#########

العدالة والمساءلة

المدعي والشاهد بجلسة 18.08.2021


الواسطة والمال لعبا دوراً كبيراً بعدم تعرّضي للتعذيب والتحقيق.

07 / أيلول / سبتمبر / 2021


المدعي والشاهد بجلسة 18.08.2021

*المصدر: المركز السوري للدراسات و الابحاث القانونية


بعد عطلة الصيف القضائية، استأنفت المحكمة جلساتها كما هو مخطط بعد الاستراحة بتاريخ 18/08/2021. حضر أولاً أحد محققي الشرطة الجنائية لمدة عشر دقائق وتحدث عن وثيقة أُرسلت إليهم من شقيق المعتقل والمختفي قسرياً حيَّان محمود. يؤكد الشقيق في هذه الرسالة أن فرع الخطيب اعتقل شقيقه حيَّان أثناء ممارسته لعمله كطبيب في مشفى المجتهد بدمشق، وأن الجهة التي اعتقلته لم تُعطِ أي معلومات عنه ولم تقم بتسليم جثته حتى اليوم، وبالتالي هو إخفاءٌ قسريٌ لمصير المعتقل حيَّان.

بعد ذلك استُدعي مدعٍ بالحق المدني ضد المتهم، وهو شابٌ اعتقل في فرع الخطيب عام 2011.

أما عن كيفية اعتقاله، فقد أخبر القضاة أنه كان متجهاً لدمشق بأحد أيام الجمعة من شهر تموز/يوليو لعام 2011، وكانت جمعة لمظاهرة في دمشق دُعيت “بركان دمشق” ، إلا أنه لا يعرف بالضبط متى كانت. توقف عند محطة وقود بين حمص ودمشق، وكان قد حدث اشتباك فيما يبدو بين الجيش الحر وجيش الأسد، ورأى عناصر أمن وباصات متوقفة بعد دخوله المحطة. أوقفه ومن معه ثلاثة عناصر في السيارة وأهانوه وضربوه، ثم وضعوهم جميعاً في باص. أثناء وجوده في الباص استطاع الشاهد مغافلة عناصر الأمن واستخدام هاتفه الجوال للاتصال بشقيقه الذي لديه علاقات قوية كما قال. بعد أن أجرى الشقيق اتصالاته وعلم أنها دورية تابعة لأمن الدولة وأنهم عناصر من فرع الخطيب، اتصل مرة أخرى بالمدعي وأخبره بضرورة التحدث مع أحد العناصر الموجودين ويدعى أبو كفاح ووصفه له. حاول المدعي التحدث مع هذا العنصر إلا أنه لم يستطع وقاموا بنقلهم بالباص إلى مكان مجهول بقي فيه يومين تعرض فيهم للضرب والإهانة وبقي دون طعامٍ أو شراب.

عندما كان المدعي لا يزال في المحطة لَمح خلف الباص ضابطاً يتحدث مع عناصره، بعد خروجه من المعتقل وخروج من اعتقلوا معه لاحقاً، وصف له أحدهم شكل ضابطٍ في فرع الخطيب توافقت أوصافه مع من رآه في المحطة، رجلٌ في بداية الخمسينيات، شعره خفيفٌ، حليق الذقن وله شامة في وجهه، أخبر المدعي القضاة أنه يعتقد بأنه المتهم ولكنه لا يستطيع تأكيد ذلك.

بعد قضاءه يومين في مكان مجهول، نُقل المدعي ومن معه إلى فرع الخطيب، وهناك وضعوا في زنزانة جماعية بعد تفتيشهم وتجريدهم من ملابسهم الخارجية. قال المدعي أنهم كانوا قرابة 24 معتقل في الزنزانة التي بلغت مساحتها تقريباً 9 أمتار مربعة وتحدث بالطبع عن الأوضاع السيئة في السجن الصحية والعامة. لم يتعرض المدعي ولا أقاربه خلال وجوده لأي تحقيق أو تعذيب في فرع الخطيب إلا أثناء نزوله من الباص إذ تعرض للضرب في طريقه إلى المبنى. بوساطة من شقيقه، أُطلق سراح المدعي بعد ثلاثة أيام وأقاربه بعده بمدة قصيرة لم تتجاوز الشهر.

أكد المدعي للقضاة أن الواسطة والمال لعبا دوراً كبيراً بعدم تعرضهم للتعذيب والتحقيق، ولكن هذا لا يعني أنه لم يُضرب قبل ذلك ويُهان، وبأن كل شخص يدخل فرع أمني لابدَّ أن يُضرب بالبداية مهما كانت واسطته كبيرة.

قضى المدعي في الاعتقال ما بين المكانين خمسة أيام، يومان منهم في مكان مجهول يعتقد أنه كان تابع لشبيحة يتعاونون مع فرع الخطيب، وثلاثة أيام في فرع الخطيب.

انتهت شهادة المدعي بعد عدة أسئلة توضيحية من أطراف الدعوى، وبدأ الادعاء العام قراءة رده على الطلب المقدم من محاميي الادعاء بالحق المدني بإضافة تهمة الاختفاء القسري إلى لائحة الاتهام ضد المتهم رسلان.

وجاء في رد الادعاء العام عدم تأييدهم لإضافة التهمة للائحة الاتهام، وقد أوضحوا أسباب رفضهم في بيان مطوَّل مفاده أن اعتقال الشهود والمدعين في سوريا لمدة طويلة يمكن اعتباره بالطبع إخفاءً قسرياً، إلا أن إضافته كتهمة هو شيء آخر، لأن تهمة الإخفاء القسري المذكورة في الدعوى لا تتوافق مع معنى الإخفاء القسري كما تفسرها مواد القانون الجنائي الألماني بشكل دقيق، لأن من أركان أي جريمة هو معرفة الجاني بأن ما ارتكبه يُعتبر جريمة، وأن مجرد حدوثها لا يكفي من الناحية القانونية إذ لابد لمرتكبها أن يكون مميزاً ومدركاً لخطورة ما فعله أو امتنع عن فعله، ولا بد أن يكون كامل الإرادة وغير مُكره على فعلها، وفي حال عدم تحقق التمييز أو الإدراك فإن المسؤولية الجنائية تبقى ناقصة، وذلك يعني أنه ولإضافة هكذا تهمة أيضاً يجب تقديم طلب حكومي من ألمانيا إلى سوريا مع معرفة المتهم بهذا التواصل الرسمي بهدف معرفة مدى إدراك الحكومة السورية بارتكابهم هذه الجريمة.

وقانونيا، في حال طرح أي طلب من جهة الادعاء بالحق المدني، يقوم الادعاء بالحق العام بإبداء موقفه منه، وله الحق في تأييد الطلب أو عدم تأييده، ولكن القرار الأخير هو لهيئة القضاة، وهذا ما حدث مع تهمة العنف الجنسي مثلاً، إذ لم يؤيد الادعاء العام طلب الادعاء المدني بإضافتها كتهمة جديدة في لائحة الاتهام إلا أن القضاة وافقوا في النهاية على إضافتها، وبالتالي يحق لكل جهة بيان رأيها فيما يُطرح من طلبات ولكن هيئة القضاة هي من تقرر في نهاية الأمر بعد الاستماع لكل الآراء المطروحة.