#########

العدالة والمساءلة

سيناريوهات كثيرة.. ما خطة نظام الأسد التي يجهزها لحراك السويداء؟


رفض المحتجون في ساحة "الكرامة" وسط مدينة السويداء، أي محاولة لعسكرة حراكهم الثوري، في إصرار على استمراره السلمي حتى تحقيق تغيير سياسي، وفق القرارات الدولية.

31 / آب / أغسطس / 2023


سيناريوهات كثيرة.. ما خطة نظام الأسد التي يجهزها لحراك السويداء؟

 

*مع العدالة: المصدر” تلفزيون سوريا” 


دخل الحراك الشعبي في السويداء يومه الـ 11 وسط استمرار المظاهرات المنادية بإسقاط النظام السوري ورحيل رئيسه بشار الأسد، دون أن يقل زخمها مستخدمة شعارات الثورة السورية، في مقابل عدم إقدام قوات النظام وأجهزة مخابراته على أي خطوة تصعيدية لقمع المتظاهرين أو اعتقالهم.

ورغم استخدام آلة النظام السوري الإعلامية بكل الوسائل لغة التخوين ومحاولة ترويج شماعة “الانفصال” لتأسيس حكم ذاتي في جنوب السويداء، فإن الحراك الشعبي في السويداء ما زال محافظاً على ثوابته الوطنية الجامعة مطالباً بإسقاط النظام ورحيل رئيسه مع التأكيد على وحدة سوريا وشعبها وتفعيل قرار مجلس الأمن 2254 القاضي بانتقال سياسي برعاية أممية.

ويبدو أن النظام السوري اتخذ قرار عدم الصدام مع الحراك الجاري في السويداء، مركزاً على عامل الوقت بأن المحافظة إلى متى ستبقى تتظاهر وتتحمل الأعباء المعيشية المرافقة للعصيان المدني وإغلاق الفعاليات التجارية فيها.

خلق انقسام داخلي

ويحاول النظام خلق فتنة داخلية بين سكان السويداء أنفسهم عبر تقديم خطاب آخر من داخل المحافظة التي تشكل غالبية سكانها من الطائفة الدرزية، على أن هناك انقساما بين شيوخ العقل، حيث يؤيد الشيخ حكمت الهجري والشيخ حمود الحناوي الحراك الشعبي ومظاهرات الناس ومطالبها، في الوقت الذي يرسل فيه النظام السوري محافظ ريف دمشق صفوان أبو سعدة إلى شيخ الطائفة الثالث يوسف جربوع الذي انحاز إلى النظام.



وقالت مصادر مطلعة لشبكة السويداء 24 المحلية، إن صفوان أبو سعدة، ابن السويداء، جاء إلى مدينته مبعوثاً من بشار الأسد، يوم الثلاثاء، والتقى الشيخ يوسف جربوع، وعدداً من وجهاء المدينة.

وانتشر مقطع فيديو للقاء، يتحدث فيه الشيخ يوسف عن رفض الانفصال. الانفصال المرفوض أصلاً من الحراك الشعبي الذي تشهده السويداء في الأيام الماضية، بحسب هتافات المشاركين فيه.

وقال جربوع، إن علم الدولة هو العلم الذي يمثله، واعتبر أن الحراك الشعبي يطلق هتافات “شاذة”، في إشارة “على ما يبدو” إلى المطالب برحيل النظام وإسقاط الأسد. فقد أكد جربوع في حديثه، انحيازه إلى جانب السلطة وأنها “الخيار الاستراتيجي والوطني”.

وكان سقف البيان الذي أصدره جربوع بعد أيام من بدء الحراك لا يتجاوز تغيير حكومة النظام وفتح معبر بري بين السويداء والأردن، وإبداء اهتمام أكبر بالأوضاع المعيشية والاقتصادية للمحافظة.

في المقابل كان الشيخ حكمت الهجري يؤكد في لقاء مع أهالي مدينة شهبا، على رفض فكرة الانفصال بشكل صارم، مؤكداً أن أبناء السويداء قدموا الدماء لأجل كرامة سوريا، ولا عودة قبل تحقيق مطالب الناس المشروعة.

“خونة .. عملاء.. انفصاليين”

وعملت وسائل الإعلام التابعة للنظام والمقربة منه على بث خطاب تخويني تجاه كل المتظاهرين في السويداء، بحجة أنهم عملاء للخارج وأصحاب مشروع انفصالي مدعوم من الولايات المتحدة وإسرائيل ويتجهون إلى تسليح الحراك وعسكرته، بنفس الطريقة التي كان يوجهها إلى أبناء الثورة السورية في 2011، إلا أن الفارق الوحيد حالياً أن النظام لم يوجه آلة القتل وقمع الاحتجاجات إلى السويداء حتى الآن.

ورفض المحتجون في ساحة “الكرامة” وسط مدينة السويداء، أي محاولة لعسكرة حراكهم الثوري، في إصرار على استمراره السلمي حتى تحقيق تغيير سياسي، وفق القرارات الدولية.

وحتى اليوم الحادي عشر ما زالت حشود من المحتجين، تتوافد من مختلف بلدات وقرى المحافظة إلى ساحة السير (الكرامة) مرددين شعارات تؤكد أن “الشعب السوري واحد”، وهو الشعار الأول للثورة السورية التي بدأت في ربيع العام 2011، ومارس النظام كل أساليب القمع لوأدها.

كما واصل المتظاهرون في ساحة الكرامة ترديد شعارات ثورية أخرى من قبيل “عاشت سورية… ويسقط بشار الأسد”، رافعين صوراً لرموز سورية وطنية، أمثال يوسف العظمة وسلطان الأطرش اللذين واجها الاحتلال الفرنسي في عشرينيات القرن الماضي.

كما وجه المتظاهرون نقداً لاذعاً للشيخ “جربوع” الذي أخذ قراره بالوقوف النهائي مع النظام قائلين له: “يا بتوقف مع شعبك، يا بتمثل نفسك فقط”.

شماعة “داعش”

وكان نظام الأسد قد عمل منذ سنوات على تنشيط تنظيم الدولة “داعش” في البادية السورية القريبة من السويداء، وتوجيه عمل التنظيم إلى المحافظة ذات الأغلبية الدرزية، في محاولة منه لإرعاب المحافظة وتوجيه رسالة خارجية أنه يحمي الأقليات من مخاطر الإرهاب.

وحذر كثير من الناشطين في السويداء من لجوء النظام مرة جديدة لنقل مقاتلين من “داعش” كي يتغلغلوا في بعض مناطق السويداء لارتكاب مجازر كالتي حصلت في تموز 2018 حين قُتل زهاء 150 شخصاً من أبناء المحافظة، وجُرح قرابة 200 آخرين، لحمل القيادات الدرزية على السماح لشباب القرى بالانضمام إلى الجيش.

ولعل ضعف التنظيم حالياً قد لا يسمح بذلك خصوصاً مع اللجان الأهلية العاملة في السويداء والتي تعمل جهدها على منع الدخول والخروج إلا بالحالات الطارئة إلى المحافظة بما يسمح الحفاظ على الأمن في قراها وبلداتها.