#########

بيانات وتقارير

“جيش الإسلام”: قادة وعناصر متّهمون بجرائم حرب وانتهاكات ضد الإنسانية


قادة جيش الإسلام يفتتحون مطاعم ومشاريع في تركيا ودول أخرى، واتهامات بسرقة أموال تخص الإغاثة وفرض إتاوات على المدنيين وغيرهم في الغوطة

27 / شباط / فبراير / 2020


“جيش الإسلام”: قادة وعناصر متّهمون بجرائم حرب وانتهاكات ضد الإنسانية

 *مع العدالة| آشين العلي

“في شهر أيلول/سبتمبر 2011 تم الإعلان عن تشكيل “سرية الإسلام” من قبل “زهران علوش” وهو سجين سابق في سجن صيدنايا، لتصبح السرية فيما بعد خلال عام 2012 فصيلاً عسكرياً باسم” لواء الإسلام”، حتى أيلول 2013 ليتم تشكيل “جيش الإسلام” الذي كان قائده العام زهران علوش بعد أن اندمجت في جسمه كتائب إسلامية أخرى منها “لواء التوحيد وصقور الشام، إضافة إلى حركة أحرار الشام ولواء الحق”.

 

 

لم تقتصر انتهاكات جيش الإسلام على ترهيب المدنيين وقمعهم في الغوطة الشرقية وغيرها من مناطق في ريف دمشق، بعد أن بسط سيطرته عليها عقب عام 2013، وخاصةً مدينة دوما، التي تعتبر مركزه الأساسي ومقر قيادته، بل كانت انتهاكات عناصره وقادته تطال حتى الأطفال كما هو واضح في الفيديو المدرج (هنا)، حيث قام جيش الإسلام بتجنيد عشرات الأطفال واليافعين في صفوفه لمقاتلة الفصائل الأخرى، ومنها (عدوه اللدود) – “فيلق الرحمن”، وهذا الأخير بحسب نشطاء كانت صفوفه مخترقة من قبل النظام السوري بشكل واسع، ما أدّى إلى زعزعة الثقة بين الفصيلين العسكريين، والحاضنة الشعبية في الغوطة الشرقية، علاوة على رفض كلا الطرفين التنازل لمطالب الأهالي هناك، بإطلاق سراح المعتقلين من أبناء الغوطة، الذين عملوا بالشأن الإعلامي والإغاثي، وتم حجزهم في سجون مدنية وعسكرية، منها “التوبة -الباطون -الكهف“، حيث لكل سجن اختصاص بحسب نشطاء ومنظمات حقوقية. فسجن الباطون للعقوبات العسكرية والعناصر المخالفة، أما التوبة فمخصص للجرائم المدنية ويقوم المشرفون عليه بإعطاء دورات شرعية وإصلاحية، ويتم نقل المدنيين الذين يرغبون بالانضمام إلى جيش الإسلام إلى سجن الكهف حيث يقومون بـ”دراسة أوضاعهم” ومن ثم فرزهم إلى قطّاعات عاملة في بنية الجيش، أو يلتحقوا بعدها بجبهات القتال.

 

*معارك “الأشقاء” وتصفية حسابات:

كلنا نعرف كسوريين وشاهدنا المعارك الطاحنة بين جيش الإسلام وفيلق الرحمن، في الغوطة الشرقية، عندما تبادل الطرفان التهم، بالغدر والخيانة، وخاصةً خلال المعارك التي استمرت لشهور عام 2017 بين  مزارع بلدة سقبا وقرية الأفتريس وبلدة الأشعري في الغوطة الشرقية بريف دمشق، حيث تكبّد الطرفان خسائر فادحة في صفوف المقاتلين، عدا عن الأسرى بين الطرفين، ما سمح بفتح ثغرات لفصائل أخرى، مثل جبهة النصرة، مكّنتها من بسط سيطرتها على عدة مناطق، فضلاً عن استغلال النظام هذه المعارك ليقوم بالتقدم من خلال قوات الفرقة الرابعة إلى جبهات جوبر وعين ترما، ما أدى إلى قتل مئات المدنيين بسبب هذه الخلافات بين”الأشقاء في سلاح الثورة!”

