#########

العدالة والمساءلة

“الجيل الضائع” من السوريين في الأردن.. مخاوف أمنية وعدم استقرار


سمح للاجئين السوريين بالعمل في عدة قطاعات في الأردن منذ عام 2016، بعد أن تعهدت الدول المانحة بالتمويل ووسعت نطاق تسهيل التجارة للمملكة بموجب خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية.

06 / تشرين ثاني / نوفمبر / 2022


“الجيل الضائع” من السوريين في الأردن.. مخاوف أمنية وعدم استقرار

 *مع العدالة: تقارير ومتابعات 

يشعر شادي، وهو لاجئ سوري في الأردن، بالسعادة لحصوله على فرصة العودة إلى وطنه، لكنه يخشى أن يواجه الملاحقة القضائية أو التجنيد الإلزامي عند وصوله.

فضل شادي الإشارة إليه باسمه الأول فقط، وقال إنه وصل إلى الأردن مع عائلته في عام 2013 خلال ذروة الحرب في سوريا.

وهو يعمل الآن حلاقاً في صالون للرجال في عمان، حيث قال الشاب البالغ من العمر 26 عاماً إنه يجني “أموالاً جيدة إلى حد كبير” لإعالة أسرته.

  • وفي حديثه إلى “موقع عرب نيوز”، قال شادي إنه “ينتمي إلى جيل ضائع”.

وأضاف: “أنا مشتت بين سوريا وجذوري والأردن، حيث نشأت. لقد جئت إلى الأردن عندما كان عمري 17 عاماً وهنا بدأت حياتي تتبلور”.

الآن، وعلى الرغم من كل الصعاب، قال شادي إنه يريد العودة إلى سوريا، لكنه يخشى أن يواجه التجنيد العسكري أو الملاحقة القضائية إذا نفذ خطته.



“أتمنى حقاً أن أتمكن من العودة إلى سوريا. لقد سمعنا أن دمشق، التي أتينا منها، تتمتع باستقرار وحياة طبيعية جيدة. لكن جميع الشباب الذين عادوا، وأنا أعرف الكثير منهم، أجبروا على التجنيد في الجيش أو واجهوا المقاضاة، ومعظمها كان انتقاماً لمغادرة البلاد”.

قال شادي إنه كان بإمكانه الوصول إلى ألمانيا مثل آلاف السوريين الآخرين، أو إلى كندا من خلال برنامج تديره المفوضية، لكنه وعائلته يفضلون البقاء في الأردن.

هنا (في الأردن) نشعر بأننا في وطننا أكثر”.

ووفقاً للأرقام الرسمية، عاد ما مجموعه 3,325 لاجئاً سورياً إلى بلدهم الذي دمرته الحرب من الأردن خلال الأشهر التسعة الماضية.

“بعد أكثر من عقد من الصراع، لا يزال الأطفال يدفعون الثمن الأكبر” الفيديو ـ يونيسف”

وقالت المفوضية إنه منذ عام 2016 وحتى نهاية أ]يلول من هذا العام، عاد ما مجموعه 341,500 لاجئ سوري إلى سوريا، منهم 64,278 من الأردن. أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن عودة 38,379 لاجئاً إلى سوريا من الأردن ولبنان وتركيا والعراق ومصر خلال الأشهر التسعة الماضية.


“أطفال سوريون يتلقون التعليم في مكان معدوم من أدنى مقومات الأمان والتدفئة-الصورة Fair Observe”

وقالت المفوضية في بيان إن “أعداد العائدين إلى سوريا هي تلك التي تم التحقق منها أو مراقبتها من قبل المفوضية ولا تعكس العدد الكامل للعائدين، والذي قد يكون أعلى من ذلك بكثير”.

يقول الأردن إنه يوفر ملجأ لحوالي 1.3 مليون سوري، بما في ذلك حوالي 670.000 شخص مسجلين رسمياً لدى المفوضية كلاجئين، مما يجعل المملكة ثاني أكبر مضيف للاجئين السوريين في العالم للفرد بعد لبنان. قبلت تركيا 3.6 مليون لاجئ سوري، ولبنان ما يقرب من 1 مليون، وفقاً للمنظمة.


أطفال سوريون داخل أحد المخيمات في الأردن (رويترز/صورة أرشيفية)

يستضيف الأردن مخيمين بالقرب من الحدود السورية: مخيم الزعتري، الأكبر في الشرق الأوسط، وكذلك مخيم الأزرق. لكن معظم السوريين في الأردن يعيشون في المدن والمراكز الحضرية، حيث العمل في بعض الصناعات مربح.

