لم يتوجب عليً الهروب من سورية كما يفترض مكتب الشرطة الجنائية الاتحادي لأن مجموعات المعارضة لم تستهدفني أنا وعائلتي ولهذا لم يكن هناك أي سبب فأنا قريب من المعارضة
29 / أيار / مايو / 2020
*مع العدالة| أحمد طلب الناصر
/إفادات حصرية/
يبدو أن زمن الإفلات من العدالة الدولية قد دخل طور النهاية مع وصول القضاء الألماني لمراحل متقدّمة في ملاحقة مجرمي الحرب في سوريا.
فبعد توقيف ضابطي المخابرات السورية، أنور رسلان وإياد غريب، في شباط/ فبراير 2019، وفتح ملفّ شكاوى الانتهاكات المقدّمة بحقهما في محاكمة هي الأولى من نوعها في العالم؛ عبّر اللاجئون السوريون عن ارتياحهم بعد انتشار خبر تحقيق السلطات الألمانية مع طبيب سوري لاجئ يُشتبه بارتكابه جرائم ضد الإنسانية خلال عمله في مشفى حمص العسكري، وفق ما أوردت مجلة “دير شبيغل”، الجمعة 22 أيار/ مايو الجاري. وذلك بالتزامن مع انعقاد الجلسة الثانية لمحاكمة الضابطين السالفين.
وبحسب ما ورد في الخبر فإن المدعو “حافظ، أ” طبيب سوري وصل إلى المانيا في أيار/ مايو 2015، ويمارس المهنة حالياً في إحدى مشافي ولاية (هيسن)، متهم بضرب وتعذيب مصابين ومرضى معارضين لنظام الأسد في المستشفى العسكري في مدينة حمص التي شهدت أحياؤها انتفاضة واسعة ضد النظام السوري منذ آذار/ مارس 2011.
بين الضابطين والطبيب: تشابه في التجريم واختلاف في الجريمة
ساهمت دعاوى تقدّم بها معتقلون سابقون في فرع “الخطيب” في توجيه عشرات التهم لكلّ من العقيد رسلان والمُساعِد غريب، وخضوعهما للمحاكمة للاشتباه بارتكابهما جرائم ضد الإنسانية. تلك الدعاوى فاجأت المتهمَين اللَذين فكّا ارتباطهما بفرع الأمن المذكور في وقت مبكّر نسبياً، كونهما قدّما نفسيهما للسلطة الألمانية بداية الأمر كشاهدين ضد جرائم النظام، قبل أن يتحولا إلى متّهمَين معه بعد التعرّف عليهما من قبل بعض اللاجئين من بين المعتقلين السابقين.
وبلغ عدد الاتهامات الموجهة لرسلان 58 اتهاماً تضمّن جرائم مختلفة ضد الإنسانية، تتراوح بين القتل والتعذيب والاغتصاب والتحرّش. بينما وجّهت لغريب 30 اتهاماً يتعلّق باحتجاز متظاهرين والمساعدة في تعذيبهم.
أما بالنسبة لقضية الطبيب “حافظ. أ”، فقد برزت المطالبة بملاحقته ومحاسبته على الجرائم المرتكبة بعد تحقيق مصوّر حمل عنوان “البحث عن جلادي الأسد” أجرته شبكة الجزيرة الإخبارية بالتعاون مع دير شبيغل، وتم بثّه في 10 أيار/ مايو الجاري.
إذ عرض التحقيق إفادات لأشخاص بينهم الطبيبان السابقان في مشفى حمص العسكري، مايز الغجر ومحمد وهبه. حيث أكّدا قيام الطبيب المذكور “بإجراء عملية جراحية لمعارض مصاب من دون تخدير، كما أنه سكب الكحول فوق العضو التناسلي لمعارض آخر وأضرم فيه النار”، بالإضافة إلى قيامه بضرب شاب مصاب بالصرع وإجباره على إقحام حذاء في فمه. كما تعرّف على الطبيب شاهدان فقدا فرداً من عائلتهما بسبب التعذيب، عبر صورة ملتقطة له.
في القضية الأولى، نفى المتّهم رسلان ضلوعه في ارتكاب أي من الجرائم الموجّهة له، وذلك خلال انعقاد الجلسة الثانية للمحاكمة في مدينة كوبنز الألمانية، 18 أيار/ مايو الجاري. وتم تقديم إفادة الدفاع المكوّنة من 40 صفحة لهيئة المحكمة بعد أن تلاها محامو الدفاع بالكامل.
وكذلك نفى الطبيب، في القضية الثانية، التهم المنسوبة إليه خلال التحقيق الأولي الذي أجرته معه النيابة العامة في مدينة “كارلسروه” الألمانية، قائلاً بأن الاتهامات صادرة من “افتراءات داخل أوساط إسلامية متطرفة” في محاولة منه لتحويل القضية من ارتكابه لجرائم ضد الإنسانية إلى استهدافه من قبل عناصر “إرهابية”.
ومن المرجّح أن يخضع الطبيب لمحاكمة شبيهة بمحاكمة كوبنز بعد استكمال المعلومات والاستماع لأقوال الشهود وجهات الادعاء. وقد رفضت النيابة العامة في كارلسروه الإدلاء بأي تعليق حول الموضوع.
عن القضية الأولى وآراء المتابعين لها والمعنيين بها..
تناولت غالبية مواقع الإعلام السورية المعارضة وصفحات التواصل الاجتماعي تفاصيل ما تم تسريبه من جلسة محاكمة رسلان مؤخراً ونفيه لارتكاب جرائم ضد الإنسانية في معرض ردوده على اتهامات أطراف الادّعاء.
وغلبت لغة الاستهجان على كتابات وتعليقات المحللين والناشطين في تناولهم لدفوعات أنور رسلان، التي وصفتها الأخبار المسرّبة بأنها لم تقتصر على الدفاع الشخصي عن المتهم، وهو حقّ طبيعي يكفله له القانون، وإنما جاءت لتصبّ في خانة الدفاع عن نظام الأسد وفروع مخابراته؛ وهو ما عرج عليه المحامي والحقوقي “أنور البني” في منشوره الذي أشار فيه إلى أهم النقاط الإشكالية في ردود الدفاع ونفي التهم عن المشتبه به. إذ يعتبر المحامي البني من الأعضاء البارزين لفريق الادّعاء داخل المحكمة نظراً لتاريخه الطويل في مجال حقوق الإنسان وتعرّضه للسجن والاعتقال والتعذيب خلال حكم الأسد الأب وابنه.
وخلال حديث أجرته “مع العدالة” مع المحامي والحقوقي غزوان قرنفل، رئيس تجمّع المحامين السوريين في تركيا، تناول قرنفل أبعاد محاكمة متهمي جرائم ضد الإنسانية قائلاً: “حقوقياً، تعتبر مساءلة رسلان أو أي شخص آخر متّهم بجرائم الانتهاكات ضد السوريين هو إنجاز مهم وخطوة هامة على طريق العدالة التي ينشدها السوريون بعد انسداد الأفق بملف المساءلة والمحاسبة بالنسبة للجرائم المرتكبة داخل سوريا”.
