#########

العدالة والمساءلة

إلى قفص المحاسبة.. تحقيق أممي جديد يدين الأسد باستخدام الكيماوي


اعتمدت اللجنة في تحقيقها، على مجموعة متنوعة من الشهود بمن فيهم بعض الضحايا وعاملين في مجال الصحة والإنقاذ، واستلمت اللجنة أدلة متنوعة تم إدراجها ضمن التقرير، إذ التقت اللجنة بأكثر من 19 شخصاً جميعهم قدموا شهادات متقاربة..

12 / نيسان / أبريل / 2021


إلى قفص المحاسبة.. تحقيق أممي جديد يدين الأسد باستخدام الكيماوي

*المصدر: تلفزيون سوريا |  طارق دعاس


طرح فريق التحقيق وتحديد الهوية IIT التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، تقريرا يحدد من خلاله الجهة المسؤولة عن استهداف مدينة سراقب بالسلاح الكيميائي، وبحسب التقرير ، فإن نظام الأسد هو المسؤول عن استهداف المدينة بغاز الكلور السام، كما أن الأدلة المتوفرة قد تخرج النظام من دائرة الاتهام وتضعه في قفص المحاسبة.

يتتبع تلفزيون سوريا بهذا الملف خريطة الطريق التي سيسلكها التقرير باتجاه مجلس الأمن وإلى ما يقارب 193 دولة، آخذا بعين الاعتبار ارتباط الكشف عنه بتوقيت مهم، قبيل انعقاد مؤتمر الدول للأطراف المعنية باتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، والذي سيناقش مقترحا لتجميد عضوية النظام السوري، وإنشاء آلية قضائية تضمن حق المساءلة وعدم الإفلات من العقاب.

يكشف التقرير الثاني لمنظمة حظر الأسلحة والذي صدر اليوم عن فريق التحقيق وتحديد الهوية، أن طائرات تابعة لنظام الأسد استهدفت مدينة سراقب بريف إدلب في 4 شباط من عام 2018 بالسلاح الكيميائي، يعتمد الفريق في إصدار النتيجة، على تحقيق مفصل أجرته لجنة تقصي الحقائق التابعة للمنظمة ذاتها بعد أيام من وقوع الحادثة، إذ تمكنت اللجنة من جمع أدلة وافرة بالتعاون مع منظمات سورية محلية، منها مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية في سوريا ومنظمة القبعات البيضاء، ومنظمات أخرى قدمت أدلة طبية كمنظمة سامز السورية الأميركية.

يسير التقرير، وفق مسار استقصائي وجنائي في آن معاً وهي الخطوة الأولى من هذا النوع، إذ يسعى القائمون عليه، بعد أن تم التثبت من الجهة الفاعلة، إلى إرسال النسخة النهائية لمجلس الأمن والدول الأطراف في اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، إلى فتح قنوات قضائية بالتعاون مع الدول الفاعلة، بالاشتراك مع منظمات دولية مستقلة مختصة بملاحقة القضايا والجرائم الأشد خطورة ومنها ” الآلية الدولية المحايدة المستقلة ” (IIIM)

يسبق عرضَ التقرير اجتماع لدول الأطراف في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والبالغ عددهم 193 دولة، والذي من المقرر أن يبدأ في 20 نيسان من الشهر الجاري ويمتد 3 أيام في مقر المنظمة بمدينة لاهاي الهولندية، سيناقش بحسب مصدر حقوقي مسودة فيها مقترح لتجميد عضوية نظام الأسد في المنظمة، لعدم التزامه بالاتفاقية، ولخرقه بنود التعامل مع هذا النوع من الأسلحة المحرمة دوليا.

التقرير وبحسب المصدر يعزز المسار الحقوقي على المستوى الدولي، ويزيد من قناعة الدول الأطراف في منظمة حظر الأسلحة بضرورة إنشاء محكمة مسؤولة عن معاقبة مرتكبي هذه الجرائم، كما ويساهم في مناصرة قضايا الأسلحة الكيماوية، ويضمن حق الضحايا من خلال الدفع إلى محاسبة المسؤولين، أما القيمة الأهم فتبقى مرهونة بتحرك جدي من مجلس المنظمة والذي بإمكانه أن يعلق عضوية سوريا في هذا الملف، وأن يتخذ تدابير قضائية بحق الجهة التي خرقت الاتفاق وفقاً للقانون الدولي.

