#########

العدالة والمساءلة

تزايد الضغوط إزاء معاملة الاتحاد الأوروبي للاجئين والمهاجرين


في 26 كانون الثاني/يناير، 2020، قدّم المركز السوري للعدالة والمساءلة بلاغاً إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية يزعم ارتكاب اليونان ووكالة فرونتِكس جرائم ضد الإنسانية بحق اللاجئين والمهاجرين في بحر إيجة وفي مراكز الاستقبال وتحديد الهوية في اليونان.

13 / شباط / فبراير / 2021


تزايد الضغوط إزاء معاملة الاتحاد الأوروبي للاجئين والمهاجرين

*المصدر: المركز السوري للعدالة والمساءلة


على مدى العقد الماضي، كان هناك تناقض في معاملة الاتحاد الأوروبي للاجئين السوريين. من ناحية، أظهرت بعض الدول كرماً بقبول ودعم أعداد كبيرة من السوريين الفارين من النزاع على سبيل المثال، قبلت ألمانيا 1.5 مليون سوري، وقدّمت الدعم للكثيرين. ومن ناحية أخرى، مع تصاعد الضغوط السياسية المحلية، كان هناك نزعة متزايدة لإعادة اللاجئين والمهاجرينباستخدام تكتيكات قسرية بشكل متزايد. وتعرّضت إيطاليا واليونان لضغوط لإعادة اللاجئين دون أي إجراءات تتناسب مع الأوضاع الفردية، كما يخضع تعزيز الوكالة الأوروبية لحرس الحدود وخفر السواحل (فرونتِكس)، كوسيلة للمراقبة ومنع الدخول غير القانوني، لمزيد من التدقيق.

وشككت العديد من التطورات الأخيرة في شرعية هذه الإجراءات وفرضت ضغطاً على دول الاتحاد الأوروبي لإعادة النظر في معاملتها القاسية بشكل متزايد لطالبي اللجوء والمهاجرين، مما خلق الأمل في حل أكثر ديمومة يحترم حقوق الإنسان الدولية.

بلاغ المركز السوري للعدالة والمساءلة إلى مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية

في 26 كانون الثاني/يناير، 2020، قدّم المركز السوري للعدالة والمساءلة بلاغاً إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية يزعم ارتكاب اليونان ووكالة فرونتِكس جرائم ضد الإنسانية بحق اللاجئين والمهاجرين في بحر إيجة وفي مراكز الاستقبال وتحديد الهوية في اليونان. ويزعم البلاغ أن اليونان قد شرعت في سلسلة من الممارسات التي تهدف إلى تجريد اللاجئين من حقوقهم. ويصف الظروف المعيشية المزرية في مخيمات اللاجئين وعمليات صدّ اللاجئين في انتهاك للحق في عدم الإعادة القسرية فيما يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية. وإذا ما اختار المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق، فسيكون ذلك خطوة مهمة في دفع الدول الأوروبية لمنع أو معاقبة الجرائم ضد اللاجئين. وتم تقديم البلاغ خلال أسبوع تم فيه إحراز تقدم في عدد من جهود المساءلة الأخرى.

التحقيق الذي أجراه المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال فيما يتعلق بوكالة فرونتِكس

دعماً للادعاءات بأن وكالة فرونتِكس قد تورّطت في عمليات صدٍّ غير قانونية، أُعلن في كانون الثاني/يناير أن المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال (OLAF) قد فتح تحقيقاً فيما يتعلق بوكالة فرونتِكس حيث تعمل على بناء قوة دائمة قوامها 10,000 من حرس الحدود من دول الاتحاد الأوروبي المساهمة. وبحسب ما ورد، فإن (OLAF) يحقق في تورّط وكالة فرونتِكس في عمليات صدٍّ غير قانونية بالإضافة إلى الاحتيال والمضايقات المحتملة داخل الوكالة.

وظهرت أدلة جوهرية على تورط وكالة فرونتِكس في المعاملة القاسية. لذلك، فإن الوعد بمستوى معين من الرقابة والمساءلة هو أمر مشجع. ولكن من المحتمل أن تكون إجراءات الإنفاذ المُفرِطة من قبل وكالة فرونتِكس تعكس التوجيهات التي تلقتها من الدول الأعضاء، ويجب أن تأخذ عملية إعادة التقييم الأكثر شمولاً للسياسات في الاعتبار عملية صنع القرار في بروكسل وكذلك إدارة وكالة فرونتِكس من مكاتبها في وارسو.

لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان

يظهر عدد من الادعاءات من سوء المعاملة المنسوبة إلى مسؤولين إيطاليين كذلك. ففي قرار أعلنته في 27 كانون الثاني/يناير، وجدت لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان أن إيطاليا انتهكت الحق في الحياة جرّاء حادث قُتل فيه أكثر من 200 شخص، من بينهم 60 طفلاً في البحر. وقد وقع الحادث في تشرين الأول/أكتوبر 2013 عندما غادر أقارب المشتكين ليبيا على متن قارب بدأت المياه تتسرب إليه بسرعة، وأطلق نداءات استغاثة للسلطات الإيطالية. ولم يكن القارب موجوداً في المياه الإقليمية لإيطاليا، وطعنت إيطاليا في إمكانية تحمّلها مسؤولية إنقاذ الركّاب. ولكنها أشارت أيضاً إلى أن الإجراءات الجنائية لا تزال معلقة في روما حيث يخضع مسؤولو البحرية وخفر السواحل الإيطاليون للتحقيق.