وأوضح قرنفل بأن المحاكمات الحالية بوصفها الشكل المتاح في سوريا حالياً “طوت صفحة الإفلات من العقاب في سوريا، وشكّلت انتصاراً لحق الضحايا حيث لا يمكن ترميم البنية المجتمعية إلا بتحقيق العدالة. وأظن أن المتهمين تتوفر لهم محاكمات عادلة ومستوفية الشروط القانونية كونها تتم داخل محاكم الدول الأوروبية التي تتميز بقضاء شفاف وعادل وإنصاف للضحايا، ولا يعتمد سياسة الانتقام التي ربما ستطبّق فيما لو تمت المحاكمة في سوريا”.
ويرى قرنفل أن “مسار المساءلة والمحاسبة الخاص بالجرائم المنتهكة بحق السوريين قد فتح ولن يغلق”، مشيراً إلى التحقيق الأخير الذي يجري للطبيب السوري، حافظ، أ.
ومن جانب آخر، يقلّل الشاهد والمعتقل السابق في الفرع 251 “محمد. أ” من أهمية إفادة دفاع أنور رسلان التي نفى فيها التهم الموجهة إليه، إذ قال لـ “مع العدالة”: “تعرّضت للضرب والتعذيب الجسدي والنفسي داخل فرع الخطيب بأمر مباشر من العقيد رسلان، وما زلت أعاني من آثارها وأخضع للمعالجة حتى هذا اليوم”.
الشاهد الذي حضر تفاصيل الجلسة الثانية ويقيم اليوم في هولندا، أفاد بأن رسلان كان قد ذكر أمام اللجنة الألمانية الخاصة بطلبات اللجوء بأن أسباب خروجه من سوريا كانت بسبب “تهديده من قبل الجيش الحر الذي اختطف أحد أقاربه وهدده بتصفيته في حال لم ينشقّ ويترك العمل”، ويعلّق بأن عرض تلك الأقوال على هيئة المحكمة من شأنها أن تنسف جميع ادعاءات ودفوعات رسلان، بحسب وصف الشاهد “م. أ”.
وقد أرفقت “مع العدالة” في نهاية التقرير نص مذكرة الدفاع الخاصة برسلان والتي نفى من خلالها جميع التهم الموجهة ضده، وتم تقديمها من قبل محاميّي دفاعه لهيئة المحكمة.
وطلب رسلان في إحدى فقرات المذكرة المرفقة من هيئة المحكمة الاستماع لشهادة بعض شخصيات المعارضة للوقوف على بعض التفاصيل خلال عمله داخل الفرع والتأكّد فيما إذا كان قد ارتكب تلك الجرائم المنوطة به.
من بين أسماء تلك الشخصيات برز اسم المعارض السوري فايز سارة كأحد الذين تم التحقيق معهم من قبل العقيد رسلان أثناء عمله برئاسة قسم التحقيق في فرع الخطيب.
“للأمانة لم يكن رسلان شديداً أثناء تحقيقه معي، ولكن العناصر الذين اقتادوني إليه لم يقصروا بإطلاق الإهانات والشتائم بصورة تفوق الوصف ولم أعهدها خلال جميع الاعتقالات التي تعرضت لها سابقاً”.
ويتابع سارة “وكان واضحاً أن نيّتهم استفزازي للرد عليهم وإعطائهم ذريعة للتهجم عليّ، لكني لم أردّ”، ثم يصف ما دار داخل الغرفة حين أظهر رسلان احترامه له وأمر عناصره بإحضار كرسي، ليردّ عليه سارة بالقول “لا توجد حاجة للكرسي، وأنت بالتأكيد سمعت شتائم عناصرك، ولذلك أخبرني ما تريد مني بالضبط”. بعدها راح رسلان يطرح “أسئلة المخابرات التقليدية”، بحسب وصف سارة.
وفي توصيفه لرسلان يقول سارة “لا شك بأنه ضابط مخابرات متميّز، ويعرف متى ومع مَن يستخدم الضرب وأساليب التعذيب الأخرى، لذلك يجب كشف الحالات التي ساهم في تعذيبها أو قتلها أو تسبب في عذابات ذويها”.
ويؤكد سارة أن أساليب المخابرات معروفة ومكشوفة، فالعناصر لا يمكنهم القيام بأي تصرف، سلبي كان أم إيجابي، إلا بأمر رؤسائهم. وهذا الشيء ينطبق أيضاً على رسلان وتنفيذه لأوامر رؤسائه.
جلسات المتهمَين أنور رسلان وإياد الغريب:
وقد حدد مجلس الشيوخ الجنائي الأول لمحكمة كوبلنز الإقليمية العليا، الخميس 28 أيار/ مايو الجاري، مواعيد متابعة أخرى في إجراءات حماية الدولة بشأن المتهمين أنور ر وإياد أ. (الملف رقم 1 StE 9/19). تبدأ التواريخ في الساعة 9:30 صباحًا وتقام في القاعة 128 ، مبنى المحكمة الإقليمية كوبلنز، Karmeliterstraße 14 ، 56068 كوبلنز:
الأربعاء 19 أغسطس 2020 ،
الخميس 20 أغسطس 2020 ،
الأربعاء 26 أغسطس 2020 ،
الخميس 27 أغسطس 2020 ،
الأربعاء 2 سبتمبر 2020 ،
الخميس 3 سبتمبر 2020 ،
الأربعاء 9 سبتمبر 2020 ،
الخميس 10 سبتمبر 2020 ،
الثلاثاء 15 سبتمبر 2020 ،
الأربعاء 16 سبتمبر 2020 ،
الخميس 1 أكتوبر 2020 ،
الجمعة 2 أكتوبر 2020 ،
الثلاثاء 6 أكتوبر 2020 ،
الأربعاء7 أكتوبر 2020 ، الخميس 8 أكتوبر 2020 ،
الثلاثاء 27 أكتوبر 2020 ،
الأربعاء 28 أكتوبر 2020 ،
الخميس 29 أكتوبر 2020 ،
الثلاثاء 3 نوفمبر 2020 ،
الأربعاء 4 نوفمبر 2020 ،
الخميس 5 نوفمبر 2020 ،
الأربعاء 11 نوفمبر 2020 ،
الخميس 12 نوفمبر 2020 ،
الثلاثاء 17 نوفمبر 2020 ،
الأربعاء 18 نوفمبر 2020 ،
الخميس 19 نوفمبر 2020 ،
الأربعاء 25 نوفمبر 2020 ،
الخميس 26 نوفمبر 2020 ،
الثلاثاء1 ديسمبر 2020 ، الأربعاء 2 ديسمبر 2020 ،
الخميس 3 ديسمبر 2020 ،
الأربعاء 9 ديسمبر 2020 ،
الخميس 10 ديسمبر 2020 ،
الأربعاء16 ديسمبر 2020 ، الخميس 17 ديسمبر 2020 ،
الاثنين 21 ديسمبر 2020 ، الثلاثاء 22 ديسمبر 2020.
