استقدمت ميليشيا حزب الله “طباخين” وخبراء كيميائيين من الأراضي اللبناني إلى مصنع “سرغايا” العام الفائت، للبدء بإنتاج الحبوب فيه، وعلى الرغم من تكليف حاجز الرابعة بحمايته، إلا أنها نقلت مجموعة قوامها 30 عنصراً إليه، وأوكلت إليهم مهمة حماية المصنع على مدار الساعة.
13 / تشرين أول / أكتوبر / 2021
*المصدر: صوت العاصمة
منذ سنوات عدّة، تحوّلت محافظة ريف دمشق إلى طريق عبور رئيسية لمخدرات ميليشيا “حزب الله اللبناني”، المعدّة للتهريب إلى دول أخرى، وما أن بسطت الميليشيا سيطرتها على المناطق الحدودية مع لبنان، حتى نقلت إليها عدّة مصانع للحشيش والحبوب المخدرة، وحوّلت جرودها إلى معابر رئيسية للتهريب، لتطور عملها فيما بعد، وتحوّل ريف دمشق إلى سوق رئيسية لتصريف مخدراتها.
بداية الرحلة.. جرود القلمون:
اعتمدت ميليشيا حزب الله اللبناني، في جميع عمليات التهريب العابرة من محافظة ريف دمشق، على المعابر غير الشرعية الواصلة بين سهل البقاع اللبناني، وجرود القلمون الغربي، والتي تضم أربعة معابر رئيسية، أبرزها طريق “رنكوس” الذي يبدأ من بلدات سهل البقاع اللبناني القريب من الحدود السورية، ومنها إلى منطقة “مزرعة الدرة” ثم إلى سهل رنكوس والمدينة، وطريق “الطفيل وعسال الورد” الذي يبدأ من منطقة رأس الحرف في سهل البقاع ومنها إلى منطقة “المبحص” قرية طفيل عبر منطقة الجوزة في الجرود الحدودية، ثم إلى عسال الورد.
ويعتبر طريق “فليطة” من أبرز المعابر التي تُهرّب ميليشيا حزب الله مخدراتها منه، وهو طريق يمر من قرى البقاع اللبناني، ومنها إلى فليطة من جرود المنطقة، بالقرب من منطقة الثلاجات، إضافة لطريق “قارة”، الذي يبدأ من معبر الزمراني الحدودي بين سوريا ولبنان، ويمر عبر جرود قارة عند منطقة “ميرا” وصولاً إلى البلدة.
الحبوب المخدرة والإنتاج المحلي!
أقامت ميليشيا حزب الله اللبناني، العديد من مصانع مادة الحشيش والحبوب المخدرة داخل الأراضي السورية، وخاصة في المناطق الحدودية المجاورة لمعابر التهريب.
تركّزت أبرز مصانع الحبوب المخدرة، في جرود القلمون الغربي، وفي إحدى المزارع التابعة لتاجر المخدرات البارز “حسن دقو” في بلدة “عسال الورد” في المنطقة ذاتها.
آخر المصانع التي نقلتها ميليشيا حزب الله إلى ريف دمشق، كان في منطقة جردية تقع على بعد ثلاثة كيلو مترات من بلدة “سرغايا” باتجاه الشريط الحدودي مع لبنان، في منطقة جردية تُعرف محلياً باسم “الخرابات”.
مصنع الحبوب في سرغايا أُقيم في مزرعة تعود لملكيتها لأحد أبناء سرغايا المقربين من ميليشيا حزب الله، وتولى أحد حواجز الفرقة الرابعة المتمركزة في نهاية منطقة الخرابات باتجاه الجرود مهمة تأمين الطريق المؤدية إلى المصنع الجديد، والذي منع بدوره الأهالي من الوصول إلى المنطقة المذكورة، باستثناء الحاصلين على تصاريح دخول صادرة عن ميليشيا حزب الله.
استقدمت ميليشيا حزب الله “طباخين” وخبراء كيميائيين من الأراضي اللبناني إلى مصنع “سرغايا” العام الفائت، للبدء بإنتاج الحبوب فيه، وعلى الرغم من تكليف حاجز الرابعة بحمايته، إلا أنها نقلت مجموعة قوامها 30 عنصراً إليه، وأوكلت إليهم مهمة حماية المصنع على مدار الساعة.
