#########

بيانات وتقارير

الفرع “261” في حمص.. انتهاكات وجرائم ضد الإنسانية لا تحصى!


لا يخفى على أحد اختيار النظام لهذه الأبنية لتكون أفرعاً أمنية كي يحمي نفسه بالمدنيين في حال حدوث أي هجوم على مراكزه المخابراتية ومعتقلاته السرية وحتى سجونه العلنية المعروفة

15 / نيسان / أبريل / 2020


الفرع “261” في حمص.. انتهاكات وجرائم ضد الإنسانية لا تحصى!

*مع العدالة | شمس الحسيني 

 

أظهر النظام ردة فعل شرسة جداً تجاه الثورة السلمية التي اندلعت في سورية في عام 2011 وكانت من أولى المدن التي انضمت إلى الثورة “محافظة حمص”؛ حيث بدأ بنهج الاعتقالات العشوائية ومحاولة ترهيب المتظاهرين بإطلاق الرصاص عشوائياً بداية قبل أن يدخل مرحلة استخدام الأسلحة الثقيلة.

تعرض المعتقلون لأشد أنواع التعذيب في سجون النظام وذلك بناءً على تهم ألصقها بهم دون ذنب اقترفوه سوى خروجهم رفضاً لديكتاتوريته وهمجيته.

 

 

تفوقت بعض الأفرع الأمنية عن غيرها بتشديد العقوبات وأنواع التعذيب على المعتقلين، وخاصة فرع “261” التابع للأمن العسكري في حمص، حيث كانت تتسع دائرة الأساليب مع اتساع الاحتجاجات والمظاهرات في المدينة، حيث لم يعد يكتفي الجلادون بالصعقات الكهربائية والضرب بالهراوات والكابلات، وباتوا يتبعون قلع الأظافر وتعليق المعتقل من قدميه وتغطيسه بالماء المغلي والترهيب النفسي الشديد، واستغلال العرض والشرف للحصول على اعترافات هي غالباً مشوهة وكاذبة وهي فقط بهدف استخدامها لتبرير الاعتقال وتحميل الثورة أوزاراً لم تقترفها.

بدأت التهم بهدم تماثيل الديكتاتور الأسد الأب وتمزيق صور الابن والإساءة لهيبة الدولة وما سماه النظام “أعمال الشغب والتحريض”، ثم استخدام السلاح ضد قوى الأمن والجيش، إلى أن بدأ النظام يستخدم كلمة “الإرهابيين ” و”الإسلاميين” وركّز في وسائله الإعلامية على فكرة سيطرة الإرهاب على البلاد في حال سقوطه.

 

“ساعة حمص من معالم المدينة المشهورة في سورية” 

 

قُتل رئيس الفرع العميد “حسن دعبول” الملقب بـ “آمر الموت” في عام 2017 بسبب التفجيرات التي استهدفت الفرع، وقد تبنى هذه العملية “هيئة أحرار الشام” بينما اتهم آخرون عناصر من الأفرع الأمنية ذاتها سهلت دخول الانتحاريين إلى المنطقة التي تقع بين الأحياء السكنية وتحمي نفسها بحواجز إسمنتية يصعب على أي كان تجاوز كل ذلك والوصل إلى الفرع الذي كان بالأساس عدة منازل تتوسط حارات شعبية، ولا يخفى على أحد اختيار النظام لهذه الأبنية لتكون أفرعاً أمنية كي يحمي نفسه بالمدنيين في حال حدوث أي هجوم على مراكزه المخابراتية ومعتقلاته السرية وحتى سجونه العلنية المعروفة.

ترأس الفرع بعد موت دعبول العميد “ابراهيم الوعري” والذي كان سابقاً يترأس فرع المنطقة 227 التابع لشعبة المخابرات العسكرية، واستمر على نهج التعذيب الشديد للمعتقلين واختراع أساليب جديدة مع مرور الزمن، وبحسب تقرير خاص صادر عن مركز توثيق الانتهاكات في سورية ذكر شهود عيان أنه لم يكن هناك اختلاف في أساليب الضرب والتعذيب بين المعتقلين الذكور والإناث، بل كانت معاناة المعتقلات الإناث مضاعفة حيث كن يتعرضن للتحرش والاغتصاب المتكرر من قبل الضباط والجلادين.

 

كما تحدث التقرير عن الأمراض المنتشرة في الفرع 261 بسبب انعدام النظافة بالطعام وفي المكان، وخاصة التقرحات الجلدية الناتجة عن التعذيب والتي تزداد سوءاً بسبب العوامل الأخرى التي ذكرنا منها النظافة، إضافة إلى الكسور في الأضلع وتعطل بعض الوظائف الجسدية وخاصة الكلية بسبب التركيز بالضرب عليها أثناء التعذيب.

 

ولم يعد يكتفي النظام بالقبض على المعتقلين خلال المظاهرات أو على حواجزه التي نصبها في كل مكان ليطوق المدن السورية، بل قام في عام 2018 بملاحقة ما يقرب من أربعمئة شاب في حمص وإبلاغهم بضرورة مراجعة الفرع 261 للحصول على ورقة “كف بحث”، وكان بعضهم تجاوزت أعمارهم الـ 50 عاماً، وذلك بناء على تهم عدة منها النشاط المدني في الثورة والانتماء إلى الجيش الحر، وآخرون لم يشاركوا إطلاقاً في الثورة ولا يمكن معرفة سبب ملاحقتهم أمنياً، لأن هذا النظام لم يكن يوماً يستند إلى الحقائق بل إنه يختلق كل ما يمكن أن يحمي وجوده واستمرار سيطرته الديكتاتورية، حتى الذين أجروا ما يسمى التسويات أو المصالحات تمت ملاحقتهم واعتقالهم فيما بعد.

 

“مقطع فيديو تم تصويره أمام حاجز فرع 261 الأمن العسكري في حمص 2012-06-19” 

 

وفي تشرين الأول 2018 تم توقيف رئيس فرع المنطقة بدمشق “إبراهيم الوعري” من قبل النظام بتهمة التورط في قضايا فساد والذي أصبح لاحقاً رئيس فرع 261 بحمص، حيث تولى بعده مهمة رئاسة فرع المنطقة العميد ” عبد الكريم سليمان” الذي قام بداية بتنشيط دورياته وزيادة عدد المعتقلين، وكأن الجلادين واحداً تلو الآخر يتباهون بكثرة جرائمهم وإثبات الوحشية المتبعة أثناء وجودهم، بما أنها هذه المهمة الموكلة إليهم أساساً.

 

“اضغط على الصورة لقراءة أسماء المطلوبين في حمص للفرع 261 خلال بداية الثورة” 

 

تزامن ذلك مع إخلاء الميليشيات الروسية لمواقعها ونقاط المراقبة الخاصة بها في ريف حمص الشمالي بعد انتهاء الشهور الستة التي نص عليها اتفاق المصالحة، حيث استطاع النظام متمثلاً بفروعه الأمنية مزاولة ممارساته القمعية على أهالي المنطقة بشكل أكبر.

لم يترك الفرع وسيلة لإذلال المواطنين حتى الابتزاز المادي مقابل إصدار ورقة “كف البحث” حيث يتقاضى مبالغ متفاوتة بحسب التهمة التي يلصقها بالمطلوب، مما يسبب معاناة حقيقية للأهالي الذين قرروا البقاء وعدم الخروج من المنطقة على كافة المستويات حتى اليوم، فحياتهم وحياة أبنائهم لازالت رهن هذه القبضة المتوحشة التي لا تعرف الرحمة أبداً.


  

 

المزيد للكاتبة