في العام الماضي في الأردن، “تم إصدار 62,000 تصريح عمل قياسي للسوريين“، قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وهو “أعلى رقم سنوي منذ تقديم تصاريح العمل للاجئين السوريين.”

سمح للاجئين السوريين بالعمل في عدة قطاعات في الأردن منذ عام 2016، بعد أن تعهدت الدول المانحة بالتمويل ووسعت نطاق تسهيل التجارة للمملكة بموجب خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية.

عجز الميزانية

وقال الأردن إن تمويل مشروع الإنقاذ المشترك بلغ 235 مليون دولار فقط، أو 10.3 في المئة من الأهداف، خلال النصف الأول من عام 2022.

وقالت وزارة التخطيط والتعاون الدولي إن إجمالي متطلبات التمويل للمشروع تبلغ 2.28 مليار دولار.

وقالت الوزارة في بيان أدارته وكالة الأنباء الأردنية الرسمية “بترا” إن “الخطة لا تزال غير ممولة إلى حد كبير، مع عجز قدره 2.04 مليار دولار، أو 89.7 في المئة من المبلغ الإجمالي للتمويل المطلوب”.


“أب سوري مع ابنتيه وحقائبهم بعد وقت قصير من وصولهم إلى الأردن عبر معبر الشجرة الحدودي- الصورة صحيفة نيويورك تايمز”

وأضافت أنه تم استلام نحو 42 بالمئة فقط من احتياجاتها المالية في الأردن لعام 2022 حتى 25 أكتوبر/ تشرين الأول.

وفي تصريحات أدلى بها مؤخراً إلى قناة “المملكة” المملوكة للحكومة، قال المتحدث باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن مشعل الفايز إن المملكة لم تتلقَ أي تمويل لبرنامج المساعدات الشتوية.

وأضاف أن المفوضية تحتاج إلى 46 مليون دولار لتقديم مساعدات نقدية شتوية ل 120 ألف عائلة لاجئة في الأردن، مؤكداً أن المفوضية على تواصل مع الجهات المانحة لإيجاد طريقة لتلبية الاحتياجات التمويلية.

ووفقاً لتقرير صدر مؤخراً عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لتقييم مواطن الضعف في الأردن، فإن اللاجئ السوري العادي في الأردن مدين بديون بقيمة 343.1 ديناراً أردنياً (483 دولاراً).


 “الأطفال السوريون والأزمة الإقليمية السورية بعد 11 عاماً – الصورة: اليونيسف 

في مقال يحمل نبرة من التساؤل والحيرة، انتقد المحلل السياسي والاقتصادي الأردني عصام قضماني مؤخراً المجتمع الدولي والدول المانحة “لعدم الوفاء بتعهداتها وترك البلدان المضيفة الفقيرة بالموارد، مثل الأردن ولبنان، تتعامل مع معضلة اللاجئين بمفردها”.

وقال قضماني إن خطاب المجتمع الدولي بشأن اللاجئين قد تغير من التأكيد على العودة الطوعية إلى تعزيز إعادة التوطين.

وحذّر من أن “المجتمع الدولي غيّر مساره ولا يتحدث إلا عن إعادة توطين اللاجئين، وكان دائماً ضعيفاً في تمويل تكاليفه على البلدان المضيفة”.


وتعليقاً على المخاوف بشأن التغيرات الديموغرافية في البلدان المضيفة، قال قضماني إن لبنان أطلق بالفعل خططاً لإعادة اللاجئين السوريين إلى ديارهم على الرغم من الضغوط الدولية.

كما أن إعادة توطين اللاجئين في الأردن أمر غير مقبول بسبب موارد المملكة المحدودة ومشاكلها الاقتصادية”.

ومع “تلقي الأردن للكلمات والوعود فقط” من المجتمع الدولي وفشل المساعدات من خارج المملكة في تجاوز 10 في المئة من أهداف التمويل المطلوبة، قال قضماني إنه يجب على الأردن “وضع خطط لإعادة اللاجئين إلى سوريا في مناطق تتمتع بالاستقرار”.

وأضاف: “وفي حال لم تكن عودة اللاجئين خياراً، فإن المجتمع الدولي مطالب بتحمل الأعباء واستقبال اللاجئين، ولكن ليس بطريقة انتقائية و”عنصرية” كما فعل مع الأوكرانيين”.