#########

أخبار

مجزرة القوات الروسية ضدَّ قرية أورم الكبرى رسالة إرهاب وقتل للشمال السوري


القوات الروسية تقتل 36 مدنياً بينهم 20 طفلاً في قرية أورم الكبرى بريف حلب الغربي

11 / أيلول / سبتمبر / 2018


مجزرة القوات الروسية ضدَّ قرية أورم الكبرى رسالة إرهاب وقتل للشمال السوري

 

الشبكة السورية لحقوق الإنسان

 

منذ 10/ آب/ 2018 شهدَت محافظة إدلب وما حولها (أجزاء من محافظات حماة وحلب) تصعيداً عسكرياً خطيراً، على الرغم من أنَّها تقع ضمن ما يُسمى “منطقة خفض التَّصعيد الرابعة” التي تمَّ الاتفاق عليها في أيار/ 2017 تحت رعاية كل من تركيا وروسيا وإيران كأطراف ضامنة. حيث بدأت قوات النظام السوري حشدَ قواتها في قرى ريف حماة الشمالي وتنفيذ هجمات جوية وأرضية على عدة قرى وبلدات في ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشرقي، استهدفَ معظمها السكان المدنيين؛ بهدف توليد الإرهاب والرُّعب بينهم لدفعهم إلى الهروب شمالاً أو الاستسلام.

ويرى التقرير الذي أصدرته الشبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم أنَّ الهجوم العسكري على محافظة إدلب وما حولها يحمل بين طياته رسالة إرهاب وقتل للشمال السوري ويختلف في ماهيته وتبعاته عن بقية المناطق؛ حيث تحتضن محافظة إدلب وما حولها قرابة 3.8 مليون نسمة، قد استقروا فيها بعد تشريدهم قسراً من مدنهم وبلداتهم في كل من الغوطة الشرقية ودرعا وريف حمص الشمالي وغيرها، ويرفض معظمهم العودة إلى مناطق يُسيطر عليها النظام السوري خوفاً من عمليات التَّصفية والاعتقال والإخفاء القسري والنَّهب.

كما استعرَض التقرير تفاصيل مجزرة نفَّذتها قوات روسية في قرية أورم الكبرى بريف محافظة حلب الغربي مُشيراً إلى أنَّ هذه المجزرة والهجمات العسكرية للنظام السوري على أرياف محافظتي حلب وحماة ومحافظة إدلب تسبَّبت في مقتل 106 مدنياً بينهم 29 طفلاً، و13 سيدة (أنثى بالغة)، وجنين واحد منذ 10/ آب/ 2018 حتى لحظة إعداد التقرير. كما تسبَّبت في بثِّ حالة من الرعب لدى الأهالي الذين بدؤوا بالفرار، وقد نزح منهم بحسب التقرير ما لا يقل عن 48 ألف مدني من كل من قرى: التح وتحتايا، والخوين، بريف إدلب الجنوبي، ويُقيم معظمهم الآن في مخيمات ومراكز إيواء تفتقر بشكل مُخيف لأدنى درجات الخدمات الأساسية.

وفي هذا السياق أشار التقرير إلى سِجِلِّ النظام السوري الإجرامي، الذي تكرَّر استهدافه ليس فقط لمخيمات النَّازحين، بل لطرق وقوافل النُّزوح أيضاً، وأكَّد التَّقرير غياب أية ملاجئ مُجهزة لحماية هؤلاء النَّازحين في حال تعرُّضهم لقصف مُتعمَّد من قبل النظام السوري؛ وطالب بدخول قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة؛ لحماية ملايين المدنيين المحاصرين في الشمال السوري.

استندَ التقرير على روايات جُمعت من ذوي ضحايا وناجين من الهجوم ومسعفين وعمال إشارة مركزية، واستعرض خمساً منها، إضافة إلى تحليل المقاطع المصوَّرة والصّور التي نُشرت عبر الإنترنت، أو التي أرسلها نشطاء محليون عبر البريد الإلكتروني أو برنامج السكايب أو عبر منصات التواصل الاجتماعي، التي أظهرت موقع الهجمات وحجمَ الدَّمار الكبير الذي تسبَّب به القصف، وجثثاً لضحايا، وأشخاصاً تعرَّضوا للإصابة بفعل الهجوم.

ووفقاً للتقرير فإنَّ المناطق المستهدفة كانت عبارة عن مناطق مدنيَّة ولا يوجد فيها أية مراكز عسكرية أو مخازن أسلحة تابعة لفصائل في المعارضة المسلحة أو التنظيمات الإسلامية المتشددة أثناء الهجمات أو حتى قبلها، كما أنه لم يتم توجيه أي تحذير من قبل القوات الروسية للمدنيين قُبيل الهجمات كما يشترط القانون الدولي الإنساني.

