طبعاً، هنالك آلاف الأسماء ممكن التطرّق إليها، وهذا يعني أننا نحتاج إلى مركز إحصاء كي نوثق هؤلاء الذين أوغلوا في الدم السوري، وساعدوا النظام وميليشياته على قتل الأبرياء وتدمير منازلهم وتهجيرهم
27 / حزيران / يونيو / 2019
*بلقيس الحلبي – مع العدالة
إن المعايير المحدّدة للجوء الإنساني كما هي منصوص عليها في القانون الدولي ضمن اتفاقية 1951 الخاصة بشؤون اللاجئين، والتي وافقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة، بيّنت أنواع الحماية القانونية والمساعدات الخاصة باللاجئين، علاوة على حقوق اللاجئ الاجتماعية والتزاماته تجاه الدولة التي طلب اللجوء إليها.
فالأشخاص الذين يتم قبول لجوئهم ضمن الدول الموقّعة على الاتفاقية، هم من تشهد بلدانهم حروباً ونزاعات، أو من الذين تعرضوا للاضطهاد والعنف بكافة أشكاله، والعنصرية العرقية والطائفية، أو الكوارث الطبيعية؛ وعليه، تكون هذه العوامل مسببة في دفعهم للجوء إلى بلدان مجاورة، أو حتى دول أوروبية تحافظ على حيواتهم وتأمن لهم مستلزمات المعيشة بحسب قانون الدولة المستضيفة.
وهذا الكلام ينطبق على عديد من الدول التي تشهد صراعاتٍ وحروباً عنيفة، ومن بينها سوريا؛ البلد الذي أصبح أكثر من نصف سكانه مهجّراً في أصقاع العالم، بسبب الدموية التي انتهجها النظام السوري وحلفاؤه، من قصف وقتل مباشر واعتقال وحصار مدن وتجويع ممنهج، ما دفع السوريين المناهضين لحكومة الأسد إلى الفرار من سورية واللجوء إلى لبنان وتركيا والأردن، وأوروبا، التي شهدت موجات كبيرة من السوريين، وغيرهم من بلدان أخرى استغلوا المأساة السورية ليدخلوا أوروبا على أنهم سوريون، وهناك حالات كثيرة تم رفضها تفيد بلجوء العشرات، بل المئات، من بلدان عربية أخرى بصفة لاجئين سوريين!
أما الطامة الكبرى، لم تكن في تزوير هؤلاء اللاجئين العرب هوياتهم على أنهم من سورية، إنما جاءت باستغلال مناصري النظام السوري (الشبيحة) حالات اللجوء الإنساني للسوريين المضطهدين، ليخرجوا من سورية ويتسربوا ضمن موجات الفارين من الحرب ويتقدموا للجوء في أوروبا على أنهم مهددون من قبل التنظيمات الإسلامية المتشددة، وهنالك نسبة لا بأس بها تقدمت على أنها معارضة للنظام السوري! وبعد حصولهم على قبول اللجوء، انكشف الوجه الآخر، وأخذوا بشكل صريح ينظمون المسيرات المؤيدة للنظام السوري القاتل، ويرفعون صور “بشار الأسد” في العواصم والمدن الأوروبية، مستغلين الديمقراطية هناك التي تسمح في التعبير عن الآراء والأفكار والتوجهات السياسية.
شبيحة لاجئون VIP وآخرون جواسيس للنظام السوري
بات اللجوء إلى أماكن آمنة حلم كل مواطن سوري، فضلاً عن تطلع أغلب السوريين لحياة كريمة بعيدة عن الذل والوضع الاقتصادي المتردي؛ وكما ذكرنا سابقاً، أن الكثير من الشبيحة ومؤيدي النظام، أو حتى من ميليشياته العاملة في صفوف الجيش والأمن، قد غادروا البلاد إلى دول أوروبية بذريعة الاضطهاد والهروب من “داعش والفصائل الإسلامية”، مما يساعدهم على تسريع ملفاتهم في تلك الدول. وبحسب إحصائيات الأمم المتحدة ” أن نسبة من الذين هربوا من خطر داعش لم تتجاوز 5 % على أرض الواقع، بينما كانت نسبة الهاربين من مناطق دمرها النظام السوري تفوق 90 %”. ولقد كان الأوروبيون يتضامنون مع أي شخص يقول إنه هارب من إرهاب “داعش”، وفي أغلب الأحيان يحصل على اللجوء الفوري خلال أشهر قليلة.
ويذكر الصحافي “بن ديفيس” في تقرير له نشرته صحيفة “تابلت” الأمريكية أن ” الشبيحة الذين عثر عليهم في أوروبا كانوا في خدمة ماهر الأسد، شقيق الرئيس بشار الأسد؛ من أجل مواجهة انتفاضة عام 2011. وظهرت وحشية الشبيحة في جرائم بانياس وداريا. وبعد خمسة أعوام يقوم الشبيحة -الذين ساهموا بتشريد آلاف السكان-بالاستفادة من الأزمة، والفرار بأنفسهم إلى أوروبا”.