تفاصيل وإثباتات

تحقيق المنظمة الجديد بشأن كيماوي سراقب سبقته نسخة أولى قدمتها لجنة تقصي الحقائق عام 2018، ووفق ما خلصت إليه اللجنة التي من صلب عملها البحث في الادعاءات المتعلقة بوقوع اعتداء كيماوي، والمعروفة بـFFM، يثبت عبر تسجيلات صوتية جرت بين القاعدة الجوية وقائد الطائرة، بأن طائرات مروحية من سلاح الجو التابع للنظام قصفت مدينة سراقب الواقعة في ريف إدلب الشرقي، ببرميلين محملين بغاز الكلور السام، استهدفا الحي الشرقي من المدينة، وذلك في تمام الساعة 09:15 مساء، نتج عن الاستهدف إصابة ثمانية مدنيين بحالات اختناق، كانوا يحتمون في قبو قريب من المكان، وثلاثة عناصر من فرق الدفاع المدني التي وصلت إلى المكان بهدف إنقاذ المصابين.

اعتمدت اللجنة في تحقيقها، على مجموعة متنوعة من الشهود بمن فيهم بعض الضحايا وعاملين في مجال الصحة والإنقاذ، واستلمت اللجنة أدلة متنوعة تم إدراجها ضمن التقرير، إذ التقت اللجنة بأكثر من 19 شخصاً جميعهم قدموا شهادات متقاربة تفيد بوجود حالات إغماء بعد سقوط الأسطوانات التي تحمل مادة كيميائية، بالإضافة إلى عينات بيئية جمعت بمساعدة الدفاع المدني من بينها بقايا البرميلين المنفجرين، كما زودت منظمة سامز اللجنة بأدلة طبية تتطابق مواصفاتها مع باقي الأدلة المستخلصة من مكان الحادث.

أدلة وصلت سابقا إلى مخابر لاهاي

سلمت اللجان المختصة في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، أدلة خان شيخون 2017 واللطامنة 2016، الغوطة الشرقية 2013 زملكا، إلى مخابر لاهاي، والتي ثبت أن جميعها تحمل مواصفات السلاح الكيميائي “سارين” وهو غاز قاتل للأعصاب، العينات وفق لمسؤول في المنظمة سلمت بالتعاون مع منظمة الدفاع المدني السوري، وهي جميعها مطابقة لمواصفات واحدة، صادرة عن جهة تصنيع واحدة.

وبحسب المسؤول فإن نقل السارين يحتاج الى خبير قريب من مكان الاستخدام، ووسيلة النقل، خبير يستطيع بمهارة تركيب الرأس الكيمياوي على الأسطوانة المتفجرة قبل إلقائها، وقد وجه فريق التحقيق بعد اكتمال أدلة اللطامنة 3 دعوات إلى المدعي العام في لاهاي للنظر بها.

وكان المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الاسلحة الكيميائية طالب النظام السوري، عقب تقرير اللطامنة، بتسليم ما تبقى من ترسانته والمعدات التي استخدمها في الهجوم، كما وطالب المجلس النظام بالكشف عن 22 مركز بحوث وأنشطة كيميائية داخل سوريا وهي منشآت نشطة حتى اليوم تنتج غاز الأعصاب، ولكن الدعوات بقيت من دون رد من نظام الأسد.

يفصح المصدر الذي صرح لتلفزيون سوريا أيضا، عن خطوة فعلية أقدمت عليها بعض الجهات الحقوقية، وجهوا من خلالها طلب للولايات المتحدة الأميركية عبر السيناتور ستيفن كيلن، الذي مرر مسودة القرار الأممي 2254، لمساعدتهم في فتح مسارات أممية لاستقبال دعاوى قضائية ضد نظام الأسد في المحاكم الدولية، بهدف محاسبته على انتهاكات حقوق الانسان.