****
أهم ما ورد في مذكرة دفاع المتّهم رسلان:
نستعرض الآن أهم ما ورد من إفادة رسلان، المؤلفة من أكثر من 40 صفحة، بعد تغطية بعض الأسماء والتفاصيل حرصاً على آلية الإجراءات القضائية وسلامة أطراف القضية:
أود هنا أن أقدم ردي على القضية الجنائية الموجهة ضدي أمام المحكمة الاقليمية العليا في كوبلنز ذات الرقم 1 StE9/19 وذلك بما يتعلق بوضعي الشخصي والتهم المنسوبة لي ضمن لائحة الاتهام.
اسمي أنور رسلان، مولود بتاريخ 1963/02/03، سوري الجنسية من محافظة حمص منطقة الحولة. نشأت في منطقة الحولة ودرست فيها حتى حصلت على شهادة الثانوية العامة ثم سجلت في جامعة دمشق ـ كلية الحقوق، وعند نجاحي إلى السنة الرابعة والأخيرة تطوعت في وزارة الداخلية بتاريخ 02/12/1986 ثم فُرزتُ إلى إدارة الهجرة والجوازات وعملت هناك بصفة صف ضابط حيث كنت أنجز عملي على الكومبيوتر وبنفس الوقت تابعت دراسة السنة الأخيرة في كلية الحقوق حتى تخرجت من الجامعة وحصلت على شهادة الحقوق. خدمت في إدارة الهجرة والجوازات خمس سنوات في فرع هجرة حلب سنة، وسنتين في فرع هجرة الحسكة و سنتين في فرع هجرة طرطوس. بتاريخ 1992/08/22 التحقت بدورة ضباط شرطة افتتحتها وزارة الداخلية وبعد سنة تخرجت منها وحصلت على رتبة ملازم أول وفُرزتُ في نفس كلية الشرطة بدمشق كضابط مدرب لأنني كنت قد حصلت على المرتبة الثانية على دورتي.
وفي كانون الثاني من عام 1995 نُقلتُ إلى إدارة أمن الدولة كوني من الثلاثة الأوائل على دورتي وحصلنا على دورات نظرية وبعدها فُرزتُ إلى الفرع 251 كضابط للدوريات وخدمت بقسم الدوريات وكانت المهمة الموكلة لدينا هي القيام بدوريات لحماية الأحياء الهامة في دمشق مثل حي المهاجرين والمالكي حيث تقع أكثر السفارات الأجنبية. وفي منتصف عام 1996 تم نقلي إلى مركز الإدارة حيث عملت في فرع التحقيق 285 كضابط محقق وهنا يتعلق الأمر بمكتب للأمور القانونية المتعلقة بالإدارة. استمريت بالعمل هناك حتى وصلت إلى رتبة مقدم. في الشهر العاشر من عام 2006 تم نقلي إلى فرع مكافحة التجسس “ذو الرمز 300” وخدمت هناك حتى تاريخ2008/08/09 وبعدها تم نقلي إلى الفرع 251 كرئيس لقسم التحقيق، حيث تم تكليفي من قبل العميد توفيق يونس بهذه المهمة.
بعد انطلاق الاحتجاجات في سورية، منتصف آذار/ مارس 2011، تغير كل شيء، حيث ظهرت الفوضى في البلاد وتم إثر ذلك تشكيل خلية لإدارة وحل الأزمة وهي لجنة عليا وخلايا فرعية في جميع المحافظات السورية. كانت خلية دمشق تتألف من عدة خلايا بما فيها تلك التي في الفرع 251 وتضم رئيس الفرع آنذاك العميد توفيق يونس وضباط الحرس الجمهوري وضباط من الفرقة الرابعة وأعضاء آخرين، ولم أكن أنتمي لهذه الخلية. قررت هذه الخلية بتدخل قوات الحرس الجمهوري بثلاثة ألوية لقمع المظاهرات في ريف دمشق الشرقي وألوية من الفرقة الرابعة في ريف دمشق الغربي. أما أمن الدولة والأمن السياسي والأمن العسكري والشرطة العسكرية والشرطة المدنية والمخابرات الجوية فتوجب عليهم قمع المظاهرات في مختلف أحياء دمشق.
قوات الحرس الجمهوري كانوا يحضرون الموقوفين الذين يعتقلونهم إلى الفرع 251 علماً بأن سجن الفرع يتسع عادة لمئتي سجين على الأكثر. أصبحت الأعداد كبيرة جداً في السجن لدرجة أنها وصلت إلى 1000 موقوف تقريباً.
بما يتعلق بالمعلومات عن الأقسام المختصة بالأحياء في دمشق والأقسام المختصة بالريف التي تندرج تحت اختصاص الفرع 251 فقد كان هناك لائحة طويلة من أسماء قادة المظاهرات ومحرضيها. بناءً على الاعتقالات التعسفية الكبيرة التي قامت بها قوات الحرس الجمهوري كنت أبحث دائماً ما إذا كان الموقوفين قد اعتقلوا بناءً على مذكرة اعتقال. بما يتعلق بالأشخاص الذين لم يكن لديهم اسماً على لائحة المطلوبين كنت أبدأ باصدار ورقة إخلاء سبيل لهم لكي يتمكنوا من الخروج من السجن.
“صورة من داخل قاعة المحكمة_ هيئة المحكمة” خاص مع العدالة”
في بداية شهر نيسان 2011 استدعاني العميد توفيق يونس لمكتبه وأخبرني بأن أهل منطقتي الحولة قد تظاهروا يوم الجمعة وبلغ عدد المتظاهرين بالآلاف ووصفهم بالخونة. فهمت من هذه الكلام على أنه تهديد لي وإثبات مباشر للتشكيك بولائي. منذ هذه اللحظة أصبحت مقتنعاً بأنه يتوجب عليّ الانشقاق.
اشتَكَى قادة الحرس الجمهوري المتمثلة باللواء بديع علي وضباطه مثل العقيد محمد علي والعمداء محمد نيوف وطلال مخلوف وعصام زهر الدين ومحمد خضور في بدايات شهر حزيران2011 أي بعد شهر ونصف من مشاركتهم بقمع المظاهراتلرئيس الفرع العميد توفيق يونس عن موضوع إخلائي سبيل أعداد كبيرة من الموقوفين ولأنني من منطقة الحولة وهذا يعد اثباتاً على التشكيك بولائي. طلب مني بعد أن أطلعني على موضوع الشكوى بأنه يود أن يعيد هيكلة القسم الذي أعمل به أي قسم التحقيق، الذي يعمل فيه أيضاً كل من الضباط المقدم عبد المنعم النعسان والنقيب عمر شنان ومدير السجن وستة محقيقين آخرين وعدد من السجانين.
سَحبَ مني العميد توفيق يونس الصلاحيات في بدايات شهر حزيران2011 بشكل مباشر و أَوكَلَهَا إلى أشخاص آخرين للقيام بمهامي.
