تحتفظ الولايات المتحدة بوجود عسكري صغير في شمال سوريا، حيث أثار دعمها القوي لقوات سوريا الديمقراطية غضب تركيا.
11 / كانون أول / ديسمبر / 2022
*مع العدالة: ترجمات
المصدر: “وكالة أسوشيتد برس-THE ASSOCIATED PRESS“
بعد أسابيع من الغارات الجوية التركية في شمال سوريا، تحاول القوات الكردية واللاعبون الدوليون قياس ما إذا كانت تهديدات أنقرة بتوغل بري خطيرة.
حذّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مراراً وتكراراً من توغل بري جديد لإبعاد الجماعات الكردية عن الحدود التركية السورية، في أعقاب تفجير مميت بتاريخ 13 تشرين الثاني/نوفمبر في اسطنبول. ألقت السلطات التركية باللوم في الهجوم على “حزب العمال الكردستاني” المحظور وعلى “وحدات حماية الشعب” المتمركزة في سوريا. ونفى كلاهما تورطهما.
في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر، شنت أنقرة وابلاً من الغارات الجوية، مما أسفر عن مقتل العشرات، بمن فيهم “المدنيون” وكذلك المقاتلون الأكراد وعناصر من “الحكومة السورية”. وحذرت “هيومن رايتس ووتش” من أن الضربات تؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية من خلال تعطيل الكهرباء والوقود والمساعدات.
وفي أحدث التطورات، توجه نائب وزير الخارجية الروسي “سيرغي فيرشينين” إلى تركيا هذا الأسبوع لإجراء محادثات حول الوضع في سوريا.
فيما يلي نظرة على ما ستكسبه أو تخسره مختلف القوى والجماعات الأجنبية المتورطة في الصراع السوري:
ماذا تريد تركيا
تعتبر تركيا القوات الكردية على طول حدودها مع سوريا تهديداً وشنت ثلاث عمليات توغل عسكرية كبيرة منذ عام 2016 وسيطرت على مساحات شاسعة من الأراضي.
ويأمل أردوغان في نقل العديد من اللاجئين السوريين البالغ عددهم 3.6 مليون لاجئ في تركيا إلى شمال سوريا وبدأ في بناء وحدات سكنية هناك. ويمكن أن تعالج الخطة المشاعر المتنامية المعادية للاجئين في تركيا وتعزز دعم أردوغان قبل انتخابات العام المقبل، مع “إضعاف” المناطق ذات الأغلبية الكردية تاريخياً من خلال إعادة توطين اللاجئين السوريين غير الأكراد هناك.
كما روج أردوغان لخطط إنشاء ممر أمني بطول 30 كيلومتراً (19 ميلاً) في المناطق الخاضعة حالياً للسيطرة الكردية، تم إيقاف التوغل التركي المخطط له في وقت سابق من هذا العام وسط معارضة من قبل الولايات المتحدة وروسيا.
“الاستجابة الكردية”
تضغط الجماعات الكردية على الولايات المتحدة وروسيا، وكلاهما لهما مواقع عسكرية في شمال سوريا، لمنع تركيا مرة أخرى من تنفيذ تهديداتها.
ويشعر الأكراد بالقلق من أن الغرب سيقف جانباً هذه المرة لاسترضاء أنقرة مقابل الموافقة على انضمام السويد وفنلندا إلى “حلف شمال الأطلسي“.
“هذا الصمت تجاه وحشية تركيا سيشجع تركيا على تنفيذ عملية برية“، قال “بدران جيا كرد”، نائب الرئيس المشترك للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.
وتحذر الجماعات الكردية، التي “قاتلت” ضد “تنظيم الدولة -داعش” إلى جانب التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة وتحرس الآن الآلاف من مقاتلي داعش الأسرى وأفراد أسرهم، من أن التصعيد التركي سيهدد الجهود المبذولة للقضاء على الجماعة المتطرفة.
في الأسابيع الأخيرة، قال مسؤولون من الولايات المتحدة و”قوات سوريا الديمقراطية” التي يقودها الأكراد إنهم أوقفوا أو قلصوا الدوريات المشتركة ضد “داعش” بسبب الغارات الجوية، على الرغم من استئناف الدوريات منذ ذلك الحين.
