هناك قضايا مرفوعة ضد كل القتلة حتى الذين ما زالوا داخل سورية وعلى رأسهم بشار الأسد وماهر الأسد
26 / نيسان / أبريل / 2020
*مع العدالة | شمس الحسيني
صرح المحامي السوري أنور البني رئيس “المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية” عبر تسجيل صوتي أنّ :” قضية إياد الغريب تختلف كثيراً عن قضية أنور رسلان، بسبب الفرق الكبير في التهم والوقائع”.
وأوضح أن: ” إياد الغريب ذهب إلى المحكمة بنفسه وأبدى ندمه وأكد أنه كان مجبراً على اعتقال المتظاهرين تنفيذاً للأوامر الصادرة عن النظام، وتلك تهمته الوحيدة، بينما لم يتعرف عليه أحد من الضحايا الذين قدموا إلى المحكمة كشهود”.
اغتصاب وتعذيب حتى الموت
يعتبر أنور رسلان مجرم حرب ومجرماً ضد الإنسانية بكل ما تعنيه الكلمة للمعنى بناءً على التهم الكثيرة الموجهة إليه وأيضاً تعرُف العديد من الضحايا عليه.
حيث أكد أنور البني أنّ عدداً من الضحايا شهدوا بأن رسلان قام بتعذيبهم شخصياً أو أمر بتعذيبهم وأشرف بنفسه على ذلك كما أنه قام بعمليات اغتصاب وتحرش واعتداء جنسي على عدد من المعتقلات إضافة إلى المعتقلين الذين فقدوا حيواتهم تحت التعذيب بناء على أوامره.
و رداً على البعض الذين يدعون إلى تبرئة رسلان من تهمه بمجرد انشقاقه عن النظام قال البني : “حتى لو قام رسلان بالانشقاق فعلياً وأعلن ذلك، فهذا الكلام يحكم عليه من الجانب الأخلاقي فقط، أما من الجانب القانوني فالقانون يحاسبه بناء على الجرائم التي اقترفها حيث ثبت عليه تعذيب أربع آلاف ضحية؛ بينما توقّع البني أن العدد الحقيقي يتجاوز الـ عشرة آلاف، وقتل ثمانية وخمسين معتقلاً وجدت صورهم بين الصور التي سربها “قيصر”، بالإضافة إلى تهمة الاغتصاب والاعتداء الجنسي على المعتقلات” وذكر البني أن رسلان كان حينها رئيساً لقسم التحقيق وليس عنصراً عادياً يتلقى أوامر لا يستطيع تغييرها أو رفضها بل هو من يصدر الأوامر ويشرف على تنفيذها.
وأشار البني إلى أن رسلان لم يذكر أمر انشقاقه أبداً أمام المحكمة ولم يبدِ أية حالة ندم على ما اقترف، ولم يبرر أفعاله بأنها كانت تنفيذاً لأوامر النظام ومجبراً عليها.
كما ذكر أنه أجاب على سؤال المدعي العام حول قيامه بتعذيب المعتقلين بأن “ضابط الأمن لا يمكن أن يكون لطيفاً دائماً.”
هذه الإجابة تعني اعترافاً مبطناً من رسلان بموافقته على كل الأفعال التي كان يقوم بها والتي ربما يعتبرها ضرورية أيضاً أثناء التعذيب ومن الواضح أنه كان يقوم بها عن قناعة تامة.
وليس ذلك فقط، إنما ذكر البني أيضاً أن رسلان قال أمام المحكمة إن السبب الذي دفعه إلى الانشقاق والرحيل خارج سوريا كان خوفه على عائلته بعد التهديد الذي تعرضت إليه من قبل الجانب الآخر (وهو يعني بالجانب الآخر الأطراف المعارضة للنظام).
