يمكن تحليل أهم تحديات النظام في المرحلة الراهنة من خلال استقراء التغيرات الأمنية والإدارية التي حدثت في المناطق التي عادت لسيطرته، من حيث قدرته على إعادة بناء المؤسسات وخلق الحد الأدنى من البيئة الآمنة والمستقرة
17 / حزيران / يونيو / 2019
*المصدر: مركز الجزيرة للدراسات _ د.عمار القحف
واجه “النظام السوري” تحديات اقتصادية وسياسية وأمنية عديدة منذ انقلاب البعث في 1963 وحتى اليوم، مارَسَ خلالها أدوات الالتفاف والاحتواء والقفز إلى الأمام واستثمار الحلفاء وغيرها ليصمد بتعريفه الخاص للصمود، وليُبقي على حاجة محيطه إليه من خلال امتلاكه لملفات أمنية عابرة للحدود. كما وازن علاقاته مع القطبين، السوفيتي والأميركي، خلال السنين السابقة، إضافة إلى بناء شبكة محلية يسيطر فيها على الحزب والدولة والمجتمع. ولكن الزلزال الأخير المتمثل بـ “الانتفاضة الشعبية” في عام 2011 -والتي دفع بها لتُصبح فيما بعد صراعًا إقليميًّا ودوليًّا- كَسَر عُمق التكوين البُنيوي للنظام دون أن يُنهيه، وأبقى على عوامل الاحتقان المجتمعي والجذور السياسية. وبالتالي، فإن بنية وأدوات وشبكات النظام الحالية في 2019 تختلف في الشكل وطبيعة التكوين والسلوك عما قبل 2011 -حيث بات محكومًا بتحالفات وسياق سياسي وأمني وميداني جديد- وخاصة بعد التدخل الروسي في 2015 وعودة كثير من الجغرافيا لسيطرة النظام.
ستقوم هذه الورقة بتحليل مآلات النظام السوري من خلال تقدير مدى قوة النظام العسكرية والسياسية والاقتصادية ومدى استدامتها، ومدى قدرته على الاستمرار في تنمية نفوذه في الميدان السوري من عدمه، ومن ثم تقييم قدرته على التأثير في تسوية مقبلة سواء بقدراته أو بتحالفاته أو ما تقدمه ظروف التسوية نفسها.
أولًا: مقاربات الفاعلين الدوليين والإقليميين
لقد تشكَّل مشهد الصراع الإقليمي والدولي في سوريا عبر سلسلة مقاربات دولية جزئية حاولت تجميد الصراع تارة واحتواءه أو تسكينه وتجميده على الوضع الراهن لزمن مطول أو التأقلم مع متغيراته. ومن خلال هذه التدافعات تشكلت مناطق نفوذ أمنية ثلاثة: الأولى: منطقة شرق الفرات، وهي التي تقع تحت حماية الجيش الأميركي (تحت غطاء قوات التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة)، وتوجد قوات فرنسية وبريطانية مساندة إضافة إلى الشريك المحلي وهي قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب (YPG). الثانية: مناطق درع الفرات (ريف حلب الشمالي) وعفرين وإدلب، والتي يسيطر عليها الجيش التركي، وتخضع لتفاهمات أمنية وإدارة مباشرة في كل من درع الفرات وعفرين)، وإلى نقاط مراقبة تركية واتفاق منطقة منزوعة السلاح خاص لإدلب. الثالثة: باقي المناطق السورية وتخضع لسلطة النظام مع مشاركة إيران في عدة أجزاء (حلب ودرعا وحمص) وروسيا (حميميم وطرطوس ودرعا). ففي حين ركزت المقاربات العسكرية للفاعلين الإقليميين والدوليين على غايات أمنية متباينة ومتعارضة أحيانًا؛ أفرزت تفاعلات هذه المقاربات واقعًا محليًّا جديدًا غير مستقر وشديد التقلب، لكنه منضبط بأطر عامة تتجنب حل جذور الصراع وتتعاطى مع آثاره وتداعياته الأمنية العابرة للحدود، ما حال دون إيجاد أرضية لبيئة آمنة ومحايدة تسهم في الوصول إلى اتفاق سياسي ومن ثمَّ إلى عودة النازحين واللاجئين.
