#########

العدالة والمساءلة

حول المرسوم التشريعي رقم 32 القاضي بإنهاء عمل محاكم الميدان العسكرية في سوريا


يخشى من أن يتخذ مرسوم إلغاء المحكمة ذريعةً للإفلات من العقاب في سوريا، من خلال إتلاف أرشيف المحكمة، و ضياع أدلة بالغة الأهمية حول الأحكام وأعداد المحكومين ومصيرهم .حيث لم ينص المرسوم على إحالة ملفات القضايا السابقة إلى القضاء العسكري، ولم يتضمن أي إشارة إلى مصير سجلات المحاكم.

07 / أيلول / سبتمبر / 2023


حول المرسوم التشريعي رقم 32 القاضي بإنهاء عمل محاكم الميدان العسكرية في سوريا

 

*مع العدالة: بيانات “المصدر: المركز السوري للإعلام وحرية التعبير”

 

صدر يوم الأحد 3 أيلول/ سبتمبر 2023، المرسوم رقم 32 الذي ينهي العمل بالمرسوم رقم 109 الصادر في عام 1968 وتعديلاته، والمتعلق بإحداث محاكم الميدان العسكرية في سوريا.

وعلى الرغم من رمزية هذا القرار ودوره المفترض في تصحيح واقع مخالف للدستور السوري وللقانون الدولي لحقوق الإنسان، إذ لم تمتلك محاكم الميدان العسكرية، أي مشروعية دستورية أو قانونية، ولم تحقق أي شرط من شروط المحاكمات العادلة، خصوصاً أنها تحولت بعد عام 1980 إلى أحد أهم أدوات قوننة القتل والانتقام من المعارضين للحكومة السورية، إذ تشير تصريحات وزير الدفاع الأسبق مصطفى طلاس، التي أدلى بها لمجلة ديرشبيغل الألمانية في عدد شباط/فبراير 2005 إلى أنه كان يوقع على قرابة 150 حكم إعدام أسبوعياً، بالنيابة عن القائد العام للجيش والقوات المسلحة بحق معارضين على اختلاف انتماءاتهم.
ومع انطلاق الانتفاضة الشعبية في العام 2011، تم تكريس دور محاكم الميدان العسكرية كأداة للقتل والتنكيل، حيث يُقدّر عدد المدنيين الذين قضوا بسبب أحكامها بالآلاف وفقا لإحصاءات مركز توثيق الانتهاكات. وعلى الرغم من الأهمية النظرية لإلغاء محاكم الميدان العسكرية، إلا أن شكوكاً كبيرة تدور حول مدى تأثير ذلك على واقع الحقوق والحريات في سوريا، واحترام معايير المحاكمات العادلة. فقد شهدت سوريا نماذج من “الإصلاحات القانونية” النظرية، من قبيل رفع حالة الطوارئ أو إصدار قانون التظاهر السلمي أو قانون الأحزاب، دون أن يكون لها أي أثر من ناحية التطبيق العملي.



كما يخشى من أن يتخذ مرسوم إلغاء المحكمة ذريعةً للإفلات من العقاب في سوريا، من خلال إتلاف أرشيف المحكمة، و ضياع أدلة بالغة الأهمية حول الأحكام وأعداد المحكومين ومصيرهم .حيث لم ينص المرسوم على إحالة ملفات القضايا السابقة إلى القضاء العسكري، ولم يتضمن أي إشارة إلى مصير سجلات المحاكم.

وبالنظر لانعدام الثقة باستقلال السلطة القضائية في سوريا وتبعيتها الكاملة للسلطة التنفيذية، فإن (إحالة القضايا المنظورة أمام محاكم الميدان بحالتها الحاضرة) لايعني ضمان الحق بالمحاكمة العادلة أو الوفاء بأبسط متطلباتها, بالإضافة لما تتضمنه الإحالة بالحالة الحاضرة من حرمان جزء كبير من أصحاب القضايا المنظورة أمام المحكمة من درجة من درجات التقاضي، حيث تنص المادة 4 من المرسوم التشريعي رقم /109/ تاريخ 17-8-1968 على :

  • ب‌-   تتمتع النيابة العامة لدى المحكمة بجميع السلطات والصلاحيات الممنوحة للنائب العام وقاضي التحقيق العسكري .
  • ت‌-   تصدر قرارات النيابة العامة قطعية لا تقبل أي طريق من طرق الطعن.

ما يعني صلاحياتٍ واسعة للنائب العام الذي تصدر قراراته بصفة القطعية، وإهدار حقوق المواطنين الذين أحيلوا إليها في الدفاع، وسلوك طرق الطعن بقرارات النائب العام، الذي جمع وظيفة قاضي التحقيق المنصوص عليها في المادة 23 وما بعدها من قانون أصول المحاكمات العسكري، وذلك خلافاً لقانون أصول المحاكمات العسكرية.

كما أن إحالة جميع القضايا المنظورة أمام محاكم الميدان للقضاء العسكري، يتضمن انتهاكاً لحق نسبة كبيرة من أصحاب القضايا بالمحاكمة العادلة، إذ بحسب المرسوم 109 لعام 1968 فإن هذه المحاكم لا يجوز لها أن تحاكم المدنيين إلا في حالات محددة بنص القانون، و لا يمكن أن يبدأ عملها إلا بعد صدور مرسوم يعلن أن البلاد في حالة حرب. ولم يغير المرسوم “19” لعام 1980 الذي أضاف إلى نص الفقرة ب من المادة الثانية عبارة (عند حدوث اضطرابات داخلية) من طبيعة اختصاص المحاكم الميدانية وفقا للمرسوم 109 آنف الذكر .

وعليه فإننا في المركز السوري للإعلام وحرية التعبير نؤكد على ضرورة :

1- الكشف عن سجلات المحكمة منذ تأسيسها وإعدادها لاطلاع العامة ولتمكين السوريين من حقهم في معرفة الحقيقة، وتمكين الأهالي من معرفة مصير أبنائهم.

2- إحالة القضايا المنظورة أمام محاكم الميدان إلى القضاء الجنائي والقضاء العسكري بحسب الصلاحية وانعقاد الاختصاص.

المخدرات

3- عدم الأخذ بقرارات النيابة العامة في محكمة الميدان لمخالفتها القواعد والأصول القانونية وإحالة القضايا الى قضاة التحقيق العسكري والجنائي للنظر فيها. والإفراج الفوري عن كافة المعتقلين تعسفاً.

4- التأكيد على المسؤولية الجنائية لقضاة المحكمة وللقائد العام للجيش والقوات المسلحة ووزراء الدفاع، وعدم إمكانية الاعتداد بأي نوع من أنواع الحصانة تجاه قراراتهم التي تشكل جرائم، وضرورة إخضاع أعمال المحكمة وقضاتها لآليات العدالة الانتقالية في سوريا.