#########

العدالة والمساءلة

الطبيب علاء موسى.. إلى القضاء الألماني بتهم جرائم ضد الإنسانية في سورية


يقول الشاهد عن المدعو علاء إنه: "كان عبارة عن شبيح ومجرم، وأبعد ما يكون عن مهنة الطب وأخلاقياتها، ولم يكن له أي دور إيجابي بعلاج أو تطبيب المعتقلين الذين يعانون من أسوأ الحالات الصحية نتيجة التعذيب والأمراض"

02 / تموز / يوليو / 2020


الطبيب علاء موسى.. إلى القضاء الألماني بتهم جرائم ضد الإنسانية في سورية

*مع العدالة | شمس الحسيني 

ظهرت أدلة كثيرة تثبت اتهامات لاحقت الطبيب السوري المقيم في ألمانيا ” علاء موسى” بأنه قام بجرائم ضد الإنسانية خلال عمله كطبيب في مشفى حمص العسكري، وأماكن أخرى تابعة للنظام وكان آخرها شهادة أدلى بها معتقل سوري سابق يدعى ” مازن”.

يقول الشاهد مازن (اسم مستعار) : “اعتُقلت في أواخر عام 2012، على الحدود السورية اللبنانية، وتم بعدها إحالتي لفرع الأمن العسكري بحمص (261)، وبقيت معتقلاً حوالي 40 يوماً، حيث تعرضت خلال وجودي بالفرع لأقسى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي ضمن التحقيق.” وأضاف:” لقد كان تعامل السجانين في ذلك الفرع تعاملاً وحشياً لا يمكن تصوره أو وصفه بكلمات، هذا يعلمه كل من اعتقل تلك الفترة، حيث فقد فيه الكثير من المعتقلين السوريين حيواتهم تحت التعذيب”.

ويتابع الشاهد مازن: “تم نقلي إلى عدد من الأفرع الأمنية الأخرى في العاصمة دمشق للتحقيق، والتي كان آخرها الفرع 235 التابع للاستخبارات العسكرية السورية والمعروف ب (فرع فلسطين)، وهناك تم إيداعي في زنزانة بالبداية، مع ثلاثة معتقلين آخرين، الى أن وصل عدد المعتقلين في تلك الزنزانة الضيقة إلى 14 معتقلاً”.



وتحدث الشاهد عن تلك الفترة التي قضاها في فرع فلسطين، حيث أكد أنه كان شاهداً على الكثير من الجرائم التي ارتكبها ضباط وعناصر الفرع بحق المعتقلين، ثم تطرّق إلى الحديث عن الطبيب المتهم علاء قائلاً: “وأثناء فترة اعتقالي داخل فرع فلسطين كان يتردد على الفرع طبيب يدعى علاء، حيث كان معروفاً لدى المعتقلين الأقدم في الفرع، وعلمت منهم أنه ينحدر من منطقة الحواش التابعة لمدينة حمص، وشاهدت ذلك الطبيب خلال فترة اعتقالي في الفرع ثلاث مرات، كان يشبه أي شيء إلا الطبيب، كان جلاداً مثله مثل أي سجان وجلاد في ذلك الفرع، مجرّد من الإنسانية ويحمل كل الصفات الوحشية، ولم يكن في قلبه أي ذرة من الرحمة تجاه المعتقلين”.

وذكر الشاهد أن المدعو علاء كان سبباً في إيذاء وتعذيب المعتقلين المتواجدين في الزنزانة ووصف ذلك قائلاً:” كان يقوم بتعذيبنا في حال أتى أحدنا بحركة، أو التفت بنظره ليرى ما يحصل كون النظر أو الالتفات ممنوعاً، وقد يدفع ثمنه الموت”.

وذكر الشاهد أن “علاء” كان يصف أدوية من تلقاء نفسه وبشكل اعتباطي للمعتقلين دون إجراء أي فحوصات طبية لهم، ومعظمها مخالفة لحالة المرضى المعتقلين، وكادت تكون سبباً كافياً لموت بعضهم.



“صورة للمتهم الطبيب علاء موسى” أنترنت

وأعطى مثالاً على ذلك قائلاً: “كان بعض المعتقلين مصابين بمرض السكر، وقام علاء بوصف الدواء لهم دون أن يعاين درجة السكر في الدم لديهم، إن كان مرتفعاً أو منخفضاً، فصارت حالة أحد المعتقلين سيئة جداً، وهو طبيب من أصل فلسطيني اسمه (نور)، وطلبنا من علاء أن يعالجه، فكان رده بكل بساطة ودون مبالاة “اتركوه حتى يموت ، وبعد ذلك أخبروا السجانين بوفاته”، وهو ما حصل فعلاً بعد أربعة أيام، حيث توفي نور”.

