#########

العدالة والمساءلة

سوريا الثقب الأسود للعمل الإعلامي.. عشر سنوات من الانتهاكات


لم تمر ثلاثة أيام دون انتهاك بحق الإعلام والإعلاميين والإعلاميات.

08 / أيار / مايو / 2021


سوريا الثقب الأسود للعمل الإعلامي.. عشر سنوات من الانتهاكات

*المصدر: المركز السوري للإعلام وحريّة التعبير 

بيان صحفي


في اليوم العالمي لحرّية الصحافة، أطلق المركز السوري للإعلام وحريّة التعبير تقريره المعنون: “سوريا الثقب الأسود للعمل الإعلامي – عشر سنوات من الانتهاكات” والذي شمل توثيقاً للانتهاكات بحق العاملين/ت في المجال الإعلامي الذين تمّ استهدافهم من قبل جميع أطراف النزاع خلال السنوات العشر الماضية منذ العام 2011، وبلغ العدد الذي تمّ توثيقه (1670) انتهاك شملت (1609) عاملاً في المجال الإعلامي، بمعدّل انتهاك واحد على الأقل بحق أحد العاملين/ات في المجال الإعلامي كلّ ثلاثة أيام. إضافة ل 61 اعتداءً على المؤسسات الإعلامية .

وكان من أبرز ما انتهى إليه التقرير، وأكثره أسفاً هو توثيق 22 انتهاكاً بحق القصّر والأطفال، توزّعت بين 20 جريمة قتل و2 اعتقال خلال الأعوام 2012 وحتى 2018 منهم حالات كانت متعاقدة أو متعاونة مع وكالات أنباء دوليّة.

في مجمل السنوات بلغت الانتهاكات بحق الإعلاميين/ات الأجانب 118 انتهاكاً منهم 6 سوريين حاملي جنسيات أوروبية أو امريكية، شهد عام 2012 العدد الأكبر من الانتهاكات بحقهم 28 انتهاك وأقلها عام 2020 ورغم هدوء المعارك سجلت 2 انتهاك بسبب تراجع الاهتمام الدولي بالحدث السوري.

وبحسب التقرير فقد تصدرت الحكومة السورية مرتكبي الانتهاكات بـ 778 انتهاك أي أربعة أضعاف انتهاكات المعارضة المسلحة التي حلت بعدها بـ 196 انتهاك أما النسبة الأقل فكانت 106 انتهاك من قبل الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.

أمّا الانتهاكات بحق الإعلاميّات فقد بلغت (70) انتهاكاً، سجّلت الأعوام 2011-2012 أعلاها ارتفاعاً بحق 11 إعلامية و12 إعلامية لتنخفض إلى إعلاميتين عام 2013 و3 إعلاميات عام 2014.

*- الانتهاكات بحسب سنوات الصراع:

بالنسبة للأعوام، يُعتبر عام 2011 عام الاعتقال التعسفي 106 اعتقال بحق إعلاميين/ات على يد الحكومة السورية المسؤول الوحيد عن الانتهاكات في حينه، في المقابل كان عام 2013 العام الأكثر دمويّة بـ 167 حالة قتل أو إعدام خارج إطار القانون، وهو العام الذي شهد كذلك إعلان مشاركة “حزب الله” العلنيّة في معارك “القصير” وتوسّع تنظيم الدولة في العراق وسوريا الإرهابي.

تأثّر عام 2014 بتأزّم وتعقّد الوضع السوري، مع إعلان دولة الخلافة وتوسّع شبكة المعارك، بين المعارضة المسلحة وتنظيم داعش، ومعارك المعارضة المسلحة مع الحكومة السورية على مختلف الجبهات، وكان العام الذي شهد أعلى نسبة من حالات الإخفاء القسري والخطف بـ 43 حالة في امتداد لما يمكن اعتباره ظاهرة بدأت عام 2013 بخطف الصحفيين/ات وطلب الفدية والتي أدّت لإخراج الصحافة العالمية من سوريا بعد أن كانت قد استهدفتها الحكومة السورية بالتضييق والهجوم المباشر بشكل كبير منذ العام 2012.

عام 2016 ارتكب الطيران الروسي العدد الأكبر من الانتهاكات بحق الإعلاميين/ات منذ تدخله عام 2015 وحتى اليوم بـ 38 انتهاكاً. كما بدأت في شهر آب من العام نفسه عملية درع الفرات العسكرية التركية, واستمرت فيه غارات التحالف الدولي على تنظيم داعش، بالإضافة إلى وجود القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لطهران على امتداد الخريطة، وعملياً غطت المعارك كامل سوريا الأمر الذي انعكس على عدد الانتهاكات ونوعيتها بـ 261 انتهاكاً، وأكبر عدد من الإصابات 121 المسجلة خلال سنوات النزاع، والعدد الأكبر من الانتهاكات بحق القصر المشتغلين في الإعلام بـ 7 انتهاكات، 6 حالات قتل وحالة اعتقال واحدة.

