#########

العدالة والمساءلة

بعد مرور عام على حظر هذه الممارسة، ما زالت قوات سوريا الديمقراطية تجنّد الأطفال


قام منسق التوثيق أيضاً بجمع معلومات عن أسماء وأعمار الأطفال الذين تم اختطافهم وتجنيدهم من قبل قوات سوريا الديمقراطية، ووجد أن أطفالاً لا تتجاوز أعمارهم 12 عاماً قُتلوا في القتال، وتم تسجيل وفاتهم قبل التوقيع على خطة العمل في عام 2019.

25 / تموز / يوليو / 2020


بعد مرور عام على حظر هذه الممارسة، ما زالت قوات سوريا الديمقراطية تجنّد الأطفال

*المصدر: المركز السوري للعدالة والمساءلة

كان تجنيد الأطفال في القتال موجوداً منذ بداية النزاع في سوريا. حيث وجهت العديد من الاتهامات بتجنيد الأطفال في السنوات الأخيرة إلى قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، بما في ذلك فصيلها المهيمن، وحدات حماية الشعب،. ولطالما قطعت قوات سوريا الديمقراطية وعوداً بإنهاء هذه الممارسة، حيث قامت بتوقيع اتفاقيات صارمة، توّجت بـ خطة عمل تم توقيعها قبل عام في تموز/يوليو 2019، تفيد بأنه لن يكون أي شخص تحت سن 18 عاماً مؤهلاً للانضمام إلى عضوية وحدات حماية الشعب. وعلى الرغم من هذا التعهد، والأنباء التي تفيد بتنفيذ جوانب رئيسية من الخطة، لا تزال هناك اتهامات بقيام وحدات حماية الشعب بتجنيد فتية وفتيات لا تتجاوز أعمارهم 11 عاماً. وإن تصرفات وحدات حماية الشعب تنتهك القانون الدولي وقد ترقى إلى جريمة حرب. ويتعيّن على الولايات المتحدة وأعضاء آخرين في التحالف العالمي لهزيمة داعش أن يستخدموا نفوذهم السياسي مع قوات سوريا الديمقراطية لإنهاء ممارسة تجنيد الأطفال.

ولقد تم توثيق استخدام قوات سوريا الديمقراطية للأطفال في أدوار قتالية وغير قتالية على نطاق واسع طوال فترة النزاع، بما في ذلك من قبل هيومن رايتس ووتش ولجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة. وما فتئت قوات سوريا الديمقراطية تردّ على هذه الاتهامات ببيانات و”خطط عمل” لم تفلح في نهاية المطاف في إنهاء هذه الممارسة. في عام 2014، وقّعت وحدات حماية الشعب على التزام مع نداء جنيف بالموافقة على حظر استخدام الأطفال في القتال، لكنّها قدّمت تحفظاً على أنها ستستمر في السماح بالتجنيد الطوعي للأطفال في سن 16 وما فوق في أدوار غير قتالية. وفي عام 2017، تم تعديلالعمر حتى 17 عاماً. وفي عام 2018، استجابةً لتقرير هيومن رايتس ووتش حول هذا الموضوع، تعهدت قوات سوريا الديمقراطية أخيراً بإنهاء تجنيد جميع الأطفال تحت سن 18 عاماً . تم الاشارة إلى قوات سوريا الديمقراطية (SDF) على أنها مسؤولة عن غالبية حالات تجنيد الأطفال في عام 2018 من خلالالتقرير السنوي للأمين العام للأمم المتحدة حول الأطفال والصراع المسلح، ومرة أخرى في التقرير السنوي لعام 2020، حيث يقول الأمين العام للأمم المتحدة أن 283 حالة من حالات تجنيد الأطفال تم التحقق من مسؤولية وحدات حماية الشعب YPG عنها خلال عام 2019، وعزا اختطاف 17 طفلاً أيضا من قبل وحدات حماية الشعب YPG في عام 2019. عززت قوات سوريا الديمقراطية مرة أخرى وعدها بإنهاء تجنيد الأطفال، هذه المرة من خلال خطة عمل موقعة من قائد قوات سوريا الديمقراطية العامة مظلوم عبدي مع الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالأطفال والنزاع المسلح (CAAC). حيث ألزمت هذه الخطة قوات سوريا الديمقراطية بإنهاء التجنيد، ووضع تدابير تأديبية جديدة لأولئك الذين لا يمتثلون.‎

