#########

العدالة والمساءلة

مع العدالة توقع على بيان مشترك لمنظمات المجتمع المدني السوري والدولي


يمكن لمحكمة العدل الدولية الآن النظر في أعمال التعذيب المرتكبة في سوريا في إطار مفهوم مسؤولية الدولة – وهو ما سيسمح بإسناد أعمال التعذيب وسوء المعاملة والإخفاء القسري والعنف الجنسي مباشرة إلى سوريا ككيان دولة.

01 / آب / أغسطس / 2023


مع العدالة توقع على بيان مشترك لمنظمات المجتمع المدني السوري والدولي

مع العدالة: بيانات 

“بيان مشترك لمنظمات المجتمع المدني السوري والدولي بشأن بدء الإجراءات وتأجيل موعد جلسة الاستماع العلني للنظر في طلب التدابير المؤقتة بشأن أعمال التعذيب في سوريا أمام محكمة العدل الدولية”

نُشيد نحن الموقعون منظمات المجتمع المدني السوري والمنظمات الدولية ببدء الإجراءات المتعلقة بتطبيق اتفاقية مناهضة التعذيب ضد النظام السوري أمام محكمة العدل الدولية من قبل هولندا وكندا. إنّ مباشرة الإجراءات ضد النظام السوري بشأن مسؤولية الدولة عن أعمال التعذيب تُتَمِّمُ جهود المساءلة المتواصلة بموجب الاختصاص القضائي العالمي. وهي تمهّد الطريق لمزيد من الاعتراف بسياسة الدولة التي ينتهجها النظام السوري في التعذيب و مع ذلك، نعرب عن دهشتنا وقلقنا إزاء تأجيل جلسات الاستماع العلنية لمدة 3 أشهر بشأن التدابير المؤقتة نظرا للحاجة الملحة لمعالجة الانتهاكات المستمرة لاتفاقية مناهضة التعذيب.

منذ عام 2011، ارتكب النظام السوري التعذيب وسوء المعاملة بنحوٍ مُمنهَج، في انتهاك صارخ لاتفاقية مناهضة التعذيب. حيث أشارت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية إلى أنه من النادر للغاية العثور على شخص احتجزه النظام السوري ولم يتعرض للتعذيب الشديد. ويتناول الطلب المقدم من هولندا وكندا انتهاكات التعذيب وسوء المعاملة التي تعرَّض لها المدنيون على أيدي النظام السوري، بما في ذلك من خال تناول أشكال محددة من التعذيب، مثل العنف الجنسي والإخفاء القسري، و من خال الإشارة إلى استخدام الساح الكيماوي الذي نتج عنه “معاناة جسدية ونفسية جسيمة”. وفي هذا الصدد، يرحب المجتمع المدني السوري بإدراج الإخفاء القسري في القضية كأول حالة يمكن فيها إسناد مسؤولية النظام السوري عن الإخفاء القسري إلى محكمة.

طيلة ما يزيد على عقد من الزمان، كان المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية السورية في طليعة جهتود توثيق الانتهاكات في سوريا وإيجاد فُرصٍ لمحاسبة النظام السوري على جرائمه. وفي عامي 2021 و 2022، ثبتت مسؤولية مسؤولي الدولة عن جرائم تعذيب ضد الإنسانية أمام المحاكم الألمانية بموجب المسؤولية الجنائية الفردية في قضيَّتَي أنور ر. وإياد ا.، مع وجود قضية إضافية بحق عاء م. ما تزال جارية. وفي عام 2023 ، أمرَ قضاةُ التحقيق في محكمة باريس القضائية باتهام علي مملوك وجميل حسن وعبد السلام محمود أمام محكمة باريس الجنايات بارتكاب أعمال تعذيب واحتجاز تعسفي وإخفاء قسري في حق مواطنَيْن سوريَّيْن فرنسيَّيْن قُتا تحت التعذيب على يد النظام السوري. وقد أكدت هذه الحالات أن أعمال التعذيب المرتكبة في سوريا لم تكن أعمالاً فردية لأفراد يتصرفون من تلقاء أنفسهم، بل كانت جزءًا من سياسة مُمنهَجة بتوجيهٍ من أعلى الرتب في النظام السوري وبموافقتهم وإشرافهم – وهي تصل إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية.

يمكن لمحكمة العدل الدولية الآن النظر في أعمال التعذيب المرتكبة في سوريا في إطار مفهوم مسؤولية الدولة – وهو ما سيسمح بإسناد أعمال التعذيب وسوء المعاملة والإخفاء القسري والعنف الجنسي مباشرة إلى سوريا ككيان دولة. ويمكن أن تكون لهذه النتيجة أهمية قصوى في معالجة مساعي التطبيع التي تقودها البلدان، ولا سيما من المنطقة العربية والدول المجاورة، وفي التعامل مع اللامبالاة التدريجية للمجتمع الدولي إزاء النظام السوري. لا بل إنّ أهميتها تفوق ذلك في ضوء الخطاب المستمر بشأن عودة اللاجئين إلى سوريا وترحيلهم من قِبل الدول المجاورة و غيرها في انتهاك لمبدأ عدم الإعادة القسرية.