عام 2019 ارتكبت القوات التركية 23 انتهاكاً، العدد الأكبر من الانتهاكات بحق الإعلام منذ بدايات تدخلها عام 2015 حتى اليوم، في المقابل شهدت البلاد انخفاضاً في الانتهاكات لا لانخفاض مستوى العنف بل لانحسار العمل الإعلامي بسبب سيطرة الحكومة على مساحات واسعة من البلاد وبالتالي انحسار العمل الإعلامي في هذه المناطق. وصولاً إلى العام 2020 الذي شهد أخفض معدّل للانتهاكات خلال سنوات النزاع الأمر العائد لانحسار العمل الإعلامي وجائحة كوفيد 19 والهدنة غير المعلنة بين الأطراف منذ نهاية آذار/ مارس وحتى نهاية العام.

*- التحدّيات:

تمثّلت أبرز الصعوبات في التأكّد من حقيقة ارتباط الانتهاك بالعمل الصحفي، وعليه تم استبعاد حالات عدّة تعرّض فيها إعلاميون/ات وناشطون/ات حقوقيون/ات للاعتقال أو التعذيب أو التوقيف نتيجةً لممارسة الحق في حريّة التجمّع السلمي أو الحق بالمشاركة السياسية، ,وتم استبعاد الحالات التي قضى فيها الضحايا من العاملين/ات في المجال الإعلامي نتيجة القصف العشوائي للمناطق المدنيّة أو التفجيرات ولم يتم استهدافهم بشكل مباشر نتيجة عملهم الصحفي. كما تمّ استبعاد فئات الكتاب والفنانين والمدونين والناشطين المدنيين والحقوقيين ممن وقعت بحقهم انتهاكات لممارستهم حقوقهم الأساسية والحق في حرية التعبير، واستبعاد أسماء العسكريين وكل من ثبتت مشاركته بجهد مباشر في الأعمال العسكرية، كذلك استبعاد الأسماء المكناة والمستعارة والتي لا يُعرف صاحبها الحقيقي من قبيل “أبو.. إبن”. علماً أنّ المركز اعتمدّ في منهجيته على تعريف الصحفي/ـة الواردة في مشروع الاتفاقية الدولية لحماية الصحفيين في المهام الخطرة “مشروع اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1973: كل مراسل/ـة أو مخبر/ة صحفي/ـة، ومصور/ة تلفزيوني/ـة، ومصور/ة فوتوغرافي/ـة، ومساعديهم الفنيين في السينما والإذاعة والتلفزيون الذين يمارسون النشاط المذكور بشكل معتاد بوصفها مهنتهم الأساسية “.

كذلك شكل تحديد الطبيعة الجرمية للانتهاك أحد أبرز الصعوبات، خاصّة في حالات القتل، حيث برزت تعقيدات توصيف حالات الإعدام التي تمّت في سجن صيدنايا العسكري والتي نتجت عن التعذيب الشديد أو أحكام الإعدام المرتبطة بالمحكمة الميدانية العسكرية والتي هي محكمة استثنائية، أو حالات القنص التي تعرّض لها العديد من العاملين/ات في المجال الإعلامي، برز صعوبة توصيفها الجرمي كجريمة قتل أو إعدام خارج القانون “أيّ عملية الاغتيال التي تتم باستخدام متعمد للقوة المميتة من قبل الدولة أو وكلائها أو من قبل جماعة مسلحة منظمة موجّهة ضدّ شخص يتم اختياره بشكل فردي”، أم وفاة ناتجة عن الاستهداف غير المباشر/الفردي خلال الهجمات العشوائية على المدنيين، وتحديداً عند تحليل جرائم القنص الُمستخَدم عشوائياً في النزاع وتحديد طبيعة استهداف الإعلامي/ية بشكلٍ مباشر أو غير مباشر، والذي يحتاج إلى تحقيق جنائي أوسع خاصّة لتحديد هل كانت الرصاصة التي قتلت الشخص قد أتت من مكان مواجهة له أم استهدفته من الخلف على سبيل المثال.

يضاف إلى التحديات السابقة الظرف الميداني بالغ التعقيد، ففي نطاقٍ جغرافي محدود نسبياً تعدّدت الجهات التي تمارس الانتهاكات والتي تشمل من طرف الحكومة السورية الأجهزة الأمنية والقضائية وعناصر القوات المسلحة والميليشيات الأجنبية الرديفة، كما تشمل التنظيمات المتطرفة وفصائل المعارضة المسلحة والقوات التابعة للادارة الذاتية الديمقراطية، وقوات الاحتلال التركي، والقوات الروسية وقوات التحالف الدولي, بالتزامن مع نشاط عصاباتٍ على امتداد الجغرافية السورية تمارس أفعال الانتهاكات لدوافع جنائيّة، ما ضاعف من صعوبة عملية التوثيق ويفسرّ إحالة بعض الانتهاكات لجهاتٍ مجهولة. الأسوأ أيضاً كان الاضطرار إلى وجوب لحظ تغيّر التوصيف القانوني لبعض الحالات ممّن تمّ اعتبارهم مختفين قسريّاً ثمّ ظهرت أنباء تفيد بوفاتهم تحت التعذيب، أو آخرون تعرّضوا للاعتقال التعسّفي أو الاختطاف ثمّ تحوّلت الحالة بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات دون ورود أيّ أخبار عنهم إلى مختفين قسراً.