بحسب التقرير فقد نفَّذت طائرتان ثابتتا الجناح يُعتقد أنَّهما تابعتان لسلاح الجو الروسي يوم الجمعة 10/ آب/ 2018 بين الساعة 18:31 و 18:52 ثلاث غارات استخدمت فيها ما لا يقل عن8 صواريخ شديدة الانفجار استهدفَت تجمعاً سكنياً شمال غرب قرية أورم الكبرى بريف حلب الغربي. وقد تسبَّب القصف في مقتل 36 مدنياً، بينهم 20 طفلاً، و7 سيدة (أنثى بالغة)، وإصابة قرابة 45 شخصاً آخرين إضافة إلى دمار ما لا يقل عن 25 مبنى سكنياً بشكل كامل.

أكَّد التقرير أن النظام الروسي خرق بشكل لا يقبل التَّشكيك قرارَي مجلس الأمن رقم 2139 و2254 القاضيَين بوقف الهجمات العشوائية، وأيضاً انتهك عبر جريمة القتل العمد المادتين السابعة والثامنة من قانون روما الأساسي؛ ما يُشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية مُشيراً إلى أنَّ القصف قد استهدف أفراداً مدنيين عزل، وبالتالي فإنَّ القوات الروسية انتهكت أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يحمي الحق في الحياة.

وأوضحَ التقرير أنَّ الهجمات التي قام بها الطيران الروسي تُعتبر بمثابة انتهاك للقانون الإنساني الدولي العرفي، وقد تسبَّبت في حدوث خسائر طالت أرواح المدنيين أو إلحاق إصابات بهم أو في إلحاق الضَّرر الكبير بالأعيان المدنية. وهناك مؤشرات قوية جداً تحمل على الاعتقاد بأنَّ الضَّرر كان مفرطاً جداً إذا ما قورن بالفائدة العسكرية المرجوة.

بحسب التقرير فقد شكَّلت الهجمات التي شنَّتها القوات الروسية خرقاً لاتفاقيات خفض التَّصعيد بقصفها مناطق تخضع لسيطرة فصائل في المعارضة المسلحة، وهذا وفق التقرير يُفقد أي معنى لمسار واتفاقيات جنيف ويُساهم في دعم جبهة النصرة مقابل إضعاف هذه الفصائل.

شملت توصيات التقرير مطالبة مجلس الأمن باتخاذ إجراءات إضافية بعد القرار رقم 2139 إذ لا يوجد أي التزامات بوقف عمليات القصف العشوائي، وأكَّد التقرير على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، وتوسيع العقوبات لتشمل جميع أركان النظام السوري والنظام الإيراني المتورطين بشكل مباشر في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ضدَّ الشعب السوري.

كما طالب بضرورة دعم الآلية الدولية المحايدة المنشأة بقرار الجمعية العامة رقم 71/248 الصادر في 21/ كانون الأول/ 2016 وفتح محاكم الدول المحلية التي لديها مبدأ الولاية القضائية العالمية، وملاحقة جرائم الحرب المرتكبة في سوريا.

أكد التقرير على ضرورة قيام المفوضية السامية لحقوق الإنسان بتقديم تقرير إلى مجلس حقوق الإنسان وغيره من هيئات الأمم المتحدة عن الحادثة التي وردت فيه والمجازر التي سبقتها باعتبارها علامة صارخة في ظلِّ مجازر يومية متفرقة أقل حجماً.

دعا التقرير إلى تطبيق مبدأ مسؤولية الحماية(R2P)، خاصة بعد ان تم استنفاذ الخطوات السياسية عبر اتفاقية الجامعة العربية ثم خطة السيد كوفي عنان وما جاء بعدها من بيانات لوقف الأعمال العدائية واتفاقات أستانة، وبالتالي لا بدَّ بعد تلك المدة من اللجوء إلى الفصل السابع وتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية، الذي أقرَّته الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولا يزال مجلس الأمن يعرقل حماية المدنيين في سوريا.

وشدَّد التقرير على ضرورة قيام المبعوث الأممي إلى سوريا بإدانة مرتكبي الجرائم والمجازر والمتسببين الأساسيين في تدمير اتفاقات خفض التَّصعيد، وبالتالي إعلان تحطيم وانتهاء العملية السياسية بالكامل وتحميل مسؤولية ذلك كاملة للحلف الروسي السوري ومكاشفة الشعب السوري بسعي روسيا للسيطرة الكاملة على الأراضي السورية بالقوة ورغبتها العلنية في إعادة تأهيل النظام الحالي؛ ما يعني تشكيلَ حلٍّ سياسي وفق مصالحها.

كما طالب النظام الروسي بالتوقف عن ارتكاب جميع أنماط جرائم الحرب في سوريا. وإعادة إعمار ما دمّرته آلة الحرب الروسي وتعويض الضحايا مادياً ومعنوياً، والاعتذار منهم بشكل علني. كما طالبه بالتَّوقف عن دعم جرائم الحرب والجرائم ضدَّ الإنسانية التي لا يزال النظام السوري يرتكبها منذ ثمانية سنوات، واعتبره متورطاً بشكل مباشر في تلك الجرائم.

.

.