التقارير الصادرة عن لجان التحقيق التابعة للأمم المتحدة أكدت جميعها ارتكاب النظام السوري انتهاكات، بلغ العديد منها مستوى الجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، وكان يفترض على مجلس الأمن بعدها أن يتحرك مباشرة لحماية المدنيين
23 / تموز / يوليو / 2020
*المصدر: مركز حرمون للدراسات المعاصرة | غسان ناصر
انطلاق الحراك الثوري السلمي في موجته الثانية جنوبي سورية، وتمدده إلى العديد من المناطق والمدن السورية، من جراء عجز نظام الأسد عن القيام بأي إنجاز سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي، في المناطق الخاضعة لسيطرته، وعدم إطلاق سراح أكثر من 130 ألف معتقل لا يزالون حتى اللحظة قابعين في سجونه، في ظل تفشي وباء كورونا المستجد (كوفيد – 19) في البلاد، ناهيك عن تقاعسه في لمّ شمل الأسر التي شردتها آلته العسكرية، بالتعاون مع روسيا وإيران وميليشياتها الشيعية الطائفية الإرهابية، إضافة إلى تفاصيل وتداعيات “قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين 2019″، الذي دخل حيز التنفيذ في 17 من الشهر الحالي، وغيرها من القضايا السياسية والحقوقية الشائكة، كانت محاور حوارنا مع الأستاذ فضل عبد الغني، مؤسس ورئيس “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، التي تأسست في حزيران/ يونيو 2011، بعد ازدياد الانتهاكات التي يتعرض لها الناشطون المناهضون لنظام الأسد الابن، على خلفية الاحتجاجات الشعبية السلمية الواسعة التي اندلعت منتصف آذار/ مارس 2011 ضد نظامه الاستبدادي الفاسد.
عمل ضيفُنا، على مدار أكثر من تسع سنوات، في الدفاع عن حقوق الإنسان في سورية، منذ الحراك الشعبي نحو الديمقراطية، وهو حاصل على درجة الماجستير في القانون الدولي من جامعة “دي مونت فورت” في المملكة المتحدة، وعلى البكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة دمشق. وهو مؤلف/ مشارك في تأليف العديد من التقارير والتحقيقات والعروض الكتابية والشفهية عن الشأن السوري، في ما يتعلق بحالة حقوق الإنسان في سورية، غطت تلك التحقيقات مجالات عريضة من القضايا، منها الاختفاء القسري، والتعذيب والعنف الجنسي، والقتل خارج نطاق القانون، واستهداف المراكز الطبية، واستخدام الأسلحة الكيميائية والذخائر العنقودية، وحقوق اللاجئين، وغيرها. وكان أن تحدث “عبد الغني” مرات عديدة في مقر الأمم المتحدة، وعبر المنصة الرئيسية في مجلس حقوق الإنسان، وفي البرلمان الأوروبي، عن أنماط الانتهاكات والجرائم التي تعرض لها الشعب السوري، كما كان محاضرًا أيضًا في العديد من مراكز الأبحاث، وهو مُدرّب في ميدان العمل الحقوقي والقانون الدولي الإنساني لمجموعة من الناشطين الإعلاميين والحقوقيين السوريين، كذلك ساهم في تدريب كثير من كوادر فصائل المعارضة السورية، على قواعد القانون العرفي الإنساني، وشارك -كاستشاري مستقل عن ملف حالة حقوق الإنسان في سورية- في جولات عدة من محادثات السلام السورية في جنيف.
هنا نص الحوار معه:
بداية أسألك: هل بدأتْ مع حراك السويداء انتفاضة السوريين الثانية في مناطق سيطرة النظام؟ وهل تتوقع أن نشهد اعتصامات شعبية سلمية تعمّ الأراضي السورية؟
أعتقد أنها بدأت، وهناك مؤشرات نحو الامتداد الأفقي، صحيح أن حراك السويداء المدينة والمدعوم من قبل بعض البلدات المحيطة بها هو الأوسع والأبرز، لكن هناك تظاهرات في طفس في ريف درعا، وحيّ دمر بدمشق، وبلدة زاكية في ريف دمشق، وحي الراشدين في مدينة حلب، هناك تحضيرات تجري لأن يكون هذا الحراك أكثر توسعًا واستدامة. استشراف المرحلة القادمة من هذا الحراك أمرٌ معقد، وقد برزت على السطح الآن أسئلة ما بعد الحرب، وأسئلة مرحلة السلم هي الأشد صعوبة وطالما تهرب منها النظام السوري، لأنه عاجز عن تحقيق أي إنجاز على الصعيد الاقتصادي من ناحية إعادة الاعمار، وترميم البنية التحتية، وتأمين أبسط مستلزمات الحياة كالمياه والكهرباء، بل حتى على صعيد القمح والخبز، وقام بإلقاء كامل الفشل على العقوبات، وعلى “قانون قيصر”. لكن هذه الشمّاعة لم تعد تنطلي على عقول أبسط الموالين للنظام السوري، حيث إن النظام عاجز عن تحقيق أي إنجاز اجتماعي على صعيد لمّ شمل الأسر التي شرّدتها آلته العسكرية بسبب تدمير أحياء وبلدات بأكملها، وإطلاق سراح أكثر من 130 ألف معتقل لا يزالون حتى اللحظة قابعين في مراكز الاحتجاز التابعة له، وقرابة 100 ألف منهم في عداد المختفين قسريًا، مختفون بدون محاكمات أو معرفة مصير، وهذا رقم مخيف، وهو يأتي ضمن سياق أسئلة ما بعد الحرب، فالأسد أعلن مرارًا أنه قد انتصر عسكريًا، فلماذا لا يزال يحتفظ بكل هذا العدد الهائل من المعتقلين؟ ما أودّ قوله -باختصار- أن استحقاقات ما بعد الحرب كثيرة ومُتعددة، وبكل تأكيد فالعامل الاقتصادي محوري فيها، لكنه ليس الوحيد، هناك كما أشرت العامل الاجتماعي في الجوانب التي ذكرتها، وأخيرًا هناك التعامل الأمني الإرهابي، فما زالت الأجهزة الأمنية تتعامل مع المواطن السوري، بالعقلية والتوحش والطائفية التي كانت عليها ما قبل آذار/ مارس 2011 ذاتها، وكل هذا سوف يدفع مزيدًا من السوريين نحو التفكير في أن الخلاص الوحيد والحصري لكل الأزمات إنما يكمن برحيل عائلة الأسد، وذلك لن يتحقق إلا باشتراك أكبر قدر من المجتمع السوري الموالي والمعارض في العمل على تخليص سورية من هذه العائلة البربرية.
ما آثار وأهمية “قانون قيصر” على إعادة تأهيل نظام بشار الأسد؟
أعتقد أن عرقلة تأهيل نظام الأسد هي أهم ميزة لـ “قانون قيصر”، ولذلك دون أدنى شك آثار سلبية جدًا على النظام السوري، وعلى حلفائه، والتأثير على حلفاء النظام أمرٌ غاية في الأهمية، لأنه لولا الدعم الروسي تحديدًا لتخلص السوريون من حكم عائلة الأسد منذ سنوات.