نحن منظمات المجتمع المدني السوري والمنظمات الدولية الموقعة أدناه نرحب أيضاً بافتتاح جلسات الاستماع العلنية بشأن التدابير المؤقتة، والتي كان من المفترض أن تعقد أول مرة يومي 19 و 20 تموز/يوليو، إلا أنها تأجلت إلى تشرين الأول/أكتوبر 2023 بناءً على طلب النظام السوري. في هذا الصدد، نود أن نسلط الضوء على أن النظام السوري قد تلاعب في السابق بالعمليات السياسية وعمليات المساءلة وأوقفها لتجنب المواجهة فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في سوريا ونظرا للطبيعة الملحة التي تتسم بها التدابير المؤقتة لضحايا التعذيب والتي تحافظ على الأرواح، فإننا ندعو المحكمة إلى شرح الأساس المنطقي وراء التأجيل وإعادة التفكير في هذا القرار. بعد أكثر من عقد على التعذيب, لا يمكن لضحايا التعذيب في سوريا الانتظار أكثر من ذلك. للمضي قدماً، ندعو المحكمة والأطراف المعنية إلى اتخاذ التدابير الازمة لحماية هذه لالقضية من تكتيكات التاعب التي يتبعها النظام السوري.

وفي هذا الصدد، ونظرا للتأثير المؤذي للتأجيل على الضحايا، ندعو المحكمة والأطراف المعنية إلى اتخاذ التدابير الازمة لضمان وصول أفضل إلى المعلومات ومشاركة أكثر جدوى من قبل الضحايا لوالناجين في الخطوات المقبلة نرحّب بحقيقة أن بإمكان المجتمع المدني السوري والضحايا وعموم السوريين متابعة الإجراءات من خال البثّ المباشر لجلسات الاستماع العلنية والوصول المباشر إلى الوثائق والمعلومات بشأن القضية. لكن مع توفُّر مواد القضية وبثّ الجلسات باللغتين الإنجليزية والفرنسية فقط، يجب أن تجد المحكمة والأطراف ذات الصلة طرقاً أكثر فعالية لضمان الوصول الكامل إلى المعلومات للمجتمع المدني السوري والجمهور الأوسع )على سبيل المثال, من خال ضمان التغطية باللغة العربية لجلسات الاستماع(. وإذ يُعرب المجتمع المدني السوري عن أسفه لعدم إتاحة الحصول على المعلومات في مساعي المساءلة السابقة، فإنّنا نحث المحكمة والأطراف ذات الصلة على ضمان وصول أكثر فعالية و شمولية للمعلومات و نحثّ مبادرات المساءلة المستقبلية على اتّباع النموذج الذي وضعته المحكمة لضمان اتخاذ تدابير مماثلة في مساعي العدالة المستقبلية. وفي ذات السياق، ندعو هولندا وكندا إلى ضمان تمثيل ومشاركة أكثر جدوى للمجتمع المدني السوري والضحايا والناجين من التعذيب في الخطوات المقبلة من الإجراءات. ولئِن كانت قضية هولندا / كندا المرفوعة ضد سوريا مُنازَعةٌ بين دول، فمن المهم التأكيد على الحاجة إلى اعتماد نهج أكثر شمولاً وتشاركية لمبادرة العدالة هذه التي اتُّخذت نيابة عن الضحايا. وعليه فإننا نحثُّ على مزيد من الوصول إلى المعلومات بشأن القضية وما يُحرَز من تقدّمٍ فيها، وعلى ضمان تمثيل الضحايا و الناجين من التعذيب وإشراكهم فيها إلى أقصى حدٍّ ممكن قبل جلسات الاستماع المقبلة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023.


يأتي بدء الإجراءات بشأن أعمال التعذيب أمام محكمة العدل الدولية تأكيدًا لما يعرفه الشعب السوري منذ عقود، وهو أنّ سوريا دولة تعذيب. نعرب عن ترحيبنا بالبدء الرسمي لمبادرة العدالة هذه ونكرّر التأكيد على أنّ مستقبل سوريا لا يمكن أن يُبنى إلا على الاعتراف بما تعرّض له الضحايا والناجون وبحقوقهم، ولا بدّ أن يرتكز على المساءلة والعدالة عن الجرائم المرتكبة في العقد الماضي ومستمرة حتى الأن وأخيرا، نسلط الضوء على الدور الطارئ والمنقذ للحياة الذي يمكن أن تضطلع به التدابير المؤقتة من خال وضع حد لاستخدام التعذيب ومعاناة الضحايا، ولذلك ندعو المحكمة إلى أن تضع مصالح الضحايا وأولئك الذين لا يزال من الممكن إنقاذهم في صلب تركيزها.



  


للاطلاع على البيان pdf