انطلقت السياسة الأميركية من مدخل “محاربة الإرهاب” المتمثل بتنظيم الدولة كأولوية مقابل تغيير النظام أو دعم المعارضة. واعتمدت قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة على قوات سوريا الديمقراطية عسكريًّا وإداريًّا حتى إعلان نهاية “الخلافة” وبقاء خلايا لتنظيم الدولة، وحينها تركزت السياسة الأميركية الجديدة التي أعلن عنها جيمس جيفري (المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا) على: محاربة تنظيم الدولة وضمان عدم عودته، وإخراج إيران والميليشيات المدعومة من طرفها من سوريا، والدفع بالعملية السياسية حسب قرار مجلس الأمن 2254(1). كما أنها تمضي باتجاه خطوات أكثر تصعيدًا لعرقلة “المشروع الإيراني” (رغم أنه لم يُترجم بعد بخطوات حقيقية) بشكل لا يجر التحالف الدولي للصدام المباشر مع طهران، ولكن هذا لا يعني أن مستويات المواجهة ستبقى مضبوطة بل تحتمل التفجر بمستويات متعددة، خاصة مع الضوء الأخضر الممنوح مسبقًا لـ “إسرائيل” بتوافق روسي وأميركي. كما تصطدم هذه المقاربة بالمحددات الاستراتيجية الأمنية لأنقرة التي ترى في قوات سوريا الديمقراطية غطاء “لشرعنة” حكم ذاتي لحزب العمال الكردستاني في سوريا، وهو ما استوجب من تركيا عدم تنحية الخيارات العسكرية. ولابد هنا، من رصد تطور التفاهمات الأميركية-التركية وحدودها لما له من تأثير بالغ في المسار الأمني والسياسي القادم.
أما روسيا، فبعد تدخلها في 2015 لإنقاذ النظام وجدت نفسها أمام بنية عسكرية وإدارية هشة في مناطق النظام وتنافس إيراني لا يضمن لها الصدارة كوسيط وفاعل إقليمي في حل النزاعات في مقابل الولايات المتحدة. فحاولت تجزئة المعضلة والعمل على ترتيبات ما قبل الاتفاق السياسي من خلال “تسكين” وتهدئة الجبهات في مسار أستانا مع الاستمرار في تقديم الدعم والتوجيه العسكري لقوات النظام وحلفائه. وتصطدم هذه المقاربة بملف إدلب الذي عجزت فيه، وعملت على تجميد جبهته بالاتفاق الثنائي مع تركيا ومع الدول الضامنة في أستانا، وكذلك باتفاق المنطقة العازلة، في سبتمبر/أيلول 2018. ورغم التصعيد الأخير في إدلب، بداية مايو/أيار 2019، لا يُتوقع حاليًّا فتح معركة واسعة لاسترجاع كامل إدلب بسبب التفاهمات الروسية-التركية ويبدو أن هناك قضمًا تدريجيًّا لجزء من إدلب، على صلة بفتح الطرق التجارية الدولية. كما يرتبط ملف إدلب أيضًا بالتطورات الأمنية التركية في ملف التفاوض مع الولايات المتحدة، بخصوص قوات سوريا الديمقراطية والمنطقة الآمنة شرق سوريا.
وفيما يتعلق بمقاربة إيران، فهي تسعى لـ “حماية المكتسبات وضمان ديمومتها” عبر تدعيم انتشارها في البادية وإبقاء التهديد الأمني للجبهة الجنوبية. كذلك، فإن إيران خففت من حدة ظهورها وأذرعها من خلال الانصهار تحت غطاء مؤسسات أمنية وعسكرية وإدارية وخلق أجهزة ومجموعات كـ”دولة داخل الدولة” بغية “شرعنة” وجودها وحمايتها، وكذلك بناء أذرع محلية سورية تستطيع أن تعطِّل أي حل لا تراه مناسبًا أو تزيد من مكتسباتها السياسية. كما تعمل طهران على تكثيف زخم المقاومة الناعمة لمحاولات موسكو للاستحواذ التام على المشهد العسكري والأمني -حيث تضغط موسكو على حلفائها لتنسيق الدعم وحصره بغرفة حميميم- أو تعمل على استغلال حاجة موسكو للقوة البشرية التي افتقدها النظام وتمتلكها “الميليشيات” الإيرانية واللبنانية والعراقية والأفغانية، فضلًا عن الانخراط -أي انخراط طهران- العضوي ببنية النظام.
وربما تتجلى العلاقة الحذرة بين الطرفين، الروسي والإيراني، من خلال تحليل للتصعيد العسكري الأخير في بداية شهر مايو/أيار 2019 في جنوب إدلب، حيث اعتمد الروس ميدانيًّا على بعض عناصر الفيلق الخامس الموالي لروسيا جنبًا إلى جنب بعض المجموعات الموالية لإيران، نظرًا لافتقار النظام لكتلة عسكرية صلبة. كما “تصطدم مقاربة طهران بمجمل المقاربات الأخرى التي تتفق على ضرورة محاصرتها وتحجيم قواها في سوريا سواء عبر سياسة عقوبات اقتصادية نوعية أو عبر تصنيف حرسها الثوري كقوة إرهابية أو عبر تضافر جهود دول “مؤتمر وارسو” في إنجاز سياسات حصار متعددة الجوانب؛ وهذا كله وإن بدا منضبطًا إلا أنه يحتوي مؤشرات انزلاق لحرب كبرى”(2).