وعلى مر السنين، كانت هناك بعض العلامات على إحراز تقدّم في هذه الالتزامات المختلفة. وبموجب أحدث خطة عمل، أنشأت قوات سوريا الديمقراطية لجنة تنفيذية، ودربت 100 عضو من أعضاءها على إجراءات وتدابير منع تجنيد الأطفال، وعيّنت موظفين للتنسيق في هذه القضية. وأدّت هذه الخطوات إلى تسريح 30 طفلاً في عام 2019 و51 فتاة في مطلع عام 2020. غير أن الأمم المتحدة أفادت بأن عملية “نبع السلام”، التي بدأتها القوات التركية في تشرين الأول/أكتوبر 2019، أبطأت تنفيذ هذه الخطة، وسمحت باستمرار الانتهاكات مع ظهور اتهامات جديدة بتجنيد الأطفال.

وفي الأسابيع الأخيرة، ظهر عدد من التقارير بشأن التجنيد المستمر للأطفال، بما في ذلك تقرير صادر عن “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” الذي يوثّق كلاً من حالات التسريح الأخيرة لبعض الجنود الأطفال السابقين وكذلك التجنيد النشط في أيار/مايو 2020. وفي وقت سابق من هذا في الشهر، نُشر عدد منالقصص الشخصية عن تجنيد الأطفال من قبل وحدات حماية الشعب، كتبتها عائلات الأطفال، على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي.

وقام منسق التوثيق لدى المركز السوري للعدالة والمساءلة بجمع بيانات خلصت إلى أن حوالي 100 طفل تم نقلهم إلى “الخدمة العسكرية الثابتة”، والتي تشمل واجبات غير قتالية، على سبيل المثال للعمل بوظيفة سائق أو بوّاب. وقام منسق التوثيق أيضاً بجمع معلومات عن أسماء وأعمار الأطفال الذين تم اختطافهم وتجنيدهم من قبل قوات سوريا الديمقراطية، ووجد أن أطفالاً لا تتجاوز أعمارهم 12 عاماً قُتلوا في القتال، وتم تسجيل وفاتهم قبل التوقيع على خطة العمل في عام 2019. ووجد المنسق أنه حتى بداية تموز/يوليو 2020، تم الإبلاغ عن حالات جديدة لأطفال جنود، بما في ذلك تسع حالات جديدة من الاختطاف والتجنيد. ووجد منسق المركز السوري للعدالة والمساءلة مزاعم بأن أعضاء حزب الاتحاد الديمقراطي، التابع لقوات وحدات حماية الشعب، أخبروا العائلات أنه سيتم إعادة أطفالهم من معسكرات التدريب إذا لم يناقشوا مسألة التجنيد علناً. وحتى ذلك الحين، يتم وضع الأطفال في أدوار غير قتالية في بلداتهم.

كما تلقّى منسق التوثيق لدى المركز السوري للعدالة والمساءلة معلومات حول كيان آخر، غير مرتبط مباشرة بقوات سوريا الديمقراطية، يقوم بتجنيد الأطفال وإخراجهم أحياناً من سوريا إلى معسكرات يديرها حزب العمال الكردستاني. وإن هذه المجموعة، التي تُدعى “Ciwanên Şoreşger” أو الشباب الثوري، هي منظمة تركّز على الشباب المقربين من حزب الاتحاد الديمقراطي وعادة ما تعدّهم ليكونوا أعضاء في حزب الاتحاد الديمقراطي في وقت لاحق. وتأسست هذه المنظمة في عام 2003 وتتبع إدارياً بشكل كامل لحزب الاتحاد الديمقراطي. ومن المفترض أن هذه المنظمة تنظّم أنشطة ثقافية وفنية ورياضية واجتماعية للشباب، ولكن في السنوات الأخيرة أصبحت ذراعاً أمنياً مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالأسايش، وهي بمثابة ذراع الأمن الداخلي والمخابرات، والتي تتبع لحزب الاتحاد الديمقراطي. وعلى الرغم من محاولات تسويق المنظمة كمنظمة مستقلة، فقد ارتكبت العديد من الانتهاكات، بما في ذلك تجنيد الأطفال للخدمة العسكرية، من بين أمور أخرى، ولكن يبدو أنهم أوقفوا مثل هذه الممارسات في الأشهر الأخيرة بعد دعوة الجنرال مظلوم عبدي إلى توحيد جميع الأطراف الكردية.


