتحميل العالم الخارجي مسؤولية معاناة الشعب السوري وسوء إدارة البلاد.

 فقد ادعى مسؤولون في النظام السوري وحلفاؤهم أن عقوبات الاتحاد الأوروبي هي “عقاب جماعي للشعب السوري(link is external)“، تمّ فرضها بهدف “دفع اللاجئين إلى عدم العودة إلى سورية(link is external)“. كما ادّعوا أن الغرب يدعم  منظمات إرهابية في سورية ويتلاعب بهيئات دولية كمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية “لتمرير قرار غير شرعي(link is external) لتوجيه الاتهام إلى النظام باستخدام الأسلحة الكيميائية”. وبمجرد انتهاء الانتخابات الرئاسية، أطلقت شخصيات ووسائل اعلام تابعة وموالية للنظام السوري حملة اعلامية مضللة زاعمين بأن الاتحاد الأوروبي يهيئ الأرضية للتطبيع مع النظام السوري.

بعد مضي عشرة أعوام على الصراع في سورية، ما زال النظام السوري يحاول  تشويه  الحقائق. وقد سهّلت منصّات التواصل الاجتماعي وتطبيقات لمراسلات في الهواتف الخلوية انتشار المعلومات المضلّلة. إذا وقعت أنظاركم على أي من المعلومات المضللة أدناه، لا تترددوا في دحضها وايضاح الحقائق على الملأ. لقد آن الأوان لوضع الأمور في نصابها.


التضليل الأول

تضليل: سورية آمنة من أجل عودة اللاجئين

حقيقة: قلة قليلة من السوريين يجرؤون على العودة لبلدهم.  تعرض الكثير منهم عند عودتهم إلى الاعتقال التعسفي والاخفاء القسري والمعاملة السيئة على يد قوات أمن النظام أو ارغموا أحياناً على التجنيد.

أكثر من 5.5 ملايين سوري اضطروا إلى اللجوء إلى بلدان أخرى هرباً من فظائع الحرب. إن حق العودة الآمنة والطوعية والكريمة هو حق فردي للاجئين والمهجرين داخلياً. إلا أن منظمات حقوقية(link is external) عديدة قد وثقت استمرار قوات الأمن السورية في اعتقال أشخاص في أنحاء البلاد على نحو تعسفي وإخفائهم وإساءة معاملتهم، بما في ذلك لاجئين(link is external)كانوا قد عادوا إلى مناطق استعادها النظام.

لا تزال سورية  بلداً غير آمن وتمييزي بالنسبة إلى غالبية مواطنيه. ولا تزال القوانين والإصلاحات السياسية اللازمة من أجل ضمان حق المواطنين في العيش بأمان، غائبة.

إن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تراجع دورياً الشروط الضرورية لتنظيم العودة الأمنة للاجئين. وينبغي تسهيل وصول المفوضية السامية وغيرها من المنظمات الإنسانية إلى كافة الأراضي السورية من أجل رصد وتقييم الوضع فيها.


التضليل الثاني

تضليل: يشنّ الاتحاد الأوروبي والغرب حرباً اقتصادية على الشعب السوري

حقيقة: في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، قال بشار الأسد: “إن الأزمة الحالية ليست مرتبطة “بالحصار” وبدأت الأزمة بعد “الحصار” بسنوات.”

تمرّ سورية بوضع اقتصادي صعب من أسبابه عقود من سوء الادارة الاقتصادية ،واقتصاد الحرب الذي بناه النظام وأتباعه لتحقيق الازدهار، وأزمة المصارف اللبنانية والفساد المستشري.

ففي زيارة مصوّرة(link is external) لمعرض منتجين في دمشق في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، قدم  بشارالأسد تحليله الخاص للأزمة الاقتصادية وألقى اللوم على أزمة المصارف اللبنانية حيث قال: “الأزمة الحالية ليست مرتبطة بالحصار. الحصار مستمر منذ  سنوات. هذا لا يعني أن الحصار أمر جيد… فالحصار يضر بكل جوانب الحياة بشكل مباشر. ولكن الأزمة الحالية التي بدأت من حوالي عدة أشهر، سببها هذا الموضوع. فالأزمة بدأت قبل قانون قيصر، وبعد الحصار بسنوات. ما الذي تزامن معها؟ الأموال التي ضاعت (في المصارف اللبنانية)، ونحن دفعنا الثمن.”

إن عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد النظام السوري سارية ولم تتغير في الغالب منذ عام 2011 ، كرد فعل على القمع الوحشي للسكان المدنيين. تم تجديدها مؤخرًا حتى 1 حزيران/يونيو 2022. وتشمل القائمة حالياً 283 فرداً و70 كياناً وتنص العقوبات على تجميد الأصول المالية لهؤلاء وحظر سفرهم إليها.

صُممت عقوبات الاتحاد الأوروبي لتتفادى عرقلة المساعدات الإنسانية إذ لا يخضع تصدير الغذاء والأدوية والتجهيزات الطبية، كأجهزة التنفس الاصطناعية، لعقوبات الاتحاد الأوروبي.