أما تركيا فتتبع سياسة “القفز للأمام” وتجهيز البنية التحتية الأمنية والعسكرية والإدارية، وذلك من خلال تقوية مناطق “خط دفاعها الأمني” (درع الفرات وعفرين) وتدعيم بناها الأمنية بكافة المستلزمات اللوجستية والبرامج التدريبية. كما تهدف أيضًا إلى خلق قوة محلية قادرة على صد أي هجوم لقوى مهددة للأمن العام في تلك المنطقة وللحدود التركية. كذلك، فإن منطقة النفوذ التركية يتم تدعيمها لمواجهة “الإدارة الذاتية” بهدف إعادة تعريف القوة الإدارية المتحكمة في مناطق شمال شرق سوريا وضرب كافة أذرع “حزب العمال الكردستاني”، ورغم أن الصدام المتوقع يبدو محدودًا على الأغلب لكنه مرشح للتوسع والانزلاق بسبب كثرة العوامل الأمنية المهددة، بما فيها تداعيات التصعيد في إدلب. ويطمح النظام إلى استغلال كافة هذه المعادلات لتثبيت سيطرته الأمنية والعسكرية والسياسية على كافة الجغرافيا عبر القضم العسكري تارة والمصالحات “الاستسلامية” تارة أخرى.
أسهمت سياسات الدول الفاعلة في تكريس مناطق النفوذ عبر ترتيبات أمنية جزئية وتأجيل التعاطي مع جذور الأزمة السياسية، ورغم أن هذا أسهم في تهدئة معظم الجبهات القتالية إلا أنه نقل أزمة النظام السياسية إلى تحديات حكومية يعجز عن الوفاء بأقل متطلباتها، ليس فقط بسبب العجز المالي وإنما لعدم امتلاك أدوات الإصلاح الحقيقي بعيدًا عن إجراءات التحكم الأمني المطبق. كما أن عدم قدرة موسكو على تبني استراتيجية خروج سياسية مع استمرارها بتغليب “الحل الصفري” سواء بالمعنى السياسي أو العسكري، عزز احتمالات عودة التصادم ونقله لمستوى إقليمي ودولي بشكل أوضح. وفي ظل مناطق النفوذ المتشكلة؛ فإن عنصر مرور الزمن على اتفاقيات تجميد الصراع وثبات التفاهمات الأمنية لها، يحوِّل الحدود الأمنية رويدًا رويدًا لحدود سياسية ممأسسة لتشكل نظامًا سياسيًّا جديدًا، يكون مدخلًا لبلورة صفقة سياسية يتم إخراجها بصيغة “حل سياسي”(3).
ثانيًا: تحديات وآفاق إعادة التشكل
يمكن تحليل أهم تحديات النظام في المرحلة الراهنة من خلال استقراء التغيرات الأمنية والإدارية التي حدثت في المناطق التي عادت لسيطرته، من حيث قدرته على إعادة بناء المؤسسات وخلق الحد الأدنى من البيئة الآمنة والمستقرة. الواضح -حسب تصريحات رأس النظام وعدد من قياداته- أنه غير مهتم بعودة جميع النازحين إلا عبر مصالحات “استسلامية” وبأطر قانونية جديدة وليس بالضرورة إلى مساكنهم الأصلية. كما أن المخصصات المالية لإعادة الإعمار في موازنة 2019 لا تتجاوز 115 مليون دولار، من دون مخصصات مالية لها في الخزينة ابتداء(4). وبالنظر إلى عدد من المناطق التي استعادها، فقد خلق أنماطًا أمنية مؤقتة وأعاد تشكيل شبكاته من خلال طبقة تجار الحرب الجدد والوسطاء في المصالحات، كما أجرى انتخابات للمجالس المحلية صدَّر فيها وجوهًا جديدة وأعاد تصدير حزب البعث. كل هذا لم يأخذ بعين الاعتبار أهمية توليد ديناميات جديدة للتعاضد المجتمعي والمصالحة المجتمعية. وتطمح تكتيكات النظام لما أسماه “برنامج إعادة الإعمار” لعودة تثبيت التحكُّم المركزي بهدف تصدير صورة وهمية عن قدرته على إدارة ملفات ما بعد الحرب، كما يتبع في هذا الصدد سياسات تهدف إلى تعزيز شبكات تحكمه الأمنية والطائفية، وبعيدة عن أي إصلاح حقيقي.