صور الهوية، ختطاف ثلاثة أطفال وتجنيدهم في الفترة ما بين أيار/مايو وحزيران/يونيو من عام 2020، بمن فيهم فتاة عمرها 11 عاماً، اختُطفت بعد عام واحد بالضبط من توقيع خطة العمل، في 29 حزيران/يونيو، 2020.

أشار بيان صادر عن الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا إلى التقارير الأخيرة على أنها “اتهامات وأكاذيب”، غير أن هذه التقارير تتفق مع تاريخ قوات سوريا الديمقراطية في تجنيد الأطفال واستخدام الجنود الأطفال، وأن هذا النفي المطلق غير كاف. حيث يتعيّن على قوات سوريا الديمقراطية التحقيق في جميع الادعاءات، والتأكد من تسريح الأطفال الموجودين حالياً داخل وحدات حماية الشعب وإعادة إدماجهم بأمان، ووضع المزيد من الإجراءات الوقائية لكسر هذه الحلقة من سوء المعاملة. ويشير التاريخ الحديث إلى أن قوات سوريا الديمقراطية لن تتخذ مثل هذه الإجراءات دون ضغوط خارجية، وينبغي على الولايات المتحدة القيام بدور قيادي في هذه القضية بالضغط على قوات سوريا الديمقراطية للوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي.

يَحظر كل من البروتوكول الإضافي الأول والبروتوكول الإضافي الثانيلاتفاقية جنيف تجنيد الأطفال تحت سن 15، وكذلك الأمر بالنسبة لاتفاقية حقوق الطفل. وعلاوة على ذلك، يحظر البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفلعلى الجماعات المسلحة من غير الدول تجنيد أو استخدام الأطفال الذين تقلّ أعمارهم عن 18 عاماً في أعمال عدائية مباشرة. وتُعتبر الاتهامات الأخيرة ضد وحدات حماية الشعب مثيرة للقلق بشكل خاص لأنها تشمل اتهامات بالخطف، فضلاً عن الجهود المبذولة لتجنيد الأطفال في التجنيد “الطوعي”. وتجدر الإشارة إلى أن وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية، بصفتهما جماعتين من غير الدول، ليس لهما الحق القانوني في تجنيد أي فرد بالقوة، ناهيك عن تجنيد أطفال.

ويحتاج الأطفال الذين وقعوا ضحايا تجنيد الأطفال إلى دعم مكثف للعودة بأمان إلى عائلاتهم وإعادة الاندماج في المجتمع. ويجب تطوير برامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج خصيصاً للأطفال، كما ينبغي توفير الدعم النفسي للأطفال العائدين إلى مجتمعاتهم، فضلاً عن الموارد اللازمة لتعويض سنوات الدراسة التي فاتتهم. وينبغي على الولايات المتحدة، التي قاتلت إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية خلال الأعمال القتالية ضد داعش، أن تلعب دوراً رائداً في ضمان تلقّي هذه البرامج للتمويل اللازم. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي وضع برامج داخل قوات سوريا الديمقراطية لمنع أي تجنيد مستقبلي، وينبغي توفير فرص التعليم والدعم الاقتصادي للأطفال في جميع أنحاء المنطقة، حيث أن انعدام الأمن الاقتصادي يمكن أن يجعل الأطفال عُرضة للتجنيد من قبل جماعات مسلحة.


المادة من المصدر