الشبيح علاء الدين خليل لاجئ الآن في ألمانيا بصفة طالب
- ونورد هنا أسماء بعض الشبيحة من الذين تم التعرّف عليهم في أوروبا من قبل ضحايا أو شهود كانوا في المناطق التي تعرضت للانتهاكات من قبل النظام وميليشياته:
- صبري كاكو: شبيح من حلب وصل إلى أوروبا ــ هولندا ــ بعد أن غادر سوريا في 2015. وهو مشهور بقمع المظاهرات وتسليم المتظاهرين للنظام.
- محمد كنعان: من أشهر الشبيحة المقربين للنظام السوري وقد كان برفقة “بشار الأسد” في ظهور له على جبهة جوبر عام2015. وقد ارتكب كنعان جرائم عديدة وانتهاكات وقام بتعذيب المعتقلين، إضافة إلى مشاركته بمعارك الغوطة حيث أقدم على قتل العديد من السكان المحليين هناك ونهب الممتلكات مع زملائه في الميليشيا. وهو الآن لاجئ في السويد.
- علاء عادل خليل: كان يعمل في قوات النخبة، وهو من مدينة القامشلي. تدرج من صفوف اللجان الشعبية إلى القوات الخاصة، ومن ثم الحرس الجمهوري ليعمل حارساً مع حراس ماهر الأسد، وهو الآن لاجئ في ألمانيا بصفة “طالب”.
- محمد العبد الله: الملقب (أبو الحيدرين) شبيح مشهور بين صفوف الميليشيات، وهو معروف عنه بتقطيع الضحايا. الآن هو لاجئ في السويد منذ 2014.
- حسام السطوف: مقرب من بشار الجعفري، وقد ظهر معه أكثر من مرة في الأمم المتحدة، وبحسب نشطاء قالوا إنه من المخابرات السرية في النظام السوري، يسافر عبر أوروبا دون رقابة أو حسيب، وكما يزعم أنه قد أوفد إلى روسيا للتدرب على صناعة المتفجرات.
- فادي شمعون: شبيح موالٍ لحزب الله وللنظام السوري؛ الآن هو في النمسا مع عائلته، وقد واجه شمعون تهم عديدة منها القيام بانتهاكات وتعذيب ونهب على الحواجز في سورية، ومع الأدلة التي قدمها ناشطون للقضاء في النمسا، نكر شمعون ذلك، رغم مقاطع الفيديو والصور القطعية التي تظهر وجهه.
- سلام إسحق: مذيعة سابقة في التلفزيون السوري عملت على تغطية أخبار النظام السوري والدفاع عنه، مع نكران الانتهاكات وجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية التي قام بها النظام السوري وميليشياته وحلفاؤه، وهي الآن لاجئة في هولندا مع عائلتها.
- مأمون فخرو: شبيح من حلب قام بانتهاكات عديدة، وهو الآن لاجئ في ألمانيا.
- إيهاب توفيق سلطانة: من مرتكبي المجازر في مدينة حمص _حي المريجة_ لجأ إلى ألمانيا في 2015.
- معاذ الخوام: شارك في عمليات قتل وسرقة وانتهاكات بحق المدنيين في دمشق وريفها، الآن هو متواجد في ألمانيا.
- باسل الأخرس: متواجد في السويد حالياً بصفة لاجئ، وهو من الشبيحة الذين شاركوا بعمليات القتل والسرقة في دمشق وريفها، وخاصةً في بلدة سعسع بريف دمشق الغربي، بحسب نشطاء متابعين طلبات لجوء الشبيحة في أوروبا.
- سامر محمد الكرز: من مدينة حلب، شبيح قام بانتهاكات كثيرة وساعد قوات النظام باعتقال الكثير من المتظاهرين والمدنيين؛ الآن هو لاجئ في هولندا.
الشبيحة المعروفة باسم “كوثر” كانت ضمن صفوف قوات النظام في طرطوس والآن هي لاجئة في السويد
طبعاً، هنالك آلاف الأسماء ممكن التطرّق إليها، وهذا يعني أننا نحتاج إلى مركز إحصاء كي نوثق هؤلاء الذين أوغلوا في الدم السوري، وساعدوا النظام وميليشياته على قتل الأبرياء وتدمير منازلهم وتهجيرهم.
وفي هذا الفيديو أدناه، والذي قامت بإعداده “قناة n.tv الألمانية” حول حالات لجوء شبيحة وعناصر من نظام الأسد، وغيرهم من المستفيدين الذين تسربوا إلى أوروبا بذريعة الاضطهاد والهروب من الحرب والممارسات القمعية من قبل النظام والجماعات المتشددة، يتبيّن بحسب ترجمة موقع “عكس السير” أن أغلب هؤلاء يقومون بحذف صورهم على مواقع التواصل الاجتماعي التي تظهرهم في مشاهد حمل سلاح أو مقاطع فيديو يتباهون خلالها بضرب وتعذيب مدنيين أبرياء، مع ترديد عبارات مؤيدة لبشار الأسد ونظامه؛ إلا أن نشطاء قاموا بتوثيق هذه الصور، والمنشورات الكتابية، قبل حذفها… ومنهم، لم يتسنَ له حذف شيء، حيث لم يعتبر هذه الصور من الأدلة والبراهين التي تدينه، إذ إنه يكتفي بنكران الصفحة التي تحمل اسمه وصوره، مدعياً أن ثمة عداء شخصي بينه وبين أناس يريدون تشويه سمعته.