كما أنه لا يوجد حظر إنساني وتجاري على سورية. كانت سلع الاتحاد الأوروبي تتدفق بحرية إلى سورية حتى عام 2019. ثم تراجعت التجارة بعد ذلك بسبب انهيار القطاع المصرفي اللبناني، الذي كان البوابة التجارية والمالية الرئيسية لسورية إلى العالم، ولكن السلع الاستهلاكية والأدوية الأوروبية وما إلى ذلك لا تخضع للعقوبات ولم تتوقف عن الدخول إلى البلاد.

لكن هذا لا يعني أن الاتحاد الأوروبي يشيح بنظره عن معاناة الشعب السوري. إنّ الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه، المانح الأكبر للمساعدات المقدمة للسوريين خلال الأعوام العشرة المنصرمة، حيث ساهم بشكل جماعي بمبلغ 25 مليار يورو(link is external) من المساعدات الإنسانية والمساعدات في مجال الاستقرار الصمود.

ولا تزال العقوبات نافذة لسبب. وعلى الرغم من محاولات النظام السوري تصوير البلد على أنه آمن وتحت السيطرة، لا يزال القمع والعمليات العسكرية مستمرين والمحاسبة مفقودة على كافة المستويات. وبدلاً من ترشيد الأموال لتلبية حاجات السوريين، يتم استخدامها بغية تأجيج الفساد والزبائنية وتمويل الحرب.


التضليل الثالث

تضليل: الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تهيئ الأرضية للتطبيع مع النظام السوري

الحقيقة: التطبيع مع النظام السوري غير وارد إلا  عند تحقيق انتقال سياسي وفق قرارات الأمم المتحدة. ويشمل ذلك وقف حملات القمع والافراج عن عشرات الآلاف من المعتقلين السياسين من السجون.

بعيد انتهاء الانتخابات الرئاسية السورية، أطلقت وسائل إعلام ومسؤولون تابعون للنظام السوري حملة إعلامية زعمت أن الاتحاد الأوروبي سيطبع علاقاته مع دمشق بما أن بعض الدول الأعضاء قد أعادت فتح سفاراتها. ومن ثم نفوا هذه الأخبار بأنفسهم: إذ غرّدت الإذاعة السورية الموالية للنظام – شام إف إم – توضيحاً من مصدر دبلوماسي سوري، قائلة: “… ولا يوجد حالياً بوادر لرفع مستوى التمثيل الدبلوماسي مع هذه الدول”.



لم يطرأ أي تغيير على تمثيل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في دمشق في أعقاب انتخابات أيار/مايو الماضي. إن إعادة فتح السفارات في دمشق من قبل بعض الدول الأعضاء ليس بالأمر الجديد. وفي حين أن لدول الأعضاء الحق السيادي في تقرير تمثيلها الدبلوماسي في الخارج، فإن أي حضور  للاتحاد الأوروبي أو لدبلوماسيين من الدول الأعضاء في دمشق لا يعني تطبيع العلاقات مع النظام. يعمل القائمون بالأعمال في سورية بصفة محددة، في الغالب لتنفيذ الأعمال الإنسانية ومشاريع الدعم والواجبات القنصلية.

بالنسبة للاتحاد الأوروبي، فالتطبيع غير وارد ما لم يوقف النظام حملات القمع ويفرج عن المعتقلين ويتعامل مع جميع الأطراف وفقًا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.


التضليل الرابع

تضليل: النظام السوري لم ينفذ هجمات كيميائية، والهجمات مسرحيّة مدبّرة من الغرب أو المعارضين.

حقيقة: قام محققو الأمم المتحدة بتوثيق مسؤولية النظام السوري بتنفيذ 33 هجوماً كيميائياً على الأقل منذ عام 2013.

يريد النظام وحلفاؤه  للعالم أن يصدق بأن الهجمات الكيميائية التي نفذوها خلال الصراع – كالهجوم في الغوطة عام 2013 أو في خان شيخون عام 2017 أو في دوما عام 2018 وغيرها- هي هجمات مدبّرة أو لم تقع أساساً.

عام 2018، وثق محققو الأمم المتحدة لحقوق الإنسان 33 هجوماً كيميائياً(link is external) على الأقل نفذته قوات النظام في سورية منذ 2013. ويشير المعهد الدولي للسياسة العامة(link is external) إلى 336 هجوماً منذ عام 2012، وتمّ نسبُ 98% منها إلى النظام.

في نيسان 2021، أصدرت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تقريرها الثاني(link is external) والذي خلص إلى أن وحدات من سلاح الجو العربي السوري استخدمت أسلحة كيميائية في سراقب بتاريخ 4 شباط/ فبراير2018.

