كان حجب الرعاية الصحية كسلاح حربي طريقة عمل النظام السوري، لكن الأمم المتحدة لم تفعل شيئاً يذكر لإيقاف ذلك.
07 / شباط / فبراير / 2021
*مع العدالة | ترجمة: شمس الحسيني
المصدر: Middle East Monitor
مع اقترابنا من الذكرى العاشرة للانتفاضة السورية، يحتدم الصراع دون أن تلوح في الأفق أي نهاية معروفة. ومن الواضح أن دور الأمم المتحدة، المنظمة الدولية التي تم إنشاؤها لحفظ السلام وتعزيز حقوق الإنسان في العالم، كان قد فشل بشكل ذريع.
وفي حين لا أحد يدعي أن الصراع السوري هو ناقوس الموت بالنسبة للأمم المتحدة، إلا أنه أصبح من الصعب بشكل متزايد تصور كيف يمكن للمنظمة أن تمضي إلى الأمام. وقد أدت سلسلة من الإخفاقات التي قامت بها المنظمة إلى أن يشعر الشعب السوري بأن المجتمع الدولي قد تخلّى عنه. ويمكن تقديم حجة مفادها أن الأمم المتحدة لم تفشل ببساطة، بل هي متواطئة في قتل السوريين على نطاق واسع.
إن الكشف الأخير عن أن منظمة الصحة العالمية تستخدم شركة الطيران المملوكة لرامي مخلوف “أجنحة الشام” لإيصال المساعدات إلى ليبيا من دبي أمر مزعج للغاية. مخلوف هو ابن خال بشار الأسد، وكان مدرجاً في قوائم عقوبات الاتحاد الأوروبي وكذلك في قوائم عقوبات “قانون قيصر“. إنه يمثل النخبة الفاسدة التي استفادت من حكم الأسد الذي دام عقدين، وحتى وقت قريب جداً، كان لها تأثير كبير داخل النظام.
يجب محاسبة الأمم المتحدة على استخدام شركة مخلوف. علاوة على ذلك، فيما يتعلق بمسألة منظمة الصحة العالمية، كان تعيين شكرية مقداد، زوجة وزير الخارجية السوري “فيصل مقداد”، مستشارة للصحة النفسية لمنظمة الصحة العالمية للنازحين، في مكتب “إليزابيث هوف-Elisabeth Hoff” ممثلة المنظمة في سورية، مصدر قلق كبير. ويشير انعدام الحيادية وقلة المؤهلات من جانبها معاً إلى عدم الاهتمام بالشعب السوري.
إن حقيقة عدم وجود جهود متضافرة من قبل الأمم المتحدة لضمان وصول المساعدات الإنسانية والطبية إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة كانت كارثية. فقد حدثت وفيات كان من الممكن تجنبها في شمال غرب سوريا؛ إنها وفيات لا يجب أن تحدث. ومع السباق على تقديم لقاحات “كورونا” Covid-19 الجديدة، هناك مخاوف حقيقية من أن هذه المناطق ستحرم بينما تستفيد المناطق التي يسيطر عليها النظام.
- كان حجب الرعاية الصحية كسلاح حربي طريقة عمل النظام السوري، لكن الأمم المتحدة لم تفعل شيئاً يذكر لإيقاف ذلك.
في حين أن البعض قد يميل إلى تجنب الأمم المتحدة بسبب إخفاقات منظمة الصحة العالمية، فإن إخفاقات الأولى تتجاوز ذلك بكثير. إهمال المنظمة لا يعرف حدوداً. ومن المعروف أن الأمم المتحدة أعطت روسيا إحداثيات لمستشفيات في منطقة إدلب شمال سوريا؛ وهذه الإحداثيات استخدمت في قصف المستشفيات وهي جريمة حرب. ومن المفارقات أن لجان الأمم المتحدة نشرت تقارير تفيد بأن روسيا ارتكبت جرائم حرب في سورية. قبل وبعد التنسيق المشترك للحادث بين الطرفين. علاوة على ذلك، موّلت برامج مساعدات الأمم المتحدة شخصيات النظام بشكل مباشر. وهذا يطرح سؤالاً، إذا كانت الأمم المتحدة على علم ومدركة أنها متواطئة في القتل الجماعي للشعب السوري، فكيف لا تزال عاجزة؟
“مجلس الأمن واستخدام الفيتو ضد المساعدات الإنسانية للسوريين”-إنترنت.