*- التوصيات:

انتهى التقرير إلى أربعين توصيّةً توزّعت إلى الأمم المتحدة، والجهات الفاعلة واللجنة الدستورية كذلك توصيات خاصّة إلى منظمات المجتمع المدني السورية، والمجتمع الدولي.

كانت أبرز التوصيّات على الشكل التالي:

⮚ الالتزام الفوري والشامل بوقف إطلاق النار في عموم سوريا، واتخاذ تدابير عاجلة لوقف الاعتداءات التي تستهدف الإعلام والعاملين/ات فيه بما في ذلك ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﻭﺍﻻﺧﺘﻄﺎﻑ ﻭﺍﺣﺘﺠﺎﺯ الرهائن ﻭﺍﻟﻤﻀﺎﻳﻘﺎﺕ، ﻭﺍﻻﻋﺘﻘﺎل ﻭﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺯ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮني، ﻭﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﻨﻒ وﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺘﻬﺪﻳﺪ.

⮚ جميع الأطراف والحكومة السورية خاصةً للإفراج عن المعتقلين/ات والمختفين/ات قسرياً في السجون ومراكز الاحتجاز الرسمية والسريّة، وإنهاء ممارسات التعذيب والمعاملة المهينة واللاإنسانيّة، والتأكيد على أنّ جميع القوات العسكرية والأمنية والحزبية ملزمة باتباع القانون وبأنّ صلاحيّة التوقيف والاحتجاز والتحقيق محصورة بالسلطة القضائية، والتزام متطلبات المحاكمة العادلة في الهيئات القضائية أو التي تمارس مهام القضاء.

⮚ جميع أطراف النزاع وبخاصّة الحكومة السورية للكشف الفوري وغير المشروط عن مصير المغيبين من المشتغلين في الحقل الإعلامي، والالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1738 عام 2006 بشأن حماية الصحفيين/ات والعاملين/ات في الشأن الإعلامي والمنشآت الاعلامية أثناء النزاعات المسلحة والقرار رقم 2222 لعام 2015 باتخاذ الخطوات المناسبة لكفالة المساءلة عن الجرائم المرتكبة ضدّ العاملين/ات في المجال الإعلامي.

⮚ التحقيق في جميع جرائم قتل الصحفيين/ات والإعلاميين/ات مع التأكد من أنّ التحقيقات تتمتع بالموارد الكافية والفعّالة، وفي الوقت المناسب، وإعادة فتحها إذا لزم الأمر ضمن خطة بإطار زمني محدد لزيادة النسبة المئوية لملاحقة جميع المسؤولين عن قتل الصحفيين/ات والعاملين/ات في وسائل الإعلام؛ والحد من ظاهرة الإفلات من العقاب عن الجرائم المرتكبة بحق الإعلام والعاملين في الحقل الإعلامي.

⮚ مجلس الأمن الدولي للتأكيد على مضمون القرار رقم 2139 الصادر في شباط/فبراير 2014 والذي تضمنت المادة 11 منه إشارةً خاصة للصحفيين/ات بإدانة الانتهاكات الواسعة النطاق من قبل أطراف النزاع وبالأخص الحكومة السورية والمطالبة بالانهاء الفوري لأعمال الاعتقال التعسفي والاحتجاز والتعذيب وإطلاق سراح جميع الأشخاص المحتجزين/ات بـصورة تعسّفية، وفرض إجراءات مشددة على الجهات التي لم تمتثل للقرار.

⮚ اعتماد الاستراتيجيات المتعددة الأطراف لتعزيز حرية وسائل الإعلام, والحماية القانونية للعاملين/ات في مجال الإعلام وتمويل ورشات تدريبية بشأن السلامة المهنيّة للعاملين/ات في مناطق النزاع والمناطق الخطرة والتي تأخذ بالاعتبار المخاطر المحدّدة التي تتعرّض لها الصحفيّات أثناء أداءهنّ لعملهنّ أيضاً.

⮚ حماية الصحفيين/تن والمشتغلين/تن في الشأن الإعلامي في سوريا، وتأمين أماكن للتغطية الإعلاميّة لا تطالها الأعمال القتالية بشكل مباشر، ومعاقبة كل من تثبت عليه تهمة الاعتداء على العاملين/ات في الشأن الإعلامي والتصدي لكل أشكال المنع والمضايقة وعرقلة الحق في الوصول للمعلومات وتداولها.


لقراءة التقرير من هنا