أدين إياد الغريب بالمساعدة والتحريض على جرائم ضد الإنسانية.
24 / شباط / فبراير / 2021
*مع العدالة | أخبار
أدانت محكمة في ألمانيا إياد الغريب (المتهم مع الضابط أنور رسلان) بأنه شريك في جرائم ضد الإنسانية، بأول انتصار تاريخي للجهود المبذولة في جميع أنحاء العالم لتحقيق المساءلة القانونية عن الفظائع التي ارتكبت في الحرب السورية.
حيث حكمت محكمة ألمانية “حكماً تاريخياً” عليه بالسجن لمدة أربع سنوات ونصف بتهمة التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية داخل سورية.
اتُهم الغريب بالتورط في قمع المتظاهرين المناهضين لنظام الأسد عام 2011، واعتقالهم في مدينة دوما السورية وتسليمهم إلى مركز اعتقال حيث تعرضوا للتعذيب.
قبل أسابيع قليلة من الذكرى العاشرة للثورة السورية، يمثل الحكم الصادر بقضيته في “كوبلنز” لحظة رائدة للعدالة لمئات الآلاف من الأشخاص الذين اختفوا في ظل نظام التعذيب الذي تديره حكومة الأسد.
وقالت القاضية “آن كيربر”: “حكم على المتهم بالسجن أربع سنوات وستة أشهر بتهمة المساعدة والتحريض على جريمة ضد الإنسانية في شكل تعذيب وحرمان من الحرية“.
وخضع غريب للمحاكمة إلى جانب أنور رسلان، وهو مسؤول أعلى رتبة، في أبريل من العام الماضي. حصل كلا الرجلين على حق اللجوء في ألمانيا، لكن تم القبض عليهما في عام 2019، بتهمة الإشراف على التعذيب واعتقال المدنيين في أحد أفرع المخابرات السورية.
“إياد الغريب، يطوي ذراعيه ويرتدي قناعاً، أخفى وجهه بملف أثناء تلاوة الحكم” المصدر: (AFP)
وتمثل هذه الإدانة في مدينة كوبلنز المرة الأولى التي تصدر فيها محكمة أجنبية حكماً بشأن الانتهاكات التي أقرتها الدولة من قبل حكومة بشار الأسد.
فرّ غريب، وهو عضو في جهاز الاستخبارات السورية، من سوريا بعد اندلاع الحرب وتقدم بطلب للجوء في ألمانيا، مدعياً أنه انشق عن حكومة الأسد.
تم محاكمة رسلان والغريب بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية، في أبريل 2020. ورحب “غفران خولاني” بالحكم، وهو ناشط سوري قُتل أشقاؤه الثلاثة تحت التعذيب في سجون الأسد.
رسلان، الضابط السابق البالغ من العمر 58 عاماً، متهم مباشرة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في دوره كمحقق رئيس في فرع الخطيب بدمشق، بما في ذلك الإشراف على مقتل 58 شخصاً وتعذيب 4000 آخرين. ومن المتوقع أن تنتهي محاكمته في أكتوبر / تشرين الأول.
الشاهدة رويدة كنعان والضابط السابق “المتهم” أنور رسلان- إنترنت.
“هذا القرار تاريخي لأنه يدين النظام الإجرامي بأكمله وهو النظام السوري. غريب رجل واحد لكنه كان جزءاً من منظومة تأمر باعتقال المدنيين المسالمين، وإخفائهم، وتعذيبهم، وقتلهم وإخفاء جثثهم في مقابر جماعية”.
- قال أنور البني، وهو محامٍ سوري وشاهد في النيابة العامة، إن رسلان اعتقله ذات مرة وصدم به عندما شاهده بالصدفة في برلين عام 2014.
من جانبها قالت “رابطة عائلات قيصر” في بيان لها إن المحاكمة هي خطوة صغيرة نحو العدالة. وأضافت “الفظائع التي تحاكم في كوبلنز لا تزال تحدث الآن في سورية“. و”يجب الإفراج عن جميع المعتقلين وتحقيق العدالة للمختفين قسراً”.
بُنيت القضية ضد غريب على مئات الساعات من شهادات ناجين ومنشقين، والتحليل الطبي الشرعي لملفات قيصر – 50.000 صورة التقطها منشق عن الشرطة العسكرية، تم تهريبها إلى خارج البلاد عام 2014، تظهر جثث ما لا يقل عن 7000 شخص ماتوا من الجوع أو عُذبوا حتى الموت داخل مراكز اعتقال النظام.
خلال الإجراءات، وقف أكثر من عشرة رجال ونساء سوريين للإدلاء بشهاداتهم حول الانتهاكات المروعة التي تعرضوا لها في فرع الخطيب، المعروف لدى المعارضة السورية باسم “الجحيم على الأرض“.
“المعتقل السابق الطبيب وسيم مقداد- شاهداً على جرائم النظام السوري في ألمانيا”_المصدر (ECCHR)
تم الاستماع إلى بعض الشهود دون الكشف عن هويتهم مخافة الانتقام من أقاربهم الذين ما زالوا في البلاد. وشهدوا بأنهم تعرضوا للاغتصاب، والضرب، والتعليق من السقف لساعات، والصعق بالصدمات الكهربائية، والحرمان من النوم، وقلع أظافرهم من قبل الجلادين.
وفي حديثه إلى “ميدل إيست آي-Middle East Eye” العام الماضي، قال المعتصم الكيلاني – وهو محامٍ في المركز السوري للإعلام وحرية التعبير – إنه يأمل أن تكون المحاكمة بداية معركة أوسع من أجل المساءلة.
وأضاف: “بالنسبة لي، الأمر لا يتعلق بهذين الرجلين، إنه يتعلق بالدور الكامل للأجهزة الأمنية في سورية”.
وقال “باتريك كروكر-Patrick Kroker” المحامي في المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان الذي يمثل المدعين المشتركين، إن الرسالة التي يبعثها هذا القرار إلى النظام السوري هي أن هذه الجرائم لن تُنسى. وهي “في الواقع، ليست سوى البداية”.
وأردف: “لقد لاحظهم العالم وبدأ في محاسبتهم. أما بالنسبة للسوريين الذين خرجوا إلى الشوارع قبل 10 سنوات، فإن ذلك يظهر أن النضال لم ينتهِ بعد. لقد تم سحق النشطاء السوريين، لكنهم لن يستسلموا أبداً، وذات يوم سيعود الكفاح من أجل العدالة والديمقراطية إلى البلاد “.