ترتسم معطيات أمنية وعسكرية تتوافق مع التعريف الروسي للحل السياسي (الصفري) وفق معادلة لا يمكن لها أن تولد ديناميات سلام يلتف حولها السوريون من جهة ولا بيئات آمنة (تستلزم إصلاحات عدة) دافعة لعودة السوريين، من جهة ثانية. ويمكن الاستدلال كمثال بحجم الاعتقالات والاغتيالات والإحالات القضائية في مناطق المصالحات، إضافة إلى سياسات التهميش الممنهج لمناطق كانت تخضع سابقًا لقوى معارضة. وترتكز عناصر معادلة الحل وفق منظور النظام وحلفائه الروس على استعادة سيطرة “النظام” على كامل الأراضي السورية، وترحيل القوى المعارضة والثورية، وبالتالي تحويل الاستحقاقات السياسية لتحديات حكومية، عبر المضي قدمًا بأستنة جنيف(5).
وبناء على ذلك، يتضح أن مقاربة نظام الأسد لا تعالج المسائل الدقيقة المتعلقة بشرعية المؤسسات وقدرتها، والتي لا توفر الأمن والعدالة والدمج السياسي للمواطنين، كما أنه يعتبر التعافي الاقتصادي فرصة للإثراء الذاتي ولتكريس التحولات الاجتماعية والديمغرافية التي برزت نتيجة سِنِي الصراع. ويواجه النظام أيضًا معوقات ترتبط بمعايير الاستقرار التي لا يمتلكها، كالبرامج الكريمة لعودة اللاجئين وما تُمليها من استجابة محلية وواقع أمني منضبط؛ وتوافق سياسي وتماسك اجتماعي؛ وإعادة الشرعية وتأهيل الدولة لامتحان إعادة الإعمار. ففي غياب اللحظة السياسية المعترف بها دوليًّا، وفي ظل بنية عالية الهشاشة للجيش السوري وتحكم الروس والإيرانيين بالمشهد العسكري المحلي، فإن النظام سيواجه مشهدًا لا يسمح له بأن يعيد تشكيل نفسه ويحافظ على الاستقرار الأمني والمجتمعي(6).
ثالثًا: إعادة تشكُّل المؤسسة العسكرية نموذجًا
على الرغم من أن الاهتمام في مرحلة ما بعد النزاع ينبغي أن ينصب على امتلاك شروط الاستقرار الأمني والاجتماعي والحد من مُولدات العنف، إلا أن النظام وهو يعيش حالة “الانتصار”، يخيل إليه أنه ليس بحاجة لإجراءات حقيقية لإعادة الدمج وتفكيك المجموعات المسلحة وإعادة التأهيل، وإنما يحدد أولوياته بما يحافظ على كيانه ويُبقي له السلطة الأمنية الحاكمة. ويرى كذلك أن جهوده ينبغي أن تقتصر على إعادة ترميم وإعادة تشكيل مراكز القوة العسكرية والأمنية وليس عبر إصلاح العقيدة الأمنية ودورها المضخم في الحقل العام وضبط العلاقات المدنية-العسكرية. وبالتالي، فحتى عمليات التسريح وإعادة الدمج والتأهيل ستكون مصممة ليس بما يهدف لاستقرار سوريا دولة ومجتمعًا، وإنما خاضعة لمصلحة “النظام” بالدرجة الأولى، ومتكيفة مع جهود حلفائه بالدرجة الثانية، ومستوعبة للمتغيرات التي طرأت على بنية الجيش بالدرجة الثالثة.
وهنا، يبرز سؤال حول تصور النظام للحل وآلياته لإعادة الضبط والتحكم في الجيش(7)، لاسيما أنه باتت تتحكم وتتنافس في بنيته، أي بنية النظام العسكرية، القوات الروسية والإيرانية، ويضع كل منها شروطًا ويمارس الضغوط. فمثلًا تجد الفيلق الخامس مشروعًا روسيًّا بامتياز غير محصور بمنطقة معينة ويُعنى بضم مجموعات قتالية معارضة في مناطق المصالحات، وكذلك مجموعات تم تهميشها من قبل إيران، مثل الدفاع الوطني. وكذلك يعمل النظام على تقوية شبكات جديدة من رجال الأعمال (الفوز والقاطرجي مثالًا) وشبكات التهريب في مناطق القلمون وريف حمص والتي باتت تملك شبكة تتحكم بالمفاصل الأمنية في البلاد. ويتضح عبر تحليل سياسات النظام حول إعادة ترميم وتشكيل مراكز القوة العسكرية والأمنية، أنه لا توجد مؤشرات تدل على أنه يمتلك برنامجًا حقيقيًّا لـ”الهيكلة وإعادة الدمج”، بل هناك رغبة حذرة ومحدودة في كافة القرارات والتوجيهات الصادرة، ولا تزال تحافظ على الهيكلية القائمة والعقيدة القتالية والممارسات الوحشية والتركيز على هدف حماية النظام بشكل رئيس.