دور “المعارضة السورية”
من المرجح أن يوفر ما يسمى بـ”الجيش الوطني السوري“، وهو ائتلاف من جماعات المعارضة السورية المدعومة من تركيا مع عشرات الآلاف من المقاتلين، جنوداً مشاة لأي هجوم بري في المستقبل. في عمليات التوغل السابقة، بما في ذلك هجوم عام 2018 على مدينة “عفرين“، اتهم الجيش الوطني السوري بارتكاب فظائع ضد الأكراد وتشريد عشرات الآلاف من منازلهم.
لم يستجب العديد من المسؤولين من الجيش الوطني السوري للمكالمات والرسائل النصية من قبل “وكالة أسوشيتد برس”. وقال أحد المسؤولين الذين أجابوا إن السلطات التركية أمرتهم بعدم الحديث عن خطط لتوغل جديد.
موقف “الحكومة السورية؟”
عارضت “الحكومة السورية” التوغلات التركية السابقة، لكنها ترى أيضاً قوات سوريا الديمقراطية كقوة انفصالية و”حصان طروادة” للولايات المتحدة، التي فرضت عقوبات “سببت شللاً” في هيكلية نظام الأسد.
و”تتحرك” دمشق وأنقرة في الآونة الأخيرة لتحسين العلاقات بعد 11 عاماً من التوتر الناجم عن دعم تركيا لمقاتلي المعارضة -الشعب الذي فرّ من مجازر الأسد وحلفائه- في الحرب السورية. التزمت دمشق الصمت “نسبياً” بشأن مقتل جنود سوريين في الضربات التركية الأخيرة.
هل ستتدخل الولايات المتحدة؟
تحتفظ الولايات المتحدة بوجود عسكري صغير في شمال سوريا، حيث أثار دعمها القوي لقوات سوريا الديمقراطية غضب تركيا.
ورغم ذلك، لم تذكر الولايات المتحدة في البداية علناً الكثير عن الضربات الجوية التركية، ولم تتحدث بقوة أكبر إلا بعد أن استهدفت تركيا “بشكل خطير” أماكن بالقرب من القوات الأمريكية، أدت إلى إيقاف الدوريات المعنية بمحاربة تنظيم الدولة مؤقتاً. وأبدى وزير الدفاع الأمريكي “لويد أوستن” الأسبوع الماضي “معارضة قوية” لهجوم جديد.
ورداً على سؤال عما إذا كانت الولايات المتحدة لديها أي ضمانات للأكراد القلقين من أن الولايات المتحدة “قد تتخلى عنهم” لإقناع تركيا بإبرام اتفاق مع حلف شمال الأطلسي، قال مسؤول أمريكي كبير تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته فقط إنه لم تحدث تغييرات في السياسة الأمريكية داخل المنطقة.
هل ستتوسط روسيا في صفقة؟
روسيا هي أقرب حليف “للحكومة السورية”. وقد ساعد تدخلها في الصراع السوري في تحويل “النصر-الدفة” لصالح نظام الأسد.
وعبّرت موسكو عن قلقها إزاء الأعمال العسكرية التركية الأخيرة في شمال سوريا وحاولت التوسط في اتفاق. ووفقاً لقناة الميادين العربية التي تتخذ من لبنان مقراً لها، اقترح قائد القوات الروسية في سوريا، الجنرال “ألكسندر تشايكو“، مؤخراً على قائد قوات سوريا الديمقراطية “مظلوم عبدي” أن تنتشر قوات “الحكومة السورية” في شريط أمني على طول الحدود مع تركيا لتجنب توغل تركي.
“مصالح” إيران
عارضت إيران، الحليف الرئيسي لبشار الأسد، بشدة الخطط التركية لشن هجوم بري في وقت سابق من هذا العام، لكنها لم تعلق علناً على التوغل الجديد المحتمل.
ويوجد في “طهران” أيضاً أقلية كردية كبيرة و”تقاتل إيران تمرداً انفصالياً” منخفض المستوى منذ عقود. شهدت إيران احتجاجات متواصلة وحملة قمع مميتة من قبل قوات الأمن منذ مقتل “مهسا أميني” البالغة من العمر 22 عاماً، وهي امرأة كردية، في سجن أمني داخل البلاد بمنتصف سبتمبر/أيلول.
وألقت إيران باللوم في معظم الاضطرابات على جماعات المعارضة الكردية المنفية في العراق المجاور وهي اتهامات تنفيها تلك الجماعات ونفذت ضربات ضدها. ويمكن أن يوفر توغل تركي آخر في سوريا أنموذجاً لرد أوسع إذا استمرت الاضطرابات في “كردستان الإيرانية” في التصاعد.