المخدرات على البسطة، والكميات “أكثر من الهم على القلب”!
لم تكتفي ميليشيا حزب الله اللبناني، بعائدات تجارة وتهريب المخدرات إلى دول الجوار مع سوريا وغيرها من الدول، سواء كانت عبر تهريبها براً من ريف دمشق ثم إلى درعا، وصولاً إلى الأردن ودول الخليج، أو إلى الدول العربية والأوروبية عبر مياه البحر المتوسط، وسرعان ما حوّلت دمشق وريفها إلى سوق رئيسية للتصريف.
“أكثر من الهم عالقلب”، هي عبارة توافقت عليها جميع المصادر المحلية والأهلية خلال الإجابة عن سؤال حول الكميات المنتشرة في مناطقهم.
وتعتبر بلدات “جنوب دمشق” من أكثر المناطق انتشاراً للحبوب المخدرة، نظراً لقربها من المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات الإيرانية والشيعية، وقربها من مخيم السيدة زينب الخاضع لسيطرة الفصائل الفلسطينية الموالية للنظام.
تُباع الحبوب المخدرة ومادة الحشيش في أحياء جنوب دمشق بطريقة علنية، كما يعرف الباعة المروجين بأسمائهم لجميع القاطنين في المنطقة.
وقال مراسل صوت العاصمة في المنطقة، إن الحبوب المخدرة تُباع بشكل رئيسي لدى الأكشاك ومحال بيع الدخان في ببيلا وبيت سحم، وبسطات الدخان الموجودة بالقرب من “مسجد البراء” ومدخل منطقة “السيدة زينب”، مشيراً إلى أن جميع الكميات المنتشرة في جنوب دمشق مصدرها الرئيسي منطقة “السيدة زينب”.
الغوطة الشرقية ليست أفضل حالاً بالنسبة لكميات المواد المخدرة الموجودة فيها، وغالباً ما تُباع بشكل شخصي من قبل أشخاص من أبناء المنطقة، لهم تبعية للفرقة الرابعة أو ارتباط مع الحواجز العسكرية المتمركزة في المنطقة، إضافة لعمل بعض عناصر الحواجز أنفسهم بترويج المخدرات في مختلف بلدات الغوطة الشرقية، وفقاً لمراسل صوت العاصمة في المنطقة.
مدينة التل أيضاً، تشهد انتشاراً كبيراً لمادة الحشيش والحبوب المخدرة في مختلف أحيائها، وتُباع من قبل أشخاص معروفين داخل المدينة، كما أن بعض العاملين بترويجها يعملون ببيع الحبوب بـ “الجملة”، أو بـ “الشد” كما يطلقون عليه، وهو كيس يحتوي على 400 حبة مخدرة، لتكون المدينة سوق للتصريف ومصدراً للمناطق المجاورة.
الفرقة الرابعة الشريك الأبرز:
أكّدت مصادر صوت العاصمة في مختلف مدن وبلدات ريف دمشق، أن ضباط وعناصر الفرقة الرابعة، أبرز المسؤولين عن إدخال المواد المخدرة إلى مناطقهم، وتوزيعها على المروجين الذين يتولون مهمة تصريفها في تلك المناطق.
مصادر خاصة في مدينة الكسوة، قالت إن أحد ضباط مكتب أمن الفرقة الرابعة برتبة “مقدم”، يُدعى “كُميت”، هو المسؤول المباشر عن إدخال شحنات الحشيش والحبوب المخدرة إلى منطقة الكسوة والبلدات التابعة لها.
وأضافت المصادر أن الشحنات يتم إدخالها غالباً في سيارات مغلقة مخصصة لنقل المواد الغذائية، تحمل شعار شركة “ماستر” العاملة في توزيع “الشيبس” و”المشروبات الغازية”.
وأشارت المصادر إلى أن عملية التسليم تجري في مناطق مختلفة من البلدات التابعة لمدينة الكسوة، وتتم العملية بشكل مباشر بين “المقدم” الذي أدخل الشحنة، وقياديين في صفوف الميليشيات المحلية التابعة للفرقة الرابعة، الذين يتولون بدورهم، مهمة تصريف تلك الشحنات محلياً، بالاشتراك مع عناصر ميليشياتهم.