وأضاف أن “علاء موسى” كان يتاجر بالأدوية في الأفرع الأمنية، ويأخذ طلبيات الأدوية، ويستد ثمنها من نقود الأمانات للمعتقلين، أضعافاً مضاعفة لسعر الأدوية الحقيقي، علاوة على أنها جميعاً كانت وصفات خاطئة.

وعن الأساليب غير المتوقعة للتعذيب يتحدث الشاهد مازن عن واقعة حدثت مع أحد المعتقلين في زنزانته قائلاً: “كان معنا معتقل وصل الى الفرع منتصف 2013، واسمه (خ . أ)؛ يدرس هندسة مدنية في السنة الثانية أو الثالثة، بعد فترة قصيرة من اعتقاله طلب للتحقيق، وعندما عاد من التحقيق، كانت حالته الصحية سيئة جداً، وكان فاقداً للوعي، حيث قام السجانون بسحبه وإدخاله للزنزانة، وعندما استعاد وعيه سألناه ما الذي جرى في التحقيق، فروى لنا أن ما حصل له، لم يكن تحقيقاً وإنما جلسة تعذيب، حيث قال إن 5 أشخاص وضعوه على سرير، وبدأوا يتعلمون بجسده كيفية حقن الإبر، وتم حقنه بعدد كبير منها في أجزاء مختلفة من جسده”.

وأشار إلى أن المعتقل الذي تعرض إلى حقن الأبر ذكر بأن جلسة التعذيب كانت بحضور المدعو علاء موسى، وأكد بأنه الطبيب نفسه الذي يدخل الزنزانة، و قال إنه يتوقع أن الطبيب علاء كان يُدرب الممرضين أو السجانين على حقن الإبر، أو ربما يفعل ذلك بغرض التسلية والتلذذ بالتعذيب، وهو ما أدى إلى تدهور الحالة الصحية لـ (خ .أ)، بعد جلسة حقنه بالإبر، والأكثر خطورة أن المادة الطبية التي تحتويها تلك الإبر غير معروفة، حيث تحول جسده بعد فترة إلى هيكل عظمي بحسب وصف مازن الذي أكد أن ذلك المعتقل بدأ يخسر الوزن فجأة بشكل غير طبيعي بعد جلسة التعذيب بالإبر.

ويقول الشاهد عن المدعو علاء إنه: “كان عبارة عن شبيح ومجرم، وأبعد ما يكون عن مهنة الطب وأخلاقياتها، ولم يكن له أي دور إيجابي بعلاج أو تطبيب المعتقلين الذين يعانون من أسوأ الحالات الصحية نتيجة التعذيب والأمراض”.

ويصف الشاهد المدعو “علاء” بأن حجم جسمه أكبر من المتوسط، وطويل نوعاً ما، وجسمه ممتلئ، وبشرته مائلة للبياض وشعره أسود، ويقول :”هذا ما أستطيع أن أصفه به، حيث كانت الإنارة ضعيفة جداً داخل الفرع، كما أنه لم يكن يسمح لنا بالنظر المباشر نحو السجانين أو الطبيب، حيث يمنع علينا النظر، لكن أحياناً نستطيع استراق النظر من تحت الباب أو من فوق الشبك ونرى الطبيب أو السجان، وقد رأيت الطبيب علاء موسى بأكثر من موقف، مما جعلني متأكداً أنه الطبيب الذي شاهدته بفرع فلسطين بعد أن رأيت صوره منتشرة على المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي وعبر تقرير تلفزيوني مصور نُشر مؤخراً”.



“صورة للدكتاتور المجرم بشار الأسد” أنترنت

وفي وقت سابق كان الطبيب “محمد وهبي” الذي التحق بالمشفى العسكري لمتابعة اختصاصه في الجراحة البولية في شباط 2011، وعايش تلك الحقبة داخل المشفى، قد شهد ضد المدعو علاء موسى في ألمانيا، وذكر أنه شاهد على الكثير من الممارسات العنصرية والطائفية من قبل عناصر في المشفى بمن فيهم مدير المشفى العميد “علي عاصي” الذي ينحدر من مدينة “مصياف”، وعدد كبير من الأطباء والكادر التمريضي ضد المعتقلين.