فقد اعتمد النظام بشكل انتقائي على بعض الجماعات دون الأخرى، فسمح لقوات النمر بمساحة وحرية للعمل باستقلالية عنه وبالتنسيق مع الروس، بينما تمت اعتقالات لقيادات بعض الميليشيات الأخرى الأصغر (مثلًا: صقور الصحراء التي يرأسها أيمن جابر تم التضييق عليها، بينما تم ضم كتائب الفضل بن العباس إلى ملاك أي إدارة الفرقة الرابعة بهدف ضمها ككيانات -وليس دمجها- في هيكلية الجيش)، تاركًا بذلك علامة استفهام كبيرة حول مصير الفصائل المتبقية. بالإضافة إلى ذلك، كانت مثل هذه الجهود في بعض الأحيان مقتصرة فقط على تصنيف الجماعات شبه العسكرية كقوى تابعة للجيش العربي السوري. وتقوم سياسات النظام على تجميع الميليشيات وليس دمجها وتشكيل جيش محترف، وهو ما يتقاطع مع ما تدفع إليه روسيا عبر تبنيها سياسة دمج المجموعات “المصالِحة” والمجموعات القوية إلى الفيلق الخامس والسادس. تكشف إجراءات النظام الحالية أنه غير جاد بعملية إعادة هيكلة شاملة لأن ذلك يقوض -حسب مخياله- صورته كمنتصر في هذا الصراع، وإنما يكتفي بإجراءات ضم وتجميع شكلي لبعض المجموعات بالتنسيق مع داعميها أحيانًا. ويبدو أن النظام لا يزال لا يرى ضرورة لتشكيل جيش محترف يتبع للدولة بإطار مدني، وإنما يحتاج إلى جيش يبقى أداة للسيطرة السياسية وحتى الاقتصادية.
كما لا تزال “محدودية القدرة” تفرض نفسها على منهجية إعادة التشكيل لدى النظام، وتجعلها محصورة في أوامر النقل والتعيين والتسريح؛ وهذا ما يوحي بأن التنافس الروسي-الإيراني على ملء مراكز القوة في الجيش (كالفرق المدرعة والاستخبارات الجوية والعسكرية والحرس الجمهوري وهيئة الأركان) هو المؤشر الأبرز لفهم مآلات ومخرجات تلك المنهجية. فمن زاوية مصالح النظام، فإن الاستنزاف يتطلب العديد من البرامج والسياسات المكلفة من حيث المال اللازم لإنجازها ومن حيث الجهود الإدارية والفنية التي لا تزال غائبة بحكم إدراك النظام لحجم الخسائر من جهة، وبحكم أنه ليس المتحكم والمقرر الوحيد في منهجية إعادة التشكيل والهيكلة بسبب وجود الروس والإيرانيين وتباين رؤاهم حول هذا الشأن.
وبهذا المعنى؛ فإن الهدف الأوضح للنظام هو زيادة الاهتمام ببيروقراطية الجيش، وهي المدخل الرئيس لفاعليته وتحكمه داخل الجيش. فتارة يستثمر ذلك في زيادة هوامش حركته، وتارة ثانية يجعل الجيش ورقة استثمار يطرحها ما بين الروس والإيرانيين كالاتفاق المبرم مع وزير الدفاع الايراني لإعادة بناء الجيش السوري(8) وقرار تشكيل الفيلق الخامس ومنح إدارته للجيش الروسي والشركات الأمنية المتعاقدة معه، وتارة ثالثة تُتيح له تدعيم شبكاته الأمنية والعسكرية المتحكمة بمسار مؤسستي الدفاع والأمن كالتعاون مع المخابرات الجوية ومنصب رئيس الأركان. بالمحصلة، يتجه النظام بحكم هذه القيود في مقاربته، نحو شكل هجين بين التصور الروسي والإيراني إضافة إلى تصوره للسيطرة المحكمة.
وفي هذا الصدد، لابد من إدراك حالة موضوعية في واقع مؤسسة الجيش السوري، وهي صعوبة العودة إلى جيش ما قبل 2011، لا من حيث القدرة النوعية ولا التمويلية ولا من حيث التماسك البنيوي، والذي يقوم في أساسه على “تحالف الأقليات” الذي صمَّمه حافظ الأسد(9). ويرى النظام ضرورة مقاومة سياسات التغيير الموضوعية وبالشروط الوطنية لأنها ستُفقده إحكام سيطرته على الجيش وتطويعه في صراعاته المحلية.