لقد كان هناك عدد من الدول تتأهب لإعادة علاقاتها واستثماراتها مع النظام السوري مثل: مصر، الجزائر، الإمارات، إيطاليا، اليونان، وغيرها، وكانت هناك محاولات من قبل مصر والجزائر لإعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية، وهذا كان محور حديثي في زيارتي للبيت الأبيض، في آذار/ مارس 2019 [1]، وحديثي مع مسؤول الملف السوري في البيت الأبيض، عن نية عدد من الدول إعادة علاقاتها مع النظام السوري، وكان موقف الإدارة الأميركية واضحًا وصلبًا في الطلب من كل الدول التي تربطها علاقات مع الولايات المتحدة الأميركية بأن لا تعيد علاقاتها مع نظام الأسد، لكن بعض هذه الدول حاول وكرر المحاولات، مثل مصر، على سبيل المثال. الآن “قانون قيصر” لا يكتفي بإرسال تحذيرات بل يتخذ عقوبات تنفيذية مباشرة بحق الدول والشركات والأفراد التي سوف تساهم في عملية إعادة الإعمار أو دعم عمليات النظام السوري العسكرية، ولا يستهدف القانون الدول “الصديقة” للولايات المتحدة الأميركية فقط، بل يشمل كل الدول، حتى الدول الشمولية الداعمة لنظام الأسد الشمولي، مثل الصين وإيران وروسيا. فهل ستكون هذه الدول مستعدة لأن تُستهدف شركاتها حول العالم، وهي ترتبط بشكل أو بآخر بالعملة الأميركية “الدولار” العملة الأقوى في العالم، مقابل الاستثمار مع نظام الأسد؟ هذا ما نأمل أن تصل إليه روسيا، وأن تبدأ بالتخلي الفوري عن نظام الأسد لأنه لا يوجد هناك أي أمل في إعادة تأهليه واستعادة ما أنفقته روسيا، إذا بقي نظام الأسد، فلن تكون هناك عملية إعادة إعمار، ولا استقرار ولا عودة لأكثر من 13 مليون سوري مشرد، ما بين نازح ولاجئ، وبالتالي لن تدور عجلة الاقتصاد السوري مجددًا.
من ناحية أخرى، فقد وُضعت شروط محورية لإيقاف العقوبات، نصت عليها الفقرة 301 من هذا القانون [2]، أبرزها: عدم استهداف المدنيين والمراكز الحيوية من قبل قوات النظام السوري وروسيا وإيران، وإطلاق سراح كل السجناء السياسيين المحبوسين قسرًا، وسماح النظام السوري بعودة السوريين المهجرين بسبب النزاع عودة آمنة وطوعية وكريمة، وأهم وأقصى شرط، من وجهة نظري، هو قيام الحكومة السورية باتخاذ خطوات قابلة للتحقق، لإجراء محاسبة هادفة لمرتكبي جرائم الحرب في سورية، ولإنصاف ضحايا جرائم الحرب التي ارتكبها نظام الأسد، وبإمكاننا القول: إن النظام السوري لن يطبق أيًا من هذه الشروط، وكانت لديه مدة 180 يومًا، منذ إقرار القانون في منتصف كانون الأول/ ديسمبر 2019 [3] لتطبيق هذه الشروط، وإنهاء تطبيق جميع العقوبات المفروضة، لكنه لم ينفذ أيًا منها، بل إنه شن هجومًا بربريًا على إدلب وما حولها، بعد إقرار “قانون قيصر”، واستمر في عملياته العنيفة حتى بداية شهر آذار/ مارس 2020، ولا أعتقد أنه بعد دخول القانون حيز التنفيذ في 17 حزيران/ يونيو الجاري سوف يطبق أيًا منها، لأن هذه الشروط تحمل في طياتها نظامًا يحترم ويراعي حقوق الإنسان الأساسية، ونظام الأسد ليس من هذا النوع مطلقًا، وبالتالي فإن العقوبات الواردة في “قانون قيصر” مستمرة، وإعادة تأهيل الأسد شبه مستحيلة ومكلفة للغاية.
أهداف ورسائل “قانون قيصر”
بماذا يختلف “قانون قيصر” عن قرارات مجلس الأمن، وقرارات الجمعية العامة، وتقارير لجنة التحقيق الدولية، التي لم يلتزم بها النظام ولا حلفاؤه، خاصة روسيا وإيران؟
التقارير الصادرة عن لجان التحقيق التابعة للأمم المتحدة أكدت جميعها ارتكاب النظام السوري انتهاكات، بلغ العديد منها مستوى الجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، وكان يفترض على مجلس الأمن بعدها أن يتحرك مباشرة لحماية المدنيين، لأن القرار التنفيذي من أجل التدخل في سورية لإيقاف النظام السوري هو بيد مجلس الأمن حصرًا، لكن مجلس الأمن، بسبب الحماية الروسية والصينية للنظام السوري، لم يتدخل، الأمر الذي شجع النظام على الاستمرار في ارتكاب الجرائم، وشجع حليفيه روسيا وإيران على ارتكاب جرائم حرب بحق الشعب السوري، وشجع بقية أطراف النزاع على ذلك.
وبشكل مشابه، فقد أدانت كل تقارير الجمعية العامة، عندما تحدثت عن حالة حقوق الإنسان في سورية، النظامَ السوري بشكل واضح ومباشر، ولكنها لا تحمل أي صيغة إلزامية، كما صدرت قرارات عدة عن مجلس الأمن، اخترقها النظام السوري بشكل واضح، وهذا بحسب تقارير الأمين العام للأمم المتحدة أيضًا، وكان على مجلس الأمن أن يتحرك بشكل جدي لردع النظام السوري، لكنه لم يفعل بسبب الحماية الروسية أولًا، وبسبب تركيبة مجلس الأمن الدولي، التي أثبت النزاع السوري أنها تركيبة فاشلة، لا تكترث بتطبيق القانون الدولي إلا عندما يكون هناك توافق سياسي، وهي بعيدة كل البعد عن حماية حقوق الإنسان الأساسية، وبخاصة عندما يتم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وبالتالي فلم يعد هناك أي جدوى أو فعالية لقرارات مجلس الأمن.
أما “قانون قيصر” فهو صادر عن الولايات المتحدة الأميركية، وهي المعنية بتطبيقه، ولا يحتاج إلى توافق عدة دول أو موافقة أطراف أخرى، وإضافة إلى ذلك فهو أصبح قانونًا أميركيًا، بمعنى أن على الحكومة الأميركية واجب تطبيقه، سواء كانت الإدارة جمهورية أو ديمقراطية، كما أنني أعتقد أن العقوبات الأميركية هي الأقسى في العالم، وسوف تطبق بشكل صارم على روسيا وإيران، في حال خرقها، ولن يكون هناك أي تساهل في هذا الخصوص، بخلاف العقوبات الأممية التي ربما لا تتمكن من معاقبة دول مارقة مثل روسيا، إذا قررت خرق العقوبات وتمرير أسلحة وقوات إلى النظام السوري، فربما لا تتمكن الأمم المتحدة من فرض عقوبات على روسيا أو حتى على الشركات الروسية؛ لأن روسيا دولة نافذة ضمن الأمم المتحدة، ولديها لوبي من الدول المارقة الاستبدادية التي تتبع توجيهاتها وتصوت لصالحها دائمًا، مثل فنزويلا وكوبا وإيران والصين ومثيلاتها.
