#########

بيانات وتقارير

مهربو البشر في سورية .. شبكات ارتكبت انتهاكات لاتحصى


تبدأ عمليات التهريب مع سائقين سوريين يعملون بشكل أساسي بعمليات التهريب.. حيث يجمعون النازحين الذين يحاولون العبور نحو الأراضي اللبنانية بعد تنسيق مسبق مع الفرقة الرابعة ويتقاضون نسبة من أجور التهريب عن كل شخص

17 / كانون أول / ديسمبر / 2019


مهربو البشر في سورية .. شبكات ارتكبت انتهاكات لاتحصى
 *مع العدالة – فراس العلي

 

تنتشر الكثير من شبكات مهربي البشر عند الحدود السورية، وتعمل إما باتفاقات مسبقة مع أشخاص أجانب على الطرف الآخر من الحدود أو على حسب التجربة الشخصية واعتماد مبدأ الحظ بعبور الطرق نحو الدول الأخرى.

 

يعرّفون أنفسهم بملوك التهريب، أما ألقابهم فمعظمها وهمية، أو ترمز إلى مناطق معينة تتركز عمليات التهريب لديهم فيها. أما عن طبيعة عملهم فهي مرافقة الأشخاص الذين يحاولون اجتياز الحدود طالبين اللجوء إلى الدول المجاورة.

ويتواجد مهربو البشر قرب الحدود السورية مع الدول الأخرى، لكن أكثر النقاط التي يتواجدون فيها هي تلك القريبة من الحدود التركية أو اللبنانية، ويفرضون مبالغ خيالية على طالبي اللجوء.

 

“صورة لتجاوز مدنيين سوريين الحدود السورية”

 

وتشير تقارير إلى أن فصائل عسكرية معينة تشرف على تهريب البشر إلى الأراضي التركية، بينما قوات من نظام الأسد وميليشيا حزب الله المنتشرة بنقاط قريبة من الحدود السورية اللبنانية تشرف على عمليات التهريب إلى الأراضي اللبنانية.

ومهما كانت نشاطات مهربي البشر عشوائية ويتضرر فيها المدنيون بالدرجة الأولى، إلا أنها تخضع لبعض التنظيم من قبل شبكات مافيوية تأخذ النصيب الأكبر من المال الذي يضطر المدنيون لدفعه مقابل نقلهم إلى الجانب الآخر.

 

مهربو البشر

عند الحديث عن مهربي البشر، فلابد من ذكر أنواعهم بين سماسرة التهريب والموظفين والمنفذين لعمليات التهريب والمسؤولين عنها، وربما تتعدد الجهات إلا أن من تمّ ذكرهم أبرز المسؤولين عن هذه العمليات.

وكشفت تقارير، أن المسؤولين عن تهريب البشر نحو الأراضي اللبنانية بشكل مباشر هي ميليشيا الفرقة الرابعة التابعة لجيش نظام الأسد، حيث تشرف على كافة عمليات التهريب وتتقاضى الأموال عبر حواجزها المنتشرة قرب الحدود.

 

 

وتبدأ عمليات التهريب مع سائقين سوريين يعملون بشكل أساسي بعمليات التهريب.. حيث يجمعون النازحين الذين يحاولون العبور نحو الأراضي اللبنانية بعد تنسيق مسبق مع الفرقة الرابعة ويتقاضون نسبة من أجور التهريب عن كل شخص، ويبدأ دور عناصر الفرقة الذين ينقلون النازحين عبر سيارات لنقطة التجمع التي تكون تحت نفوذ ميليشيا حزب الله والتي تنقل بدورها النازحين إلى الأراضي اللبنانية، وفق ما أكّده موقع المدن اللبناني.

 

“صورة لطفل سوري مات بسبب البرد عند الحدود اللبنانية” 

 

ولا تقتصر عمليات التهريب على المذكورين سابقاً، بل يشارك بها مهربون لبنانيون متواجدون عند الحدود اللبنانية ليرافقوا النازحين إلى عمق الأراضي اللبنانية؛ أما حول تكاليف التهريب فتصل إلى 1500 دولار أمريكي.

 

من جانب آخر عند الحدود السورية التركية، فتشرف هيئة تحرير الشام “النصرة سابقاً” على عمليات التهريب عبر قطاع الحدود التابع لها، حيث أنشأت عدة مكاتب عند الطرق المؤدية للحدود التركية، وتتقاضى على كل شخص يحاول أن يصل للمنطقة 50 دولاراً.

 

وتتعاون الهيئة مع شبكة من المهربين الذين يجمعون النازحين ويأخذونهم بحافلات نحو الحدود ومن ثم تتم مرافقتهم من مهرب مطلع على طرق التهريب محاولاً إدخالهم إلى الحدود التركية.

وفي طبيعة الأحوال، فإن عمليات التهريب للأراضي التركية إما تكون بتنسيق مسبق مع عناصر من الجيش التركي الذين يتقاضون مبالغ مالية لقاء غضّ النظر عن النازحين الذين يعبرون الحدود أو بناء على الحظ عن طريق مراقبة فترات تبديل الحرس لأماكنهم وانتهاز الوقت المناسب لعبور الحدود.

 

احتجاز وترهيب

تهريب البشر نحو الدول المجاورة لسوريا ليست بالمسألة البسيطة، وغالباً ما تتضمن العديد من المشاكل والانتهاكات التي تحصل مع الأشخاص طالبي اللجوء.

