سكان نازحون يتهمون قوات سوريا الديمقراطية "قسد" بالاستيلاء غير القانوني على منازل خالية في مدينة الرقة.
09 / أيلول / سبتمبر / 2020
*ترجمة: مع العدالة | Middle East Eye
وائل، وهو رجل سوري من الرقة، فرّ من المدينة إلى حمص في العام 2014، كان الهروب من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الذي استولى على الرقة بحكم الأمر الواقع، والذي حكمها بقبضة من حديد تحت إعلان ما يسمى بــ”الخلافة”.
في تشرين الأول/ أكتوبر 2017، تم طرد تنظيم الدولة الإسلامية من معقله في سوريا من قبل قوات سوريا الديمقراطية – تحالف من مقاتلين أكراد وعرب تدعمه الولايات المتحدة – والذي “حرر” الرقة وأنشأ وحدات شرطة لتأمين المدينة.
وفي هذه الأيام، تتصرف قوات سوريا الديمقراطية بنفس الطريقة المستبدة والجائرة التي تصرفت بها سابقاتها. بحسب ما قال وائل لموقع ” ميدل إيست آي-Middle East Eye” البريطاني.
حيث لا يستطيع المسيحي البالغ من العمر 50 عاماً أن يفهم لماذا صادرت السلطات المحلية المنزل الذي كان يعيش فيه لمدة 30 عاماً.
“أخبرتُ بعضاً من جيراني أن يطلبوا من السلطات إعادة منزلي، لكن ردّهم كان:” لماذا يعيش في حمص؟ قل له أن يأتي، ويمكننا حمايته من داعش “.
وفي اتصال هاتفي مع ميدل إيست آي-Middle East Eye قال وائل: “الشيء المثير للسخرية هو أن العائلة التي تعيش الآن في منزلي هي عائلة أحد قضاة قوات سوريا الديمقراطية. لذا إذا كان الأشخاص الذين من المفترض أن يكونوا مسؤولين عن العدالة يتصرفون على هذا النحو، فما هو الأمل الذي لدينا من بقية من هم في السلطة؟”
عندما غادر داعش، كان سكان الرقة يأملون في السلام وبداية جديدة. الآن، خوفهم الجديد هو من سلطات المدينة (قسد).
قال ماهر، الجار الذي كان يحاول مساعدة وائل على استعادة منزله، إن السكان المحليين ما زالوا يعانون تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية.
وأضاف لموقع Middle East Eye: “بدأت قوات سوريا الديمقراطية في ارتكاب نفس الأخطاء التي ارتكبها تنظيم الدولة الإسلامية من قبلهم. على سبيل المثال، في حينا وحده، استولت قوات سوريا الديمقراطية على 25 شقة من أصل 64 شقة سكنية للمدنيين”.
وقال أب لثلاثة أطفال إن كل جماعة مسلحة تسيطر على الرقة أسوأ من تلك التي سبقتها، مضيفاً أن المدنيين هم الذين تحملوا العبء الأكبر من الحرب.
“بدأت قوات سوريا الديمقراطية بمصادرة منازل المدنيين منذ حوالي عام ونصف العام. هذه هي الانتهاكات نفسها التي نفذها التنظيم والجيش السوري الحر [فصيل مسلح معارض للحكومة] ونظام الأسد في الماضي”.
مصادرة مساكن “غير مشروعة”
شهدت الرقة بعضاً من أعنف المعارك في عام 2017، والتي ألحقت أضراراً بالكثير من البنية التحتية للمدينة وأجبرت العديد من السكان على الفرار، وجردت آلاف المنازل من ساكنيها.
وفي 5 آب/أغسطس، قدم مجلس الرقة المدني المدعوم من قوات سوريا الديمقراطية قانوناً مثيراً للجدل يهدف إلى “حماية ممتلكات الغائبين“. احتوى على 21 مادة تسمح للإدارة المستقلة بالسيطرة على الممتلكات الشاغرة في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، أي حوالي 70 إلى 80 في المائة من المدينة، وتمنع أصحابها من تأجيرها أو بيعها.