وكما يعرف أبناء الغوطة الشرقية بشكل خاص، وعموماً أبناء سوريا، أن جيش الإسلام كان خنجراً في ظهر الثورة، وهذا الاتهام ليس جزافاً، أو من باب توجيه التهمة فقط، بل إن كل تصرفات وسلوكيات هذا الفصيل تفضي إلى ذلك، حيث قام جيش الإسلام بتصفية الكثير من المدنيين الذين لم يكونوا ضمن “أيديولوجيته” وأجنداته، منهم الطبيب “عدنان وهبة”، واعتقال نشطاء بارزين مثل “رزان زيتونة وناظم حمادي وسميرة خليل ووائل حمادة“، وقام بنكران ذلك لسنوات، حتى تبيّن لاحقاً أنه ضالع في ذلك، وكما ظهر أخيراً على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي أن المختطفين قد تمت تصفيتهم، دون أي دليل على وجود جثثهم أو حتى أثر لهم. ومن النشطاء أو المقربين من جيش الإسلام ذهبوا إلى أن أوامر مباشرة جاءت من قادة بمناصب عليا في جيش الإسلام بتسليم هؤلاء المختطفين إلى أجهزة النظام السوري، التي بدورها قامت بتصفيتهم.

 

*المدنيون في الغوطة بين المساومات والابتزاز :

بعد أن وقّع جيش الإسلام على اتفاقية خفض التصعيد في سوريا بتاريخ 22 تموز/يوليو 2017 ثم قام بذلك أيضاً فيلق الرحمن بتاريخ 18 آب/ أغسطس 2017، حذّر منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في سوريا “يان إيغلاند” من “استخدام إجلاء الأطفال المرضى من الغوطة الشرقية التي تسيطر عليها قوات المعارضة المسلحة “كورقة للمساومة”. وذلك في تعقيب له على مواقف المعارضة السوريّة المسلّحة على إطلاق سراح محتجزين تابعين للحكومة السورية مقابل إخلاء أطفال مرضى.

 

“صورة تظهر عناصر تابعين للنظام السوري يتفقدون أنفاق الغوطة التي كان يستخدمها «جيش الإسلام» في الغوطة الشرقية – أنترنت”

 

ووفقاً لتقارير حول هذا الموضوع منها تقرير”سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” المعنون بـ”استخدام آخر لأطفال مرضى محاصرين ومدنيين كورقة مساومة في سوريا” المنشور بتاريخ 14 / يناير 2018 أفادت الطبيبة “وسام الرز” وهي مديرة مركز الرحمة للأورام السرطانية في الغوطة الشرقية، قائلة: “الأطفال الذين تمّ إخلاؤهم هم (زهير الغزاوي وصبا راشد ومؤيد حامد وروضة عباس وفهد الكردي وإنجي طالب وسامر عريش ولؤي الملا)، ولكل واحد منهم قصة ومأساة لايمكن التعبير عنها ببضع كلمات، كما أن معظمهم كانوا من الحالات الاضطرارية المستعجلة والتي كان الأمل كبيراً في شفائها لولا الحصار ونقص الدواء في الغوطة الشرقية.

  • ويعود نقص الدواء كما نعرف في الغوطة الشرقية للحصار الذي كان يفرضه النظام السوري وميليشياته على المدنيين هناك، علاوة على قيام عناصر في جيش الإسلام باحتكار الأدوية وبيعها بأسعار باهظة الثمن، إضافةً إلى تعاملهم مع تجّار وسماسرة يقومون باستغلال حاجة الناس للغذاء والأدوية، فيعمدون إلى هذه الأساليب الملتوية ليقع المدنيون ضحايا بين جشع عناصر جيش الإسلام وقادته، ووحشية النظام وحلفائه.

 

*السعودية “تموّل” جيش الإسلام لأجندات خاصة بها وبحلفائها:

في تقرير نشر عام 2013 للصحافي الكاتب في صحيفة “الغارديان” آين بلاك Ian Black حول تمويل السعودية لجماعات راديكالية ومنها “جيش الإسلام” قال: إن السعودية ستدفع ملايين الدولارات لتسليح وتدريب آلاف المقاتلين السوريين من أجل تشكيل قوة جديدة تساعد على إسقاط نظام الرئيس، بشار الأسد، وفي الوقت ذاته تغيير معادلة القوة بين المعارضة المسلحة.

وأضاف “بلاك” نقلاً عن تقارير عربية وغربية “أن الدعم السعودي سيوجه لجماعة جيش الإسلام، التي أنشئت في سبتمبر/أيلول باتحاد 43 مجموعة سورية. ويتوقع أن سيكون لها دور بارز بين فصائل المعارضة السورية المسلحة.

وبناءً على ما قامت به السعودية خاصةً، ودول خليجية أخرى، منها الأمارات، (بدعم) جيش الإسلام وفصائل أخرى، شاهدنا ماذا جرى بتلك الفصائل من خلال نزاعاتها ومعاركها لبسط السيطرة والنفوذ على الأرض في المدن والقرى المنتفضة ضد النظام في ريف دمشق، لتنفيذ أجندات “الداعمين”، أو بالأحرى كيف بدأ قادة جيش الإسلام بالمساومة المادية مع جهات سياسية معارضة وفصائل تتلقى دعماً كبيراً،  للحصول على مبالغ مالية مقابل تنازلات معيّنة؛ وهذا التسجيل المسرّب المدرج (هنا) يؤكد وضاعة “محمد علوش” حينما طلب مبلغ مليون دولار شهرياً كي ينضم إلى جسم الائتلاف السوري المعارض!

