يُعد جهاز المخابرات العامة السورية أقوى الأجهزة الأمنية في البلاد، ويواجه الجهاز اتهامات بالضلوع بدور أساسي في ممارسات القمع العنيفة التي تعرض لها متظاهرون سلميون ضد حكم بشار الأسد في 2011
30 / تشرين أول / أكتوبر / 2019
المصدر: BBC News Arabic
وجهت محكمة ألمانية اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية إلى شخصين يشتبه في أنهما كانا مسؤولَين سابقَين في جهاز المخابرات السوري في نظام بشار الأسد.
واتهمت المحكمة “أنور . ر” بالتورط في تعذيب أكثر من 4000 شخص في الفترة من 2011 إلى 2012، مما أدى إلى مقتل 58 منهم. كما وجهت اتهامات لشخص آخر يدعى “إياد . أ” بتعذيب 30 حالة على الأقل.
وساعد معرض فني للأمم المتحدة في عام 2015، والذي عرض صورا تضمنت وصفا لجثث ضحايا التعذيب في سوريا تحت حكم الرئيس السوري بشار الأسد، في تقديم بعض الأدلة على وجود “تعذيب ممنهج” من خلال شهود عيان.
ومن المقرر أن تبدأ محاكمة المتهمَين السوريين، اللذين قُبض عليهما في برلين وولاية راينلاند بالاتينات، في فبراير/ شباط المقبل في مدينة كوبلنز غربي ألمانيا. ولم يدل المتهمان، ولا أي من ممثلي حكومة بشار الأسد، بتصريحات للتعليق على هذه القضية.
ما هي الاتهامات الموجهة لرجال الأسد؟
قالت النيابة العامة في ألمانيا إن المتهمَين كانا يعملان في جهاز المخابرات العامة السورية في منطقة دمشق.
وقالت النيابة إن “أنور . ر”، البالغ 56 سنة، كان ضابطا يحمل رتبة عالية تولى رئاسة قسم التحقيقات في المخابرات العامة السورية. كما كُلف بتنفيذ وإدارة عمليات في أحد السجون السورية التي خضع فيها المحتجزون لـ “تعذيب وحشي ممنهج”. أما المتهم الآخر، وهو “إياد . أ”، فزعمت النيابة العامة أنه عمل في نفس القسم مع أنور.
وقال المركز الأوروبي للدراسات الدستورية والإنسانية: “هذه الاتهامات تحمل رسالة مهمة للناجين من التعذيب في ظل نظام الأسد”. وأضاف المركز في بيانه: “سوف نستمر في العمل لضمان تقديم جميع المتورطين في التعذيب برعاية دولة الأسد إلى العدالة في ألمانيا وغيرها من الدول”.
وتم الحصول على أدلة ضد المتهمَين من خلال صور ظهرت إلى النور في المعرض الذي نظمته الأمم المتحدة في مقرها في نيويورك عام 2015. والتقط هذه الصور ضابط سوري سابق يعرف باسم “سيزار”، كان ضابطا في الشرطة العسكرية السورية، والذي فر من البلاد في 2013.
وقد طلب المتهمان “أنور . ر” و “إياد . أ” اللجوء السياسي إلى ألمانيا بعد مغادرة الأراضي السورية، وقبل سنوات قليلة من تدفق اللاجئين السوريين إلى أوروبا في عام 2015.
ويُعد جهاز المخابرات العامة السورية أقوى الأجهزة الأمنية في البلاد، ويواجه الجهاز اتهامات بالضلوع بدور أساسي في ممارسات القمع العنيفة التي تعرض لها متظاهرون سلميون ضد حكم بشار الأسد في 2011.
هل هناك قضايا أخرى؟
قال مسؤولون في ألمانيا إنهم يحققون مع عشرات المسؤولين السوريين السابقين بموجب مبدأ “التقاضي الدولي” الذي يسمح للمحاكم بالتحقيق مع المشتبه في ضلوعهم في ممارسات إبادة جماعية، وجرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب.
وأصدرت النيابة العامة في ألمانيا مذكرة توقيف دولية ضد جميل حسن، مدير مخابرات القوات الجوية السورية، موجهة له اتهامات بالإشراف على عمليات تعذيب، واغتصاب، وقتل لمئات الأشخاص في الفترة من 2011 إلى 2013.
ونفت الحكومة السورية أن لديها معتقلين سياسيين، علاوة على إنكارها الضلوع في ممارسات التعذيب والقتل أثناء الاحتجاز. رغم ذلك، قال خبراء في حقوق الإنسان يتبعون الأمم المتحدة في تقرير نُشر في مارس/ آذار الماضي إن القوات الحكومية في سوريا والميليشيات الموالية لها “كانت تقوم بالقبض العشوائي خارج إطار القانون على عشرات الآلاف من الأفراد وإيداعهم في مراكز احتجاز رسمية ومؤقتة”.
وأضاف التقرير: “كان هؤلاء المحتجزون يتعرضون لتعذيب وحشي علاوة على أوضاع معيشية غير إنسانية بالمرة. وتوفي الكثيرون أثناء احتجازهم في هذه الظروف، بالإضافة إلى إعدام أعداد منهم دون محاكمة.”
ونادرا ما كانت تُرسل جثث ضحايا التعذيب أثناء الاحتجاز إلى ذويها، ولا تخطرهم أي جهة بأماكن دفن تلك الجثث، وفقا لخبراء الأمم المتحدة. ونتيجة لذلك، تبقى أماكن دفن ضحايا التعذيب غير معلومة لأسرهم.
وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في أغسطس/ آب إنها وثقت مقتل أكثر من 13600 شخص بسبب التعذيب، في سجون تديرها أطراف الصراع في سوريا، لكن أكثر من 90 في المئة من هذه السجون يقع في منشآت حكومية يديرها نظام بشار الأسد.