نؤكد أن النظام السوري لايزال حتى الآن لا يسلم الجثامين إلى أهلها كي يتم دفنها في مقابر لائقة، وبدون تسليم الجثمان لا تعتبر هذه الوثيقة كشفاً كاملاً عن الحقيقة، وكحال عشرات آلاف العائلات السورية لم تتمكن عائلته من اتخاذ أية إجراءات قانونية لمعرفة أسباب وفاته أو مجرد الحصول على جثمانه
10 / شباط / فبراير / 2024
*مع العدالة: المصدر” الشبكة السورية لحقوق الإنسان”
ناصر صابر بندق، شاعر وكاتب، ويعمل موظف في المؤسسة العربية للإعلام في مدينة دمشق، من أبناء قرية ريمة حازم بريف محافظة السويداء الغربي، ويقيم في بلدة صحنايا غرب محافظة ريف دمشق، مواليد عام 1967، اعتقلته عناصر شعبة المخابرات العسكرية التابعة لقوات النظام السوري في 17/ شباط/ 2014، إثر مداهمة منزله في بلدة صحنايا، واقتادته إلى الفرع 227 “فرع المنطقة” التابع لشعبة المخابرات العسكرية في منطقة كفرسوسة بمدينة دمشق، ومنذ ذلك الوقت تقريباً وهو في عداد المختفين قسرياً؛ نظراً لإنكار النظام السوري احتجازه أو السماح لأحد ولو كان محامياً بزيارته.
برز ناصر مع انطلاق الحراك الشعبي نحو الديمقراطية في آذار/ 2011 وعُرف بنشاطه الإغاثي والإنساني عبر تقديمه المساعدات للنازحين في محافظة دمشق، ولهذه الأسباب كان هو وأمثاله هدفاً استراتيجياً ونوعياً للنظام السوري، الذي سخر كامل طاقته لملاحقتهم واعتقالهم دون أي مسوغ قانوني وإخفائهم قسرياً في مراكز احتجازه.
في 5/ شباط/ 2024، حصلت عائلة “ناصر بندق” على بيان قيد عائلي يوضح أن ناصر مسجل فيه على أنه متوفي بتاريخ 5/ آذار/ 2014، دون أي تفاصيل أخرى عن مكان الوفاة أو سببها، ومن خلال مقاطعتنا للبيانات التي وردت في وثيقة السجل المدني وبيانات اعتقاله المسجلة في قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان تبين لنا أن الضحية ناصر كان قد توفي بعد 17 يوماً من تاريخ اعتقاله، ولدينا معلومات تؤكد أنه كان بصحة جيدة حين اعتقاله؛ مما يُرجّح بشكلٍ كبير وفاته بسبب التعذيب وإهمال الرعاية الصحية، وتؤكد الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن قوات النظام السوري لم تعلن عن الوفاة حين حدوثها ولم تُسلِّم جثمانه لذويه.
ونؤكد أن النظام السوري لايزال حتى الآن لا يسلم الجثامين إلى أهلها كي يتم دفنها في مقابر لائقة، وبدون تسليم الجثمان لا تعتبر هذه الوثيقة كشفاً كاملاً عن الحقيقة، وكحال عشرات آلاف العائلات السورية لم تتمكن عائلته من اتخاذ أية إجراءات قانونية لمعرفة أسباب وفاته أو مجرد الحصول على جثمانه، لأنَّ النظام السوري يرفض تسليم الجثامين بشكل قاطع، ولدى الشبكة السورية لحقوق الإنسان مخاوف من الآليات والطرق التي يتبعها النظام السوري في إخفاء جثامين ضحايا التعذيب والتخلص منها.
ومنذ مطلع عام 2018 سجلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان قيام النظام السوري بتسجيل مختفين قسرياً على أنهم متوفون في دوائر السجل المدني، واستعرضنا في تقارير سابقة تفاصيل هذه المعلومات، ولا تزال أسر ضحايا المختفين قسرياً تتلقى نبأ وفاة أبنائها المختفين عبر دوائر السجل المدني حتى اليوم، وقد بلغ عدد الحالات الموثقة لدينا حتى لحظة إصدار هذا البيان 1623 حالة بينهم 24 طفلاً و21 سيدة (أنثى بالغة) و16 حالة من الكوادر الطبية، وجميعهم لم يذكر سبب الوفاة، ولم يسلم النظام الجثث للأهالي أو حتى إعلامهم بمكان دفنها.
تؤكد الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن النظام السوري يتحمل مسؤولية كشف مصير المختفين قسرياً لديه بشكل ملزم وجدي وإجراء تحقيقات مستقلة بإشراف أممي تكشف حقيقة ما تعرضوا له من انتهاكات ومحاسبة المسؤولين وتسليم رفات من توفي منهم لدفنها بشكل كريم ووفقاً للآلية التي اتبعها عبر دوائر السجل المدني والتي لم يقم النظام السوري عبرها بإيضاح مصير المختفين قسرياً بشكل نهائي بل تشكل إدانة له فهو من قام باعتقالهم وإخفائهم ثم أنكر مسؤوليته عن ذلك ثم سجلهم كمتوفين في دوائر السجل المدني لذلك فإننا نؤكد في الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن جريمة الاختفاء القسري لا تزال مستمرة، ووفقاً للقانون الدولي سوف يبقى هؤلاء في عداد المختفين قسرياً والمتهم الرئيس بإخفائهم هو النظام السوري.
تُدين الشبكة السورية لحقوق الإنسان جميع ممارسات الاعتقال والتعذيب التي تقوم بها قوات النظام السوري، وبشكل خاص بحق الناشطين السياسيين، وتُطالب بفتح تحقيق فوري مستقل في جميع حوادث الاعتقال والتعذيب التي وقعت، وبشكلٍ خاص هذه الحادثة الهمجية، كما ندعو إلى ضرورة محاسبة كافة المتورطين فيها، بدءاً ممَّن أمر بها وحتى المُنفّذين لها، ويجب إطلاع المجتمع السوري على نتائج التحقيق والمحاسبة، وفضح وفصل كل من تورَّط في ممارسات الاعتقال والتعذيب على مدى جميع السنوات الماضية، وتعويض الضحايا كافة عن الأضرار المادية والمعنوية التي تعرضوا لها.