تميّز الاتفاقية بين النزوح واللجوء، فاللاجئون هم أشخاص عبروا حدوداً دولية إلى بلد ثان التماساً للأمان. أما الأشخاص النازحون داخلياً فقد يكونون قد هربوا للأسباب نفسها، غير أنّهم بقوا في أراضيهم، وبذلك يظلون خاضعين لقوانين دولهم.
23 / حزيران / يونيو / 2021
المصدر: تلفزيون سوريا | بسام يوسف
يحتفل العالم بيوم اللاجئ العالمي، الذي حددته الأمم المتحدة تكريماً للاجئين، وتضامناً معهم في جميع أنحاء العالم يوم 20 من حزيران من كل عام، ويصادف احتفال هذا العام الذكرى الـ 60 لاتفاقية 1951م المتعلقة باللاجئين.
في 25 من يوليو/تموز 1951م، وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين، والتي كانت محاولة من المجتمع الدولي لحل مشكلة اللاجئين الأوروبيين التي تسببت بها الحرب العالمية الثانية، باختصار كانت هذه الاتفاقية تهدف إلى توفير الحماية بصفة أساسية للاجئين الأوروبيين، وبناء على هذه الاتفاقية تم الاعتراف الدولي بالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والتي كانت قد باشرت عملها قبل هذا الاعتراف بعدة أشهر.
مع انتشار الحروب وتعددها في مناطق أخرى من العالم، برزت الحاجة لتوسيع مجال العمل بهذه الاتفاقية، لتشمل كل مناطق العالم، فتمّت صياغة بروتوكول جديد عام 1967 م، وسع بدرجة كبيرة من نطاق الولاية المنوطة بالمفوضية، لتشمل مناطق كثيرة فى مختلف أرجاء العالم، ووقعت 139 دولة على واحدة من اتفاقيتي الأمم المتحدة أو كليهما، ولا يوجد اختلاف بين الاتفاقيتين، فقط أزال بروتوكول1967م، الحدود الجغرافية والزمنية الواردة فى الاتفاقية الأصلية، التى كان لا يسمح بموجبها إلا للأشخاص الذين أصبحوا لاجئين نتيجة لأحداث وقعت في أوروبا قبل 1 من يناير/كانون الثاني 1951، بطلب الحصول على صفة اللاجئ.
بوحي من اتفاقية 1951م، نشأت اتفاقيات أخرى في العالم، مهتمة ببقعة إقليمية ما من العالم، مثل اتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية لعام 1969م، وإعلان “كارتاخينا” لعام 1984م الخاص بلاجئي أميركا اللاتينية.
تعرف اتفاقية 1951م، اللاجئ بأنه شخص يوجد خارج بلد جنسيته، أو بلد إقامته المعتادة، بسبب الخوف من التعرض للاضطهاد بسبب العنصر، أو الدين، أو القومية، أو الانتماء إلى طائفة اجتماعية معينة، أو إلى رأي سياسي، ولا يستطيع بسبب ذلك الخوف، أو لا يريد أن يبقى في ذلك البلد، أو العودة إليه خشية التعرض للاضطهاد، وتجمل هذه الاتفاقية الحقوق التي يحظى بها اللاجئ بحق حرية العقيدة والتنقل من مكان إلى آخر، والحق فى الحصول على التعليم، ووثائق السفر، وإتاحة الفرصة للعمل، وتنص أحد الأحكام الرئيسية فى هذه الاتفاقية على عدم جواز إعادة اللاجئين ـ والمصطلح القانونى هو حظر الطرد أو الرد ـ إلى بلد يخشى فيه من التعرض للاضطهاد، كما أنّها تحدد الأشخاص، أو مجموعات الأشخاص الذين لا تشملهم هذه الاتفاقية، كالجنود مثلاً، أو من يقومون بأعمال عسكرية، أو إرهابية ..الخ.
تميّز الاتفاقية بين النزوح واللجوء، فاللاجئون هم أشخاص عبروا حدوداً دولية إلى بلد ثان التماساً للأمان. أما الأشخاص النازحون داخلياً فقد يكونون قد هربوا للأسباب نفسها، غير أنّهم بقوا في أراضيهم، وبذلك يظلون خاضعين لقوانين دولهم.
وفقاً لآخر تقرير للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، حول “الاتجاهات العالمية” والذي صدر الجمعة 18 من حزيران يونيو 2021 في جنيف، تأتي الأرقام صادمة بكل معنى الكلمة، ليس بخصوص سوريا فقط، بل بخصوص العالم كله، فقد وصل عدد الأشخاص الفارين من بلدانهم نتيجة الحروب، والعنف، والاضطهاد، وانتهاكات حقوق الإنسان في عام 2020 م، إلى ما يقرب من 82.4 مليون شخص، وتأتي سوريا في المرتبة الأولى عالمياً، إذ يُشكّل اللجوء السوري الرقم الأكبر في العالم، بواقع 6.7 ملايين لاجئ سوري خارج بلادهم، إضافة إلى وجود 6.7 ملايين نازح داخل حدود البلاد.
خمسة ملايين ونصف المليون من اللاجئين السوريين لجؤوا إلى دول الجوار، أي من بين كل ستة لاجئين سوريين، هناك خمسة منهم لجؤوا إلى دول الجوار السوري، وتأتي تركيا في مقدمة الدول المجاورة لسوريا المستضيفة للاجئين السوريين (3،6 ملايين)، يليها لبنان (865 ألفاً)، ثم الأردن (665 ألفاً)، ثم العراق (240 ألفاً)، ومصر 130 (ألفاً).
66% من اللاجئين السوريين في دول الجوار هم من النساء والأطفال، منهم مليون وستمئة ألف هم أطفال تحت سن العاشرة. وفي لبنان 4،4% من الأطفال بين سن الخامسة والسابعة عشرة يضطرون للانخراط في سوق العمل.
أيضا هناك مليونان وأربعمئة ألف طفل سوري، تحت سن الثامنة عشرة هم خارج المدرسة.
إذاً، وبصياغة أخرى، وإذا اعتبرنا عدد سكان سوريا عشية الثورة السورية هو 24 مليوناً، فإن 56% من العدد الإجمالي للسوريين هم نازحون، أو لاجئون، هذه النسبة غير المسبوقة في تاريخ البشرية لم تسببها كوارث طبيعية، أو تغيرات مناخية واقتصادية كبرى، بل تسبّبت بها عصابة تحكم سوريا، وقررت أن تحرق البلد مقابل أن تبقى في الحكم.
سوريا التي كانت تصنفها الأمم المتحدة، في مقدمة الدول المستضيفة للاجئين تاريخياً، تتحول بسبب طاغية، إلى أكبر مصدّر للاجئين في العالم.
كل هذه الفاجعة غير المسبوقة، لم تمنع من تسبب بكل هذه المأساة من أن يذهب إلى انتخابات تمنحه سبع سنوات أخرى، بعد إحدى وعشرين سنة سبقتها في حكم سوريا، ولم تمنع مناصريه من أن يصرخوا في مهزلة احتفالاتهم بترشحه من إطلاق شعار: “مكملين”، وكأنّما بقي شيء في سوريا لم يأت الخراب عليه!
ثمّة رقم وارد في تقرير المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، لا علاقة له بسوريا لكنّه مؤشر صادم أيضاً، وهو أن 86% من عدد اللاجئين الإجمالي في العالم، تستضيفهم الدول الفقيرة، وليست الدول الغنية، والتي تنهب اقتصاد هذه الدول وتتسبب لها في معظم ويلاتها.