حيث قال الطبيب محمد وهبي: “الذي أذكره بالفترة التي عاصرت فيها الطبيب علاء موسى في المشفى العسكري  بحمص خلال الفترة الممتدة من شباط 2011 وحتى شهر حزيران 2012، وربما يكون تم انتدابه إلى فرع فلسطين فمعظم الأطباء كانوا يمضون سنتين في مشفى حمص العسكري، ومن ثم يطلبون نقلهم إلى مشفى تشرين العسكري أو مشفى المزة بدمشق لإتمام دراسة اختصاصهم وبالتالي من الممكن أن يكون تم انتدابه إلى فرع فلسطين خلال هذه الفترة”.

وأكد الطبيب ” محمد وهبي” أن الأوصاف التي قدمها الشاهد مازن تنطبق على علاء، وأكد أيضاً الممارسات الوحشية التي ذكرها الشاهد، وقال إن :”علاء معتاد على القيام بهذه الأفعال منذ أن كان في مشفى حمص العسكري”. بحسب موقع زمان الوصل.

ويضيف الطبيب محمد وهبي كاشفاً تفاصيل كثيرة من قصة اعتقال المدعو علاء موسى بقوله: ” إن قصة اعتقال علاء بدأت بمنشور شاركته على صفحتي على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وكتبت فيه أنّي كنتُ شاهداً على كثيرٍ من الجرائم في مشفى حمص العسكري ومنها جريمة علاء موسى المقيم حالياً في ألمانيا ، ليتواصل معي صحفيٌ من صحيفة القدس العربي ويكتب مقالاً عن مشاهداتي في المشفى، ثم تواصل معي صحفي من صحيفة (زمان الوصل)، وكتب تقريراً حول الجرائم في مشفى حمص العسكري وبعدها تم التواصل من قبل قناة الجزيرة لإجراء تحقيق استقصائي حول مجرمي الحرب ومنهم علاء موسى، وتم إنتاج وثائقي باسم البحث عن جلادي الأسد الذي كان له دور مميز في التحقيق وجمع الشهود والأدلة، واليوم ها هو علاء موسى مُعتقل بتهم ارتكابه لجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات لحقوق الإنسان”.


وبالعودة إلى الشاهد مازن المقيم في إحدى الدول الأوروبية أبدى استعداده للإدلاء بشهادته أمام القضاء الألماني، بشرط أن يكون تعامله مباشراً مع الادعاء العام أو محام أو منظمة موثوقة تعمل بهذا الملف، وذلك لضمان شروط الأمان والسلامة له ولعائلته وتجنباً لتطفل أي جهة أو شخص غير مختص بهذه العملية القانونية الدقيقة والحساسة.


ويُذكر أن الادعاء الألماني أوقف الطبيب علاء موسى بتاريخ 22 حزيران 2020، في مكان إقامته بولاية “هيسن”، للاشتباه بارتكابه جرائم ضد الإنسانية وتعذيب المعتقلين في سجون النظام، وقد أكد الناشط “محمد الكردي” أن الطبيب علاء يقيم في ألمانيا منذ 4 سنوات ويعمل في مشفى داخل مدينة “كاسل” مضيفاً أن أكثر اللاجئين الأحرار في المدينة الواقعة وسط ألمانيا يعرفون بأنه عدو للثورة، وينشط في دعم النظام، كما ذكر أن الكثير من اللاجئين أكدوا أنه لم يكتفِ بما قام به من جرائم داخل سوريا، بل يقوم أيضاً بجمع المعلومات عن اللاجئين السوريين والناشطين ويرسلها إلى النظام في سوريا، ولكن لم تُعرف طبيعة هذه المعلومات أو الهدف منها –حسب قوله- مضيفاً أن “علاء موسى” اعتاد على التشبيح العلني وتهديد بعض اللاجئين بما يملكونه في سوريا من أملاك وباعتقال أقاربهم هناك، مما يدل على ارتباطه بالأجهزة الأمنية.

وتستمر التحقيقات الدولية حول الجرائم التي اقترفها أتباع النظام من جلادين وضباط وأطباء وفئات كثيرة أخرى، ولن يتوقف البحث عنها طالما هناك شهود أحياء عايشوا الظلم والتعذيب في المعتقلات والمستشفيات أيضاً، وفي كل بقعة من الأراضي السورية.


  


المزيد للكاتبة