وفي جنوب دمشق أيضاً، أكّدت مصادر متقاطعة أن معظم شحنات الحبوب المخدرة تدخل المنطقة بواسطة سيارات تابعة للفرقة الرابعة من طريقي “المخيم والسبينة”، إضافة لبعض الشحنات التي تستقدم من منطقتي “السيدة زينب” و”حجيرة”.
ضباط وعناصر في صفوف الفرقة الرابعة، هم المسؤولون أيضاً عن إدخال المواد المخدرة إلى الغوطة الشرقية والتل، فيما يتولى قياديي الميليشيات المحلية التابعة للفرقة الرابعة في معضمية الشام إدخالها إلى المدينة.
التصريف المحلي مهمة الميليشيات:
يتولى قادة الميليشيات المحلية وعناصرها في مختلف مناطق ريف دمشق، مسؤولية تصريف المواد المخدرة بين أبناء مناطقهم، وفقاً لمراسلي صوت العاصمة.
وقال مراسل صوت العاصمة في القلمون، إن مجموعة من عائلة “سوسق” مهمة تصريف البضائع التي تدخل بلدة “رنكوس” عبر جرودها، فيما يتولى المدعو “فؤاد قطيمش” المنحدر من بلدة عسال الورد، مسؤولية تصريف الشحنات في بلدة عسال الورد والبلدات المجاورة، برفقة مجموعة تابعة له أيضاً، وفي بلدة فليطة يتولى شخص من عائلة نقرش تلك المهمة، وفي يبرود المدعو “سعد زقزق”.
ويتشارك “علي خضر” و”حسين اليرموكي” و”عايد العائدي” و”أبو صلاح الأحمد” و”أبو محمد كشك”، مسؤولية تصريف المواد المخدرة في بلدات جنوب دمشق، بمشاركة أشخاص آخرين من عائلة “الخالد”، فيما يعمل العديد من عناصر الميليشيات المحلية بتصريفها في الغوطة الشرقية والتل ومعضمية الشام.
الحبوب المخدرة تغزو مدارس ريف دمشق:
انتشرت ظاهرة تعاطي الحبوب والمواد المخدرة في عدد من مدارس ريف دمشق بشكل كبير، لاسيما المدارس الثانوية، حتى باتت الظاهرة “أمراً اعتيادياً” بين الطلاب، حيث يعمل المروجون على توزيع بعض أنواع الحبوب المخدرة على أنها حبوب منشطة، بهدف جذب الشبان للإدمان عليها وطلبها فيما بعد.
وأجبر عناصر الميليشيات العاملين في تصريف المواد المخدرة، بعض طلاب المدارس الإعدادية والثانوية على العمل في الإتجار والترويج للمخدرات داخل مدارسهم مقابل إعطائهم متطلباتهم من الحبوب بشكل مجاني.
وضُبط في مدارس ريف دمشق، عدّة طلاب في مدارسهم، وبحوزتهم عدداً من الحبوب أو سجائر “الحشيش”، لكن اقتصرت المحاسبة على استدعاء أولياء أمورهم، وتم التكتم على نشر تلك الأخبار داخل المدارس وخارجها.
كيف يؤمن الشبان ثمن الحبوب المخدرة؟
سؤال لطالما دار في ذهن الجميع، من أين يأتي الشبان بثمن تلك الحبوب المخدرة في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها الأهالي في المنطقة.
مصادر متقاطعة في ريف دمشق، قالت لـ “صوت العاصمة” إن عمليات السرقة هي الوسيلة الأبرز لتأمين ثمن الحبوب المخدرة بين الشبان، مرجعين ذلك إلى زيادة السرقات بشكل كبير، وتأكيد تعاطي السارقين الذي ألقي القبض عليهم سابقاً.
واستندت المصادر إلى عمليات السرقة الصغيرة التي لا تتطلب الكسر أو الخلع أو اقتحام المنازل، كسرقة “كابلات الكهرباء” وبيع النحاس المستخرج منها، وسرقة “شفاطات” المياه من مداخل الأبنية، وبطاريات السيارات والدراجات النارية، والتي انتشرت بشكل كبير في مختلف مدن وبلدات ريف دمشق.