ألا تخشى أن يصمد نظام الأسد خمس سنوات هي مدى “قانون قيصر”، ويصر على عدم الاتجاه نحو حل سياسي مرجعيته بيان جنيف (2012)، والقرار الأممي رقم 2254؟
نعم، هناك خشية أن يصمد نظام الأسد، فهو نظام توتاليتاري شديد التماسك العصبي الطائفي، لا يكترث لمعاناة الشعب، وقد دمّر أحياء وبلدات بأكملها، وشرد 13 مليون نسمة، وقتل مئات الآلاف، في سبيل أن تبقى عائلة الأسد في الحكم، لكنني أعتقد أنه من الصعوبة بمكان أن يتمكن نظام الأسد من الصمود مدة خمس سنوات دون تلقي دعم من حلفائه روسيا وإيران، ومقولة “إن العقوبات لا تُسقط أنظمة” ليست مقولة دقيقة، كما أن سورية تشهد حالة ثورة شعبية واسعة، وليست حالة دولة مستقرة فُرضت عليها عقوبات، وهذا فرق جوهري، إضافة إلى أن النظام السوري استنفد أغلب موارد الدولة خلال السنوات التسع الماضية، وأنا أتمنى أن لا يصمد النظام كثيرًا، وأن يخضع للتغيير السياسي، كي يتم اختصار أكبر قدر ممكن من معاناة الشعب السوري في المناطق الخاضعة لسيطرة الأسد، ذلك الشعب الذي وقع رهينة بيد النظام، كما أن كامل الدولة السورية رهينة ومخطوفة من قبل عائلة الأسد، وكلما كان الضغط على النظام جديًا وكبيرًا بحيث لا يترك له أي مجال؛ أيقن هو وحلفاؤه أن عليه الدخول في مفاوضات نحو انتقال سياسي، ولذا طالبنا دائمًا بأن يتم تعزيز العقوبات الاقتصادية بإرادة وفاعلية سياسية، كي يتم تخفيف المعاناة عن أهلنا ودولتنا التي أصبحت وأهلنا مخطوفين من قبل النظام السوري، وبالمناسبة، إن هذا ينطبق تمامًا على المعتقلين، ولهذا يطالب بعض الأصدقاء بتخفيف العقوبات عن النظام، خوفًا على الرهينة التي هي الشعب السوري، ولكن خبرتنا مع هذا النظام تقول إنه سوف يستخدم الموارد الجديدة في قمع وإرهاب الشعب السوري، ويمتص أكبر قدر ممكن من المساعدات لصالحه، وقد أصدرنا في “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” تقريرًا تقنيًا مفصلًا [4] حول هذه القضية الحساسة، كما ألقيت عنها محاضرة في (مركز حرمون للدراسات المعاصرة) [5].
أخيرًا، في حال صمود نظام الأسد خمس سنوات، فإن بإمكاننا العمل على أن يكون هناك تمديد للقانون خمس سنوات جديدة، وصحيح أنه بحاجة إلى أن يكون هناك تصويت مجددًا، من كل من مجلسي النواب والشيوخ، وكأنه تمرير لقانون جديد، لكنني أعتقد أنه سوف يكون أسهل من إنشاء قانون من الصفر، والتوافق على صياغته ولغته وتمريره من الصفر في جميع المراحل التي مرّ بها القانون الحالي.
في السنوات الثمانية الماضية، سال حبر كثير حول موضوع إعادة إعمار سورية. سؤالي ماذا عن إعادة الإعمار مع دخول “قانون قيصر” حيز التنفيذ؟
أعتقد أن عملية إعادة الإعمار قد توقفت بشكل شبه تام، وإن أحد أهمّ أهداف ورسائل القانون منعُ تمويل النظام السوري وشركاته والعائلات المرتبطة به التي تُشكل عصابة مافيا من الاستفادة من موارد عملية إعادة الإعمار، وكذلك منع الشركات الروسية والإيرانية من ذلك أيضًا، وقد كانت هناك محاولات جدية للبدء بإعادة إعمار جزئية في بعض المناطق، بحجة مساعدة أهالي تلك المناطق في العودة إليها. ومن وجهة نظري، أرى أن أي عملية إعادة إعمار كانت سوف تجري في ظل بقاء نظام الأسد هي دعم وتمويل لهذا النظام، لأنه سوف يعيد استخدام الغالبية العظمى من هذه الموارد في عمليات القمع والقصف والإرهاب.
إذا رغبت روسيا وإيران في المساهمة في عملية إعادة إعمار سورية؛ فإن عليهما التخلي الفوري عن نظام الأسد، والضغط الفعلي لتحقيق انتقال سياسي نحو الديمقراطية، يرسي الاستقرار وعودة المشردين، ويبدأ مسار العدالة الانتقالية ومن ضمنه عملية إعادة الإعمار.
“قيصر” يشمل أفرادًا وكيانات روسية وإيرانية
ما الدور الرئيس الذي أدّته المنظمات والهيئات الحقوقية السورية المعنية بتوثيق انتهاكات قوات النظام وحلفائه بحق السوريين، على امتداد الخريطة السورية الممزقة، بالدفع نحو تجهيز “قانون قيصر” وإصداره؟
اسم القانون هو “قانون قيصر لحماية المدنيين في سورية لعام 2019” [6]، ويتم اختصاره بـ “قانون قيصر”، وتكريمًا لما قام به، وبكل تأكيد فقد لعب قيصر (اسم مستعار لمصور سوري سابق كان يعمل في مركز التوثيق للشرطة العسكرية التابعة لجيش النظام) والصور التي سرّبها الدور الأساس في إقرار هذا القانون، لكن من المهم أيضًا الإشارة إلى أن هناك جهودًا إضافية ساهمت في ذلك، مثل دور الجالية السورية في الولايات المتحدة الأميركية، والتقارير التي حللت الصور وأكدت موثوقيتها، وحددت هويات مئات من الضحايا الذين وردوا في هذه الصور، واستمرار عمليات التعذيب التي قام بها النظام السوري واستخدامه للأسلحة الكيميائية وغير ذلك من العوامل، كل ذلك لعب دورًا أيضًا في إقرار القانون، كما أدت كثير من المنظمات السورية والدولية دورًا في هذا المجال. وهو يشمل إضافة -إلى ما ذكرت- الانتهاكات التي قامت بها القوات الإيرانية، وكذلك الانتهاكات التي قامت بها القوات الروسية بعد تدخلها في سورية في أيلول/ سبتمبر 2015، وقد تحرك العمل على القانون بفاعلية، بعد التدخل الروسي في سورية، وفي الحقيقة إن أهم ما يضيفه القانون هو العقوبات على الشركات والأفراد الروس والإيرانيين الداعمين للنظام السوري، لأن أغلب ما ورد في القانون من عقوبات بحق النظام السوري هي عقوبات منصوص عليها منذ عام 2011.
كي لا أطيل الإجابة في هذه النقطة، سوف أكتفي بضرب مثال واحد، لكنه حيوي، إن “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” هي المصدر الأول (أو الثاني أو الثالث، بحسب كل سنة) [7] في كل التقارير التي تصدر عن وزارة الخارجية الأميركية في ما يتعلق بحالة حقوق الإنسان في سورية، منذ عام 2011 حتى الآن، وقد أخبرني أحد أصدقائي السوريين الأميركان الذين عملوا بجد في سبيل إقرار “قانون قيصر” بأن هذه التقارير تُشكل مرجعًا أساسيًا لأعضاء الكونغرس، لأنها صادرة عن الحكومة الأميركية، التي يثقون في موضوعيتها ومنهجية عملها، وهذه التقارير تتضمن مختلف أنماط الانتهاكات التي وقعت بحق المدنيين، من النظام ومن حلفائه، كما ترد فيها إحصائيات كاملة لبعض من الانتهاكات، كحصيلة الضحايا المدنيين والمختفين قسريًا والمعتقلين وضحايا التعذيب والتشريد القسري، وقد أدت هذه التقارير دورًا حيويا في إطلاع عدد كبير من أعضاء الكونغرس على حقيقة ما يجري من جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في سورية، وبأنه يجب على الكونغرس الأميركي الدفاع عن روح القانون الدولي، وإصدار قانون أميركي يُجرم هذه الأفعال المتوحشة، وبالمناسبة، نأمل أن تقوم جهات تشريعية أخرى في دول العالم المتحضر، مثل دول أوروبا الغربية، وكندا وأستراليا، بإصدار تشريعات مماثلة لـ “قانون قيصر”.