“فيديو أمام المحكمة بألمانيا أثناء محاكمة أنور رسلان وإياد الغريب” أنترنت – ليفانت
“إياد الغريب” بين الشاهد والمتّهم
وبالعودة إلى قضية الغريب يتوقع البني أن يكون حكمه مخففاً وأن يمضي فترة قصيرة في السجن أو أن يعتبره القاضي شاهداً على الأحداث، بناء على تقديمه المعلومات عن نفسه دون أي ضغوطات أو طلب من أحد، ولأن تهمته اقتصرت على اعتقال المتظاهرين إضافة إلى أنه فعل ذلك تحت الضغط وكما ذكرنا سابقاً لم يتعرف أحد من الضحايا عليه.
وحول الأساس القانوني الذي تعتمده المحاكم الأوروبية من أجل رفع القضايا ضد مجرمي الحرب أوضح البني أن :” القضاء في كل الدول الأوروبية يمتلك الصلاحيات لملاحقة مجرمي الحرب والمجرمين ضد الإنسانية الموجودين ضمن أراضيها، وإن قاموا بارتكاب أفعالهم خارجها”
كما أردف بأن هناك أربع دول يحق لها رفع القضايا ومحاكمة مجرمي الحرب والمجرمين ضد الإنسانية حتى وإن كانوا خارج أراضيها وهذه الدول هي : ألمانيا والسويد والنروج والنمسا.
- وأكد أنّ هناك قضايا مرفوعة ضد كل القتلة حتى الذين ما زالوا داخل سورية وعلى رأسهم بشار الأسد وماهر الأسد.
“رفعت الأسد” وملاحقة قضائية للمجرمين
وحول السؤال المطروح عن ملاحقة رفعت الأسد أشار البني أنه بات ملاحقاً قضائياً الآن والسبب في تأخر ذلك هو صمت السوريين في السابق وعدم رفع القضايا ضده منذ الثمانينات وحتى اليوم، وذكر أن القضاء في الدول الغربية لا يمكنه محاسبة أحد دون أدلة وشهود وتقديم اتهامات واضحة إلى المحكمة أولاً.
ووصف أنور رسلان بأنه : “البوابة التي سوف يتم فضح الآلة الجهنمية الأمنية من خلالها في المحكمة وأمام الرأي العام وهو مدخل لإدانة النظام وجرائمه” وأكد أن هذا سبباً إضافياً لأهمية محاكمته، كما ذكر أن المحاكمة من الآن فصاعداً ستكون علنية بشكل كامل.
وأوضح أن رسلان لو كان فعلاً مع الثورة ويريد مساندة المعارضة بشكل حقيقي لكان اعترف بكل ما يعرفه عن النظام من أسماء ووثائق وآليات عمل واعتبرها كمهمة يضحي بنفسه ليخدم القضية السورية، لكنه بحسب تعبير البني “اختبأ في ظل المعارضة واتخذ منصب المستشار ورفض التصريح بأي شيء يعرفه”.
وقال البني:” إن الذي أوصل المعارضة إلى هذا المستوى من السوء هو هذا النموذج من المستشارين“.
وأكد أخيراً البني إيمانه بمتابعة هذه القضية وغيرها من ملاحقة المجرمين، إلى أن يتم اعتقالهم جميعاً.
وفي رسالة للضباط المنشقين الذين يخشون تعرضهم للمحاكمة قال إن:” الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب هي قيام شخص بجريمة ضد مدنيين عزل، مثل الاعتقال والتعذيب والعنف الجنسي ومصادرة الحريات والخطف والنهب، ومن الضروري شهادة الضحايا ضد المتهم، والذي لم يقم بهذه الأفعال لا داعي أن يخاف”.
تثمّن منظمة “مع العدالة” هذه الخطوة الإيجابية من قبل المحامين الأحرار والقضاء الألماني، كما تسعى مع باقي المنظمات العاملة في الشأن السوري والحقوقيين إلى محاسبة كل الجناة والقتلة الذين ارتكبوا أفظع الجرائم بحق الشعب السوري الذي يترقّب نتائج هذه المحاكمة ويتطلع إلى محاكمات أخرى متلاحقة، وفاء للدماء التي سفكت في سورية.