سبق للاتحاد الأوروبي أن فرض إجراءات تقييدية على علماء ومسؤولين سوريين رفيعي المستوى على خلفية دورهم في تطوير أسلحة كيماوية واستخدامها، ويُبدي استعدادَه للأخذ في الاعتبار إدخالَ المزيد من الإجراءات عند الاقتضاء.


التضليل الخامس

تضليل: أنشأ “الغرب” المنظمات الإرهابية ويقوم برعايتها

حقيقة: الاتحاد الأوروبي شريك غير عسكري في التحالف الدولي لهزيمة داعش ويستخدم كافة أداوته السياسية لمكافحة داعش والقاعدة

يدعي النظام السوري وحلفاؤه على نحو مستمر أن “البلدان الغربية” هي التي أوجدت داعش وأنها تسلّح منظمات إرهابية و تموّلها.

أن الاتحاد الأوروبي(link is external) قد عزز على نحو كبير انخراطه في أنشطة مكافحة الإرهاب مع البلدان المتضرّرة من داعش في شمال إفريقيا والشرق الأوسط وغرب البلقان وتركيا والعديد من الشركاء الأمنيين الوثيقين الآخرين. كما أنه ملتزم بمكافحة تهديد داعش وتمكّن على نحو مستقل من فرض إجراءات تقييدية ضد داعش والقاعدة وأفراد وجماعات وأنشطة وكيانات مرتبطة بهما منذ أيلول/سبتمبر 2016.

ويشارك الاتحاد الأوروبي بصفته شريكاً غير عسكري(link is external) في التحالف الدولي لمكافحة داعش من أجل مضاعفة التعاون مع بلدان المنطقة في جهود مكافحة الإرهاب. كما يموّل الاتحاد الأوروبي مشاريع تهدف إلى مكافحة التطرّف وترسيخ التماسك الاجتماعي والاستقرار في شمال شرق سورية، بما في ذلك مخيّم الهول.

والجدير ذكره أن النظام السوري يعمد بشكل ممنهج إلى إظهار أي معارض أو ناقد كإرهابي أو “جاسوس” تدعمه الولايات المتحدة الأمريكية أو الاتحاد الأوروبي، وأحياناً الاثنان معاً. وعادة، هذه هي الأعذار التي تلجأ إليها الأنظمة القمعية بغية إسكات منتقديها.


التضليل السادس

تضليل: الاحتجاجات مؤامرة خارجية منذ البداية

حقيقة: قوبل المحتجون السوريون السلميون بالعنف وبالقمع الشديد منذ البداية

بدأت الاحتجاجات في سورية عام 2011، بعد قيام قوات الأمن بتوقيف مجموعة من طلاب المدارس وتعذيبهم على خلفية رسوم مناهضة للنظام على جدران مدرستهم في درعا. عندئذ، نزلت الحشود السورية إلى الشوارع مطالبين بالكرامة والحرية والتغيير، مستلهمين من الربيع العربي وكانت احتجاجاتهم سلمية إلى حدّ كبير.

رداً على ذلك، قام الأمن باطلاق النارعلى متظاهرين سلميين، وأردوا كثيرين منهم، ما قدح زناد الأزمة التي استمرت عشرة أعوام ولا تزال مستمرة حتى اليوم.

في ردودهم الأولية إزاء القمع الفتّاك في درعا، أدلى كل من مستشارة الرئيس(link is external) والرئيس بشار الأسد نفسه(link is external) بتصريحات متناقضة حول ما حدث. على الرغم من أنهما ألقيا اللومعلى “عصابة مسلحة” بشأن مقتل محتجين واتّهما محتجين بكونهم مسلّحين، إلا أنهما في الوقت ذاته أقرّا (link is external)بحوادث القتل ووصفاها بـ “الأحداث المؤسفة” و”أخطاء فردية” اقترفها ضباط في الجيش لم يكونوا مستعدين للتعامل مع “ظروف جديدة(link is external)“، حسب تعبيرهما.

في محاولة لتهدئة الوضع آنذاك، صدر أمر رئاسي بإقالة محافظ درعا(link is external) وتمّ إرسال وفد بالنيابة عن الرئيس(link is external) لحضور جنازة بعض المتظاهرين هناك. فهل أرسل الرئيس الوفد حداداً على محتجين كانوا متآمرين ضدّه وضد النظام؟ أم كان هؤلاء المحتجون مسلّحين؟ أم كانوا مدفوعين من جهات أجنبية؟ أم كانوا ضحايا أخطاء فردية وأحداث مؤسفة؟ لم يقدّم النظام أية رواية متّسقة بهذا الشأن أبداً. في محاولاته الحثيثة لإعادة كتابة التاريخ، غالباً ما ينكر النظام اليوم، حدوث احتجاجات سلمية في المقام الأول.

الحقيقة الدامغة الوحيدة هي أن عشرات الآلاف من المحتجين قد قتلوا(link is external) واعتقلوا وتعرضوا للتعذيب على نحو ممنهج في درعا وفي شتى أنحاء سورية، إبان سنوات الصراع.


المادة من المصدر