ولم تقتنع اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بما قدمته إيطاليا من دُفوع. ووجدت أن إيطاليا قد حوّلت مسار سفينة تابعة للبحرية بعيداً عن القارب المنكوب. ووجدت أيضاً أن إيطاليا لم تقدّم توضيحاً كافياً لسبب التأخير في الإجراءات الجنائية ضد من يتحملون المسؤولية. ووجدت اللجنة أن إيطاليا انتهكت التزاماتها بالمضي قُدماً في تحقيق فعال، وملاحقة من تسببوا في حالات الوفاة، وأن عليها التزاماً بمنع انتهاكات مماثلة في المستقبل. لذلك، طلبت من إيطاليا تقديم معلومات في غضون 180 يوماً عن التدابير التي اتخذتها للوفاء بالتزاماتها بموجب المعاهدات.

وعلى الرغم من أن قرار اللجنة مشجع نظراً لإسنادها المسؤولية عن انتهاكات حقوق الإنسان، إلا أنها لا تتمتع بصلاحيات الإنفاذ وإن قرار اللجنة المعنية بحقوق الإنسان غير ملزم.

قرار المحكمة الألمانية

أخيراً، في قرار يعترف بسوء الأوضاع في مراكز الاستقبال وتحديد الهوية في اليونان، في 26 كانون الثاني/يناير، 2021، أوقفت محكمة إدارية ألمانية [الموقع بالألمانية فقط] ترحيل شخصين، أحدهما سوري والآخر إريتري. وكان مكتب إداري ألماني قد رفض طلبي اللجوء اللذين قدمها الاثنان لأنهما كانا قد حصلا على وضع الحماية في اليونان. وإن القانون الدولي للاجئين يسمح للدول برفض دخول الأفراد الذين سبق وأن حصلوا على الحماية في بلد اللجوء الأول. وتهدف هذه القاعدة إلى منع المفاضلة ما بين الدول من قبل اللاجئين إذا كانوا قد وجدوا بالفعل دولة لجوء. غير أن المحكمة الإدارية العليا في شمال الراين – ويستفاليا وجدت بأن اليونان ليست دولة آمنة لمقدّمَي الطلبين بسبب الظروف المعيشية الرهيبة في مخيمات اللاجئين اليونانية، بما في ذلك عدم وجود  أبسط الاحتياجات مثل الأسرّة والصابون والخبز. ولأن الترحيل إلى اليونان سيعرّض مقدّما الطلبين لخطر جسيم يتمثل في المعاملة اللاإنسانية والمهينة، فقد أوقفت الجهود المبذولة لإبعادهما. ويمكن استئناف القرار أمام المحكمة الإدارية الاتحادية في لايبزيغ. ومع ذلك، فإنه يوفر على الأقل إغاثة مؤقتة لمقدّمَي الطلبين ويوفر الدعم لمقدِّمِي الطلبات الآخرين الذين قد تسعى السلطات الألمانية إلى ترحيلهم إلى اليونان لأسباب مماثلة. ويتماشى هذا الحكم أيضاً مع حكم سابق صادر عن محكمة العدل الأوروبية، حيث وجدت الدائرة الكبرى بالمحكمة أنه لا يمكن ترحيل الأشخاص إلى البلد الذي تلقوا فيه الحماية لأول مرة، إذا كان ذلك سينتهك حقوقهم الأساسية ضد المعاملة المهينة واللاإنسانية.

الخاتمة

ساهم عدد من الأزمات في موجة من طالبي اللجوء والمهاجرين الذين يلتمسون اللجوء في أوروبا. وفي حين يهدف الاتحاد الأوروبي إلى قبول عدد كبير من الوافدين الجدد، فإن هذا لا يحصّنه من الانتقاد. إذ يجب الاعتراف بسوء المعاملة الشديدة من قبل بعض الدول الأوروبية ووكالة فرونتِكس والتحقيق فيها. وينبغي محاكمة المسؤولين عن ارتكاب مخالفات جنائية ومنع ارتكاب المزيد من المخالفات. ولكن لا يمكن إيجاد حل طويل الأمد لهذه القضايا إلا عند معالجة جذور مشكلة الهجرة. وسيتطلب هذا إنهاءً سلمياً ودائماً للنزاع السوري على أساس احترام حقوق الإنسان والعدالة والمساءلة عن الجرائم التي ارتُكبت خلال السنوات العشر الماضية. وفي حين أن العقوبات هي سلاح قوي ضد منتهكي حقوق الإنسان، إلّا أنها يجب أن تقترن بدعم الاتحاد الأوروبيللمساعدات الإنسانية للتخفيف من معاناة الأبرياء.