قبل أن أشرح لكم كيف كان تقسيم المهام منذ هذا التاريخ أريد أن أحاول أوضح كيف تمت الشكوى ضدي: ساعدتُ أناس كثر كانوا موقوفين بالوقت ما بين آذار وحزيران2011عندما كنت أستطيع. توجب علي أن أكتب ملخصاً خطياً أو مذكرة عن كل الاستجوابات التي يقوم بها المحققون و أحولها إلى العميد يونس. وهنا كان لدي الإمكانية بأن أضيف بعض التوصيات، يعني على سبيل المثال إذا تم إحضار سبعين موقوفاً إلى قسمنا وتم توزيعهم على المحققين فأنا أحصل على عشرة موقوفين لكي أستجوبهم والستين الآخرين يتم استجوابهم من قبل المحققين الآخرين. أقوم باجراء استجواباتي ويقوم المحققون الأخرون بإعطائي محاضر استجواباتهم التي قاموا بها وأكتب محضراً واحداً عن كل التحقيقات وأقترح بإخلاء سبيل كل متظاهر غير مسلح شارك بالمظاهرات وكل شخص لم يثبت مشاركته بالتظاهر. وهذا ما كان يحصل يومياً. رأيي كان وما يزال أن المتظاهرين السلميين بريئون ويجب إطلاق سراحهم على خلاف المتظاهرين المسلحين، الذين يشكلون القسم الذي لا يتم إطلاق سراحه وفيما بعد يتم تحويله إلى الفرع 285.
هذه الأمور لم أعد بامكاني القيام بها بعد شهر حزيران 2011 لأنني جردتُ من الصلاحيات بشكلٍ كامل.
تم تقسيم المهام على الشكل التالي:
يستلم المقدم عبد المنعم النعسان ومعه محققان اثنان من الطائفة العلوية هما غياث رزق وفراس حمدان عمل التحريات أي التحقيقات مع المتظاهرين المسلحين والموقوفين على ذمة التحقيق بسبب تهمة تمويل المظاهرات. وبعدها يقوم المقدم برفع نتائج التحقيق بتوقيعه مباشرة إلى رئيس الفرع العميد يونس من دون أن أكون قد فعلت شيئاً.
تولى النقيب عمر شنان ومعه أربعة محققين مهمة التحريات أي الاستجوابات مع المتظاهرين السلميين.
يقوم ضباط القسم 40 بقيادة العقيد حافظ مخلوف بإجراء الاستجوابات مع الموقوفين بشكل مستقل ولا يسمح لي بالتدخل بعملهم بناءً على التعلميات الجديدة.
أصبح عملي في مكتبي يتضمن فقط فحص نتائج الاستجوابات التي قام بها النقيب عمر شنان لا غير.
خلال هذا الوقت ولعدة أشهر كنت لا أذهب إلى السجن أبداً. اتصل معي ذات مرة العميد توفيق يونس بعد أن علم أنني لم أذهب إلى السجن منذ أشهر. وأخبرته بأنني أنفذ التعلميات التي أمرت بها بعد أن تم توزيع المهام داخل الفرع. ونصحني بأن أنزل إلى السجن على الأقل نصف ساعة عندما تكون مناوبتي لكي لا يلاحظ الموظفون أن الفرع قُسمَ إلى ثلاث فروع وأنه أصبح دولة ضمن دولة. وبناءً على ذلك تصرفت من دون الرجوع إلى أحد وكنت لا أتكلم مع أحد وغير مكلف بالتحقيق مع أحد. ومن هذا الاتصال مع العميد يونس فهمت بأن مدير السجن هو من الذي أخبره بالموضوع.
قمت بكتابة طلب نقل عملي من جهاز الأمن إلى الشرطة في وزارة الداخلية وتقديمه للعميد يونس وعندما أستلم الطلب وقرأه رماه مباشرة في سلة المهملات.
منذ ذلك الوقت حتى تاريخ نقلي من الفرع251إلى الفرع285تم نقل موقوفين كثر إلى المستشفى لأن أعدادهم كانت كبيرة، هكذا سمعت.
في الوقت الذي كنت أعمل به بمكتبي بالفرع كنت أسمع أيضاً أصواتَ صراخٍ.
على الفور أتصل بالسجن لأسال ماذا يحدث، يتم إخباري بأن المقدم عبد المنعم النعسان يقوم باستجواب عناصر مسلحة ويستخدم القوة بذلك وبحضور ضباط من القسم 40.
إن ضباط القسم 40 أي المقدم محمد عبدالله والمقدم خالد الخطيب و النقيب عبد المجيد نبوذة والمقدم يوسف إبراهيم (قُتِلَ لاحقاً في دوما) هم تابعون للعقيد حافظ مخلوف وكان لديهم كافة الصلاحيات للقيام باستجواب الموقوفين المعتقلين من قبلهم وارسال نتائج التحقيقات إلى العقيد حافظ مخلوف مباشرة والذي بدوره يحولها مباشرة إلى رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ديب زيتون دون أن تمر على رئيس الفرع العميد توفيق يونس.
اتصل معي مرة العميد توفيق يونس وطلب مني اعداد لائحة بأسماء موقوفين بغرض إخلاء سبيلهم إذا لم يكونوا مسلحين. وهنا كنت أنتهز الفرصة بكتابة أسماءً إضافية على اللائحة حتى يتم إخلاء سبيل عدداً أكبر من الموقوفين وكنت أفعل ذلك حتى تاريخ نقلي من الفرع 251 إلى الفرع 285.
علمت بهذا الوقت أن المدعو (الاسم موجود في الإفادة) الذي هو بصفوف الجيش السوري الحر في بلدة عين الفيجة ينحدر من الحولة أي من نفس البلدة التي أنتمي إليها. تم التواصل مع لأجل تنظيم عملية انشقاقي مع عائلتي. أخبرَني بأَنّه تكلم مع قائد مجموعته واستشاره بذلك وأنه وصل لنتيجة أنه يستطيع أن ينظم عملية انشقاقي بمفردي فقط. ولخوفي على عائلتي رفضت فكرة الانشقاق بمفردي.
بعدها اتصلت بالعقيد (الاسم موجود في الإفادة) الذي يعيش حالياً (في أوروبا) كلاجئ وطلبت منه أن يزورني. وعند حضوره طلبت منه أن يستفسر لي لدى الجيش السوري الحر في منطقة (؟) التي كان يعيش فيها الواقعة في ريف دمشق الجنوبي الغربي إذا كان بالإمكان تنظيم عملية انشقاقي. وعدني أن يفعل ذلك. في اليوم التالي جاء لعندي وأخبرني بأن الجيش السوري الحر لا يستطيع أن ينظم عملية الانشقاق لي ولعائلتي.
بعد أن عُوقبتُ وتم نقلي إلى الفرع 285 كان عملي هناك جداً مريح ولكن كان ما يزال موضوع الانشقاق يدور في بالي حتى أتيحت لي الفرصة من خلال مساعدة زميلي (الاسم موجود في الإفادة) للشروع بالانشقاق.