ومع ذلك، تم تعليق القانون فجأة بعد بضعة أيام، بعد غضب وإدانة شعبيين واسعين على وسائل التواصل الاجتماعي، معظمها من السوريين النازحين الذين أجبروا على ترك منازلهم بحثاً عن الأمان.
وقال عبد الرزاق الحسين، وهو قاضٍ سوري سابق يعمل الآن باحثاً قانونياً، إن خطوة السلطات في الرقة غير دستورية.
وأردف: لا يمكننا أولاً أن نسميه قانوناً، لأن القوانين يجب أن تكون جزءاً من دستور رسمي مستمد من إرادة الشعب. لذلك في هذه الحالة، إنه مجرد قرار صادر عن سلطة غير شرعية، على الرغم من أنهم أطلقوا عليه اسم “القانون”.
ولا يمكن لأي سلطة أن تحرم المواطنين من حق تعيين آخرين لإدارة ممتلكاتهم، مما يجعل القانون “غير قانوني تماماً”.
وعلاوة على ذلك، لا يمكن تسمية شخص “الغائب” إلا إذا لم “يمكن لأحد تحديد مكان وجوده أو ما إذا كان ميتا أو على قيد الحياة”.
“الغائب – وفقاً للمادة 203 من قانون الأحوال الشخصية السوري – هو شخص مجهول المصير”.
وسأل Middle East Eye رئيس بلدية الرقة، أحمد إبراهيم، عدة مرات لتبرير القانون، لكنه لم يتلقَ رداً.
من يملك ماذا؟
في يناير/كانون الثاني 2019، قام أيهم جرادي برحلة إلى الرقة لإنقاذ منزله، بعد أن استولت قوات سوريا الديمقراطية عليه، دون أي سبب قانوني.
وصل الرجل، الذي فرّ من مدينته خلال عام 2016 إلى تركيا في بداية الحرب ضد تنظيم «داعش”، إلى الرقة ليجد عائلة كردية نازحة من عفرين تعيش في منزله.
رفضت قوات سوريا الديمقراطية إعادة منزله إليه، وبدلاً من ذلك خصصت له منزلاً آخر في المدينة – وهو عرض رفضه جرادي في البداية.
قال جرادي لموقع Middle East Eye عبر الهاتف: “لا أريد أن أرتكب نفس الخطأ وأن أعيش في منزل لا يخصني، دون إذن أصحابه”.
لعدة أشهر، استأجر جرادي مكاناً في الرقة أثناء محاولته استعادة منزله. اتضح في النهاية أن أمامه خياران فقط: انتظار مغادرة الأسرة النازحة في منزله أو أخذ المنزل الذي عرضته عليه قوات سوريا الديمقراطية.
يعيش أيهم جرادي الآن في منزل لعائلة سورية لاجئة في ألمانيا. في حين أن هذا المنزل أكبر وأفضل من منزله، إلا أنه يشعر بالذنب لتواجده فيه.
وقال: “لم تتحدث قوات سوريا الديمقراطية مع [المالكين] قبل إعطائي منزلهم، لذا اتصلت بهم وأخبرتهم بالقصة كاملة، وقبلوا بقائي في منزلهم. إنها مجرد مصادرة تراكمية”.
أما وائل، فقد قرر البقاء في حمص في الوقت الحالي، خاصة الآن بعد ورود تقارير عن عودة تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق.
وقال وائل: “الوضع في الرقة ليس آمناً بالنسبة لي بعد أن أعود. الاغتيالات من قبل خلايا الدولة الإسلامية تحدث هناك كل أسبوع، وقد بدأت حياة جديدة هنا في حمص”.
“لكن كل ذلك لا يعطي قوات سوريا الديمقراطية حجة للاستيلاء على منزلي في الرقة”.