وقّعت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، في كانون الثاني/ يناير الماضي، وثيقة مبادئ التعاون مع فريق التحقيق وتحديد مسؤولية الهجمات – Investigation and Identification Team (IIT) في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية(OPCW). إلى ماذا يحيل ذلك في سياق محاسبة أركان النظام السوري المتورطين في استخدام الأسلحة الكيميائية وأسلحة الدمار الشامل في سورية وملاحقتهم والحرص على عدم إفلاتهم من العقاب؟
تمتلك “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” قاعدة بيانات واسعة عن استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية، فقد وثقت استخدامها بشكل مستمر، منذ أول استخدام موثق لدينا لهذا السلاح في كانون الأول/ ديسمبر 2012، حتى آخر هجوم في الكبينة بريف اللاذقية بتاريخ 19 أيار/ مايو 2019، هذه التوثيقات التي نقوم بها وغيرها هدفها خدمة مسار المحاسبة والعدالة الانتقالية، وضمن هذا السياق جاء توقيع وثيقة مبادئ التعاون [8] مع فريق التحقيق وتحديد مسؤولية الهجمات – Investigation and Identification Team (IIT) في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW)، من أجل المساهمة في التحقيقات في الحوادث التي يقوم بها الفريق حاليًا وفي المستقبل، وقد توسعت ولاية منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في 27 حزيران/ يونيو 2018، وأصبح بمقدورها تحديد هوية مرتكبي الهجمات الكيميائية، بعد أن بقيت ولايتها لسنوات طويلة منذ تأسيسها في 29 نيسان/ أبريل 1997 تقتصر على تأكيد استخدام الأسلحة الكيميائية أو عدمه، من دون تحديد هوية المجرم الذي استخدمها، وهذا في الحقيقة إنجاز قانوني وحقوقي مهم، ويعود الفضل الأكبر فيه للضحايا الذين قتلوا أو أصيبوا عندما استخدم النظام السوري الأسلحة الكيميائية ضدهم، وذلك بعد أن أنهت روسيا عمل آلية التحقيق الدولية المشتركة، التي أنشأها قرار مجلس الأمن 2235 [9] في آب/ أغسطس 2015 من أجل تحديد مرتكبي جريمة استخدام الأسلحة الكيميائية، عبر حق النقض في مجلس الأمن في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، مرتين متتالتين في غضون 24 ساعة [10].
بدأ فريق التحقيق وتحديد المسؤولية في لجنة حظر الأسلحة الكيميائية عمله في تموز/ يوليو 2019، واختار تسع حوادث للعمل عليها كمرحلة أولى، وبعد أشهر من العمل المتواصل وفقًا لمنهجية ومعايير عالية؛ أصدر فريق التحقيق وتحديد المسؤولية في لجنة حظر الأسلحة الكيميائية تقريره الأول [11]، وكان عن 3 حوادث في مدينة اللطامنة بريف حماة، وأكد التقرير بشكل حاسم استخدام قوات النظام السوري غاز السارين في هجومي 24 و30 آذار/ مارس 2017، والكلور في هجوم الـ 25 من الشهر ذاته، الذي استهدف مشفى اللطامنة.
بكل تأكيد، إن هذه النتيجة مزعجة للروس الذين نفوا استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية في مجلس الأمن، وكذلك مرات متكررة عبر تصريحات لوزارة الخارجية الروسية، والتقرير يحتوي على كمّ كبير من الأدلة والتفاصيل، ونظرًا لكون “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” قد وقعت على وثيقة مبادئ التعاون مع فريق التحقيق وتحديد المسؤولية، وشاركت ما لديها من بيانات وأدلة عن هذه الحوادث الثلاث، فإني أستطيع التأكيد من خلال النقاش والعمل مع فريق التحقيق بأنه فريق عمل محترف وعلى درجة عالية من الدقة والموثوقية، وبأن التقرير يحتوي على كمّ كبير من الأدلة والتفاصيل التي تنسف الرواية الروسية بالكامل، وتنهي أية صدقية للروس في ملف الأسلحة الكيميائية، وإن فريق التحقيق وتحديد المسؤولية سوف يشارك كل هذه البيانات مع آلية التحقيق الدولية التي بإمكانها بناء قضية ضد النظام السوري عن استخدام الأسلحة الكيميائية، وتقديمها للمحاكم الأوروبية التي تتمتع بميزة الولاية القضائية العالمية، وبالإمكان الاستناد على تلك الأدلة والبيانات في أي محكمة دولية أو خاصة أو وطنية، يكون لديها اختصاص محاكمة مرتكبي الانتهاكات في سورية.
في هذا السياق، ما أهمية مذكرة التفاهم التي وقعتها “الشبكة السورية” مع حكومة الولايات المتحدة الأميركية، في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، التي تنص على بناء آلية تنسيق وتعاون من أجل مشاركة المعلومات والبيانات التي وثقتها “الشبكة” عن انتهاكات حقوق الإنسان في سورية، وعن المتورطين في تلك الانتهاكات، وكذلك مذكرة التفاهم التي وقعتموها في شباط/ فبراير الماضي مع منظمة النتائج الإنسانية – Humanitarian Outcomes ضمن مشروع قاعدة بيانات أمن عمال الإغاثة-The Aid Worker Security Database (AWSD) ؟
هذه الاتفاقية نتيجة طبيعية لثمرة تعاون مستمر على مدى تسع سنوات مع وزارة الخارجية الأميركية، وبشكل رئيس مع “مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل”، وقد اعتمدت وزارة الخارجية الأميركية، في جميع التقارير التي صدرت عن حالة حقوق الإنسان في سورية، على معلومات وإحصائيات “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، كمصدر أساس يشار إليه عشرات المرات ضمن التقرير الواحد.
وتنصّ مذكرة التفاهم على بناء آلية تنسيق وتعاون من أجل مشاركة المعلومات والبيانات التي وثقتها “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” عن انتهاكات حقوق الإنسان في سورية، وعن المتورطين في تلك الانتهاكات؛ ذلك بهدف الاشتراك في عمليات التحقيق التي تقوم بها حكومة الولايات المتحدة الأميركية في بعض من تلك الانتهاكات، ووضع أكبر قدر من المتورطين في تلك الانتهاكات على قوائم العقوبات الاقتصادية والسياسية؛ ما يُشكل إعاقة كبيرة لأي تأهيل للنظام السوري بمختلف أركانه، وشكلًا مهمًا من أشكال المحاسبة المتاحة حاليًا.
وعلى سبيل المثال، فقد ساهم التحقيق الذي قامت به “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، عن قيام النظام السوري باستخدام أسلحة كيميائية في قرية الكبينة بريف اللاذقية، في تعزيز التحقيق الذي أجرته الخارجية الأميركية، وأثبتت فيه مسؤولية النظام السوري عن هذا الهجوم الكيميائي [13].