تم نزع صلاحياتي مني منذ بداية شهر حزيران2011واقتصر عملي فقط على اعداد المذكرات بنتائج الاستجوابات التي يقوم بها عمر شنان وتحويلها إلى رئيس الفرع. أما المسؤولون بالقسم 40فيعملون بشكل مستقل في السجن حيث كان المقدم عبد المنعم يرفع مذكرات بنتائج التحقيق بتوقيعه إلى رئيس الفرع 251. أما ضباط القسم 40 فيرفعون نتائج التحقيق مع الموقوفين في سجن الفرع251إلى رئيس القسم 40 العقيد حافظ مخلوفدون المرور على مكتبي أو على رئيس الفرع ويقوم العقيد حافظ مخلوف برفع تلك النتائج بتوقيعه إلى رئيس جهاز أمن الدولة مباشرة وهي الحالة الوحيدة في جهاز أمن الدولة التي يتم فيها رفع مذكرات مباشرة بين رئيس قسم ورئيس الجهاز دون المرور على رئيس فرعه. والأسباب معروفة لأنه فوق القانون وأقوى من رئيس الفرع بل ومن رئيس الجهاز .
لقد ورد في لائحة الاتهام بأن القسم 40 كان مستقلاً ودوره حاسماً لأن رئيسه هو العقيد حافظ مخلوف.
كانت قوات الحرس الجمهوري تحضرُ معتقلين مصابين إصابات مختلفة وكسور في العظام ومنها إصابات خطيرة تصل إلى إصابات في الرأس، وكنت أعلمُ العميد توفيق يونس مباشرة بهذا الأمر الذي يطلب توثيق الحالات بالصور وتحويل المعتقلين المصابين إلى مشفى الهلال الأحمر أو المستشفى العسكري في حرستا.
“صورة لــ أنور رسلان مع محاميه” خاص مع العدالة
أصبحت المظاهرات تنظم ليلاً في شهر حزيران من عام 2011 وقد حدثت هناك مواجهات بالسلاح. وهنا ظهرت أيضاً بعض المجموعات المتدينة. منذ بداية المظاهرات كان يحضر وجهاء الأحياء في ريف دمشق لمقابلة رئيس الفرع من أجل الإفراج عن معتقلين تم اعتقالهم بشكل عشوائي أو شيوخ أو مرضى. وفي ذات مرة حضر شخص كبير بالسن من منطقة دوما بالريف الشرقي لدمشق اسمه (الاسم موجود في الإفادة) وكان لطيفاً جداً. صارحته بأنني أحتاج إلى مساعدته لأتمكن من الانشقاق وأنني أريد الذهاب إلى منطقته فطلب مني البقاء في عملي والمساعدة قدر الإمكان بحيث لا ينتبه أحد. هذا الشخص يعيش على الأرجح في تركيا ويمكن الحصول على عنوانه عن طريق الشاهد (الاسم موجود في الإفادة) الذي انشق ويعيش حالياً في تركيا. كان (الشاهد) معتقلاً لدينا وساعدته على الخروج من السجن. هو يعلم تماماً كيف كنت أتعاطف مع الناس وما هو رأيي بالعموم عن الوضع في سورية.
تعد الاجراءات الأمنية لدى الفرع الداخلي 251 أو الخطيب قاسية جداً حيث كانت دورية ترافقني للبيت ودورية أخرى تنتظرني في صباح اليوم الثاني. وعندما تم نقلي إلى إدارة الفرع 285 حيث عملت بالسابق قبل اندلاع المظاهرات بالبلاد، كانت الإجراءات الأمنية سهلة جداً. تقابلت في هذا الوقت مع عقيد بالشرطة من محافظة درعا اسمه (الاسم موجود في الإفادة) وهو صديق لي ونظراً لثقتي به أخبرته بضرورة انشقاقي وذلك مع عائلتي وقد اتفقنا أن نتقابل مرة أخرى في اليوم التالي بعد انتهاء الدوام الرسمي. وهذا ما تم وقد أخبرني بأنه أجرى اتصالاً مع شخص يمكن أن يساعدني بالانشقاق إلى الأردن وأخبرني أيضاً بأنه يريد أن ينشق قبلي باتجاه الأردن أيضاً. تلقيت اتصالاً في اليوم التالي من شخص وأخبرني بأن كل شيء أصبح جاهزاً وطلب مني الحضور مع عائلتي إلى حي الدويلعة أي الحدود بين مدينة دمشق وريف دمشق وتحديداً عند باب شرقي. وبعدها قام بنقلنا إلى الريف الجنوبي الشرقي لمدينة دمشق من منزل إلى آخر حتى وصلنا إلى الحدود الأردنية وعبرناها ليلة 14 – 15 كانون الأول/ ديسمبر عام 2012.
حول التهم الموجهة ضد رسلان في لائحة الاتهامات:
لم يكن هناك حالات قتل في عام 2011. أدليتُ بهذه المعلومات أثناء استجوابي كشاهد في عام 2017 في ألمانيا.
لا يوجد مكان في السجن يمكن تجميع به الجثث ولو أن مثل ذلك قد حصل فإن المشفى (الهلال الأحمر) لا يبعد سوى أربعين متراً عن الفرع 251. لكي يتم نفي هذه الشهادة بالكامل يتوجب الاستماع لإفادة (اسم الشاهد وصفته موجودة في الإفادة).
ما ورد بأقوال الشاهد (أحد أطراف الادعاء- الاسم موجود في الإفادة) الذي كان موقوفاً لمدة أربع أيام في شهر أذار 2011 بأن رجلاً متقدماً بالعمر كان معلقاً من معصميه بجواره وكان يتم ضربه وهو في هذه الحالة وبعد ذلك فارق الحياة وبقي عدة ساعات حتى تم نقله.
حسب علمي لم يكن هناك أية حالات وفاة في هذا الشهر. والأمر مستبعد تماماً حتى ولو افترضنا أن ضباط القسم 40 هم من قاموا بفعل ذلك، يبقى الأمر مستبعداً ضَربُ المعتقل وهو بهذه الوضعية وإلى جانبه العديد من المعتقلين في نفس الغرفة.
أقوال الشاهد (من الادعاء- الاسم مذكور في الإفادة) حول مشاهدته لوفيات يومية خلال فترة توقيفه (أقل من شهر) محض ادعاءات لا أساس لها من الصحة، لاسيما وأن السجن صغير جداً ويتألف من أربع غرف وما يحصل فيه يسمعه أو يعرف به السجناء جميعاً. وأطلب أن يتم استدعاء الشاهد (منشق من الفرع) يقيم (في دولة أوروبية) الذي أدلى بشهادة تتعارض مع أقوال الشاهد.
بما يتعلق بأقوال الشاهدة (من الادعاء- الاسم في الإفادة) – أود أن أوضح التالي:
لم أتكلم عن موضوع أمني أمام الآخرين ولم أقم بذلك أبداً أمام مدنيين. إضافة لذلك فإن هواتفي مرتبطة مع غرفة نومي الملاصقة لمكتبي بخطين فإذا أردت التحدث بشيء أمني أدخل الغرفة الأخرى و أغلق الباب من خلفي.