وبحسب شهادات من أشخاص جربوا التهريب نحو الأراضي التركية، فإن هناك انتهاكات بالجملة يتم ارتكابها من جميع الأطراف المسؤولة عن هذه العمليات، وتتراوح بين الاحتجاز والخطف والإخفاء والابتزاز والتهديد والترهيب، أما الغاية الوحيدة من ارتكاب هذه الأعمال فهي جمع أكبر قدر ممكن من المال.

 

“صورة لنساء وأطفال سوريين بحالة سيئة بعد تجاوز الحدود السورية من محافظة إدلب”

 

وتقول كفاء إحدى اللاجئات اللواتي قدمن إلى تركيا عن طريق التهريب: “عندما حاولنا اجتياز الحدود عن طريق أحد المهربين الذين دفعنا له 600 دولار عن كل شخص عن طريق ريف إدلب، تمكنا من الوصول بعد محاولات كثيرة فاشلة، ولكن عندما وصلنا تم احتجازنا من أشخاص أتراك”.

وتكمل، طالب الأتراك بأن ندفع لهم المزيد من المال غير ذلك المتفق عليه، حيث طلبوا 100 دولار كزيادة من كل شخص، وتم احتجازنا في منزل وكانوا مسلحين، وكان معهم شخص سوري يبدو أنه يعمل كمترجم بيننا، هددونا آن ذاك بأنه في حال لم ندفع سيتم تسليمنا للسلطات التركية.

وبقيت الفتاة محتجزة لمدة تزيد عن يوم حتى تمكنت من دفع المبلغ الإضافي حتى تركوها وشأنها، لكنها عاشت لحظات صعبة وتتمنى ألا تضطر لتعيش التجربة مرة أخرى.

وفي عدة مناسبات، أعلنت السلطات التركية عن إلقاء القبض على شبكات تهريب بينهم عناصر من حرس الحدود التركي، وكانوا يتقاضون المال لقاء السماح للمهربين بإيصال طالبي اللجوء للأراضي التركية.

 

ضحايا التهريب

تعرض سوريون إلى الاعتقال والتهديد وبعضهم تعرض للرصاص الحي من قبل حرس الحدود أثناء محاولتهم اجتياز الحدود، كان جلّ همومهم البحث عن مكان أكثر أماناً للعيش فماتوا بسبب ذلك.

في تقرير صدر مؤخراً عن منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، أكدت فيه مقتل 12 رجلاً وسيدة برصاص حرس الحدود التركي أثناء محاولتهم اللجوء للأراضي التركية خلال أشهر تموز وآب وأيلول وتشرين الأول.

وأكدت المنظمة، أن عمليات القتل واستهداف طالبي اللجوء بالرصاص الحي وتعذيبهم وإهانتهم تحدث بشكل متكرر، وتعتبر هذه الحوادث انتهاكاً من قبل تركيا لالتزاماتها الدولية ومنها الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

 

“صورة لمدنيين سوريين يحاولون العبور إلى إقليم كردستان في العراق” 

 

وبحسب شهادة أخرى لأحد الممرضين العاملين بمشفى حدودي في إدلب للمنظمة، فإن المشفى يستقبل شهرياً ما لا يقل عن 20 حالة بين مصاب وقتيل برصاص حرس الحدود التركي أثناء محاولتهم العبور لتركيا.

ويبدو أن الرقم الذي تم توثيقه لا يمثل إلا بعض الحالات التي تمكنت المنظمة من توثيقها، أما في الحقيقة فالأعداد أكبر بكثير من الأرقام المذكورة.

وكانت “هيومن رايتس ووتش- Human Rights Watch “، قد أصدرت تقارير عديدة تثبت فيها حصول انتهاكات من قبل حرس الحدود التركي كإطلاق النار على النازحين والاعتداء عليهم، حيث تظهر مقاطع مصورة آثار التعذيب الذي تعرض له نازحون على يد عناصر الحرس، بالإضافة لجثث نازحين تم قتلهم برصاص الحرس.

 

ورغم أنه من الصعب حصر أسماء المسؤولين عن عمليات التهريب من أقل شخص يملك صلاحيات كالسماسرة إلى المسؤولين المباشرين عن تنفيذ هذه العمليات، لكن بالإمكان توثيق أسماء أبرز الضالعين بهذه الانتهاكات، وهنا يأتي دور المنظمات الحقوقية.

ويأمل السوريون الذين جربوا طرق التهريب وتعرضوا لانتهاكات أو مضايقات أثناء عبورهم الحدود إلى محاسبة هؤلاء ولو بعد وقت طويل خاصة أنهم جنوا أموالاً طائلة من جيوب النازحين الذين اضطروا لدفع المال.

 

“صورة تعبيرية عن الأموال الطائلة التي يكسبها مهربو البشر” 

 

لكن تبرز صعوبة توثيق الانتهاكات ومحاسبة الفاعلين عند الحديث عن الأطراف الأجنبية المساعدة في حصول عمليات التهريب أو المسؤولة عن عمليات قتل، كالضباط الأتراك الذين يأمرون باستهداف النازحين الذين يحاولون عبور الحدود وعناصر ميليشيا حزب الله اللبناني المسؤول عن الكثير من الانتهاكات التي ارتكبها في سورية.

ويبقى التساؤل الذي يتبادر لأذهان بعض السوريين، فيما إذا كان سيأتي ذاك اليوم الذي يشهدون فيه محاسبة هؤلاء المجرمين، أم سيتمكنون من الاختفاء والتواري عن أنظار العدالة أو لن تتم محاسبتهم.

 

المزيد للكاتب