أما عن مشروع قاعدة بيانات أمن عمال الإغاثة -The Aid Worker، فقد وقّعت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” في شباط/ فبراير 2020 مذكرة تفاهم [14] مع منظمة النتائج الإنسانية – Humanitarian Outcomes ضمن مشروع قاعدة بيانات أمن عمال الإغاثة -The Aid Worker Security Database (AWSD) ، وتنص هذه المذكرة على بناء آلية تنسيق وتعاون مشترك تهدف إلى توثيق وأرشفة ما يتعرض له العاملون في الحقل الإغاثي من انتهاكات وعنف، وسوف يساعد ذلك بفاعلية في دراسة وتحليل ثم توصيف العمل الإغاثي في سورية، ومقارنته مع بقية دول العالم وفقًا لقاعدة بيانات أمن عمال الإغاثة.
وتعدّ قاعدة بيانات أمن عمال الإغاثة (AWSD) [15] التي أصبحت متاحة على شبكة الإنترنت للعموم في عام 2009 أشمل قاعدة بيانات عالمية لأبرز حوادث العنف المسجلة ضد عمال الإغاثة، منذ 1997 حتى الآن. وهي معتمدة من قبل الأمم المتحدة والصليب والهلال الأحمر ومنظمات إنسانية غير حكومية عديدة حول العالم. وتسجّل (AWSD) حصيلة عمال الإغاثة المتضررين، والمؤسسة التي يعملون معها، وموطن العامل المتضرر أهو من أبناء البلد ذاته موقع الانتهاك أم من خارجه، وأساليب العنف المستخدمة ووسائله، وتاريخ الحادثة ومكانها، وتفاصيل عديدة أخرى؛ بهدف تقييم تأثر الدعم الإنساني بحوادث الاعتداء.
وتمتلك “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” قاعدة بيانات تفصيلية، تشمل الضحايا من عمال الإغاثة واستهداف وقصف المراكز وقوافل الإغاثة وعمليات الاعتقال والاختفاء القسري التي تعرضوا لها.
ونحن في “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” ندعم عمل مشروع قاعدة بيانات أمن عمال الإغاثة (AWSD) بشكل كامل، ونرى ونؤكد أن هذه التحقيقات هي جزء أساس من مسار محاسبة المتورطين في ارتكاب انتهاكات بحق العاملين في المجال الإنساني في سورية، وملاحقتهم والحرص على عدم إفلاتهم من العقاب وفضح جرائمهم، وانتهاكاتهم لأحكام القانون الإنساني الدولي العرفي.
أخطار تفشي كورونا في سجون الأسد
هل ترون أن هناك إمكانية لمحاسبة قادة الحكم في موسكو وطهران وزعماء الميليشيات الشيعية، وفي مقدمتهم (حزب الله اللبناني)، ممن ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سورية، في محاكم دولية مثل “المحكمة الجنائية الدولية” في لاهاي مثلًا؟ وكيف السبيل إلى ذلك؟
جميع هؤلاء قد اعترفوا بشكل رسمي بتدخلهم في النزاع المسلح في سورية، ولنفرض أن النظام السوري المسيطر على الدولة السورية والمعترف به من قبل الأمم المتحدة هو الذي دعاهم للقتال إلى جانبه، فيجب عليهم أن يلتزموا بالقانون الدولي الإنساني في أثناء القتال، وهو ما لم يقوموا به، بل إنهم مارسوا خرقًا لعدد كبير من قواعد القانون العرفي الإنساني وبشكل واسع ومدروس، وتُشكل الانتهاكات الفظيعة لبعض قواعد القانون العرفي والقانون الدولي الإنساني جرائم حرب، وأيضًا جرائم ضد الإنسانية، على سبيل المثال جرائم القتل خارج نطاق القانون التي قامت بها هذه الجهات كانت واسعة ومتعمدة، وكذلك التشريد القسري والاستهداف الواسع للسكان بالهجمات العشوائية، وغير ذلك مما وثقناه في عشرات التقارير (هناك قاعدة بيانات خاصة بالانتهاكات التي قامت بها القوات الروسية التي قتلت، منذ أيلول/ سبتمبر 2015 حتى الآن، قرابة 7000 مواطن سوري، من بينهم نحو 2000 طفل)، هذه الجرائم تدخل ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، لكن سورية دولة غير مصادقة على ميثاق المحكمة الجنائية، لأن نظام الأسد يتجنب بشكل كبير المصادقة على معاهدات حقوق الإنسان، وبالتالي لا بد أن يكون هناك إحالة من مجلس الأمن الدولي حتى يصبح للمحكمة اختصاص، وروسيا عرقلت الإحالة عبر حق النقض، وهي بسبب تورط قواتها مستعدة لاستخدام حق النقض مليون مرة وأكثر، إذًا لا يوجد أي سبيل عبر هذه المحكمة.
يبقى الطريق الوحيد المتاح حاليًا هو رفع محكمة ضد انتهاكات روسيا أو إيران، عبر المحاكم ذات الاختصاص القضائي العالمي، مع أن هذا الاخصاص محدود لكنه الوحيد المتاح حاليًا.
تزداد مخاوف السوريين على مصير آلاف المعتقلين من وصول وباء كورونا المستجد (كوفيد – 19) إلى سجون النظام. ما هي معلوماتكم عن واقع السجون الآن وأحوال المعتقلين؟ وكيف يمكن تأمين الحماية لهم من قِبل مؤسسات وهيئات دولية إنسانية وطبية وإغاثية؟ وهل وجهتم خطابات بهذا الخصوص للجهات المعنية؟
هناك قرابة 130 ألف معتقل، لا يزالون في مراكز احتجاز النظام السوري [16] ، ويتعرض المعتقلون والمختفون قسريًا، لدى جميع أطراف النزاع في سورية، لأساليب تعذيب غاية في القسوة، تؤثر سلبًا على صحتهم الجسدية والنفسية، الأمر الذي يصعب عليهم الشفاء من الفيروس في حال الإصابة به، وقد سجلنا في تقرير مفصل [17] أصدرناه سابقًا ما لا يقل عن 72 أسلوب تعذيب مورس في مراكز الاحتجاز والمشافي العسكرية التابعة لقوات النظام السوري، ولكن أبرز أساليب تعذيب المتبعة من قِبل نظام الأسد والتي تجعل من المعتقلين فئة هشة للغاية ومعرضة بشكل خطير لانتشار فيروس كورونا المستجد بينهم هي:
- حجز وحبس المعتقلين في مراكز الاحتجاز ضمن ظروف صحية شبه معدومة وتفتقر إلى أدنى شروط السلامة الصحية، وفي مقدمتها مقرات الأفرع الأمنية الأربعة والسجون العسكرية، حيث يُحتجز المعتقلون ضمن زنازين بمساحات مختلفة يبلغ متوسط مساحة الزنزانة (4 × 6 م2)، وقد تضم قرابة 50 معتقلًا، أي بالكاد يحصل المعتقل على مساحة (70 سم2) من أجل الجلوس والنوم، وعادة ما يتناوب المعتقلون على استخدام هذه المساحة، عندما تفوق أعدادهم القدرة الاستيعابية للزنزانة، وبسبب ضيق الزنزانات أيضًا يتعرض المعتقلون للاختناق، ويعانون ضيق التنفس من جراء استنشاق رائحة التعرق والصديد والدماء الناتجة عن الجروح.
- تفتقر أغلب الزنازين إلى التهوية والنظافة، وتزداد الأوضاع سوءًا في الزنازين والمنفردات التي تقع في الطوابق السفلية التي ينعدم فيها حتى الضوء، ويمنع المعتقلون، طوال مدة اعتقالهم في الأفرع الأمنية، من الخروج إلى ساحة التهوية للتعرض للشمس، ولا يتمكن المعتقلون من الاستحمام إلا نادرًا (مرة واحدة كل عدة أشهر وربما أكثر) طوال مدة اعتقالهم التي كثيرًا ما تدوم سنوات عديدة، وهذا ما ساهم بشكل أساسي في انتشار الأمراض والأوبئة والعدوى، وخاصة التنفسية والجلدية.