من جانب آخر، فإن النظام استمر بفضل تموضعه في ظل واقع عسكري مشرذم منحه صفة الشرعية والسيادة، حيث تكونت ميليشيات سورية تتبع له وأخرى تتبع للروس وثالثة لإيران، وسيطرت على الطرق والمعابر ومسالك التهريب وتحكمت بمناطق إدارية وخطوط الإمداد. أما بعد هدوء الحرب نسبيًّا فسيُواجه سيناريوهات اللامركزية في إدارة وتوجيه مؤسستي الدفاع والأمن. فمن جهة أولى، لا تزال هناك أنماط مغايرة لتلك المؤسسات متحكمة بجزء مهم وحيوي من الجغرافية السورية، ومن جهة ثانية، تفرض متطلبات إدارة التباين الداخلي والميليشيات المتعددة سيرًا إجباريًّا باتجاهات أنماط عدم اللامركزية. وتشير سياسة النظام إلى أنه لن يركز على إنجاز كامل لعمليات الدمج والتفكيك وإعادة التأهيل “للميليشيات”، بل سيقتصر على بعض التسريحات وبعض التسهيلات التنموية المحدودة بهدف خلق “تجمع عصابات” داخل المجتمع. لقد أسهمت هذه المجموعات في فترة الحرب في دعم بقاء النظام وكان يُكافئها بمنحها الغطاء السياسي والقانوني ويشاركها العوائد المالية. أما بعد سكون معظم الجبهات عسكريًّا فسيواجه النظام مشكلة في مشاركته السلطات مع هذه المجموعات، وسيسعى إلى ضم بعضها واحتوائها رغم شح الموارد. وفي نفس الوقت قد يدفع الروس لنموذج “المناطق العسكرية” مما يقيد سلطات النظام مستقبلًا في استخدام بعض القطعات العسكرية لحماية بقائه.
ويمكن توصيف النظام في هذا الصدد بأنه لا يزال لا يرى ضرورة لتغيير جذري ويعتقد أنه لا يزال يمتلك القوة العسكرية ولديه أدوات وتكتيكات لاستعادة السيطرة وفق مفهومه، ويمكن أن يؤجل ويماطل في الحل السياسي ريثما يزيد من قبضته الأمنية والعسكرية، وفي نفس الوقت يستثمر اختلاف الروس والإيرانيين حول هيكلية الجيش المقبلة لتوسيع سلطته.
وبناء على القدرة المحدودة للتشكل واستثماره سياسيًّا، يتجه النظام إلى تبني المنهجية التالية(10):
- تغييرات لشخصيات في مراكز القيادة: ومثال ذلك: تعيين قائد الحرس الجمهوري، اللواء طلال مخلوف، قائدًا للفيلق الثاني، وتعيين العميد مالك عليا، الذي كان يرأس منصب رئيس لجنة حلب الأمنية، بدلًا عنه، ويعتبر أحد أبرز الموالين للروس. وكذلك اللواء مراد خير بيك الذي تم تعيينه رئيسًا لأركان الفيلق الخامس، كما تم إبعاد مدير مكتب ماهر الأسد، العميد غسان بلال، في الفرقة الرابعة وذلك من خلال تسليمه قيادة أركان المنطقة الجنوبية. وطالت عملية التصفية كذلك: غرفة العمليات العسكرية بهيئة الأركان، والفيلق الأول، وكلية الحرب الإلكترونية، وبعض أفواج “الدفاع الجوي”، والمحاكم العسكرية، والخدمات الطبية.
- تأجيل تطوير رؤية وطنية متكاملة للتعامل مع الميليشيات ضمن خطة “إعادة التأهيل والدمج والتفكيك”. وهنا لا يملك النظام تصورًا متكاملًا عن كيف سيتعامل مع “الميليشيات”، فتارة يرى ضمها ككيان متماس تحت غطاء الجيش المركزي، وتارة يدفع لدمج أو إنهاء مجموعات قتالية، وتارة يفاوض قوات قسد مثلًا على انضمام أفرادها. كما لا يملك خطة لإعادة التأهيل وتمويل تلك العملية، وهل سيتم دمج الميليشيات في الجيش أو الأمن أو المؤسسات المدنية الأخرى، ولا خطة لنزع السلاح وإجراءاته.
- تدعيم مراكز القوة بقوة نوعية داخله، كتنظيم يحافظ على كيانه وعلاقاته مع الداعم الدولي وخاصة الإيراني رغم خضوعه نظريًّا وقانونيًّا لمؤسسة الجيش، وذلك وفق نموذج “حزب الله” اللبناني، مثل اللواء 313، ووحدات الدفاع المحلي.
- تغييرات روسية لبنية الجيش التنظيمية، تسعى من خلالها لتحويل الفيالق إلى قيادات مناطقية على غرار المناطق العسكرية في الجيش الروسي. ستُقيد هذه الخطة من قدرة الجيش السوري على إعادة التشكل والتعبئة العامة واستخدام المجموعات العسكرية المرتبطة بمنطقة إدارية محدودة في مناطق أخرى. أما الجانب الروسي، فيرى أن هذه الخطة ستخفف من الاحتقان المجتمعي وستحمي الأكراد وغيرهم من الأقليات مستقبلًا.