فيديو حول لاجئين شبيحة في ألمانيا وغيرهم ممن استفادوا من الثورة السورية
ضحايا لأكثر من مرة
في مراكز الإيوان المؤقتة للاجئين السوريين وغيرهم في أوروبا، يتواجد الكثير من الشبيحة هناك، وهم بحسب ما يصرّح به أغلب اللاجئين، يأخذون أماكن غيرهم من الضحايا الهاربين بفعل إجرام النظام. والإحصائيات كثيرة، والتوثيق جارٍ على قدمٍ وساق من قبل نشطاء ومنظمات حقوقية، لتوضيح الصورة للأوربيين أن الجلادين والقتلة الذين قاموا بانتهاكات كثيرة، لا يحق لهم اللجوء، بل يجب أن يحاسبوا قضائياً على جرائهم.
الشبيح إيهاب توفيق سلطانة من مرتكبي المجازر في مدينة حمص _حي المريجة_ لجأ إلى ألمانيا في 2015.
- محمد عدي شاب يبلغ من العمر 25 عاماً تعرّض لحادث أثناء قصف منطقته في حلب، جعله يعاني من فقدان ذاكرة القراءة والكتابة، وشلل في يده اليسرى وإصابة قدمه، يقول: دفعت ما يقارب 3000 دولار لكي أصل إلى تركيا، وأتواصل مع منظمات لتقديم أوراق الهجرة إلى دول أوروبا للعلاج، ولكن جميع الطلبات باءت بالفشل، وهذا يعود إلى تواجد أعداد كبيرة لأشخاص في أماكن ليست من حقهم، ولا يوجد أي سبب لوجودهم، فهم مجهولو الهوية، والدول الأوروبية لا تستطيع التحقق منهم في أكثر الأحيان، إذ يستخدمهم النظام والإيرانيون لتنفيذ مخططاتهم، أو جعلهم وقوداً في الصفوف الأمامية على الجبهات؛ على عكس الضبّاط أو الطيارين، فهم معروفون ولا يستطيعون تقديم طلبات لجوء، حيث سوف يلاحقون قانونياً.
النسبة الأكبر من الشبيحة في ألمانيا والسويد وفرنسا، ربما يعود ذلك إلى وجود سفارات وقنصليات أو مكاتب حكومية سورية تخدم مصالحهم. ويختلف الأمر في هولندا، فالمؤيدون والشبيحة أقل عدداً وأكثر تستراً بسبب موقف الحكومة الهولندية ضد جرائم نظام الأسد، ولكن لا يخلو الأمر من تواجدهم.
في ألمانيا تم التعرف على العديد من الشبيحة عن طريق شباب أو عن طريق صور نشرت عبر الفيس بوك، منهم “شبيح قاتل” يدعى”ليث أيمن منشدي” كان يقاتل مع ميليشيات الأسد، استطاع ناشطون من دمشق التعرف عليه، فهو من حي الأمين الدمشقي، تم العثور على صور له في الفيس بوك. شارك في قتل السوريين وله صور يقف فوق جثث من المدنيين أو مقاتلي المعارضة. والعديد من الشبيحة الذين ارتكبوا مجازر بحق المدنيين، هربوا إلى بيروت، بعد أن انتهى بهم المطاف إلى رمي بزّاتهم العسكرية في مكبّ النفايات، كي يتحولوا بعد ذلك، إلى موظفين في منظمات مجتمع مدني، وناشطين في الثورة السورية.
الشبيح “ليث أيمن منشدي” قاتل ومرتكب جرائم بحق المدنيين وله صور كثيرة يقف فيها على جثث الأبرياء يتعذر نشرها لما تحمل من قسوة؛ وهو الآن لاجئ في ألمانيا
ختاماً، إن محاسبة هؤلاء اللاجئين القتلة تعتبر قضية مهمّة، وطريقاً لتطبيق القانون الذي ينص على ذلك، ويجب ألا تُهمل، وعلى كافة العاملين في الحقل الحقوقي والقانوني من السوريين وغيرهم في أوروبا، ملاحقة هؤلاء المجرمين، ومساعدة القضاء في الدول الأوروبية من خلال تزويده بالوثائق والأسماء، كي يقدّم كل من ارتكب انتهاكاً في سورية إلى العدالة، وعلى رأسهم الطاغية بشار الأسد وأعوانه وحلفائه.
***
المراجع:
- 1 صفحة “كراج المشنططين” لتوثيق جرائم الأسد والحالات الإنسانية في سورية.
- 2 صفحة شبيحة وعملاء نظام الطاغية الفارين
- 3 موقع مجرمون لا لاجئون
- 4 صفحة تبليغ عن شبيحة لجؤوا لأوروبا
- 5 رابط
- 6 رابط
- 7 رابط
- 8 رابط
9 صحيفة يني شفق التركية -Yenisafak