- ظروف الاحتجاز القاسية هذه تزداد وطأة مع ارتفاع درجات حرارة الطقس أو انخفاضها، حيث تمنع قوات النظام السوري إعطاء المعتقلين في مراكز الاحتجاز الكمية الكافية من الوسائد والأغطية، وغالبًا ما تكون متسخة وذات رائحة كريهة وتحتوي على الطفيليات أو الدماء، كما أن ملابس المعتقل غالبًا ما تكون مهترئة أو ممزقة، بسبب التعذيب أو بسبب فقدانها عند التفتيش، حيث يُجبر المعتقل على نزع كامل ملابسه، وهذه الممارسات جميعها تُعرض المعتقلين للبرد القارس والرطوبة في فصل الشتاء، عندما تكون درجات الحرارة في حدودها الدنيا.
- عمليات الضرب والتعذيب الجسدي والنفسي والتحقيقات المتواصلة، ورداءة الطعام المقدم إلى المعتقلين، تجعلهم في صحة جسدية سيئة، وتجعل مناعتهم ضعيفة، وبالتالي فهم أكثر عرضة للوفاة.
- في حال إصابة أحد المعتقلين أو المعتقلات، لا يقوم النظام السوري غالبًا بعزله عن البقية أو تقديم الرعاية الطبية له، فالرعاية الطبية شبه غائبة عن المعتقلين، بل إن معظم الوفيات بسبب التعذيب (بلغت حصيلة الوفيات الإجمالية بسبب التعذيب لدى النظام السوري قرابة 14237 شخصًا) بنسبة تراوح ما بين 70 إلى 75 %، كانت بسبب المرض ثم الإهمال، حيث يُعذّب المعتقل المريض حتى الموت، ونعتقد أن هذا ما سوف يحدث في حالة إصابة أي معتقل بفيروس كورونا المستجد، فهو سوف يترك مع المعاناة، إما ينجو أو يموت.
- تتشابه ظروف الاعتقال في الأفرع الأمنية والسجون العسكرية إلى حد ما مع السجون المدنية المركزية، من حيث الاكتظاظ والتكديس البشري والافتقار إلى النظافة والتهوية.
- إن أزيدَ من 85 % من المعتقلين، قد اعتقلوا على خلفية سياسية نتيجة معارضتهم للنظام السوري أو السلطات الأخرى، وبالتالي فإن إهمال مصيرهم في ظل تفشي فيروس كورونا هو فرصة مواتية للتخلص من أكبر قدر منهم.
يجب على مجلس الأمن أن يطبّق ما أصدره من قرارات بحق المعتقلين في سورية، والتي انتهكها النظام السوري بشكل صارخ ومتكرر، وما زال ينتهكها حتى الآن، مثل القرارات: 2042، 2139، 2254، أو أن يكون هناك -على الأقل- ضغط من مجلس الأمن والمنظمات الدولية، للإفراج عن 3327 مواطنًا سوريًا من الكوادر الطبية [18]، لأن المجتمع بأمس الحاجة إليهم في ظل هذه الجائحة. وعلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر الضغط واتخاذ كل الخطوات في سبيل الوصول إلى المعتقلين، ومحاولة الكشف عن مصيرهم وما يتعرضون له من أساليب تعذيب، ومساعدتهم في أسرع وقت ممكن.
لقد أصدرنا عددًا من التقارير، تحدثنا فيها عن كل ما سبق وذكرته، وقمنا بإيصال تلك التقارير لهيئات عدة في الأمم المتحدة ولعدد من دول العالم، وشاركنا تلك البيانات مع عدد من منظمات حقوق الإنسان الدولية، من أجل القيام بتحرك أكبر في هذا الإطار، وسوف نستمر في التذكير بهذه القضية وإثارتها، لأن التهديد بإصابة المعتقلين بفيروس كورونا المستجد جدي ومتواصل.
ما الأرقام الحقيقية الموثقة لدى “الشبكة السورية” عن أعداد المعتقلين السوريين في سجون الأسد في المرحلة الراهنة؟ وهل لديكم قوائم موثقة بحالات الاعتقال التعسفي أو الاختفاء القسري، مع دخول الثورة السورية عامها العاشر؟
إن عملية توثيق حالات الاعتقال وتحول المعتقل إلى عداد المختفين قسريًا أو الإفراج عنه، من أعظم التحديات والصعوبات التي واجهت فريق “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، كما هو موضح في منهجيتنا [19]، وقد قامت “الشبكة” منذ عام 2011 ببناء برامج إلكترونية معقدة، من أجل أرشفة وتصنيف بيانات المعتقلين الذين يقوم فريق العمل بجمع بياناتهم والتحقق منها؛ الأمر الذي مكننا من توزيع حالات الاعتقال، بحسب الجنس ومكان الحادثة، والمحافظة التي ينتمي إليها المعتقل، والجهة التي قامت بعملية الاعتقال، وعقد مقارنات بين هذه الجهات، والتعرف إلى المحافظات التي اعتُقل واختفى العدد الأكبر من أبنائها.
ويلتزم فريق “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” بمعايير دقيقة لتحديد حادثة الاعتقال التعسفي، مُستندًا بذلك إلى أحكام القوانين الدولية ومجموعة المبادئ المتعلقة بالاعتقال التعسفي السالفة الذكر. ويقوم قسم المعتقلين والمختفين قسرًا في “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” بتسجيل حالات الاعتقال التي يحصل عليها من مصادر مُتعددة مثل: ذوي الضحايا وأعضاء “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” في المحافظات السورية، وناشطين محليين متعاونين، ومعتقلين سابقين، ثم يقوم بمحاولات كثيفة للتواصل مع عائلات المعتقلين والمختفين، والمقربين منهم، والناجين من الاعتقال؛ بهدف جميع أكبر قدر ممكن من المعلومات والمعطيات، في ظل عمل ضمن تحديات فوق اعتيادية وغاية في التعقيد، كما نُسجل روايات الشهود، ونقوم بتتبع حالات الاعتقال وتحديثها باستمرار، لمعرفة مصير المعتقل ومكان احتجازه وظروف اعتقاله. وقد أنشأنا على موقعنا الإلكتروني استمارة خاصة لتوثيق معتقل [20] لتسهيل الوصول والاتصال مع عائلات الضحايا.
وقد تمكنا من بناء قاعدة بيانات خاصة بالمعتقلين والمختفين قسريًا، وبحسب قاعدة البيانات هذه، فإن ما لا يقل عن 129,989 شخصًا، بينهم 3561 طفلًا و7913 سيدة (أنثى بالغة)، لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري، لدى النظام السوري، منذ آذار/ مارس 2011.
ولا تشمل حصيلة المعتقلين هذه المحتجزين على خلفيات جنائية، وتشمل حالات الاعتقال على خلفية النزاع المسلح الداخلي، وبشكل رئيس بسبب النشاط المعارض لسلطة الأمر الواقع، وكذلك حالات الاعتقال لقمع حرية الرأي والتعبير.