- ترتيبات “حذرة” في “الحرس الجمهوري”؛ باعتباره شبكة عسكرية–أمنية ومن أهم ركائز نظام الحكم. مثال ذلك، تعيين قائد الحرس الجمهوري اللواء طلال مخلوف (ابن خال بشار) قائدًا للفيلق الثاني، وتعيين العميد مالك عليا، الذي كان يرأس منصب رئيس لجنة حلب الأمنية بدلًا عنه، ويُعتبر أحد أبرز الموالين للروس، وكذلك اللواء مراد خير بيك الذي تم تعيينه رئيسًا لأركان الفيلق الخامس. كما تم إبعاد مدير مكتب ماهر الأسد، العميد غسان بلال، في الفرقة الرابعة وذلك من خلال تسليمه قيادة أركان المنطقة الجنوبية. وطالت عملية التصفية كذلك: غرفة العمليات العسكرية بهيئة الأركان، والفيلق الأول، وكلية الحرب الإلكترونية، وبعض أفواج “الدفاع الجوي”، والمحاكم العسكرية، والخدمات الطبية. يحاول النظام من خلال هذه الإجراءات، إظهار نفسه على أنه لا يزال المتحكم بالمفاصل وأنه يقود عملية إعادة “هيكلة وإصلاح إداري” وتغيير في الوجوه، وهي مهارة أكسبته وقتًا مع المجتمع الدولي، بينما في الحقيقة هي تبديل للوجوه بوجوه أكثر شراسة وولاء له في مواقع حساسة، وذلك لتنفيس أية محاولة مستقبلية لإصلاح حقيقي في هذه المؤسسات.
- تأجيل استبدال وإقالة القادة المدعومين من إيران أو روسيا، مثل: العميد سهيل الحسن، وفي هذا مداراة لهذه الدول الراعية ويتم تصديرها دائمًا بإطار أنها لا تزال تعمل تحت سيادة الدولة وأنها قادرة في أي لحظة على دمج هذه المجموعات إليه.
- إصدار مجموعة من الحوافز قصيرة الأجل لتسريح أو استقطاب أكبر عدد من المقاتلين الثوار، كتكتيك آني فرضته “موجبات” عودة السيطرة من بوابة “المصالحات”.
في النهاية، تُمكِّن هذه المنهجية النظامَ من كسب مزيد من الوقت في مواجهة تحدي إعادة التشكل، وكذلك لاستعادة أنفاسه والمراوغة في تجنب أي تنازلات تؤثر في قبضته وبقائه في السلطة، لأن أي تنازل سيفقده عنصر السيادة والتحكم بمخرجات تلك العملية. فيقوم تارة بإجراءات شكلية في تغيير الوجوه والشخصيات، وتارة بجمع الميليشيات دون دمجهم وتارة بالسماح لبعض المجموعات بهامش معين لتمويلها من ممول خارجي صديق. كل هذه يتم استثمارها بهدف التأثير على شكل الحكم فيما بعد الصراع بشكل يستطيع النظام فيه التحكم بالشبكات غير المرئية والقوة الناعمة التي تُفشل أية محاولة حقيقية للإصلاح.
خاتمة
لا يزال النظام وحلفاؤه يرَون نهاية الصراع في سوريا عبر بوابة “المصالحات”، وليس عبر بوابة الاتفاق الدولي المفروض من مجموع الدول الفاعلة؛ ذلك أن المصالحة تُعيد بناء منظومة الجيش عبر عودة العنصر البشري، ولمن يسمح لهم النظام بالعودة بشروطه، فسكان العشوائيات -مثلًا- لا يحق لهم العودة لأماكن سكناهم لعدم توفر إثبات الملكية، وكذلك من تم تهجيرهم وتدمير منازلهم فهم يخضعون لقوانين جديدة لتنظيم الإسكان والمدن الجديدة.
ويحاول النظام احتواء المخاطر الناجمة عن تردي الوضع الاقتصادي والمعيشي، من خلال تبني سياسات وإجراءات تتصل بإصلاح مؤسسات الدولة، وإعادة توجيه الإنفاق العام، والدفع بإصلاح القطاع العام الاقتصادي. وقد أسهمت عدة منظمات دولية مؤخرًا بإعداد “الوثيقة التنفيذية لإصلاح القطاع العام الاقتصادي”(11). ومما يُلحَظ غياب الاتفاق بين أجهزة الدولة على تعريف وآلية لتنفيذ الوثيقة، وهذا أحد الأساليب التي يتم لاحقًا التنصل فيها من استحقاق الإصلاح دون أن يتعرض النظام لضغط دولي يهدد كيانه. أضف إلى ذلك أن خطط الإصلاح المفرغة من عنصر الإلزام وتفصيل الآليات والأدوات لا تعالج مشكلة شيوع الفساد والافتقاد للموارد المالية والكوادر البشرية. كما تُظهر المعطيات تملص الحكومة من التزاماتها المتعلقة بتأمين المواد الأساسية المدعومة كالمشتقات النفطية، في ظل بروز مؤشرات على عهد هذه المسؤولية للقطاع الخاص، وما سيترتب على ذلك من آثار سلبية في قطاعات عدة نتيجة لتحرير الأسعار، وإمكانية التلاعب بها من قبل هذا القطاع(12).