تحقيقات سابقة

تقرير منظمة حظر الأسلحة عن استهداف مدينة سراقب بغاز الكلور هو الثاني الذي يدين نظام الأسد، وهو مشروع من أصل تسعة مشاريع أخرى، يبحث من خلالها أعضاء المنظمة والفرق المختصة داخلها عن حقيقة الاعتداءات الكيميائية في سوريا، إذ تمكنت المنظمة من توجيه إدانة مباشرة عبر تقريرها الأخير الذي صدر في 8 نيسان / أبريل من العام 2020 والذي حمل نظام الأسد المسؤولية المباشرة عن ثلاث هجمات كيميائية تعرضت لها مدينة اللطامنة في 24 و 25 و 26 من العام 2016، بعد أن تمكنت من جمع أدلة دامغة غير قابلة للدحض، في حين ما تزال المنظمة تحقق في خمس هجمات أخرى، وهي التمانعة بريف إدلب التي وقعت في 12 من نيسان عام 2014، وكفر زيتا بريف حماة في 18 من نيسان 2014، والتمانعة في 18 من نيسان 2014، ومارع بريف حلب في 1 من أيلول 2015، ودوما في الغوطة الشرقية في 7 من نيسان 2018.

يذكر أن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أصدرت ومنذ بدء عملها في سوريا عام 2013، نحو 64 تحقيقا عبر آليات العمل التابعة لها والمكونة من أربع فرق رئيسية، “لجنة تقصي الحقائق و”فريق الإعلام والنشر”، “فريق التحقيق وتحديد الهوية”، وآلية التحقيق المشتركة بين الأمم المتحدة والمنظمة.

الغرب سيعاقب وروسيا تعرقل

تتشارك دول أوروبية عديدة من بينها فرنسا وألمانيا وبريطانيا وهولندا المواقف الرامية لمحاسبة نظام الأسد على جرائمه وتدفع باتجاه ضمان عدم إفلات المسؤولين عن تلك الجرائم من العقاب، إذ جددت هولندا مؤخرا على لسان وزير خارجيتها ستيف بلوك تهديداتها لنظام الأسد باللجوء إلىى محكمة العدل الدولية، في سبيل إنصاف الضحايا ووقف الجرائم المستمرة حتى اليوم ومن بينها استخدام الأسلحة الكيميائية، وفي السنوات الماضية، عملت هولندا بشكل جاد من أجل العدالة الدولية ومكافحة الإفلات من العقاب، كما أنها جمعت الكثير من الأدلة على انتهاكات حقوق الإنسان.

وكانت فرنسا قدمت مشروعاً إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، في تشرين الثاني/ نوفمبر الشهر الماضي، تدعو فيه بالتنسيق مع 46 دولة أخرى، إلى تعليق حقوق تصويت النظام السوري، ومنعه من الترشح في المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة، كما وحثت الدول الأعضاء في المنظمة إلى دعم مشروع القرار والتصويت له.

وتتهم روسيا الولايات المتحدة وحلفاءها في مجلس الأمن بمحاولة تشويه صورة دمشق مهددة بوقف التعاون من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إذا حرم النظام من امتيازاته، يأتي ذلك في اجتماع مجلس الأمن الشهري بشأن الأسلحة الكيماوية، في حين طالبت واشنطن بإرسال رسالة قوية إلى نظام الأسد مفادها أن “استخدام الأسلحة الكيماوية له عواقب”.

منظمات سورية تتقصى وتدفع باتجاه المحاسبة

في بحر الأشهر القليلة الماضية بدأت منظمات حقوقية ومدنية سورية، بجمع أدلة وتحقيقات عن استهداف النظام السوري للمدنيين بالغازات السامة، إذ تعمل هذه المنظمات على تقديم أدلة قضائية إلى الآلية الدولية المحايدة المستقلة، والتي بدورها ستعمل على تسليمها إلى المدعي العام، والتي تثبت تورط نظام الأسد وبعض رجال حكومته، ومن هذه المنظمات، مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية في سوريا، و”مبادرة عدالة المجتمع المفتوح” و”المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” ، ومبادرة ” الأرشيف السوري“،  ” والمركز السوري للعدالة والمساءلة” الذي تمكن من جمع أكثر من 600 ألف وثيقة بعضها تحمل توقيع رأس النظام بشار الأسد وتثبت بشكل أو بآخر ارتكابه انتهاكات جسيمة بحق السوريين منها التعذيب والقتل بالأسلحة الكيميائية.


المادة من المصدر