ماذا عن أوضاع المعتقلين في سجون “التحالف الدولي في سورية” و”قوات سوريا الديمقراطية” الكردية المعروفة بـ (قسد)، ومعتقلات الفصائل الجهادية المسلحة في محافظة إدلب وغيرها من مناطق الشمال السوري؟
لقد مارست “قوات سوريا الديمقراطية” (منذ تأسيس “قوات الإدارة الذاتية” التابعة لـ حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، في كانون الثاني/ يناير 2014) عمليات الإخفاء القسري بحق الناشطين والسياسيين المنتقدين لممارساتها، في مناطق سيطرتها، ومع بداية عام 2016 بدأت “قوات سوريا الديمقراطية” تستهدف السكان المدنيين على خلفية قومية وعرقية، وبذريعة وجود صلات بينهم وبين تنظيم “داعش”، خاصة في المناطق التي تُسيطر عليها حديثًا إما عبر حملات دهم واعتقال أو عبر نقاط التفتيش المؤقتة التي تقوم بإنشائها بين حين وآخر، وهؤلاء تقتادهم إلى مراكز احتجاز دون إخضاعهم لمحاكمات، كما تمنع عائلاتهم من زياراتهم أو التواصل معهم وتوكيل محامٍ، ولم تُوجّه إليهم تهم واضحة، وقد لاحظنا إفراج “قوات سوريا الديمقراطية” عن عدد منهم، بعد اتفاقيات مع وجهاء وشيوخ عشائر المناطق التي استهدفتها بالاعتقالات. وسجّلنا عبر عمليات المتابعة والتوثيق المستمرة لجوء “قوات سوريا الديمقراطية” في مراكز احتجازها إلى استخدام الضرب المؤذي والمسبب لكسور في العظام، بشكل رئيس وواسع في أثناء التحقيق مع المعتقلين والمختطفين لديها، كما سجلنا تصاعدًا في شدة أساليب التعذيب وارتفاع حصيلة ضحايا التعذيب لدى “قوات سوريا الديمقراطية” منذ مطلع عام 2016، وقد مارست تلك القوات أساليب تعذيب مشابهة لتلك التي مارسها النظام السوري، كالشبح والدولاب، والصعق الكهربائي، والتجويع، والحرمان من الرعاية الصحية، خاصة تجاه المتهمين بالانتماء إلى فصائل المعارضة المسلحة وأقربائهم أو المتهمين بالانتماء إلى تنظيم “داعش”، ومنعتهم من الاتصال بعائلاتهم أو توكيل محامٍ وتحويلهم للقضاء في مناطق سيطرتها.
يجب على الدول الداعمة لـ “قوات سوريا الديمقراطية” الضغط عليها، من أجل إيقاف عمليات الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، واحترام قواعد القانون الدولي الإنساني ومبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان في المناطق التي تسيطر عليها، إضافة إلى دعم مسار عملية ترسيخ إدارة محلية حقيقية منتخبة بشكل ديمقراطي في مناطق شمال شرق سورية، يشارك فيها جميع سكان المنطقة دون تمييز على أساس العرق والقومية ودون تدخل سلطات الأمر الواقع؛ للوصول إلى الاستقرار والعدالة، ودعم بناء وتأسيس قضاء مستقل يحظر على الجهات العسكرية القيام بعمليات الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري دون رادع.
أما في ما يتعلق بسجون “هيئة تحرير الشام”، فقد لاحقت “الهيئة” في مناطق سيطرتها المنتقدين لسياستها والناشطين وخاصة الإعلاميين والعاملين في المنظمات الإنسانية، ولا سيّما الرافضين منهم للتنسيق مع المؤسسات التي أنشأتها والأشخاص المنضوين في فصائل المعارضة المسلحة التي تقاتلها “الهيئة”، وقد احتفظت “هيئة تحرير الشام” بسجونها الخاصة والسريّة، ومنعت التدخل فيها من قبل القضاء التابع لوزارة العدل، على الرغم من وجود سجون تابعة لوزارة العدل التابعة لـ “حكومة الإنقاذ” التي أُنشئت بموافقة “الهيئة”، ومارست “الهيئة” في تلك السجون الإخفاء القسري وشتى ضروب التعذيب القاسية كالصعق والجلد، وقلع الأظافر، والتجويع والحرمان من النوم، وأكد لنا عشرات الناجين من هذه السجون أن الأجهزة الأمنية التابعة لـ”الهيئة” كانت تقتادهم وتمارس عليهم عمليات إعدام وهمي بغرض ترهيبهم، وقد أُفرج عن العديد منهم مقابل دفعهم لمبالغ مالية ضخمة.
تنظيم “داعش”، الذي انحسرت المناطق التي كانت تخضع لسيطرته في سورية على نحو واسع، واقتصر وجوده مع بداية عام 2019 في جيوب صغيرة شرق سورية، تشابهت أساليب التعذيب الجسدية والنفسية التي كان يتبعها في مراكز احتجازه إلى حد كبير مع تلك المتبعة في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السوري، ومنذ إعلان ظهوره في نيسان/ أبريل 2013، مارس التنظيم أساليب تعذيب وتنكيل جديدة ومبتكرة، حملت نمطًا ساديًا تجاه المعتقلين لديه، بهدف بث الرعب والخوف وترهيب المجتمع من عواقب مخالفة تعاليمه في مناطق سيطرته، كالإيهام بالغرق والذبح، والخنق بالغازات، وإطلاق الرصاص حول جسد المعتقل، وإجباره على مشاهدة مقاطع مصورة وتسجيلات لعمليات إعدام وقطع رؤوس وحرق لمختطفين سابقين أو قطع أحد أعضاء جسد المختطف، واستعرضنا سابقًا، في تقرير موسع بعنوان “القاع الأسود” [21] أبرز مراكز الاحتجاز وأساليب التعذيب لدى تنظيم “داعش”.
وتتفاوت درجات التعذيب، بحسب التهم الموجهة إلى المعتقل، وتبلغ أقسى درجاتها تجاه الناشطين الإعلاميين والعسكريين والمختطفين الأجانب، الذين غالبًا ما يحتجزون في السجون السرية، وغالبًا ما يستمر التنظيم في تعذيبهم حتى الموت أو تصويرهم في إصداراته المرئية وقتلهم بشكل وحشي، أما المحتجزون بتهم مخالفة التعاليم التي يفرضها التنظيم، فيتعرضون لأساليب تعذيب أقل شدة وقسوة، كالضرب المبرح والجلد والدولاب والشبح، الذي يستمر ساعات أو أيامًا عدة.
وعلى الرغم من انحسار سيطرة التنظيم فقد ترك أثرًا دامغًا لدى عائلات ضحايا التعذيب والمختفين قسريًا، وأكدت لنا العديد من الأسر التي التقينا بها أن التنظيم أبلغهم بوفاة المختفي عبر مراكز الحسبة أو الأجهزة الأمنية التي تتبع له، لكنه لم يُسلمهم جثامين أو يبلغهم بمكان دفن الجثث، ولا يزال قرابة 8350 شخص في عداد المفقودين، كانوا قد اعتقلوا من قِبل تنظيم “داعش”. ولم تكشف “قوات سوريا الديمقراطية” التي سيطرت لاحقًا على مناطق التنظيم عن مصيرهم.