إن المشهد السوري بمناطق النفوذ الثلاثة، عدا عن التنافس الروسي-الإيراني في مناطق النظام، يجعل قدرة النظام على إبرام تسوية سياسية مستدامة -في حال توافرت الإرادة لديه- محدودة جدًّا. لكن النظام يعمل حاليًّا على كسب الوقت عبر إعادة هيكلة شكلية للجيش وإطلاق سلسلة من الاجتماعات واللجان للإصلاح الإداري، بهدف استعادة القبضة الأمنية وإعادة تجميع “الميليشيات” بشكل “تجمع ميليشياوي” وليس كجيش محترف. كما أن لدى النظام القدرة على تعطيل الحل الذي يُفرض عليه والتسويف واستثمار خلافات الدول حول التسوية وشكلها. إن هذه السياسات لدى النظام ستُبقي الأزمة في سوريا متأججة وغير مستقرة، وقابلة للاندلاع سواء بشكل العنف أو على الأغلب بصور أخرى اقتصادية واجتماعية وسياسية. فرغم عودة كثير من المناطق عبر “مصالحات” أو عبر الحل العسكري الصفري والتهجير القسري، لا يزال الفشل الحكومي والخدمي والأمني عنوانًا لهذه المناطق.
إن المحاولات لدفع مسار التسوية وفق مخيال النظام لن يوصل البلاد إلى حالة استقرار وسلام مستدام، من دون إصلاح حقيقي ينال الشبكات المتحكمة بالدولة والمجتمع والجيش والأمن. كما أن تمييع المسار الدولي عبر التهرب من تطبيق قرارات مجلس الأمن، وخاصة 2254، أدى إلى إعطاء فرصة للنظام لأن يعيد تشكيل ذاته ضمن نفس المحددات والأساليب غير الدولتية التي عاش بها منذ تأسيسه وواجه فيها تحديات كبرى سياسية واقتصادية عبر استغلال اختلاف الدول الداعمة له.
وحسب المؤشرات الحالية، لا يبدو النظام راغبًا بتسوية أو إعطاء أي تنازلات بدون ضغط وتهديد وجودي حقيقي، وهذا ما لا يتوافر حتى الآن، وبالتالي سيسعى مع حلفائه لتصدير نفسه راعيًا لمصالحات “استسلامية” محلية وعودة “الشرعية”، وأنه المنصة المناسبة لإجراءات إصلاحية تجميلية لا تُغير من حقيقة وشبكات النظام المتحكمة داخليًّا وشبكاتها العابرة للحدود والقادرة على تفريغ أي تفاهم سياسي يتم. يبقى التحدي الأساس الذي قد يغيِّر المعادلة هو التحدي المالي والاقتصادي نتيجة العقوبات وتحديات بناء الدولة والسلام، خاصة مع الصعوبات المالية التي تعاني منها روسيا وإيران والتردد الصيني في الاستثمار غير المضمون، وهذا ما سيُبقي الاحتمالات القادمة لتطور الصراع مفتوحة وغير مستقرة.
مراجع:
1-Jeffrey, James, Toward a New U.S. Policy in Syria Ground Zero for Countering Iran and Deterring an Islamic State Revival, The Washington Institute for Near East Policy, July 2018. (accessed 27 May 2019). https://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/toward-a-new-u.s.-policy-in-syria-ground-zero-for-countering-iran-and-deter
2- معن طلاع، السياق السياسي للتعافي المبكر في سورية، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، أبريل/نيسان 2019، قيد النشر.
3- المرجع السابق.
4- الشرق الأوسط، سوريا: البحث عن إعادة إعمار سياسية، 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، العدد 14606، (تاريخ الدخول: 27 مايو/أيار 2019): https://bit.ly/2JRdE7l
5- طلاع، السياق السياسي للتعافي المبكر في سورية.
6- المرجع السابق.
7- معن طلاع، اختبار مدى قدرة النظام على إعادة الهيكلة والدمج، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، أبريل/نيسان 2019، قيد النشر.
8- فرانس 24، سوريا وإيران توقعان اتفاقية لإعادة “بناء الجيش السوري”، بتاريخ 27 أغسطس/آب 2018، (تاريخ الدخول: 27 مايو/أيار 2019): https://bit.ly/2ooBhZ1
9- طلاع، اختبار مدى قدرة النظام على إعادة الهيكلة والدمج، بتصرف.
10- المرجع السابق، بتصرف.
11- مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، الواقع الحوكمي وإعادة الإعمار في مناطق النظام السوري خلال شهر مارس/آذار 2019، مايو/أيار 2019، (تاريخ الدخول: 27 مايو/أيار 2019). https://bit.ly/2JtjTi8
12- المرجع السابق.