ورد بأقوال الشاهد (من الادعاء- الاسم في الإفادة) أنه كان محبوساً في الزنزانة رقم (؟) والجثث كانت تظل موجودة في الزنزانة لبضعة أيام قبل أن يتم نقلها.
أقول: يوجد 19 زنزانة فقط في سجن الفرع 251 وهي مرقمة من 1 إلى 19 يوجد 14 منها باتجاه شمال جنوب و 5 باتجاه غرب شرق، إضافة إلى أربع غرف، اثنتان كبيرتان (مهجع) واثنتان صغيرتان تسمى مزدوجة. وقد تم خلال الأحداث ضم الحديقة الجانبية لتصبح مهجعاً خارجياً وتم سقفه بألواح من التوتياء.
لا علم لي بما ورد بأقوال الشاهد القاضي ويمكن الاستناد إلى أقوال الشاهد (على صلة مباشرة بالموضوع) حول ما كان يدور في السجن.
بما يتعلق بسوء الرعاية الصحية ونقص الغذاء بأنها كارثية فهذه مسؤولية رئيس الفرع 251 ، إضافة للأعداد الهائلة من المعتقلين وقد اشتكيت له ثلاث مرات عن الوضع كاملاً في السجن فطلب مني عدم فتح هذا الموضوع أبداً.
تدعي الشاهدة (من الادعاء- الاسم في الإفادة) على أنني أرتدي بزة عسكرية وهذا غير صحيح على الإطلاق لأنني لم أرتدِ اللباس العسكري أبداً”.
بالنسبة للشاهد (من الادعاء) التوصيات في المذكرات الكتابية لم يكتب فيها تاريخياً طلب تعذيب في حالة الضرورة لبقاء الموقوف لأسباب تتعلق باتصالات هاتفية، وإنما يتم ذلك عن طريق الفنيين المختصين بالفرع.
وفي معرض رده على أحد الشهود الذي قال بأنه تعرض للاغتصاب وهو معلّق إلى السقف (الشَبْح) في غرفة مساحتها 30 متراً وفيها حوالي 300 موقوف. قال رسلان:
هذا غير منطقي بالنسبة لي لا يمكن تصديقه. على المستوى الشخصي أستنكر مثل هذا الفعل إن حدث حقاً فهو يعارض ديننا وأخلاقنا وإنسانيتنا. وأدين ما تعرض له، وأوضح أنه لا يوجد في الزنازين أداة للتعليق والسقف عالٍ ولا يوجد فيه ما يربط أو يعلق به الموقوف ثم كيف يتم ذلك ومعه عدد كبير من الموقوفين. أعتقد أن هذا الفعل إن حصل معه يكون قد حصل في فرع المخابرات الجوية قبل يوم أو يومين من تقديمه إلى الفرع 251 ، لأن الموظفين هناك طائفيون علويون وعنصريون ويستخدمون القوة بشراسة.
منذ اندلاع الأحداث والثورة السورية أو حتى ما قبلها لم أضرب أو أعذب أي شخص كان ولم أعطِ أي أوامر بتنفيذ الضرب أو التعذيب عليه.
أنكر الضابط رسلان عموماً شهادات المدّعين وقدّم أدلّته، ويبقى التقييم النهائي والحكم عائد لهيئة المحكمة الألمانية المشرفة.
****
بما يتعلق بالإشراف والرقابة على الأنشطة المتعلقة ضمن قسم التحقيق كان الوصف صحيحاً حتى تاريخ 15/03/2011 كما هو مذكور في لائحة الاتهام.
منذ اندلاع الأحداث عمت الفوضى البلاد فقد أصبح الجيش وضباط القسم 40 والميليشيات التي يديرها حافظ مخلوف و علي جابر يحضرون عدداً كبيراً من المتظاهرين إلى السجن لدينا.
السجن مخصص عادة لـ 200 سجين فقط. فبعد تاريخ 15/03/2011 أصبح عدد الموقوفين لا يقل عن 1000 على ذمة التحقيق وبقي هذا الحال حتى تاريخ نقلي من الفرع.
في يوم من الأيام أحضرت قوات الحرس الجمهوري قرابة 700 معتقل على ذمة التحقيق بالاضافة إلى الموقوفين الموجودين أصلاً في السجن. لقد تم استدعاء جميع ضباط التحقيق والاستجواب من الإدارة العامة بأمر من رئيس المخابرات العامة وكان آنذاك اللواء علي مملوك للقيام بهذه الاستجوابات التي دامت حتى اليوم الثاني. تم الإفراج عن بعض الموقوفين والبعض الآخر تم تحويله إلى الادارة العامة.
ورد بأقوال شاهد من الشهود أنه خلال استجوابه تم استخدام سلاسل معدنية لتعليقه أو محاولة تعليقه. أريد أن أوضح أنه لايوجد سلاسل معدنية لا بالفرع ولا بالسجن ولكنني رأيت مساء أحد الأيام بأم عيني كيف أن النقيب عبد المجيد نبوذة عند نزوله من سيارته كان يحمل سلسلة بيده. وعندما سألته عن سبب حمله لهذا النوع من السلاسل أجابني على أنه سوف يُعلقُ جميع الإرهابيين بها. وهنا يعني جميع المعتقلين الذين يتبعون للقسم 40. جرت هذه الحادثة في الساحة الخارجية وأمام مبنى الفرع.
****
- توجب علي أن أكتب ملخصاً خطياً أو مذكرة عن كل الاستجوابات التي يقوم بها المحققون و أحولها إلى العميد يونس. وهنا كان لدي الإمكانية بأن أضيف بعض التوصيات.
يعني على سبيل المثال إذا تم احضار سبعين موقوفاً إلى قسمنا وتم توزيعهم على المحققين فأنا أحصل على عشرة موقوفين لكي أستجوبهم والستين الآخرين يتم استجوابهم من قبل المحققين الآخرين. أقوم بإجراء استجواباتي ويقوم المحققون الأخرون بإعطائي محاضر استجواباتهم التي قاموا بها وأكتب محضراً واحداً عن كل التحقيقات وأقترح بإخلاء سبيل كل متظاهر غير مسلح شارك بالمظاهرات وكل شخص لم يثبت مشاركته بالتظاهر. وهذا ما كان يحصل يومياً. رأيي كان وما يزال أن المتظاهرين السلميين بريئون ويجب إطلاق سراحهم على خلاف المتظاهرين المسلحين، الذين يشكلون القسم الذي لا يتم اطلاق سراحه وفيما بعد يتم تحويله إلى الفرع 285.
أستطيع أن أقول أن هذه الأمور لم أعد بامكاني القيام بها من بعد شهر حزيران 2011كما شرحت لكم لأنني جردتُ من الصلاحيات بشكلٍ كامل.