*بعد تسليم الغوطة: استثمارات جيش الإسلام.. مطاعم ومشاريع في تركيا:

قادة جيش الإسلام يفتتحون مطاعم ومشاريع في تركيا ودول أخرى، واتهامات بسرقة أموال تخص الإغاثة وفرض إتاوات على المدنيين وغيرهم في الغوطة؛ هذا ما قاله ناشطون وشخصيات مقربة من قادة جيش الإسلام، وخاصةً بعد أن وصل أغلبهم إلى تركيا وقطن في إسطنبول، ليقوموا بافتتاح مطاعم ومشاريع بملايين الدولارات، دون ذكر مصدر هذه الأموال، كما يشير “خبر” نشر في موقع “ليفانتأن محمد علوش تفرغ لمطاعمه واستثماراته التي كانت آخر ها افتتاح مطعم بُرجي، ليضاف إلى مطعم أصغر وأقدم منه (تم افتتاحه مطلع 2016) وبنفس الاسم، وهو “إيوان”، حيث تواجد المفاوض السابق باسم السوريين بنفسه في افتتاح المطعم ويقف في الصف الأول للمستقبلين،حيث جاء افتتاح المطعم الذي يقدر بمئات آلاف الدولارات بالتزامن مع الحملة التي يشنّها النظام والروس على إدلب.”

كما ظهر القائد في جيش الإسلام “عصام البويضاني” في فيديو بتركيا يقوم باللهو والاستجمام، أمام دماء ملايين السوريين ومعاناتهم،وهذا  التقرير لــ” Step News Agency – وكالة ستيب نيوز ” يقارن بين جشع النظام السوري وقادة جيش الإسلام، وآخرين تسلقوا على الثورة بذريعة حمايتها بالسلاح وتحرير البلاد!

 

“صورة تظهر عصام البويضاني في المنتصف مع قادة وعناصر في جيش الإسلام – أنترنت”

 

*العدالة في فرنسا تطال أحد قادة جيش الإسلام:

أوقف القضاء الفرنسي منذ عشرين يوماً تقريباً في مدينة “مرسيليا” المدعو “إسلام علوش” (مجدي نعمة) مواليد 1988 أحد كبار ضباط جيش الإسلام والمتحدث الرسمي باسمه، حيث كان هناك بعد حصوله على منحة دراسية ضمن برنامج “إيراسموس”. وقد وجّهت إليه تهم عديدة من قبل وحدة جرائم الحرب التابعة لمحكمة باريس، وكانت التهم متعلقة بجرائم حرب وجرائم التعذيب والإخفاء القسري لناشطين في الغوطة الشرقية ودوما، مع تجنيد الأطفال للقتال في صفوف جيش الإسلام، علاوة على أنه متورط في خطف ناشطين سوريين ومدنيين كانوا يعملون بالحقل المدني والإغاثي والحقوقي وتوثيق الانتهاكات.

 

وتأتي هذه الخطوة فعّالة جداً من قبل القضاء الفرنسي، لكيلا يظن باقي المجرمين والذين قاموا بانتهاكات ضد الإنسانية وجرائم حرب في سورية أن العدالة لا تطالهم، وخاصةً أعضاء النظام السوري، وعلى رأسهم بشار الأسد، الذي أعطى أوامر بقتل مئات ألوف السوريين وتشريد الملايين، علاوة على تدمير وقصف المدن السورية التي انتفضت ضد نظامه المجرم.

 

وهذه الخطوة كما ذكرنا آنفاً تعتبر مهمة جداً، ونتمنى من باقي دول الاتحاد الأوروبي التي لا تتمتع بولاية قضائية لمحاسبة مجرمي الحرب من غير دول على أراضيها، أن تقوم بتعديل بعض البنود القضائية الخاصة بها، أو تطبيق  نظام “المخالفات الجسيمة“، على النحو المبين في اتفاقيات جنيف الأربع والوارد بشكل موسّع في البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، أو تشرع على الفور بتسليم كل من قام بانتهاكات ضد الإنسانية وجرائم حرب في سورية ويقيمون على أراضيها  لدول أخرى تتمتع بالولاية القضائية ليتم محاسبتهم وتحقيق العدالة وإنصاف المظلومين والضحايا.

 

المزيد للكاتبة