ويوضح الرسم البياني التالي الحصيلة الكلية للمعتقلين أو المختفين قسرًا، وتوزعهم بحسب أطراف النزاع الرئيسة الفاعلة في سورية:
المَخرج هو إجبار الأسد على الرحيل
المشهد السوري أصبح معقدًا جدًا، فالعالم ترك القوى الإقليمية المحلية تتحكم في الوضع السوري من دون ضوابط، وسورية الآن تحت 4 احتلالات على الأقل: أميركا والتحالف وإيران وتركيا وروسيا، فما هو الحل للخلاص من هذه الاحتلالات؟ ما هو المَخرَج؟
هذا سؤال معقد للغاية، لكن باختصار لا خلاص للسوريين والدولة السورية إلا برحيل رأس المشكلة، وهو نظام الأسد الذي أوصل سورية إلى هذه المرحلة بتصديه الوحشي لمطالب الشعب السوري في آذار/ مارس 2011 بالحرية والكرامة، نظام الأسد الذي نهب موارد بلدنا الحبيب، على مدى أكثر من خمسين عامًا، لن يتخلى عن عملية النهب التي تؤمن له ملايين الدولارات شهريًا، ولن يرحل عبر التظاهرات، والحلّ هو إجباره على الرحيل، المَخرج إذًا هو إجبار نظام الأسد على الرحيل، بكل الأساليب الممكنة، السياسية والاقتصادية والعسكرية. أتحدث عن المَخرج بغض النظر عن إمكانية تطبيقه من الناحية العملية، لأنني لا أعتقد أنه سوف يكون هناك تدخل عسكري لإزاحة نظام الأسد.
من الناحية العملية، يمكن للعقوبات الاقتصادية و”قانون قيصر” أن توقف شريان الدعم الروسي والإيراني، وعندئذ سيضعف النظام السوري بشكل كبير، لكنه لن يسقط، وقد يقبل بتسوية سياسية، إذا وجد أنه لم يعد يتمكن من الصمود، لأنه يعلم أن أي تفاوض سياسي يعني انتهاء حكم عائلة الأسد، وهو ما لن يقبله إلا إذا كان خيارًا نهائيًا.
في حال حدوث انتقال سياسي، فهذا يحمل في طياته توافقًا من القوى العسكرية الموجودة على الأراضي السورية، والتي عكست قوتها ضمن الإطار والحكم السياسي، وبعد فترة من الزمن، لن يعود هناك مبرر لوجودها، وسوف تخفف بشكل تدريجي من وجودها العسكري المباشر، لكنها سوف تستمر في التدخل في شؤون الحكم في سورية، وعلى السوريين التخلص من هذا التدخل تدريجيًا عبر حكومات وطنية ديمقراطية متعاقبة.
أخيرًا، ما الذي يمكن فعله الآن لإنقاذ مستقبل الشعب السوري الغارق في مستنقع العنف والموت والدمار والانتقام، الذي خلفته حرب الأسد وبوتين وخامنئي ونصر الله ضد السوريين على مدار نحو عقد من الزمان؟ وإلى أين نحن ماضون؟
علينا أن نكثف جهودنا في تعزيز الوعي والعمل السياسي والحقوقي والمدني، ودعم منظمات المجتمع المدني، وخلق مسار عدالة انتقالية، كل ذلك يجب أن يكون على أسس سورية وطنية، مما يمهد الطريق نحو خلق حوامل تجمع الشتات والتمزق السوري، وتساهم في بلورة عقد اجتماعي سوري حقيقي، وهذا سوف يكون بداية للطريق نحو تأسيس الدولة السورية فعليًا، ومن دون ذلك، فنحن ماضون نحو قاع الهاوية في مختلف الأصعدة، ونحو خسارة مروعة لبلدنا الحبيب سورية.
الهوامش:
[1] “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، واشنطن: “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” تعقد لقاءات عدة في البيت الأبيض ووزارتي الخارجية والدفاع الأميركية، http://sn4hr.org/arabic/?p=10999
[2] الكونغرس الأميركي، “قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا لعام 2019″، https://bit.ly/3dtxi4s
[3] الكونغرس الأميركي، “قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا لعام 2019″، https://bit.ly/3hV8mWS
[4] “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، العقوبات مرتبطة باستمرار الانتهاكات ولا تشمل المواد الطبية والغذائية، والتي لا يجب أن تكون عبر النظام السوري، http://sn4hr.org/arabic/?p=12152
[5] (مركز حرمون للدراسات المعاصرة)، ندوة مركز حرمون: “كورونا ورفع العقوبات عن نظام الأسد… حقائق وحقوق”،https://bit.ly/2BDK178
[6] الكونغرس الأميركي، “قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا لعام 2019″، https://bit.ly/380OBsc
[7] – “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” المصدر الأول في تقرير الخارجية الأميركية عن حالة حقوق الإنسان في سوريا 2019، http://sn4hr.org/arabic/?p=11995
– “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” المصدر الثاني في تقرير الخارجية الأميركية عن حالة حقوق الإنسان في سوريا 2018، http://sn4hr.org/arabic/?p=10934
– “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” مصدر أساسي في تقرير الخارجية الأميركية عن حالة حقوق الإنسان في سوريا 2017، http://sn4hr.org/arabic/?p=9811
[8] “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” توقع وثيقة مبادئ التعاون مع فريق التحقيق وتحديد مسؤولية الهجمات (IIT) في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) وتشارك البيانات، http://sn4hr.org/arabic/?p=12111
[9] الأمم المتحدة، مجلس الأمن، القرار 2235، https://undocs.org/ar/S/RES/2235(2015)
[10] – الأمم المتحدة، مجلس الأمن، نص مشروع قرار لتجديد صلاحية آلية التحقيق المشتركة، اعترضت عليه روسيا في 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 https://undocs.org/ar/S/2017/962
الأمم المتحدة، مجلس الأمن، نص مشروع قرار لتجديد صلاحية آلية التحقيق المشتركة، اعترضت عليه روسيا في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 https://undocs.org/ar/S/2017/970
[11] لجنة حظر الأسلحة الكيميائية، التقرير الأول لفريق التحقيق وتحديد المسؤولية، https://bit.ly/2YtjfY8
[12] “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” توقع اتفاقية تفاهم مع حكومة الولايات المتحدة الأميركية من أجل المساهمة في عمليات التحقيق والمحاسبة،http://sn4hr.org/arabic/2019/10/09/11608/
[13] وزارة الخارجية الأميركية، وزير الخارجية مايكل ر. بومبيو في مؤتمر صحفي بتاريخ 26 أيلول/ سبتمبر 2019،https://bit.ly/3fRRsGT
[14] “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” توقع مذكرة تفاهم مع منظمة النتائج الإنسانية ضمن مشروع قاعدة بيانات أمن عمال الإغاثة (AWSD)، http://sn4hr.org/arabic/?p=11945
[15] قاعدة بيانات أمن عمال الإغاثة، https://aidworkersecurity.org/
[16] “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، النظام السوري يفرج عن 96 حالة فقط من بين قرابة 130 ألف، بعد شهرين من صدور مرسوم العفو، ويعتقل 113 حالة جديدة، http://sn4hr.org/arabic/?p=12214
[17] “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، توثيق 72 أسلوب تعذيب لا يزال النظام السوري مستمرًا في ممارستها في مراكز الاحتجاز والمشافي العسكرية التابعة له، http://sn4hr.org/arabic/?p=11639
[18] “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، أبرز تحديات الكوادر الطبية والنازحين والمعتقلين والمحتاجين في سوريا وسط انتشار فيروس كورونا المستجد، http://sn4hr.org/arabic/?p=12188
[19] “منهجية “الشبكة السورية لحقوق الإنسان””، “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، https://bit.ly/2A16L0F
[20] “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، توثيق معتقل، http://sn4hr.org/arabic/2007-2/
[21] “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، التعذيب ومراكز الاحتجاز لدى تنظيم “داعش”، http://sn4hr.org/arabic/?p=6154