وحتى الولايات المتحدة، التي لم تستخدم حق النقض (الفيتو) ضد القرارات التي تدين النظام، خذلت الشعب السوري عندما كان الأمر أكثر أهمية. كان “باراك أوباما” متردداً في التصرف؛ – الخط الأحمر – الذي تحدثت عنه الولايات المتحدة لم يكن يعني شيئاً عندما أطلق الأسد الأسلحة الكيميائية ضد شعبه. وقد تشجع النظام بهذا التهديد الفارغ، وكانت تلك نقطة تحوّل في الصراع. ولا يسعنا إلا أن نأمل أن تتعلم إدارة “بايدن” من هذه الأخطاء.
إن الأمم المتحدة مقيدة أساساً بالخطيئة الأصلية لتأسيسها، والتي كانت تمنح الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن حق النقض. ومع ذلك، وهي مفارقة تاريخية في عام 2021، استمرت منذ ولادة الأمم المتحدة نفسها، وفي الواقع طالبت بها الدول الدائمة، خشية أن تؤدي كارثة عصبة الأمم الضعيفة إلى حرب عالمية أخرى، كما فعلت في ثلاثينيات القرن العشرين مع عدم وجود أمريكا والاتحاد السوفيتي داخل المنظمة. وكان حق النقض هو تكلفة المشاركة الأمريكية والسوفياتية في الأمم المتحدة التي تشكلت حديثاً. وقد أدّت الإخفاقات المنهجية إلى وفاة مليون شخص في سورية على يد نظام الأسد. حيث اعترف الأمين العام السابق للأمم المتحدة، “بان كي مون“، بأن مجلس الأمن قد خذل سوريا. وكان إحباط وسخط كبار الشخصيات في المنظمة مؤشراً على إخفاق الأمم المتحدة وعدم جدواها.
“آلاف السوريين المشردين على الحدود التركية اليونانية”-إنترنت.
من المفترض أن تجري “انتخابات” رئاسية في سورية خلال الصيف. هذه الانتخابات، بطبيعة الحال، ستكون زائفة. ومن غير المؤكد أن هامش الانتصار سيكون بالنسبة لإعادة انتخاب بشار الأسد. ومع عدم تصريح أو قول الأمم المتحدة شيئاً عن هذا الأمر حتى الآن، فقد تخلت بوضوح عن عملية جنيف التي تم الاتفاق عليها منذ فترة طويلة المنوطة بتحرك نحو هيئة انتقالية. ويبدو أن الاتفاق لا يستحق الورق الذي يكتب عليه. وإن العمل في اللجنة الدستورية السورية التي تسعى إلى عملية سياسية سيكون بالياً إذا لم تمنع الأمم المتحدة “انتخابات” أخرى “يفوز بها” الأسد بالتأكيد.
من الواضح أن الأمم المتحدة مسؤولة عن مجموعة واسعة من الإخفاقات وتدين بدين لا يحصى للشعب السوري. فقدت الكثير من الأرواح.. وسُلبت طرق العيش. ولقد أثرت الإصابات التي تغيّر الحياة والتهجير القسري على الملايين. كل ذلك نتيجة لإفلات نظام الأسد من العقاب على مدى العقد الماضي، بينما تجلس الأمم المتحدة على الهامش.
بعد الفشل غير المفهوم “لرواندا” في 1994 و”سريبرينيتسا” في 1995 والذي نتج عنه مئات الآلاف من القتلى، سيكون من المعقول أن نتوقع من الأمم المتحدة أن تتعلم درساً. إنما سوريا تثبت خلاف ذلك. ولا تزال آلة القتل التي يديرها الأسد تعمل، لكن الأمم المتحدة لا تفعل شيئاً، – وهي متواطئة في جرائم النظام.
Eng