في شهر آذار 2011 اعتُقِلت (الاسم مذكور في الإفادة) وشقيقتها وفتاة أخرى (الاسم مذكور في الإفادة). وقد اعتقلهن المقدم محمد عبدالله وخالد الخطيب من القسم 40 قرب (اسم المكان مذكور في الإفادة) وأحضروهن إلى السجن بالفرع 251 وعند وصولهن الفرع أي عند باب السجن بدأ الضباط بضرب (إحداهن) بشكل عنيف بالقبضات والركلات ورافق ذلك صراخ وشتائم من الضباط، كنت أنا بغرفة التحقيق أتحدث مع مدير السجن بأن العدد كبير من الموقوفين أين سنذهب بهم، دخلوا الغرفة واصطفت المعتقلات الثلاث أمام الحائط الجنوبي فيما توجه المقدم محمد عبدالله إلى الهاتف واتصل مع رئيس القسم 40 .
تم اعتقال الشاهدة (الاسم مذكور في الإفادة) بناءً على معلومات وصلت إلى رئيس القسم المسؤول عن القضايا المتعلقة بالاقتصاد والوظيفة العامة المقدم أحمد نوح وحقق معها المقدم عبد المنعم النعسان بحضور المقدم أحمد نوح كونه مصدر المعلومات حول نشاطها في الثورة وتأمين أدوية. تم التحقيق معها أيضاً حول أسماء مسلحي مدينتها. هذا ما أخبرني به المقدم أحمد نوح ومتى كان ذلك لا أعرف. لم يكن هناك أسباب تتعلق بالعمل لكي يخبرني بذلك و لم يكن من ضمن مهامي.
تم اعتقال الشاهد (الاسم مذكور في الإفادة) من قبل المقدم خالد الخطيب ومن المقدم محمد عبدالله، ضباط القسم 40 بتهمة دعم الجيش السوري الحر بمبلغ وقدره 18 ألف ليرة سورية إضافة إلى نشاطه المسلح عبر الفيس بوك. قام المقدم محمد عبدالله باستجوابه حيث استخدم عند الاستجواب جميع أشكال القوة أما المقدم خالد الخطيب فطلب منه اعطاؤه الرقم السري الخاص بجواله وبريده الإلكتروني. وقد استغرق الاستجواب حيزاً من الوقت ومن بعدها تم تحويله إلى الفرع 285. أخبرني الخطيب بكل شيء بعد أن حصل ذلك. قلت له ذات مرة بأن فكرة أن الشخص يعلن عن نشاطات عنيفة عن طريق الفيس بوك هو مجرد هراء وأنه لا يوجد مغزى للبحث عن أشخاص وجلبهم للتحقيق. وأعتقد أنه هذا هو السبب الذي دفعه ليتحدث لي عن الحادثة لأنه قال لي بأنني كنت على صواب ولم ينتج عن القصة أي شيء. أنا لم أكن معني بالواقعة ضمن إطار العمل ولم يكن لدي علم بها أثناء حصولها.
ساعدت عدداً من الموقوفين من منطقة الزبداني وريفها (الأسماء موجودة في الإفادة). لا أستطيع أن أقول أكثر من ذلك.
إن عملية توقيف أي شخص لا تتم بناءً على قرار يقع تحت مسؤوليتي. أنا لا أملك هذه الصلاحيات. القرار يقع بيد رئيس الفرع وإدارة خلية الأزمة. لم أعطِ أي أوامر بارتكاب أعمال التعذيب ولم أشجع عليها.
****
ثم وجه المتهم رسلان لهيئة المحكمة ما يلي:
أريد ذكر أسماء الشهود الذين طلبت منهم أن يساعدوني في نجاح عملية الانشقاق وأسماء الذين ساعدتهم عندما كانوا معتقلين على ذمة التحقيق وأسماء الأشخاص الذين يعرفون تعاطفي مع المظاهرات وأسماء المنشقين الذين خدموا معي في نفس الفرع و السجن والذين يعرفون وضعي كيف كان و كيف كان هو دوري تماماً، لكي يتسنى لكم أن تدعوهم للإدلاء بالشهادة في المحكمة.
وتلى رسلان أسماء لـ 25 شخصية سورية معارضة، من الجنسين (الأسماء جميعها مدونة ضمن الإفادة) ومن بين تلك الشخصيات برز العديد من قادة ورؤساء في مؤسسات المعارضة، وضباط منشقين برتب متفاوتة وعلى قدر كبير من الأهمية، وفنانين، ومفكرين، ورجال أعمال، وإعلاميين، وشخصيات أخرى.
وبعد عرض الأسماء والصفات والتفاصيل التي يمكن أن يشهدوا بها، تابع رسلان القول: حسب رأيي يمكن لجميع الشهود المذكورين أن يعطوا معلومات مفصلة فهم مع المعارضة وقريبين من الائتلاف السوري ويعيشون خارج سورية وبالتالي لا يوجد مخاطرة على حياتهم في حال قاموا بالإدلاء بشهاداتهم أمام المحكمة. ويستطيع جميع الشهود أن يشهدوا كيف كنت أساعدهم وما هو موقفي الحقيقي من الثورة.
****
عندما تم سؤالي سابقاً في ألمانيا بصفة شاهد وصرحت بالاستجوابات كالتالي:
بعد تقديم شهادتي بخصوص معلومات حول هوية عسكرية تعود لشخص سوري اسمه (و. ق) شرحت وظيفتي وذكرت أننا حققنا مع مئات الموقوفين وأن التحقيق كان مسالماً وهادئاً ولم يكن هناك تعليمات باستخدام العنف. ولكن ذكرت أيضاً كيف كانت قوات الحرس الجمهوري تعتقل المتظاهرين وتعذبهم تحت إشراف الضباط عصام زهر الدين ومحمد خضور ومحمد علي نيوف وطلال خضور. وقد ذكرت عدداً من الحالات في سياق هذه الأقوال. وهذا كان يحصل خارج السجن.
وبعد أن يحضروا قوات الحرس الجمهوري موقوفين لنا تأتي الأوامر من قبل ابن خال الرئيس العقيد حافظ مخلوف بالقيام بتعذيب الموقوفين . وبهذا الموضوع ليس لدي علاقة على الإطلاق.
قالت لي النائبة العامة التي استجوبتني بحضور موظفة الشرطة الجنائية الاتحادية من شتوتغارت على أنني كنز من المعلومات وهل بإمكاني المثول بصفة شاهد أمام المحكمة الجنائية. ولأننا قمنا بالاستجواب في برلين وبسبب ضيق الوقت والعودة إلى شتوتغارت تم إنهاء الاستجواب عند هذه النقطة دون الدخول في التفاصيل ولكنني أبديت استعدادي للمثول أمام المحكمة بصفة شاهد.
لكنني صرحت هناك وقلت في استجوابات لاحقة التالي:
” المجموعات الإرهابية المسلحة مثل القاعدة وداعش والنصرة وغيرها يجب التصدي لها بكل قوة وأعني بذلك:
ا) معرفة مصادر التمويل لكي يتم تجفيفها
ب) معرفة طرق التسليح لكي يتم قطعها
ج) مكافحة هذه الثقافة والأيديولوجية للمجموعات ودعم أيديولوجية مضادة لها تحتاج إلى عمل دولي مشترك. “
في سياق الاستجواب لم أعني أبداً أية إجراءات لها علاقة بالضرب أو التعذيب. وظيفتي كقانوني كانت دائماً تتعلق بواجبي أن أخدم دولة القانون السوري وأنه ضمن هذا الإطار العملي قمت بإجراء استجوابات وبناءً عليها اتخذت قرارات مثل إخلاء السبيل. لم أتصرف أبداً بطريقة غير إنسانية لا قبل آذار 2011 ولا بعده.
