كان رفعت الأسد، أحد الأعمدة السابقة لنظام الأسد الأب، قائداً لقوات النخبة، "سرايا الدفاع"، التي قمعت انتفاضة بشكل دموي في عام 1982 بمدينة حماة. وهذا أكسبه لقب "جزار حماة".
07 / أيلول / سبتمبر / 2022
*مع العدالة: تقارير ومتابعات
أيدت أعلى محكمة في فرنسا اليوم الحكم الصادر بحق المجرم “رفعت الأسد” بالسجن أربع سنوات بتهمة غسل الأموال واختلاس أموال عامة، فضلاً عن مصادرة أصوله الموجودة في فرنسا. ويشير هذا القرار التاريخي إلى أهمية التنفيذ الملموس لآلية إعادة الأصول الناجمة عن الفساد التي اعتمدتها فرنسا مؤخراً.
وقالت “ساندرا كوسارت”، مديرة منظمة “شيربا” القانونية: “بما أن شيربا كانت في قلب الكفاح ضد المكاسب غير المشروعة لما يقرب من عقد من الزمان، وبمبادرة من القضايا الأولى التي قدمت إلى العدالة، فإننا نرحب بهذا القرار باعتباره خطوة مهمة للغاية في مكافحة الإفلات من العقاب على الرشوة الأجنبية”.
هذه الملحمة القضائية، التي أدت إلى إدانة تاريخية لأحد أفراد عائلة الأسد، يجب ألا تحجب القضية الأساسية: ضمان إعادة الأصول المسروقة إلى السكان المنهوبين، وضمان احترام الحق في التعويض، وهو مبدأ قانوني أساسي، في مسائل الفساد واختلاس الأموال العامة.
من الضروري أن تركز الحكومة الفرنسية جهودها على تنفيذ آلية إعادة الأصول الناتجة عن الفساد التي تم تبنيها في تموز 2021 لضمان عودتها “في أقرب وقت ممكن من السكان” على النحو المنصوص عليه في القانون. وقالت ساندرا كوسارت، مديرة شيربا: “يجب على الدولة الفرنسية أن تفضل اتباع نهج مخصص وضمان إمكانية تكييف كل عملية استرداد مع السياق السياسي والإنساني للبلدان من أجل ضمان عدم وقوع الأصول مرة أخرى في دوائر الفساد”.
وكان المجرم رفعت الأسد، البالغ من العمر الآن 85 عاماً، قد حكم عليه في الاستئناف في باريس، في 9 أيلول 2021، بنفس العقوبة كما في الدرجة الأولى، كما أكدت المحكمة مصادرة أصول بقيمة “90 مليون يورو”.
أدين رفعت الشقيق الأصغر للطاغية السوري السابق (1971-2000) حافظ الأسد بغسل الأموال العامة السورية والاحتيال الضريبي المشدد بين عامي 1996 و 2016. كما أدين بالعمل الخفي في العقارات.
في هذا التحقيق الذي بدأ في عام 2014 بعد شكاوى من المنظمات غير الحكومية شيربا ومنظمة الشفافية الدولية، تم الاستيلاء على قصرين، وعشرات الشقق في المناطق الغنية في العاصمة، وعقار مع قلعة ومزرعة خيول ومكاتب وممتلكات في لندن.
وبعد قرار محكمة التمييز الأربعاء، يجب إعادة قيمة هذه الأصول، التي صودرت نهائياً، إلى سوريا بموجب الآلية الجديدة لإعادة الأصول التي حصل عليها القادة الأجانب عن طريق الاحتيال، والتي اعتمدها البرلمان في عام 2021.
كان رفعت الأسد، أحد الأعمدة السابقة لنظام الأسد الأب، قائداً لقوات النخبة، “سرايا الدفاع“، التي قمعت انتفاضة بشكل دموي في عام 1982 بمدينة حماة. وهذا أكسبه لقب “جزار حماة“. في عام 1984، غادر سوريا بعد انقلاب فاشل ضد شقيقه، حافظ الأسد، إلى سويسرا ثم فرنسا. وفي خريف عام 2021، عاد إلى سوريا بعد أكثر من ثلاثة عقود في المنفى، حسبما ذكرت وسيلة إعلامية موالية لحكومة الطاغية بشار الأسد.
وكان رفعت الأسد قد حصل على وسام جوقة الشرف في فرنسا عام 1986 بسبب “الخدمات المقدمة”، وهو مهدد بمحاكمة في إسبانيا بسبب شكوك أوسع بكثير حول “أصول غير مشروعة” تتعلق بنحو 500 عقار. كما يحاكم في سويسرا بتهمة ارتكاب جرائم حرب في عقد 1980.
هذه هي الحالة الثانية من “الأصول غير المشروعة” التي تمت محاكمتها في فرنسا، بعد قضية “تيودورين أوبيانغ” ، الابن الأكبر لرئيس غينيا الاستوائية ، الذي حكم عليه نهائياً في تموز 2021 بالسجن لمدة ثلاث سنوات مع وقف التنفيذ وغرامة قدرها 30 مليون يورو. وهناك تحقيقات أخرى جارية، تستهدف على وجه الخصوص أسرة الرئيس اليمني السابق “علي عبد الله صالح” أو أسرة الزعيم الغابوني السابق “عمر بونغو أونديمبا“، الذي وضع أطفاله التسعة قيد التحقيق في الربيع وتموز.