لقد ورد في لائحة الاتهام أنه لم تثبت التحقيقات إقدامي شخصياً على تعذيب أحداً ما.
أخبرني أحد محاميي الدفاع عني عن مقالة في مجلة دير شبيغل الصادرة بتاريخ 19 تشرين الأول 2019 تدور حول موضوع كيف أن المرء في ألمانيا قلقٌ من أن السجون السورية ممتلئة حالياً بأعداد كبيرة من المشتبه بهم كإرهابيين خطيرين من مقاتلين الدولة الإسلامية وأن هذه الأعداد لربما سوف يتم الإفراج عنها وعودتها إلى ألمانيا. وهذا هو أيضاً القلق الذي يراودني وراودني ضمن إطار عملي كما هو مذكور بالتفصيل أعلاه وأن كل شيء تغير في سورية من بعد الخامس عشر من آذار 2011 . في النهاية وحتى ذلك الوقت تمكنت بالمجمل التعرف على أساسيات دولة القانون والعدل السوري وقمت بواجبي ضمن هذا الإطار ومن بعده لا.
أنحدر من عائلة معظم أفرادها قد انشقوا عن النظام. إذا كان ذلك موضع اهتمام فإنني أذكر لكم أسماءً أخرى على سبيل المثال: اثنان من عمومتي كانا قائدين لمظاهرات في بلدتي الحولة.
لقد تركت خلفي خدمة 26 سنة عندما انشققت وأصبحت لاجئاً لأنني لم أقدر أن أتحمل الأحداث في سورية ولم أكن أريدها أن تحصل. لا تزال كل الرتب العسكرية العالية مستمرة بعملها والتي كانت قد رحبت بطريقة تعامل النظام ضد المعارضة و أبدت موافقتها على قمع المظاهرات من خلال قوات الحرس الجمهوري والقسم 40 وغيرهم، وذلك بدعم من دول متحضرة مختلفة لا يتوجب عليها أن تعيش في ظروف حرب أهلية أو حروب أخرى.
لم يتوجب عليً الهروب من سورية كما يفترض مكتب الشرطة الجنائية الاتحادي لأن مجموعات المعارضة لم تستهدفني أنا وعائلتي ولهذا لم يكن هناك أي سبب فأنا قريب من المعارضة. وأيضاً حتى يومنا هذا لم تستطع الجماعات المعارضة داخل سورية أن تفعل الكثير ضد الحكام، فلذلك لم يكون هناك سبب للقلق.
بما أنني أنحدر من منطقة الحولة السنية فقد تم التشكيك بولائي من قبل جهات النظام وجهازه الأمني وذلك منذ الأيام الأولى للأحداث في سورية. وصلت إلى هدفي بالانشقاق عندما كانت الظروف ملائمة لذلك. لقد وضحت فيما سبق أنه توجب عليّ رؤية انتهاكات كثيرة للقانون من دون المقدرة على فعل شيء. لقد كان الانتماء لديانة معينة أو طائفة والفوضى القائمة بالبلاد والتدخلات أهم و أقوى مني بمفردي أو من أي شخص آخر بمفرده.
V.
بما يتعلق بالبيانات التي أعطيتها للمكتب الاتحادي لشؤون الهجرة واللاجئين أود أن أوضح التالي:
لقد أرسلت للسيد رياض سيف معلومات مفصلة عني تتضمن سيرة الحياة CV وقام بدوره بإرسالها للسفارة الألمانية في عمان ومن خلال هذه المعلومات حصلت على تصريح الإقامة طبقاً للمادة 23 البند الثاني من قانون الإقامات في ألمانيا.
وعند تقديم طلب اللجوء قمت بالتصريح عن وظيفتي وكنت أذكرها دائماً بشكل واضح أمام جميع المحققين الذين قاموا باستجوابي وأمام الشرطة والشرطة الجنائية في برلين وكذلك الأمر صرحت بمهنتي لأحد الضباط في المخابرات الألمانية الذي قدمته لي السيدة بيترا بيكر على أنه موظف لدى هيئة حماية الدستور الألماني.
عند حضورنا إلى المكتب الاتحادي لشؤون اللاجئين في برلين شبانداو قمنا بتعبئة الأوراق بمساعدة المترجم الشاهد عبدالله وتقديمها للمكتب الاتحادي.
وهناك صرحت أيضاً عن مهنتي على أنني كنت ضابطاً في الدولة السورية وأردت أن أشرح للموظفة وضعي بالتفصيل لكنها قالت أن الإضبارة أمامها والأمر واضح بالنسبة لها.
VI.
لا أستطيع أن أقول شيئاً بما يتعلق بالاتهامات ضد المتهم الغريب التي نتجت عن أقواله الشخصية.
VII.
لدي ثقة كبيرة بالقضاء الألماني الذي يشكل أساساً من أساسات القوة لدى الجمهورية الاتحادية الألمانية. بعد أن نفيت الاتهامات الموجهة ضدي أود أن أقول للمحكمة وللشهود المتضررين وعائلاتهم على أنني متأسف للوضع في سورية كما هو الحال في باقي الدول العربية المجاورة وأنني أتمنى على أن تنجح المساعي بطرق سلمية للوصول إلى الديموقراطية من دون دكتاتورية أو إرهاب متطرف. وأعبر عن تعاطفي وأسفي مع جميع المتضررين وعائلاتهم ولعائلات الأشخاص الذين فقدوا حيواتهم منذ أحداث مطلع العام 2011. أنا لم أرتكب التهم الموجهة ضدي في لائحة الاتهام.
أنا مستعد أن أجيب على الأسئلة المتعلقة بشخصي والتي لها أهمية في عملية الاتهام مع العلم أنني ذكرتها هنا. فيما يتعلق بالموضوع ذكرت كل شيء له دور في هذه القضية. أستطيع أن أتصور أنه بناءً على كل من العدد الكبير من الاتهامات و أقوالي الشخصية سوف ينتج عدداً كبيراً من الأسئلة التفصيلية ، التي لا أود أن أجيب عنها حالياً. وهذا ممكن أن يطرأ عليه تعديلاً اذا تطلب الأمر لذلك أرجو منكم التفهم، نريد أن نتبع الدليل أولاً.
لقد كتبت هذه الأقوال بمساعدة محاميي الدفاع، حتى ولو أنهم قاموا بالكتابة وأعطوا بعض المساعدات الإنشائية إلا أنه يبقى بالمجمل أقوالي الذاتية. أرفق بهذه الأقوال مخططاً مرسوماً لآلية العمل التي كانت في الفرع 251 من بعد سحب الصلاحيات مني.
***